أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

بسم الله الرحمن الرحيم


يولد الطفل في مجتمعنا مبرمجاً على تلقي الثقافة التقليدية داخل البيت، فأمه تهيئه ليكون طالباً ناجحاً متفوقاً في حدود المنهج الدراسي، وتجتهد لتلقنه المنهج الدراسي الروتيني دون محاولة لاستطراق منافذ تفكيره.

وفي المدرسة أيضاً يتم تعبئة ذهنه بالمعلومات ويُحشى بالتفاصيل الفائضة وبشكل تراكمي رتيب دون أن يفكر ويحلل، لأن أية استفسارات استفهامية تثير غضب المعلم الجزع من كثافة المنهج وإطالته دون مبرر،

ويعود هذا الابن إلى البيت وهو يعاني من عسر هضم هذا الكم من المعلومات لتتلقفه الأم وستعيد معه المنهج في مذاكرة مرهقة، متعبة، وتعزززززززززززز حالة الكره والنفور من المنهج وبشكل تلقيني ضاغط حتى يبلغ حالة من الضجر والتبلد.

في فترة الامتحانات عاشت معظم الأُسر حالة من الاستنفار والتحفز لأن الأبناء يعيشون معركة الامتحانات، ولهذا فبمجرد أن تنتهي هذه الفترة يمزّق بعضهم كتبه أو يرميها في الحاوية وكأنه تحرر من عبء ثقيل أو سجن مرعب، وعندما تسأله بعد فترة عن هذه المعلومات التي درسها ستجده عاجزاً عن الإجابة وإن أجاب فبحدود الذي حفظه في الذاكرة، وإن تحايلت ببعض الأساليب الغامضة والمبتكرة فإنه سيعجز عن التفكير لأنه كان يصم المنهج ويحفظه لا يفهمه.

وعندما ينمو هذا الابن ويكبر ليواجه الحياة العملية فإنه سيشعر بالضعف وعدم القدرة على اتخاذ أبسط القرارات، بل لا يملك أدنى مقومات الشخصية الناجحة لأنه نشأ مبرمجاً على نمط تلقيني يفتقد إلى الحوار والتحليل والتجربة القائمة على المحاولة، ومؤسف أن ترى أمهات وآباء على درجة عالية من الثقافة يسيَّرون أبناءهم وفق نمطهم التقليدي دون اعتبار لقدرات هذا الابن وأفكاره وعقليته، بل لا يُسمح له أن يصل إلى حقائق الأشياء عبر تفكيره الخاص واستنتاجه الذاتي، فإن انتقد فكرة أو تيار ما أو تجربة معينة فإن رأيه يُقمع من قبل والديه أو حتى معلمه.

إننا لا نترك أبناءنا يفكرون بحرية ويعبرون عن رؤاهم بشكل منفتح ومرن ولا نمهد لهم سبيل ممارسة التجربة ليخطئوا ومن ثم ينجحوا بعد دراسة أسباب الفشل ومعرفة عوامل النجاح،

بل نظل نلقنهم فكرنا التقليدي ونفرض عليهم واقعنا دون أن نعطيهم الفرص لنقد التجربة واختيار ما يرونه مناسباً لهم،

نريدهم متفوقون بامتياز ونختار لهم أرقى الوظائف والمناصب دون أن نراعي ميولهم وملكاتهم، نقدم لهم المعلومة جاهزة والبحث جاهز،
وقد ينجح في المجال العلمي لكنه يفشل في مهارات الحياة الأخرى ولا يعرف كيف يفكر وأيّة أساليب يتبع لينجح.


أعرف أمَّـاً تعاقب ابنتها عقاباً شديداً إن لم تحصل ابنتها على تقدير الامتياز في المناهج، تضربها وتمارس عليها كل أساليب القمع كي تحذر الفشل في المرة القادمة، هذه الأم تدمر شخصية ابنتها وتحطّم نفسيتها،

تزرع فيها عقد الخوف والذعر كي تتفاخر أمام الناس أن ابنتها نجحت بامتياز، وهذه الأم معلمة مدرسة للأسف لكنها مجردة عن قيم الأخلاق والتربية.


فهذا الجيل يكبر بعقلية استهلاكية سطحية وسيمثل مكونات مجتمع مترهل الفكر يمكن اختراقه وتدميره عبر فخاخ الطائفية والمذهبية والعنصرية، لأنه لم ينشأ على التفكير النقدي الذي يستقرئ التجربة ويقيَّمها بعد تحليل وفق معايير منطقية قيمية تُزرع فيه منذ الصغر في البيت والمدرسة،

نشأ خاضعاً ومنقاداً لأنه لم يتحرك وفق هدف كبير يشد طموحاته وأشواقه ليتطور وينمو ويبدع، الهدف الاستهلاكي المتمثل بالوظيفة والرواتب والزواج والسفر وانغلاق العقل والهمّة على هذه الاهتمامات المنخفضة، اختيار الراحة الذهنية وعدم الانشغال بمشاكل العالم والمحيط حوله لأنه تربى على أن كل إشباعاته جاهزة ومتوفرة ومُعدَّة له مسبقاً فلم يكابد ويعاني ويصارع ويفشل ليتعلم ثم ينهض بنفسه.


وقد قيل في الأمثال:

لا تطعمني سمكة لآكل يوماً.. بل علَّمني فنون الصيد لآكل دهراً.


مقالة للأديبة بجريدة الراي







إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#2

افتراضي رد: التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

معلومات رائعة تسلمي يابيبو
إظهار التوقيع
توقيع : لولو حبيب روحي
#3

افتراضي رد: التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

مشكورة
#4

افتراضي رد: التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

معلومات جميلة جدا
شكرا ليكى حبيبتى

إظهار التوقيع
توقيع : امل عثمان
#5

افتراضي رد: التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

يتصفح الموضوع حالياً : 24 (2 عدلات و 22 زائرة) ‏هبه شلبى, ‏شامخه
نورتم

إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي
#6

افتراضي رد: التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

تسلمى
إظهار التوقيع
توقيع : ريموووو
#7

افتراضي رد: التربيه بين التلقين والتفكير الناقد

نورتم
إظهار التوقيع
توقيع : هبه شلبي


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
لكل ام اساسيات التربيه الصحيحه مع طفلك لاتترددى 00000000 ام القمرات التلاته العناية بالطفل
بطاقات تربويه مصورة للاطفال,نصائح في التربيه,علمي طفلك كيفية التربيه السليمه,طرق تربويه لتعليم طفلك اساسيات الحياة جنا حبيبة ماما العناية بالطفل
العقل تعمة إلهية والتفكير فريضة إسلامية ام عشتار المنتدي الاسلامي العام
تصفح مواقع الإنترنت يثير مراكز القرار والتفكير المعقد في الدماغ لؤلؤة الايمان العيادة النفسية والتنمية البشرية
طرق ومفاهيم التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي للمعوقين عقليا ( ملف كامل ) ملآك ولكن.. ذوي الاحتياجات الخاصة


الساعة الآن 09:32 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل