خصوصيتها في تكوينها.. سحرت كل من عايشها وأغدقت عليه من خيراتها فكانت الأم الحنون والصديق الصادق عند الشدة، على الرغم من قسوة بني الإنسان، والمشكلة فينا فقد نسينا، بل تناسينا أفضالها، فكان الجحود منا وليس العرفان، ونصيبها في هذه الأيام الإهمال والنسيان إنها شجرة البطم التي تعتبر من الفصيلة البطمية.
يمكن أن يصل طولها من 15حتى 20 متراً وقطرها يتجاوز المتر، أوراقها متساقطة مركبة ريشية تضم من 3-4 أزواج من الوريقات، ووريقة نهائية، والوريقات كاملة الحواف طول الواحدة منها من 2-5سم، عرضها 1سم أما الأزهار فمنها عنقودي كثير التفرع أحادي الجنس ثنائي المسكن والثمار حسلية (مفردة النواة) حجمها بقدر حبة البازلاء لونها أصفر محمر النضج ثم مزرقة سوداء بعد النضج.
يمتد انتشار هذه الشجرة من جزر الكناري حتى الشرق الأوسط في المناطق الشديدة الجفاف الباردة والمعتدلة الشبه رطبة والحارة.
ينتشر شجر البطم في سورية طبيعياً، وكذلك في منطقة البلعاس في البادية السورية وجبال سمعان والقلمون، وفي منطقة جبل عبد العزيز في محافظة الحسكة بشكل طبيعي.
وتعتبر الترب التي يفضلها والتي ينمو عليها بشكل طبيعي هي الترب المارينية الكلسية.
ويتكاثر البطم في المشاتل الحراجية في منطقة الجزيرة، ويزرع منه سنوياً الآلاف على ضفاف بحيرة الأسد ونهرالفرات.
ونتيجة للأهمية العلمية لشجرة البطم الأطلسي في سورية قامت مديرية الحراج في وزارة الزراعة السورية بوضع دراسة علمية حول واقع شجرة البطم وضرورة حمايتها من الانقراض والتوسع في نشرها، خاصة أن هذه الشجرة التي اشتهرت بأهميتها البيئية والاقتصادية والعلمية قد تعرضت للرعي الجائر والتحطيب في القرن الماضي، ماقضى على معظم غاباتها المنتشرة في عدد من الجبال السورية كالبلعاس وأبو رجمين في البادية وجبل العرب في الجنوب وقد بينت الدراسة أن البطم الأطلسي يشكل 8٪ من مساحة الغابات الكلية في سورية، حيث تشكل مساحة الغابات نصف مليون هكتار وتمثل 3٪ من مساحة سورية، ويبلغ عدد أشجار أنواع البطم الأطلسي حالياً حوالي 6 ملايين شجرة، بعد أن كانت حوالي 4 ملايين شجرة عام 1995م، وذلك نتيجة التشجير من هذه الشجرة بجبل البلعاس الذي تعرض للرعي العشوائي، وكان الجبل كما تذكر الدراسة مغطى سابقاً بغابات كثيفة من البطم الأطلسي والسويد وغيرها ولكن عمليات القطع الجائر والرعي حولت الجبل الى منطقة جافة تنتشر فيها بعض اشجار البطم الاطلسي المعمرة والمبعثرة.
وتسعى وزارة الزراعة الى احياء جبل البلعاس بيئيا، وحفظ وصيانة البطم الاطلسي كأصناف مهمة في المنطقة الجافة.
وهناك انواع للبطم: اشهرها الاطلسي والبطم الفلسطيني وبطم اللانتيسكن وبطم الكنجوك المتواجد في محمية جبل عبد العزيز بالاضافة للانواع السابقة الذكر وبالنسبة لتكاثر البطم، فهو يتكاثر طبيعيا واصطناعيا، حيث يزرع في المشاتل في بداية شهر شباط ويدور لمدة سنة ثم في السنة الثانية ينقل الى اماكن اخرى.
وتعتبر ثمار البطم من المنكهات الطبيعية للاطعمة، ويستخرج منها زيوت طيارة تستخدم في علاج بعض الامراض مثل امراض الروماتيزم وآلام المفاصل كما تحتوي على بعض الفيتامينات الحيوية مثل فيتامين b-c، تستخدم في تقوية اللثة وعلاجات سنية اخرى.
ونظرا لمايتصف به البطم الاطلسي من مقدرة عالية على مقاومة الجفاف فإنه يمكن ان يستعمل كعنصر اساسي في عمليات التحريج الاصطناعي في المواقع الجافة وشديدة الجفاف في المواقع منخفضة ومتوسطة الارتفاع، ويؤخذ عليه بطء نموه مما يدعو الى حماية النباتات الفتية لفترة طويلة، وتصلح أوراقه كمادة علفية للمواشي، وتفيد عصاراته الراتنجية في تسكين الآلام والتشنجات، كما ان ثماره زيتية لها أهمية غذائية صناعية، وكذلك فإن أخشابه تصلح للاستعمالات الصناعية، قابل للصقل والحفر والنقش، ونظرا لقساوتها فقد استخدمت جذوعه لصنع (المهباج) يضاف الى ذلك أنه يصلح كأصل لتطعيم الفستق الحلبي.
ويذكر في تاريخ تربية النحل ان قدماء المصريين كانوا يجهزون بعثات محروسة لفرسان ورماة، وكانت مهمة هذه البعثات ان تجوب الصحارى للبحث عن احراج شجرة البطم لجني ماكان ينتج حولها من عسل كثير يجمعه النحل في بيوت يتخذها في تجاويف صخرية على جنبات الوديان بالقرب من غابات البطم.
ونقل عن كتاب الفلاحة مانصه: «تنبت بالجبال وعلى الحجارة والشجرة عيدانها خضر الى السواد وجهها أخضر»، وصمغه يسمى صيرو الاسم الفرنسي والانكليزي وباليونانية على الانباط camacon.
ومن الفوائد الاخرى للبطم زيته الذي اصبح يصنع منه صابون زيت البطم وأصبح الآن له معاصر خاصة منها (معصرة زيت البطم في صميد) وزيته يختلف عن زيت الزيتون فكثافته العالية تعادل ثلاثة اضعاف كثافة زيت الزيتون، ويستخدم في الطعام مثل زيت الزيتون والذرة ودوار الشمس وطعمه طيب المذاق له نكهة خاصة، وسعر كيلو زيت البطم لايقل عن 500 ل.س
في مجال الطب أيضاً زيته وصمغه له مكانة مرموقة كما ذكر كل من ابن سينا وابن النفيس الدمشقي عن فوائده في علاج الاورام وامراض الكبد (ومرض البردة الذي يصيب جفن العين) بالاضافة الى فائدته الكبيرة للمفاصل كما انه معقم قوي ومفيد في علاج لسعات الحشرات وأيضايطرد الحشرات، وصمغ البطم يفيد في علاج أحد انواع السرطان وفي علاج الجرب كما ورد في كتاب (القانون في الطب)، وشجرة البطم هي التي استظل بها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما التقى بحيرة الراهب بالرسول وبعد ان كانت تظله سحابة في اثناء مسيرته نزل تحت شجرة وحيث ان هذه الشجرة ارهصت اغصانها (انحنت وضمت اغصانها) وحيث استلقى الرسول الكريم وكانت تلك بمحطة عندما كان يقصد التجارة لمرافقة عمه ابو طالب لتجارة زوجته خديجة.
ميساء العلي
المصدر: الثورة
ودى صوره لزيت البطم
وعن طريقة استخراج الزيت من البطم، قال
الزيت المستخرجالسيد "شلغين": «عندما تنضج الثمار في ذكر البطم نأخذها ونضعها في الشمس حتى تجف جيداً ويتبخر الماء منها نهائياً، لمدة 15 يوماً ونقوم بعد ذلك بطحنها بأداة قديمة تدعى المدحلة، والتي تستخدم لدحل سطوح المنازل القديمة ذات السقوف الترابية قبل الشتاء، وبعد ذلك نضع هذه المادة في الماء الفاتر ونقوم بفركها جيداً باليدين، وفي هذه المرحلة تلاحظ جيداً الزيت وهو يخرج، وبعد ذلك نقوم بوضع هذه المادة على المكبس الذي يتكون من أدوات سيارة ونكبس المادة فيخرج الزيت منها».
وعن فوائده قال: «إن له فوائد كبيرة على الشرايين والمفاصل ويساعد على الهضم ويخفف من الكوليسترول ويشفي من اللقوة ويوضع مع العسل لتقوية البدن بحسب "داوود عمر الأنطاكي" وجامعة البعث».
م
ن