رسالة عاجلة إلى أمل
ماذا دهاك.. يطيب عيشك في الحزن!
ماذا دهاك.. كئيبة يائسة متذمرة كسولة!
تحملين الكرة الأرضية على ظهرك، وأنت لا تحملين شيئاً حقيقة، إلا أنها الأوهام والمخاوف قد قيدتك..
يقول الرافعي "أشد سجون الحياة قسوة، فكرة بائسة يسجن المرء منا نفسه بداخلها".
تذكري أن هذه الدنيا فانية، وأنها مهما طالت فهي قصيرة، ومهما كبرت فهي صغيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة..
قومي قبل أن تقوم السّاعة، وبلغي قبل أن يبلغ ملك الموت بقبض الروح، وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي، وصلي بالليل قبل أن يصلى عليك بالنهار..
أنت كريمة بقول الله: "لقد كرمنا بني ادم"..
وغالية بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير متاع الدنيا المرآة الصالحة"..
وعزيزة بقول عمر رضي الله عنه "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام"..
مالك أين تنظرين.. لـ"مغنية" و"فنانة" و"موهوبة"
لـ"صديقة سافرة" و"كاتبة كافرة" و"حسناء حائرة"!
وتركت النظر لـ"قائمة" و"صائمة" و"ذاكرة"
لـ"تالية مطمئنة" و"خلوقة دمثة" و"صابرة محتسبة"!
مالك لا تقتدين بعائشة وخديجة وفاطمة ومريم واسيا..
ولو أن النساء كمن فقدنـــا --- لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب --- ولا التذكير فخر للهـــلال
كم في زماننا يا أمل من فتاة لكتاب الله حافظة، ولليل قائمة، وللنهار صائمة، ولله ذاكرة، وللناس محبة، وبالأخلاق سخية، وفي الدعوة سباقة، وفي العلم راسخة..
وصايا لا تتركيها
* من الآن اذكري الله على كل حال.. لي صديق يذكر الله في اليوم 16 ألف مرة
* من الليلة قومي في الثلث الأخير.. اعلم فتاة تقوم ساعتين، وأخرى لا يهدئ لها بال إذا لم تقم بجزئين
* صومي لله كل اثنين وخمس وثلاث بيض من كل شهر.. فتلك عائشة رضي الله عنها كانت كثير الصوم حتى ضعفت
* احفظي كتاب الله فقد تأتيك المنية دون حسبان.. ولله در تلك الفتاة التي كانت أمنيتها أن تكمل حفظ القران إلا أنها ماتت على سبع وعشرين جزءا
* من الساعة.. اطلبي العلم كل ساعة، فما عبد الله بأفضل من العلم.. وتلك عائشة رضي الله عنها يسألها كبار الصحابة عن الفرائض
* من الآن ابحثي عن القانتات الصادقات الخاشعات الصابرات الصائمات الذاكرات المتصدقات، ولازميهن وعضي عليهن بالنواجذ، قل لي من تصاحب أقل لك من أنت، ومن صاحب المصلين صلى، ومن صاحب المغنين غنّى..
* من الآن.. اجعلي خلقك عبادة، وعاملي الناس كما تحبي أن يعاملوك.
لاءات احذريها..
* لا تنتظري شكراً من أحد، ولا تلتفتي لقول أحد، واسلكي طريق الطاعة ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطريق المعصية ولا تغتري بكثرة الهالكين..
* لا تحزني.. فالمؤمن من سرته طاعته وساءته معصيته فلازمي الطاعة، ولا تبكي على الدنيا
لا تأسفن على الدنيا وما فيهــا --- فالموت لا شك يفنينا ويفنيهـا
واعمل لدار غد رضوان خازنها --- والجار أحمد والرحمن بانيهـا
* لا تعصي.. فالمعصية سبب لدنو الهمة، وهي المعيقة عن الوصول للقمة، ما أضرها على القلب، وما أثقلها على الجسد، قال الشافعي لرجل: أني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية، ولله در ابن المبارك إذ يقول:
رأيت الذنوب تميت القلوب --- وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب --- وخير لنفسك عصيانها
* لا تضعفي فأنت الأمل، فمن ثبت نبت، ومن لم تكن بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، قال ربنا "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون".
أخيرا يا أمل، ديننا يحثنا على الأمل وحسن الظن بالله.. قال الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي"، فأحسني الظن بالله، وما اختاره الله لك أحسن مما تختاريه لنفسك..
بقلم:صالح الشنّاط