أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي الفتور في العبادة

مظاهر، وأسباب ، وعلاج...الفتور في العبادة ..

الفتور في العبادة


الفتور في العبادة

الفتور في العبادة


حينما تنجو سفينةُ المرءِ من بحر المعاصي المهلك ، فترسو على ساحل الإيمان الآمن ، يكون حينها عرضةً لحبائل الشيطان المغرضة ، وشباكه المعقدة ، وأنيابه المفترسة ، وما ذاك إلا لأنه غرضٌ كم تمنى الشيطان أن يصيبه بسهمه المسموم ، ليرديه قتيل الضعف الممقوت ، والانتكاسة المهينة .

ولكن ما أهون هذا الشيطان ، وما أقل حيلته ، وما أضعف كيده ، إذا واجهه المؤمن بسلاح الإيمان المضاء ، ونوره الوضاء ؛ فراجع أسباب ضعف إيمانه ، ونظر في علل فتوره وتقصيره ، واتخذ من أسباب الثبات على دينه ما ينصره على الشيطان في هذا الصراع العنيف .


الفتور ::

مرض يتسم بالتسلل الخفي حينما يريد أن يدس داءه في قلب المسلم أو عقله ، كما أنه لا يأتي بغتة ، بل إن نَفَس الشيطانِ فيه طويل ، وكيده في الإصابة به متنوع ، حتى يقتنع صاحبه أنه فيه على حق ، وأنه كان على خطأ أو تطرف .

والفتور :

انكسار وضعف ، ولعلك تلمح بوضوح أن هذه الكلمة تشير إلى أن هذا الضعف قد سُبق بقوة ، وذلك الانكسار قد تقدمته صلابة ، ولهذا قال علماء اللغة :

( فتر : أي سكن بعد حِدّة ، ولان بعد شِدّة )


فالفتور::

إذًا مرض يصيب الأقوياء ، ويترصد لكل من يتطلع إلى الكمال في دينه ، وعلى هذا فإن الأمر يزداد خطورة ؛ إذ أن أهم المقصودين هنا هم شريحة أهل الإيمان من العاملين المنتجين ، والمبدعين المتفوقين ، الذين تنهض عليهم الأمة ، وتنقاد لهم سفينتها .


الفتور في العبادة


إننا قبل التعرف على أسباب إصابة المؤمن بالفتور في العبادة ، لابد من تبيين حقائق ومسلمات تتعلق بضعف إيمان المؤمن وفتوره ، أذكرها في القواعد التالية :

القاعدة الأولى :

أن جميع الخلق _ سوى من عصمه الله _ معرض للإصابة بالفتور ، والوقوع في الأخطاء والمعاصي ، وهذا أمر قد أثبته النبي صل الله عليه وسلم ، وجعله سمة لكل بني آدم فقال :

( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ )

رواه الترمذي ، وابن ماجه ، والدارمي ، وإسناده حسن ، ورواه الحاكم وصححه .

ولما كان الإنسان مفطورًا على الوقوع في المعصية ، واقتراف الخطأ ، أرشده الله تعالى إلى طريق الخلاص منها ، وهو التوبة النصوح ، فمن توخاه نجا ، ومن تنكب عنه خسِر ، ومن هنا جاء الترغيب الرباني إلى طريق النجاة بالعفو عما اقترفه الإنسان من الذنوب ، وليس هذا فحسب ، بل وبتبديل السيئات السابقة إلى حسنات أيضًا ، فيا له من فضل عظيم ، وعفو كريم ، يقول الله تعالى فيه :

(( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ))


ويقول النبي صل الله عليه وسلم :

((والَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا ، لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ)) رواه مسلم


القاعدة الثانية :

أن قلب المرء وإن صفا ، وثبت على الإيمان ، واستلذ بحلاوته ، فإنه معرّض للانتكاسة ، ومهيأ للانقلاب ، قد يقرب من ذلك وقد يبعد عنه ، يقول النبي صل الله عليه وسلم :

( إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ ؛ إِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ مُعَلَّقَةٍ فِي أَصْلِ شَجَرَةٍ يُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ )

رواه أحمد وهو صحيح

ومن الذي بيده تقليب القلوب وتصريفها ، إنه الله سبحانه ، يقول النبي صل الله عليه وسلم:

( إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ )

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم

( اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ )

رواه مسلم

القاعدة الثالثة :


أن مذهب أهل السنة والجماعة في شأن الإيمان ، أنه يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ،
وهل يستوي إيمان عبد تعلق قلبه بالمساجد ، وشغف بحب الله ورسوله صل الله عليه وسلم ،
وأضاء نور القرآن عقله ، وأنارت السنة بصيرته ، بمن صد عن هذا كله ،
فرضي بمستنقعات الرذيلة له موردًا ومشربًا ، وامتلكت جوارحَهُ المعاصي ،
وسرى في دمه داءُ التبعية لكل ناعق ، فاستمتع بالشهوات المحرمة ،
وسلَّم قياده لشيطان الهوى ؟ لا والله الذي لا إله إلا هو لا يستوون ، وهل يستوي من قال الله فيه :

( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )


هل يستوي هؤلاء بمن قال الله تعالى فيهم :

( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ )


أقول : لا يستوون !!


القاعدة الرابعة :


أن بقاء قلب المؤمن على الدرجة الرفيعة من الإيمان التي يجدها في أعظم العبادات قدرًا ، وأكثرها تأثيرًا ؛ كالصلاة ، والحج ، والصيام وتلاوة القرآن ، وقيام الليل ، أمر متعذر ؛ لشدة انشغال القلب بأعمال الدنيا ، وملذاتها ، وما يعتريه فيها من أفراح وأتراح ، وليس هذا من الرياء أو النفاق في شيء ، وقد وجد هذا أفضل القرون من صحابة النبي صل الله عليه وسلم ؛ فقد روى مسلم في صحيحه :
عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ ، قَالَ : لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا

حَنْظَلَةُ ؟ قَالَ قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ ، قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَا تَقُولُ ؟

قَالَ قُلْتُ : نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم ،

يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ ،

فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ

وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ ، فَنَسِينَا كَثِيرًا ،

قَالَ أَبُو بَكْرٍ : فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى

دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صل الله عليه وسلم ،





قُلْتُ : نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه

وسلم : وَمَا ذَاكَ ؟

قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا

رَأْيُ عَيْنٍ ،

فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا ،

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم:

(وَالَّذِي نَفْسِيبِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ ، سَاعَةً وَسَاعَةً ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ )

الفتور في العبادة


الفتور في العبادة


إن سؤالاً تتحدث به قلوبنا ، وإن لم تنطق به ألسنتنا ، وهو : كيف أعرف أنني مصاب بداء الفتور ، ما أعراضه ، وأشكاله التي يظهر بها في عبادتي ، وفي حياتي ؟

المظهر الأول :



الفتور في العبادة

قسوة القلب ::

ذلك السياج المانع للقلب من الخشوع لله تعالى ، الحابس لدمع العين من خشيته ، الحائل دون قشعريرة الجلد وليونته ذلاً لله تعالى ، فلا يعرف القلب بعد هذا معروفًا ، ولا ينكر منكرًا ، قد جفّت ينابيع الحب فيه ، وأقفرت رياض الرحمة لديه ، واصفرت خضرة المشاعر في فؤاده ،


(فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )

المظهر الثاني :

التهاون في فعل الطاعات ، ما كان منها فرضًا ، أو نفلاً ، يسيرًا كالأذكار ، أو غير ذلك ، كالحج ، والصلاة ، والصيام ، فإذا رأى الإنسان نفسه متثاقلاً في أداء العبادات ، متكاسلاً في النهوض إليها ، كارهًا لأدائها ، يشعر كأنها أمثال الجبال على كاهله ، فليعلم أن داء الفتور قد دب في أوصاله ، وسرى في دمه ، يقول تعالى ذامًا هذا الصنف من المصابين بهزال الإيمان وضعفه :


(وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا )


ويقول تعالى :(وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ )





المظهر الثالث :

بغض الصالحين الممتثلين للسنة ، الحريصين على إقامة شعائر الدين في أنفسهم ، وأهليهم ، ووسطهم ، فإذا ما رأيت العبد يجتنب مجالس الخير ، ويأنس بأحاديث اللغو والتفاهة ، فاعلم أنه يعيش صراعًا مع نفسه ، فإنها تنازعه الثبات على الحق ، وتدعوه إلى الإهمال فيه ، والفتور في القيام به .



المظهر الرابع :



موت المشاعر الدينية ، وعدم الغضب من أجل الله تعالى ؛ فإن المرء يمر في يومه وليلته بفتن كثيرة ، وامتحانات متتالية ، على رأسها هذه المنكرات التي تموج بالناس حتى تكاد تغرقهم ، وما تواجه به تعاليم الإسلام من السخرية والاستهزاء ، وما تتعرض له بعض شعوب المسلمين من حروب الإبادة التي لم يشهد لها التاريخ مثيلًا ، وما يشاهده المسلم اليوم من سقوط أكثر المسلمين في شباك الغرب والشرق .


المظهر الخامس :


عدم الشكر في السراء ، وعدم الصبر في الضراء ، وإنما يأتي ذلك من ضعف الإيمان ، والفتور في الصلة بين العبد وخالقه ، فلو أن العبد استحضر أن كل نعمة تصل إليه إنما هي من الله وحده ، لشكر الله عليها ، فتزداد صلته بخالقه الذي مَنَّ عليه بهذه النعم وغيرها ، ولو أنه حينما تحل به مصيبة ، أو تقع به كارثة ، علم بأنها ابتلاء وامتحان من الله ، ليصبر عليها ، لينال أجر الصابرين ، فيفوز مع الفائزين ، ولا يكون الشكر في امتحان النعمة ، والصبر في امتحان الشدة إلا من المؤمنين .
يقول النبي صل الله عليه وسلم:

( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ)
رواه مسلم



المظهر السادس :



المجاهرة بالمعصية ، وعدم مبالاة المرء بمعرفة الناس بوقوعه فيها ، وهي من أعلى مراتب الفتور ، حتى حذّر النبي صل الله عليه وسلم منها في قوله :

( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ : يَا فُلَانُ ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ) رواه مسلم

وما أشنع هذا الفعل الذي تتوغل النفس فيه في غمرة المعصية المقترنة بالجهل ، فيزيد على وباء الذنب ، ظلمة الانسلاخ من الحياء من الله ومن خلقه ، وإن الحياء لشعبة من شعب الإيمان ، فكيف إذا كان من الله تعالى !!




إظهار التوقيع
توقيع : صمت الورود
#2

افتراضي رد: الفتور في العبادة

يسلموووووووووووو
إظهار التوقيع
توقيع : اسيرة الحب
#3

افتراضي رد: الفتور في العبادة

جزاك الله خير
إظهار التوقيع
توقيع : مدام نونا
#4

افتراضي رد: الفتور في العبادة

جزآآك الله خيرا
والله يجعل مآ قدمتِ بميزآن اعمالك

#5

افتراضي رد: الفتور في العبادة

جزاكى الله خيرا
إظهار التوقيع
توقيع : Nothing To Lose


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
سبب الكسل فى العبادة والطاعة والخمول فى أدائها نسرين القمر المنتدي الاسلامي العام
حقيقة العبادة التي خلق من أجلها الثقلان ضــي القمــر المنتدي الاسلامي العام
الفرح والسرور في علاج الفتور مورا موكا الطيبة المنتدي الاسلامي العام
حقيقة العبادة اماني 2011 المنتدي الاسلامي العام
اسباب الفتور فى العبادات بعد رمضان قوت القلوب 2 المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 03:50 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل