أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر





جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر





المؤمنون آية 1 إلى الفرقان آية 20
1. ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ [المؤمنون: 2 - 4]:
أدرج الله الإعراض عن اللغو بين ركنين من أركان الإسلام، وهما الصلاة والزكاة، وهذا دليل على أهمية الإعراض عن اللغو.
2. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 3]:
قال ابن الجوزي:
«وفي المراد باللغو هنا خمسة أقوال: أحدها: الشِّرك، والثاني: الباطل، والثالث: المعاصي، والرابع: الكذب، والخامس: الشتم والأذى، واللغو: كل لعب ولهو، وكل معصية فهي مطَّرَحة مُلغاة، فالمعنى شغلهم الجِدُّ فيما أمرهم الله به عن اللغو».
3. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: 3]:
ومن اللغو: تكلم الرجل في ما لا يعنيه، ومنه الخوض في ذكر أخبار الفجار والفجور، ومنه التوسع في الحديث لغير حاجة.
4. ﴿َالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المؤمنون: 5]:
غضَّ البصر مفتاح حفظ الفرج، وبدء الوقوع في الزنا من نظرة.
5. قال السيوطي في (الإكليل) : «في الآية تحريم النظر إلى النساء، وعورات الرجال، وتحريم كشفها».
6. ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾ [المؤمنون: 5]:
غير ملومين، بل ومن المأجورين! قال رسول الله ﷺ: «وفي بُضْع أحدكم صدقة». قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر». صحيح مسلم 3/82
7. ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾[المؤمنون:11]:
في صحيح مسلم عن النبي ﷺ أنه قال: «إذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، ومنه تفجَّر أنهار الجنة».
8. ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾[المؤمنون:12]:
عرَّفك بأصْلِك كي لا تُعجِب يوما بعملِك!


جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

9. ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾[المؤمنون:12]:
هذا الحفظ في قرار الرحم آية من آيات الله، وهي أعظم من آية الخلق من طين، لذا أشار إليه بحرف: ﴿ثم﴾ إشارة للبُعْد.
10. ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾[المؤمنون:14]:
ما أطهر هذه القلوب! سمع عمر هذه الآيات حتى قوله: ﴿ ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾، فقال: فتبارك الله أحسن الخالقين، فنزلت: ﴿فتبارك اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.
11. ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾[المؤمنون:15]:
أين العتاة المتجبِّرون، أين الفراعنة المتكبِّرون، ما نفعتهم الأموال والحصون، وأتاهم ما هم عنه غافلون.
12. ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾[المؤمنون:16]:
ولم يَقُل بصيغة التأكيد: ﴿لتبعثون﴾ كما قال: ﴿لميِّتون﴾؛ لأن قضية البعث أوضح من أن يقف العقل فيها أو ينكرها، بحيث لا تحتاج إلى تأكيد، فعدم التأكيد هنا آكد من التأكيد.
13. ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾[المؤمنون:15-16]:
يرى الإمام الرازي استعمال التأكيد في نزول الموت، لتمادي المخاطبين في الغفلة، فكأنهم نزلوا منزلة المنكِرين للموت.
14. ﴿وما كنا عن الخلق غافلين﴾[المؤمنون: 17]:
ما كنا غافلين عن القيام بمصالحكم وحفظكم ولو مقدار لحظة، وإلا سقطت السماء عليكم فأهلكتكم، أو انقطع الهواء عنكم فاختنقتم، فما أشمل هذه العناية الإلهية التي تحفظ الكون من الزَّوال أو الاختلال.
15. ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ﴾[المؤمنون:18]:
قال ابن كثير: «بقَدَر: أي بحسب الحاجة، لا كثيرا فيفسد الأرض والعمران، ولا قليلا فلا يكفي الزروع والثمار، بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به».


جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر


16. ﴿وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ﴾[المؤمنون: 18]:
هل شكرتَ نعمة الماء! قال الزمخشري: «فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء، ويقيّدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفارها، إذا لم تشكر».
17. ﴿الحمد لله الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾[المؤمنون:28]:
حمد الله على نعمة الإنجاء! ولم يقل: فقل الحمد لله الذي أهلك القوم الظالمين؛ لأن نعمة الإنجاء أتم.
18. قال الخفاجي: «إشارة إلى أنه لا ينبغي المسرة بمصيبة أحد ولو اعتدوا، من حيث كونها مصيبة له، بل لما تضمنته من السلامة من ضرره، أو تطهير الأرض من وسخ شركه وإضلاله».
19. ﴿وقل رب أنزلني منزلا مباركاوأنت خير المنزلين﴾[المؤمنون: 29]:




قال القرطبي: «فالآية تعليم من الله عز وجل لعباده إذا ركبوا وإذا نزلوا أن يقولوا هذا، بل وإذا دخلوا بيوتهم وسلموا قالوا. روي عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا دخل المسجد قال: اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين».
20. ﴿هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ﴾[المؤمنون:36]:
أنكروا قدرة الله على إحياء الموتى، ونسوا أنه خلقهم أول مرة، وأنشأهم من العدم، فإعادته لهم بعد البلى أهون عليه، وكلاهما هين لديه، فلِمَ لا ينكرون أول خلقهم حتى يسلم لهم إنكار بعثهم؟.
21. ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾[المؤمنون: 55-56]:
كل نعمة تباعد عن ربك ليست خيرا، بل شر! الخير هو ما قرَّبك من الله.
22. ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴾[المؤمنون:57]:
قال الحسن البصري: «إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن الكافر جمع إساءة وأمنا».
23. {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} [المؤمنون: 60]:
قال الحسن: «لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن تُردَّ عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذَّبوا عليها».

يتبع

جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر



#2

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر


24. ( وقلوبهم وجلة﴾ [المؤمنون: 60]:
قال القشيري: «يُخلِصون فى الطاعات من غير إلمامٍ بتقصير، أو تعريجٍ فى أوطان الكسل، أو جنوحٍ إلى الاسترواح بالرُّخَص، ثم يخافون كأنهم ألمّوا بالفواحش، ويلاحظون أحوالهم بعين الاستصغار، والاستحقار، ويخافون بغتات التقدير، وقضايا السخط».
25. ﴿وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [المؤمنون: 60-61]:
هناك ارتباط وثيق بين الخوف والمسارعة إلى الخيرات، فالخوف سوط دافع إلى كثرة العمل.
26. ﴿وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾[المؤمنون:62]:
ادعُ ربك أن يقوِّي ظهرك، لا أن يخفِّف حملك.
27. ﴿وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾[المؤمنون:62]:
يجب ألا تمر سيئاتك بذاكرتك مرورا عابرا، فغدا ترى لكتابك لسانا ناطقا يشهد عليك، ويتكلم بما عملت بكلتا يديك.
28. لولا غفلة قلوبنا عن مراقبة الله لنا، لما خوّفنا بكتابة الملَائكة لأعمالنا، فاللهم انتشِلنا من بئر غفلاتنا.
29. ﴿قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾[المؤمنون:87]:
ما التقوى؟! قال الإمام أحمد: «التقوى هي ترك ما تهوى لما تخشى«.
30. ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾[المؤمنون: 88]:
يُؤَمِّن الله مَنْ شاء من عباده، ولا يستطيع أحد أن يؤمِّن مَنْ أَخافَه الله.. أمانك بيد الله وحده!
31. ﴿قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾[المؤمنون:89]:
يَروْج الباطل على بعض الناس، فينجذبون إليه، وينشطون للترويج له والعمل له كأنهم مسحورون.
32. ﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾[المؤمنون:94]:
قال القرطبي: «وكان عليه السلام يعلم أن الله تعالى لا يجعله في القوم الظالمين إذا نزل بهم العذاب، ومع هذا أمره الرب بهذا الدعاء والسؤال ليعظم أجره، وليكون في كل الأوقات ذاكرا لربه تعالى».


رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

33. ﴿رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾[المؤمنون:94]:
هذا يشبه ما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي:
«وإذا أردتَ بقومٍ فتنة فتوفَّني إليك غير مفتون» سنن الترمذي رقم: 3233
34. ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾[المؤمنون:95]:
ما أيسره على الله: تعجيل عذاب من عاداه، ونصر وعُلُوِّ من والاه، وما نؤخِّره إلا لأجل معلوم.
35. ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾[المؤمنون: 96]:
قال ابن عقيل: «ومن أظهر الجميل والحسن في مقابلة القبيح ليزول الشر، فليس بمنافق لكنه يستصلح ألا تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى: {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]
فهذا اكتساب استمالة، ودفع عداوة، وإطفاء لنيران الحقائد، واستنماء الود، وإصلاح العقائد، فهذا طب المودات واكتساب الرجال».
36. ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ﴾[المؤمنون: 96]:
قال أنس بن مالك: «يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول له: إن كنت كاذبًا، فإني أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقًا فإني أسأل الله أن يغفر لي».
37. ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾[المؤمنون:97]:
استعاذة بالله من أصل الشرِّ كله، ويدخل فيها الاستعاذة من جميع نزغات الشيطان ووساوسه، وإذا أعاذ الله عبده من هذا الشر، سلم من كل الشرور، ووُفِّق لكل خير.
38. في الحديث:
«إذا فزِع أحدكم من النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنها لن تضره». صحيح الجامع رقم: 701

39. ﴿قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾[المؤمنون:106]:
نطقوا بالحق، لكن للأسف! يومَ لا ينفع الإقرار، ولا تُقبَل الأعذار!


رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر



40. التعلل بالأقدار وسوء الحظ هو سمة الفاشلين من أهل الدنيا ومن أهل الآخرة.
41. ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾[المؤمنون:107]:
معلوم أن ردَّهم إلى الدنيا لا يكون، لكن الله علم أنه لو كان، فكيف كان يكون.
42. ﴿قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾[المؤمنون:108]:
انقطع عند ذلك الدعاء، وتبدد الرجاء، وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون، وأطبقت عليهم النار فهم فيها يتصارَخون.
43. قال عبد الله بن عمرو : «إن أهل النار نادوا: ﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: 77] قال: فخلى عنهم أربعين عاما ثم أجابهم: ﴿إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: 77]. فقالوا: ﴿رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ [المؤمنون: 107] قال: فخلى عنهم مثل الدنيا ثم أجابهم: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: 108]. قال: فلم ينبس القوم بعد ذلك بكلمة، إن كان إلا الزفير والشهيق».
44. ﴿رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾[المؤمنون:109]:
احفظ هذا الدعاء القرآني، وحفِّظه أولادك، وحافِظ عليه
45. في الآية إشارة إلى مشروعية التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، كأن يقول العبد مثلا: اللهم بإيماني بك، واتباعي لرسولك اغفر لي وارحمني.



يتبع

#3

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

#4

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

تسلمين
#5

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

تشرفت بالمرور العطر
جزاكن الله خيراً


رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

#6

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

46. ﴿قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[المؤمنون:114]:
ما علموا حقارة الدنيا إلا بعد أن عاينوا أهوال الآخرة!
47. الدنيا مهما طالت وطابت قليلة بالإضافة إلى خلود الآخرة، فكيف لو كان هذا الخلود في أصل العذاب؟!
48. ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾[المؤمنون:116]:
التعالي هو المبالغة في العلو، وقد تعالى الله عن الولد والشريك، وتعالى عن أن يخلق شيئا عبثا، وتعالى أن يقضي أمرا لغير حكمة، وتعالى عن أي ظن باطل يظنه الخلق به ويقدح في حكمته.
49. ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾[المؤمنون:116]:
وإذا سألت: ما الدليل على هذا العلو أو ما أسبابه؟!
فالجواب: انفراده بالألوهية، وبأنه مالك أعظم المخلوقات وهو العرش، وذلك من أعظم أدلة العظمة.
50. ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾[المؤمنون:116]:
لماذا وصف الله العرش بأنه كريم؟ قال الإمام الرازي:
«وإنما وصفه بالكريم؛ لأن الرحمة تنزل منه والخير والبركة، ولنسبته إلى أكرم الأكرمين، كما يقال: بيت كريم، إذا كان ساكنوه كراما».
51. ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾[المؤمنون:117]:
قال الرازيّ: «نبَّه تعالى بالآية، على أن كل ما لا برهان فيه، لا يجوز إثباته، وذلك يوجب صحة النظر وفساد التقليد».
52. ﴿وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ﴾[المؤمنون:118]:
قال الآلوسي: «وفي تخصيص هذا الدعاء بالذكر ما يدل على أهمية ما فيه، وقد علم النبي ﷺ أبا بكر أن يقول نحوه في صلاته، فقد أخرج الشيخان عن أبى بكر  قال: يا رسول الله، علِّمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال له قل: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم)».
53. ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾[النور: 4]:
الرمي بالأقوال لا يقل خطرا عن رمي السهام.
جراحات السنان لها التئام .. ولا يلتام ما جَرَح اللسان
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

54. ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ﴾[النور: 4]:
يستوي أن يكون المقذوف رجلا أو امرأة، فإن الحكم واحد، وإنما خصَّ المحصنات بالذِّكر، لأن قذف المرأة أشد ضررا من قذف الرجل.
55. ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾[النور:17]:
قال هشام بن عمار: «سمعتُ مالكا يقول: من سبَّ أبا بكر وعمر أُدِّبَ، ومن سب عائشة قُتِل لأن الله يقول: ﴿يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين﴾، فمن سبَّ عائشة، فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل»، ويرى الشافعية أن ذلك ليس بكفر.
56. ﴿ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾[النور:32]:
لا تعارض بين الآية وبين حديث النبي ﷺ: «لا يقُل أحكم عبدي وأمَتي، وليقل: فتاي وفتاتي»، لأن النهي في الحديث أن يضيف السيد العبودية والأموة إلى نفسه على سبيل التعظيم والتكبر على مملوكه، وما في ذلك من إشعاره بالإهانة.
57. ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾[النور:32]:
الأمر للوجوب. عن موسى بن أنس أن سيرين (وكان عبدا) سأل أنسا، المكاتبة - وكان كثير المال - فأبى، فانطلق إلى عمر ، فقال: كاتبه فأبى، فضربه بالدرة، ويتلو عمر: ﴿فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا﴾ [النور: 33] فكاتبه.
58. ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[النور:32]:
النكاح من أسباب الغنى وسعة الرزق. قال بعض السلف: «التمسوا الغنى في النكاح».
59. قال أبو بكر الصديق : «أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، يُنجِز لكم ما وعدكم من الغنى. قال تعالى: ﴿إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[النور:32]».
60. ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[النور:33]:
بشرى للمتعففين! قال السعدي: «وعدٌ للمستعفف أن الله سيغنيه، وييسر له أمره، وأمرٌ له بانتظار الفرج، لئلا يشُقَّ عليه ما هو فيه».
61. ﴿وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾[النور:33]:
المكاتبة هي عقد عِتْق على مال يدفعه المملوك أقساطا أو دُفْعة واحدة. قال السَّعْدي: «في الكتابة تحصيل المصلحتين، مصلحة العتق والحرية، ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه، وربما جَدَّ واجتهد، وأدرك لسيده في مدة الكتابة من المال ما لا يحصل في رِقِّه».
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

62. ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾[النور:33]:
فيه استحباب التخفيف عن صاحب الدَّيْن كما في التخفيف هنا عن العبد المكاتِب.
63. ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾[النور:33]: مالُك ليس مالَك، لكن مالٌ الله أعاره لك، ويسترده منك طوعا بالإنفاق أو كرها بالموت.
64. ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[النور:33]:
قال ابن كثير:
«كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمَة أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت، فلما جاء الإسلام نهى الله المؤمنين عن ذلك، وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة في شأن عبد الله بن أبي ابن سلول، فإنه كان له إماء، فكان يكرههن على البغاء طلبا لخراجهن».
65. ﴿وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[النور:33]:
المُكره لا مؤاخذة عليه! قال ابن عباس: «ولا تكرِهوا إماءكم على الزنا، فإن فعلتم فإن الله سبحانه لهن غفور رحيم، وإثمهنُّ على من أكرههن».
66. ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ﴾[النور:34]:
قال ابن تيمية: «من تدبَّر القرآن طالبا لهدى منه، تبيَّن له طريق الحق».

#7

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

67. ﴿وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ﴾[النور:34]:
ما أكثر الأمثلة التي ضربها الله في القرآن للسابقين من المؤمنين والمجرمين، وما جرى ليس بدعا من التاريخ، فالتاريخ يتكرر، وطبائع البشر واحدة، فاعتبِروا يا أولي الألباب.
68. ﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾[النور:34]:
لا تُحدِث الموعظة أثرها إلا في قلوبٍ فيها قدر من تقوى الله وخشيته.
69. ﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾[النور:34]:
القرآن كما أنه موعظة للمتقين، فهو أيضا موعظة لغير المتقين، إلا أن الله ذكر المتقين مدحا لهم، ليبين أنهم هم الذين انتفعوا بالموعظة كما قال: ﴿إنما أنت منذر من يخشاها﴾.
70. ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾[النور:35]:
النور من أسماء الله الحسنى، والنور نوعان: النور الذي هو من أوصاف الله، ومنه اشتُقَّ له اسم الله النور، ونور آخر مخلوق؛ حسي في ضوء الشمس والقمر والنجوم، ومعنوي في قلب المؤمن.
71. ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾[النور:35]:
قال ابن عباس: «مثَل هداه في قلب المؤمن»، ولا يصِحُّ أن نقول: مثل نور الله، أي نور ذاته وصفاته كمشكاة؛ لأن الله لا مِثْل له في ذاته ولاصفاته: ﴿ليس كمِثله شيء﴾.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر
72. ﴿نُورٌ عَلَى نُورٍ﴾[النور:35]:
قال ابن القيم: «نور الوحي، ونور العقل، ونور الشريعة، ونور الفطرة، ونور الأدلة السمعية، ونور الأدلة العقلية»، فنور المصباح مستمد من نور هذا الزيت، وتضاعِفه المكاة والزجاجة، وكذلك نور الإيمان في قلب المؤمن، مستمد من القرآن والسُنَّة، ويضاعفه العلم النافع والعمل الصالح».
73. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾[النور:44]:
خصَّ الله أصحاب الأبصار والبصائر بالانتفاع بالآيات، وأما من سواهم، فإن عقولهم أشبه بالأنعام، بل هم أضل.
74. ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [النور:56]:
روعة الإسلام في التكامل بين حق الله (الصلاة)، وحق الخلق (الزكاة).
75. ﴿وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[النور:56]:
طاعتك للرحمة المهداة من أهم أسباب رحمتك.
76. ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾[الفرقان:17]:
يحشر الله العابد والمعبود، فتنعقد بينهم المواجهة، فمن المعبودون؟! قال مجاهد: «هو عيسى والعزيز والملائكة»، فيسألهم الله: أأنتم دعوتمم عبادي لعبادتكم من دوني؟ فيتبرأون ممن عبدهم، فتقوم عليهم الحجة.
77. ﴿فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا﴾[الفرقان: 19]:
انظر سوء عاقبة التقليد الأعمى! تكذيب على الملأ، وعذاب شديد، لا يستطيعون صرفه، ولا يجرؤ أحد على التقدم لنصرتهم.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر
78. ﴿ .....فمن ابتغى وراء ذلك ﴾: ذكرها بعد ذكر الزوجة وملك اليمين لتشمل هذه الآية كل صور الانحرافات الأخلاقية والشهوانية.
79. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ﴾: قال القرطبي: «والأمانة والعهد يجمع كلَّ ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه، قولا وفعلا»، وهذا يشمل معاملة الخالق ومعاملة الخلق، وحق الله وحق العباد.
80. ﴿وما كنا عن الخلق غافلين﴾: ما كنا غافلين عن القيام بمصالحكم وحفظكم ولو مقدار لحظة، وإلا سقطت السماء عليكم فأهلكتكم، أو انقطع الهواء فاختنقتم، فما أشمل العناية الإلهية التي تحفظ الكون من الزَّوال والاختلالِ
81. ﴿وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ﴾: هل شكرت نعمة الماء! قال الزمخشري: «فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء، ويقيّدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفارها، إذا لم تشكر».
82. ﴿وقل رب أنزلني منزلامباركاوأنت خير المنزلين﴾ : قال القرطبي: فالآية تعليم من الله عز وجل لعباده إذا ركبوا وإذا نزلوا أن يقولوا هذا، بل وإذا دخلوا بيوتهم وسلموا قالوا. روي عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا دخل المسجد قال: اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين .
83. ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾: القدوات من الأنبياء هم أساتذة الأجيال في مدرسة أكل الحلال.
. بأكل الحلال نقتفي أثر الأنبياء!
عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: (أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر بهالمرسلين فقال:" يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاإني بما تعملون عليم" وقال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم". ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك
84. ﴿كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ﴾: قال ابن كثير: يأمر الله- تعالى- عباده المرسلين بالأكل من الحلال، والقيام بالصالح من الأعمال، فدل هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح.
85. (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون): كل نعمة تباعدك عن ربك ليست خيرا، بل شر! الخير ما قرَّب من الله.
86. {الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} [المؤمنون: 60] قال الحسن: «كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر وهم مشفقون ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله»، وقال: «لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن تُردَّ عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها».

#8

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. ( وقلوبهم وجلة):قال القشيري: «يخلصون فى الطاعات من غير إلمام بتقصير، أو تعريح فى أوطان الكسل، أو جنوح إلى الاسترواح بالرّخص، ثم يخافون كأنهم ألمّوا بالفواحش، ويلاحظون أحوالهم بعين الاستصغار، والاستحقار، ويخافون بغتات التقدير، وقضايا السخط».

. (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ : هناك ارتباط وثيق بين الخوف والمسارعة إلى الخيرات، فالخوف سوط دافع لكثرة العمل.

. ﴿ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أحْسَنُ ﴾: قال ابن عباس: الصبر عند الغضب ، والحلم عند الجهل ، والعفو عند الإساءة.

. ﴿ ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أحْسَنُ ﴾: قال ابن القيم: كان بعض أصحاب ابن تيمية يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه، وما رأيته يدعو على أحد منهم قط، وكان يدعو لهم.
وجئت يوما مبشرا له بموت أكبر أعدائه، وأشدهم عداوة وأذى له. فنهرني وتنكر لي واسترجع. ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم، وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه!.

. (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ): قال ابن عباس: أليس قد عرفوا محمدا ﷺ صغيرا وكبيرا،وعرفوا نسبه وصدقه وأمانته ووفاءه بالعهود. وهذا على سبيل التوبيخ لهم.

. (بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ): قال ابن عاشور: «وإنما أسندت كراهية الحق إلى أكثرهم دون جميعهم إنصافا لمن كان منهم من أهل الأحلام الراجحة الذين علموا بطلان الشرك وكانوا يجنحون إلى الحق، ولكنهم يشايعون طغاة قومهم مصانعة لهم، واستبقاء على حرمة أنفسهم». ما أجمل إنصاف القرآن!

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر
. ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ﴾:فن التفويض والتوكل! قال ابن عاشور: «والتخلق بهذه الآية هو أن المؤمن الكامل ينبغي له أن يفوض أمر المعتدين عليه إلى الله، فهو يتولى الانتصار لمن توكل عليه، وأنه إن قابل السيئة بالحسنة كان انتصار الله أشفى لصدره وأرسخ في نصره».

. قال ابن عقيل: ومن أظهر الجميل والحسن في مقابلة القبيح ليزول الشر فليس بمنافق لكنه يستصلح ألا تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى {فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34]
فهذا اكتساب استمالة، ودفع عداوة، وإطفاء لنيران الحقائد، واستنماء الود وإصلاح العقائد، فهذا طب المودات واكتساب الرجال.

. {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: قال أنس بن مالك: (يقول الرجل لأخيه ما ليس فيه، فيقول له: إن كنت كاذبًا، فإني أسأل الله أن يغفر لك، وإن كنت صادقًا فإني أسأل الله أن يغفر لي).

. ﴿وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ﴾: يُؤَمِّن الله مَنْ شَاءَ من عباده، ولا يستطيع أحد أن يؤمِّن مَنْ أَخَافَهُ الله.. أمانك بيد الله وحده!

. (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ): مناقشة عقلية وبرهان منطقي، لو كان هناك إلهان في هذا الكون لتنازعا واختلفا.

. ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾: قال القرطبي: «ودلَّت الآية على أن أحدا لا يموت حتى يعرف اضطرارا أهو من أولياء الله أم من أعداء الله، ولولا ذلك لما سأل الرجعة».

. ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾: قال ابن عباس: «أي من رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة».
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. قال رجل لزهيـر بن نعيم:ممن أنت؟ قال:من المسلمين. قال: أسألك عن النسب. قال:﴿فإِذا نُفِخ فِي الصور فلا أَنساب بينهم يومئذٍ ولا يَتساءلون﴾

. ﴿إني جزيتهم اليوم بما صبروا﴾: لم يقل بما صلوا أو صاموا أو أنفقوا، لأن الصبر عبادة تؤديها متألما، وغيره من العبادت تؤديها متلذذا.

. ﴿ قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين * قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم ﴾: سُئلوا عن السنين فأجابوا بالأيام! لأن فزع يوم القيامة أطار عقولهم، وأراهم عشرات السنين أقل من يوم في جوار الخلود.

. ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها﴾: كتب عمر رضي الله عنه إلى أهل الكوفة: «علِّموا نساءكم سورة النور»، لأن مقصود هذه السورة ذكر أحكام العفاف والستر وصون العرض..

. ﴿وَفَرَضْناها﴾: فرضنا ما فيها من الأحكام، وشدَّدها ابن كثير وأبو عمر ﴿وَفَرَّضْناها﴾ لكثرة فرائضها أو المفروض عليهم، أو للمبالغة في إيجابها.

. بدأ الله سورة النور بذكر عقوبة الزنا، فمن زنا محى الله نور الإيمان من وجهه وقلبه وعمله، فيسير متخبِّطا في ظلمات الذنب.

. (وﻻ تأخذكم بهما رأفة في دين الله): ليس في إقامة الحدود شدة أو غلظة، بل فيها الخير الكثير لأنها تردع من تسوِّل له نفسه بالعدوان، ولذا في الحديث: «حدٌّ يقام في الأرض أزكى فيها من مطر أربعين يوما».

. (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) مشاهدة تنفيذ أحكام الله مقصود شرعي يحدث أثر الردع في قلوب من يشاهده.

. (ﻻ تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم): حزنك أو فرحك، وتشاؤمك أو تفاؤلك هو قرارك الشخصي واختيارك المبدئي، فلا تلم إلا نفسَك.

. ﴿ ظنّ المؤمنون والمؤمناتُ بأنفسهم خيراً ﴾ بقدر إيمانك يكون حسن ظنك في المؤمنين حولك!

. ﴿ ظنّ المؤمنون والمؤمناتُ بأنفسهم خيراً ﴾ : روي أن أبا أيوب الأنصاري لما بلغه خبر الإفك قال لزوجه: ألا ترين ما يقال؟
فقالت له: لو كنتَ بدل صفوان أكنت تظن بحرمة رسول الله سوءا؟ قال: لا. قالت: ولو كنت أنا بدل عائشة ما خنت رسول الله فعائشة خير مني وصفوان خير منك. قال: نعم.

. ﴿إذ تلقونه بألسنتكم﴾: وقت الإشاعات والتربص يكون مصدر التلقي هو اللسان لا السمع ولا العقل، فلا تثبت من الأخبار، ولا روِيَّة في نشرها.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. ﴿وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ﴾:
قال المتنبي :
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهم
وعادى محبيه بقول عداته ... وأصبح في ليل من الشك مظلم

. (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ): كلمة واحدة تهوي بصاحبها في جهنم، فإياك ومحقَّرات الذنوب، فإنهن إذا اجتمعن على الرجل أهلكنه.

. (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ): كلما عظم الذنب في عينك صغر عند الله، وكلما صغر في عينك عظم عند الله.

. (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ): في حديث أبي هريرة مرفوعا: «إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب»، ومعنى (ما يتبين فيها): أي لا يتأملها أخير هي أم شر، ولا يحسِب تبعاتها، وفي حديث بلال بن الحارث عن هذه الكلمة: «ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت». الاستخفاف باللسان مورِد الهلاك!

. ﴿وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم﴾: ما آخر ذنب استهنت به؟! ولم تتألم لحدوثه؟! احذر أن يتعاظم ذنبك عند الله.

. {يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ}: مجرد حب إشاعة الفاحشة يستحق صاحبه العذاب الأليم، فكيف بمن نشرها وحضَّ عليها؟!

#9

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. ﴿يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا﴾: استدل العلماء بهذه الآية على أن الله يؤاخذ ببعض أعمال القلوب، حيث رتَّب الله العذاب على فعل القلب وهو (حبُّ) إشاعة الفاحشة.

. ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾: الجزاء من جنس العمل، فكما تعفو عن الناس سيعفو الله عنك، وكما تغفر زلاتهم سيغفر الله زلتك.

. ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ﴾: قال أبو السائب القاضي: «كنت يوما بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطبرستان، وكان بحضرته رجل ذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال له: العلويون: هذا رجل من شيعتنا فقال: "معاذ الله هذا رجل طعن على النبي ﷺ. قال الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي خبيث فهو كافر، فاضربوا عنقه" فضربوا عنقه وأنا حاضر».

. ﴿والطيبات للطيبين﴾: قال ابن عباس: «والطيبات من الأقوال للطيبين من الرجال»، فمقياس طيب العبد بحسب ألفاظ لسانه وكلماته.

. ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾: قال قتادة: قال رجل من المهاجرين: «لقد طلبتُ عمري كله هذه الآية، فما أدركتها: أن أستأذن على بعض إخواني، فيقول لي: ارجع، فأرجع وأنا مغتبط، لقوله: ﴿وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم﴾».

. ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم﴾ قدّم غض البصر على حفظ الفرج لأن النظر بريد الزنا، ومفتاح الفواحش.

. ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾:
قال الإمام القرطبي: «البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته. ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله».

. ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾: نستنبط منها قاعدة سد الذرائع، فإذا كان الضرب بالأرجل مباحا، لكنه يفضي إلى الحرام أو ما يقارب الحرام، وهو لفت الأنظار إلى زينة المرأة، ولذا نهى الله عنه.
رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]
قال الضحاك: «البَرُّ والفاجر»، فالتوبة تلزم الجميع.

. قال ابن القيم: «وهذه الآية في سورة مدنية، خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه، بعد إيمانهم وصبرهم، وهجرتهم وجهادهم، ثم علَّق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه، وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي، إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون، جعلنا الله منهم».

. قال عبد الله بن علي بن محمد التميمي: «شتان بين تائب يتوب من الزلات، وتائب يتوب من الغفلات، وتائب يتوب من رؤية الحسنات».

. قال ابن الجوزي في حقيقة التوبة: «أتعتقد أن التوبة قول باللسان، إنما التوبة نار تحرق الإنسان، جرِّد قلبك من الأقذار، ثم ألبسه الاعتذار، ثم حَلهِ حُلة الانكسار، ثم أقمه على باب الدار».

. قال ابن جزي: «والبواعث على التوبة سبعة: خوف العقاب، ورجاء الثواب، والخجل من الحساب، ومحبة الحبيب، ومراقبة الرقيب القريب، وتعظيم بالمقام، وشكر الإنعام».

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع﴾: عن ابن عمر أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم فدخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع﴾.

. ما الفرق بين التجارة والبيع؟التجارة هي العمل برؤوس الأموال بحثاً عن ربح، وأما البيع فهو أخص من التجارة، فلا يلزم أن يكون فيه ربح، فقد تضطر لبيع شيء غالٍ لاحتياجك إلى المال، فتبيعه بأقل من قيمته.

. ﴿وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب بقيعة يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾: مثل ضربه الله لرجل عَطش، فَاشْتَدَّ عطشه، فَرَأى سراباً، فحسبه مَاء، فَظن أَنه قدر عليه، فلما أتاه لم يجده شيئا، وكذلك الكافر لا يكون على شيْء، حتَّى يَأْتيه الموت، فيكتشف ذلك.

. ﴿أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾: ذكر الله ثلاث ظلمات: ظلمة البحر، وظلمة الأمواج، وظلمة السحاب؛ وكذلك الكافر له ظلمات ثلاثة. قال ابن عباس: شبَّه قلبه وسمعه وبصره بهذه الظلمات الثلاث، وقال غيره: الكافر لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري، ويعتقد أنه يدري، فهذه المراتب الثلاثة شبه تلك الظلمات الثلاث.
.
﴿وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾: قال الطبري: إن رجلا من المنافقين اسمه بشر كانت بينه وبين رجل من اليهود خصومة في أرض، فدعاه اليهودي إلى التحاكم عند رسول الله ﷺ، وكان المنافق مبطلا، فأبىذلك وقال: إن محمدا يحيف علينا، فلنحكمكعب بن الأشرف، فنزلت الآية فيه.
وكان كعب يأخذ الرشوة، فإذا أعطاه الرشوة حكم له، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يحكم بالحق، وهو مبطل.

. ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾: أصحاب إيمان مصلحي، وتدين نفعي، فلا يستفتون العلماء إلا إذا عرفوا أن الحكم في صالحهم، ولا يسترشدون بأحكام الشرع إلا إن حكم لهم.

. ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾: قيِّم عبوديتك! قال السعدي: فليسوا ممدوحين في هذه الحال، ولو أتوا إليه مذعنين، لأن العبد حقيقة، من يتبع الحق فيما يحب ويكره، وفيما يسره ويحزنه، وأما الذي يتبع الشرع عند موافقة هواه، وينبذه عند مخالفته، ويقدم الهوى على الشرع، فليس بعبد على الحقيقة.

. ﴿وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾: بعض الناس يأتي إلى العالم ليسأله، ويبتغي جواباً محددا قد بيَّته قبل أن يعرض سؤاله، فإن لم يحصل على هذه الفتوى طلب الما آخر، ولا يزال كذلك حتى يسمع ما يريد.

#10

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر





﴿أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ﴾ [النور:50]،
فهذه الثلاث مجتمعة فيهم، وليس المقصود التساؤل: هل فيهم مرض أم ارتياب أم خوف من الجور؟
بل المقصود التدرج في وصف أخلاق المنافقين،
فإن هذه الصفات الثلاثة موجودة فيهم، ففي قلوبهم مرض النفاق والكفر، ولذا فهم مرتابون شاكون في نبوة النبيﷺ وعدله، ولذايخافون أن يجور عليهم، وصيغة الاستفهام هنا أشد في التوبيخ.


. ﴿بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾:
﴿بلْ﴾ هنا للإضراب الانتقالي أي للانتقال من الاستفهام إلى خبر آخر هام، وليست ﴿بلْ﴾ للإبطال لأنه لا يستقيم إبطال المرض أو الارتياب أم الخوف من الجور، فهذا ثابت في المنافقين، وفائدة ﴿بلْ﴾ ترقب ماذا سيرسي عليه تحقيق حالهم، فكان قوله: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ بيانا لما يترقبه المستمع، وإفادة اتصافهم بالظلم دون غيرهم.


. ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ، لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ﴾:
أقسم المنافقون بالأيمان المؤكَّدة أنه متى أمرهم رسول الله ﷺبالجهاد ليخرجن،
فأمر الله نبيه أن يردَّ فيتهكم: ﴿ قُلْلا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ﴾:معروف أن طاعتَكم طاعةٌ باللسان فحسب،وتكذِّبها الأفعال والأحوال.


. ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾: اعرف قدر الصديق!
قال ابن عباس: «الصديق أوكد من القرابة، ألا ترى استغاثة الجهنميين: ﴿ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ. وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾».


. ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾:
قال مَعْمَر: «دخلت بيت قتادة فأبصرت فيه رطبا فجعلت آكله، فقال: ما هذا؟ فقلت: أبصرتُ رطبا في بيتك فأكلت، قال: أحسنت. قال الله تعالى: ﴿أَوْ صَدِيقِكُمْ﴾».

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

. ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾:
نزلت في بني ليث بن بكر، وكان الرجل منهم لا يأكل وحده، ويمكث أياما جائعا حتى يجد من يؤاكله! وكانت هذه السيرة موروثة عندهم عن إبراهيم عليه السلام، فإنه كان لا يأكل وحده، فكن مثل أبي الضيفان إبراهيم.


. ﴿وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه﴾:
العمل الجماعي والقيادة الموحَّدة هدي نبوي وأمرٌ رباني.


. ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ﴾:
أذِن لهم، ومع هذا استغفر لهم، لأن الإذن في التخلف لا يبرِّؤك من التقصير، ويفرض عليك مراجعة نفسك لتعرف سبب حرمانك من الخير الوفير.


. ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾:
قال ابن عباس: «لا تتعرضوا لدعاء الرسول عليكم بإسخاطه فإن دعوته موجِبة»،
وقد لعن النبي ﷺ (أي دعا بالطردمن رحمة الله) آكل الربا وشارب الخمروالراشي والمرتشي والمتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء.


. {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور:63] المراد بالدعاء هنا:
النداء، أي لا تقيسوا نداء النبي ﷺ إياكمعلى نداء بعضكم على بعض، بل يجب عليكمإذا دعاكم لأمر أن تلبوا فورا بلا تقاعس أو تباطؤ.


. {فليحذر الذين يخالفون(عن) أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾:
مخالفة واحدة قد تؤدي لانتكاستك وانهيار إيمانك، واحذر فقد تكون عقوبتها معجلة أو مؤجَّلة.


. ﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾:
قال الطاهر بن عاشور: وهذه الآية أصل من نظام الجماعات في مصالح الأمة؛ لأن من السنة أن يكون لكل اجتماع إمام ورئيس يدير أمر ذلك الاجتماع.وقد أشارت مشروعية الإمامة إلى ذلك النظام ومن السنة أن لا يجتمع جماعة إلا أمروا عليهم أميرا، فالذي يترأس الجمع هو قائم مقام ولي أمر المسلمين، فهو في مقام النبي ﷺ، فلا ينصرف أحدعن اجتماعه إلا بعد أن يستأذنه، لأنه لو جعل أمرالانسلال لشهوة الحاضر لكان ذريعة لانفضاضالاجتماعات دون حصول الفائدة التي جمعت لأجلها،وكذلك الأدب أيضا في التخلف عن الاجتماع عندالدعوة إليه كاجتماع المجالس النيابية والقضائيةوالدينية أو التخلف عن ميقات الاجتماع المتفق عليه إلا لعذر واستئذان.


. ﴿لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً﴾ [الفرقان: 1]:
أي لعالم الإنس وعالم الجن، فكل الخلق مخاطبون برسالته، ومطالبون بالإيمان به.

رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر


. ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [الفرقان: 12]:
النار كائن حي يرى ويسمع ويتكلم وله شهيق وزفير،
وقد قال الله عن كلام النار: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيد﴾: ،وقال ﷺ: «شكَت النار إلى ربها، فقالت: ربِّ..أكل بعضيبعضا،..».


. ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا﴾[الفرقان: 13]:
المكان الذي يلقون فيه ضيق، ليزداد كربهم وعذابهم، ولا يكون لهم أدنى مهرب، وقد شبَّهوا ضيقها بالوتد حين يُدْخَل في الحائطِ بقوة.


. ﴿قل أذلك خير نزلا أم جنة الخلد﴾[الفرقان: 15]:
لا مجال للمقارنة بين الجنة والنار، وإنما يغزونا الشيطان حين تغيب هذه المقارنة عن الأذهان، فنؤثر لذة حقيرة تورث عذابا طويلا، ونزهد في طاعة يسيرة تورث نعيما مقيما.


. ﴿لهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْؤُولا﴾:
المسؤول هو الذي يسأله من له حق عنده ويطالب به، فمن الذي له حقٌ عند الله تعالى حتى يسأل ويطالب بحقِّه؟
هذه مبالغة في تحقيق وعد الله وكرمه، كما يشكرك شاكرٌ على إحسانك، فتقول له: لا شكر على واجب، وإلا فلا حق لأحدٍ على الله.


. ﴿حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورًا﴾[الفرقان: 18]:
قال قتادة: «والله ما نسي قومٌ ذكر الله عز وجل إلا باروا وفسدوا».


. ﴿ويمشون في الأسواق﴾ [الفرقان: 20]:
هذا حال الأنبياء، فأين الدعاة من هذه الآية، وكيف وصولهم وانتشارهم إلى الشرائح التي لا تغشى المساجد، اخرج من صومعتك أيها الداعية.


﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَة﴾[الفرقان: 20]:
قال البغوي: «أي بلية، فالغني فتنة للفقير، يقول الفقير: ما لي لم أكن مثله؟
والصحيح فتنة للمريض، والشريف فتنة للوضيع».



رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

#11

افتراضي رد: جعلناه نوراً...خالد أبوشادي الجزء الثامن عشر

شكرا لك على الموضوع
الجميل و المفيد ♥
جزاك الله الف خير
على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥
ننتظر إبداعاتك
الجميلة بفارغ الصبر



قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
أبو بَكر الصّدِّيق عبد الله بن أبي قُحافة التَّيمي القُرَشيّ حياه الروح 5 شخصيات وأحداث تاريخية
جوانب من الحياة الشخصية والاجتماعية لسيف الله (خالد بن الوليد)رضي الله عنه المشتاقة الى رسول الله قصص الانبياء والرسل والصحابه
خــالـــد بن الولـــيـــد الـمـتـألـقـة شخصيات وأحداث تاريخية
[قصص مرعبة] روايه صائد الإنس كامله , قصص وروايه رعب عن الجن حياه الروح 5 قصص - حكايات - روايات
قصة (( الحمو )) الموت الـمـتـألـقـة قصص - حكايات - روايات


الساعة الآن 01:39 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل