رد: الأسماك البحرية
بيئات الأسماك البحرية
تتنوع البيئات البحرية التي تعيش فيها الأسماك البحرية، التي ورد وصف نماذج منها فيما سبق. ومن هذه البيئات نجد النطاق البحري السطحي والقيعان، وغابات المانجروف، والأرفف القارية، والشعاب المرجانية وقد ورد وصف لبعض هذه البيئات من قبل.
تعيش أسماك النطاق البحري السطحي بعيداً عن القاع، ويقدر عدد أنواعها بحوالي 225 نوعاً، معظمها متحرك يسبح، وبعضها منها له المقدرة أن يطير من حين لآخر فوق سطح الماء. ويسمى بالسمك الطيَّار. وإلى جانب هذا توجد مجموعة أسماك الأسقمري، من العظميات الشائكة الزعانف، وتنتمي إليها أسماك التونة والبينيت، ومن طبعها أن تتحرك في أسراب كبيرة العدد، سريعة الحركة، وتتغذى باللحوم.
أما أسماك قيعان البحار فتعيش في أسراب في القاع أو فوقه، وهي ذات أجهزة خاصة تستجيب لمصدر الضوء، مما يجعلها تتجه نحوه، ويغلب على جسمها اللون الفضي. وتشتهر من أسماك القيعان الأسماك المسطحة، ذات العين المتضعة على جانب واحد، ولذلك فهي تصنف إلى مجموعتين: ذوات العين اليمنى، وذوات العين اليسرى. وتعرَّف العلماء حوالي 100 نوع من ذوات العين اليمنى، تنتشر في المياه الشمالية، وفي المياه القطبية، وحوالي 200 نوع من ذوات العين اليسرى في المياه الدافئة.
ومن أضخم الأسماك القاعية المسطحة التي تصاد لأهميتها الغذائية للبشر، سمكة الهلبوت التي يصل طولها إلى 2م، ووزنها إلى 300 كجم، وقد عرضها الصيد التجاري الجائر إلى خطر الانقراض، خاصة في شمال المحيط الأطلسي.
ويقصد غابات المانجروف أسماك، معظمها لحضانة الصغار، وقليل منها يقصدها لوضع البيض، ويقدر عدد الأسماك التي ترتبط بغابات المانجروف حوالي 400 نوع.
وفوق الرف القاري تتأثر الأسماك بعدة عوامل، منها: عرض الرف القاري، وأنواع ترسباته، ودرجة ملوحة المياه، ومقدار صفائها، وقوة تياراتها إلخ. ومنها كون الموائل البيئية محجوبة (كالكهوف مثلاً) أم مكشوفة، وإذا كانت مكشوفة، فهل أرضيتها طرية تسمح للأسماك بالحفر والاختباء أم صلدة، ولذا نجد أسماك هذه البيئات تتجمع في أسراب لحماية نفسها.
أما الشعاب المرجانية، فهي فكما ورد عنها سابقاً، جذابة الألوان، وكذلك حال أسماكها، وتختلف أساليب حياة هذه الأسماك، فمنها ما هو عاشب، ويقدر العلماء عدد أنواعها بحوالي 18 نوعاً، ومنها ما هو عاشب ولاحم معاً، ومنه حوالي 36 نوعاً. ومنها ما يعتمد في غذائه على الهائمات، ومنه 13 نوعاً، ومنها ما يتغذى بالقشريات وصغار السمك، ومنه 23 نوعاً، ومنه ما يتغذى بالأسماك، ومنه 15 نوعاً، وأنواع أخرى.
ومعظم أسماك الشعاب المرجانية نهارية الحركة، لذلك تكون الشعاب المرجانية شبه مهجورة ليلاً، ذلك لأن الأسماك النهارية تعمد إلى إخفاء نفسها ليلاً، بينما تخرج الأسماك الليلية بحثاً عن فرائسها.
المجتمع السمكي في الشعاب المرجانية
لاحظ علماء سلوك الحيوان، أن المجتمعات السمكية في الشعاب المرجانية تزدان بصور جميلة، وذلك من أساليب التعايش والتكافل والتعاون، إلى جانب التطفل. وكان انتباه العلماء إلى مجموعة من الأسماك، تخصصت في تنظيف أجساد الأسماك الأخرى، وتميزت هذه الأسماك بألوان خاصة، وهي تدخل إلى خياشيم الأسماك، التي تطلب العون، وإلى داخل أفواهها، دون أن يصيبها أذى، ومن أمثلة هذه الأسماك التي امتهنت التنظيف نجد 300 نوعٍ من جنس سمكة الرأس (انظر شكل سمكة الرأس) بزعانفها الشائكة، وجسمها المتطاول، وأسنانها البارزة، وشفاهها الغليظة، وتختلف أطوال أجسامها وفقاً للنوع متراوحة بين 5سم و2م. ولأسماك الرأس المقدرة على تغيير جنسها، كما ورد آنفاً، حسب الضرورة، وقد يكون هذا التحول عدة مرات خلال حياة السمكة. كما تقوم سمكة الدامفش أيضاً بالوظيفة نفسها، وهنالك مواقع مخصصة للنظافة، تقصدها الأسماك الساعية للخدمة، كما أن زي عاملات، أو عمال النظافة، يغلب عليه اللون الأزرق ذو الشريط الأسود، وقد استغلت أسماك أخرى هذا الزي، فارتدته ليس للقيام بالنظافة، ولكن لخداع السمكة الزائرة، واقتطاع جزء من لحمها.
الأسماك الاقتصادية
يحتاج الإنسان إلى اللحوم وإلى البروتينات، ولذا فإنه يتجه إلى الموارد البحرية حيث توجد أجناس معينة ذات قيمة غذائية عالية، تشمل أسماك الصابوغة، والرنكة، والسردين، وكلها قاعية وكذلك أسماك التونة والخرمان وأبو منشار (انظر شكل السمكة أبو منشار)، وسمكة الشراع، وسمكة المرلين الضخمة.
ومعظم هذه الأسماك تهاجر خلال فترة التوالد، إلى مياه ملائمة لنمو يرقاتها، ثم تعود إلى موقعها الأول فتصاد في الطريق.
أسماك الصيد الرياضي
هناك العديد من أنواع الأسماك، التي يهوى الناس صيدها ضرباً من ضروب الرياضة، إلى جانب أهميتها الغذائية. وتتميز في هذا المضمار فصائل محددة، مثل: فصيلة أسماك الجاك، وفصيلة أسماك التونة، وفصيلة أسماك البلفش، وفصيلة أسماك الدولفين؛ وكلها قاعية سريعة السباحة، ذات لون أزرق علوي، ينسجم مع لون المياه السطحية، ولون بطني فضي، ينسجم مع تلألؤ الضوء على الماء من أسفل، وهي بذلك تتحاشى الحيوانات التي تسعى لافتراسها، وفي الوقت نفسه تقترب من الفرائس التي ترغب في افتراسها.
من أمثلة فصيلة أسماك سليمان "الجاك" سمكة قوس قزح (انظر شكل سمكة قوس قزح)، ومن أمثلة مجموعة التونة الألباكورة (انظر شكل سمكة الالباكورة) ومن أمثلة فصيلة البلفش أبو منشار، ومن أمثلة فصيلة أسماك الدولفين سمكة الدولفين (انظر شكل سمكة الدولفين).
أسماك المياه الاستوائية
يوجد منها عدة أجناس، من أهمها Ilishe، Pellona، Pellonula، Ophisthonems، Ophisthopterns، Sardinells، Stolephorus، وهي نماذج من مجموعة الصابوغيات أو الفريسيات Clupeids. كما توجد أيضاً مجموعتان من الأسماك المفترسة، هما أشباه الأنقليس Eel-like، وسمك الرمح Pike-eel، وتكثر في النطاق الهندو ـ هادي، وتتألف من سبعة أنواع، تنتمي إلى ثلاثة أجناس. كما توجد عائلتان من أسماك القيعان الرملية تضمان معاً 37 جنساً، تتغذى بكائنات القيعان، وثلاث عوائل أخرى فوق الرفوف القارية، ولها أهمية اقتصادية تجارية.
وتصنف أسماك الـ Pereiformes، المنتشرة فوق الأرفف القارية إلى ثلاث مجموعات، واحدة تعيش على الترسبات الطينية الشاطئية، والثانية على القيعان الرملية، والثالثة فوق الأرضية الصخرية. ويبلغ عدد أنواعها إجمالاً 560 نوعاً. وتسود في المجموعة الأولى أسماك Sciaenids، وفي الثانية أسماك Sparids، وفي الثالثة أسماك Lutjanids. كما توجد أنواع مختلفة لأسماك الشعاب المرجانية والجزر المرجانية.
أسماك الرف القاري قاعية التغذية Demersal
تتميز بأنها تتغذى بكائنات قاعية تكثر في المحيط الأطلسي، بعضها في المياه الضحلة، وبعضها الآخر في القيعان، وقد تأثرت هذه الأسماك بالصيد الجائر خلال القرن العشرين، مثال ذلك أسماك Balistes، خاصة النوع B. Carolinensis وهي أسماك تتغذى بالهائمات، وتعتني بصغارها، ولها بشرة جلدية مقاومة للجفاف، ولها شوكة ظهرية دفاعية/هجومية خطرة. ويبلغ عدد أنواع هذه الأسماك الـ Demesal في شرق الأطلسي حوالي 380 نوعاً، يقابلها حوالي 900 نوع في غرب الأطلسي.
أسماك الشعاب المرجانية والجزر المرجانية
المعروف أن هذه الموائل ثرية بتنوعها الأحيائي وتباين أوساطها البيئية، وقد لاحظ العلماء تفاوتاً مذهلاً في عدد الأنواع السمكية في هذه الشعاب والجزر، يتراوح بين المئات والألوف. منها ما يتغذى بالكائنات القاعية، ومنها ما يتغذى بالعوالق، وهي الأسماك البلاجية الغمرية Pelagic، كما أن هنالك أنواعاً من الأسماك لا توجد إلا في الشعاب المرجانية والجزر المرجانية. وقد تمكن العلماء من تصنيف أسماك الشعاب المرجانية والجزر المرجانية، بصفة عامة، إلى أسماك نهارية المعيشة، وأسماك ليلية المعيشة. والأولى منهما ذات حجم كبير، وألوان جذابة، وهي أيضاً أكثر رقياً.
أما الأسماك البلاجية فهي متنوعة، على الرغم من عدم تطورها، وذات أهمية اقتصادية؛ مما دفع إلى صيدها لمقابلة الطلب العالمي للبروتينات.
أسماك مجموعة الصابوغيات (القريسيات): يوجد منها عشرة أنواع في المحيط الأطلسي الشرقي، و58 نوعاً في المحيط الأطلسي الغربي، و26 نوعاً في المحيط الهادي الشرقي، و77 نوعاً في المحيط الهادي الغربي.
وقد تعرض المخزون من هذه الأسماك للاستنزاف، من أجل الحصول على البروتين لغذاء البشر. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: أسماك السالمون البيروفي، وأسماك الساردين، و Anchoveta وغيرها. وتكفي الإشارة إلى أن ما تم صيده من الجنس الأخير بلغ 12 مليون طن في الأعوام الأربعين الماضية، كما ورد في الوثائق، وقد تضاعفت الحاجة مع تضاعف أعداد البشر، في وقتنا الحاضر. وكذلك الحال مع أسماك زيت السردين الهندي، الذي عانى من الصيد الجائر في تلك الحقبة البعيدة.
وهناك مجموعة أسماك السواحل البحرية، ممثلة في أسماك الشيمية (شائكات الزعانف)، Carangids والاسقمري Scombroids، وهي نهارية النشاط مفترسة، خاصة جنس Caranax، كما تكثر أنواع جنس Trachurus على امتداد سواحل الأطلسي الشرقية، وتوجد أنواع جنس Roundscads على الساحل الغربي للمحيط الهادي، وتتعرض لصيد مكثف، وأنواع جنس Rastrelliger في النطاق الهندو ـ هادي.
وهناك مجموعة أسماك التونة والخرمان Billfish، ومن أهمها مجموعة أسماك السيف، ومجموعة أسماك الشراع، ومجموعة أسماك التونة. وهي في مجملها من مكوِّنات النظام البيئي المحيطي الهامة، وتتأثر بالصيد التجاري الجائر، وكلها أسماك مهاجرة، وترتبط هجرتها بموسم توالدها.