رد: كوارث المصريين فى الإسكندرية والدقهلية والبدرشين
البدرشين
وفى غياب تام للجهات التنفيذية والرسمية للمحافظة شيعت سوهاج جثامين شهداء حادث قطار البدرشين المأساوى تحت شعار: "عزاء مرسى وحده لا يكفى"، حيث اكتست وجوه أسر الشهداء وذويهم بالأسى والحزن وأكدوا بكلمات تملؤها الحسرة أن النفس البشرية فى مصر باتت أرخص من التراب وأن سكك حديد مصر تحصد كل يوم أرواح أبنائهم دون أمل فى تغيير ملموس قد يحدث.
حتى الساعة 12 عشر ظهر الأربعاء ، لم تكن تعلم محافظة سوهاج بجهاتها التنفيذية عدد المتوفين والمصابين من أبنائها، وهو ما انعكس على عدم مشاركة أي من تلك الجهات فى تشييع الجثامين سوى ما قام به مجلس مدينة طما بمشاركته فى تشييع الشهيد جثمان محمود العطيفى.
وفى أخميم ودعت قرية نجع عزيز التابع لقرية نجوع الصوامعة غرب الشهيد حمادة رشيدى عبد القادر 20 عامًا والحاصل على دبلوم الصنايع ولديه 3 أشقاء، حيث قال أشقاؤه إن الشهيد قام بالذهاب إلى دولة ليبيا للعمل بعد أن وجد بلده قد أغلقت الأبواب فى وجهه، ثم عاد ليقضى الخدمة العسكرية بالرغم من وجود إصابة مزمنة فى إحدى ذراعيه أثناء عمله فى المعمار لتوفير لقمة العيش لأسرته الفقيرة، لأنه كان العائل الوحيد لهم وأثناء ترحيله استشهد.
كان يأمل حمادة فى أن تمنعه هذه الإصابة من دخوله التجنيد إلا أن التقرير الطبى أثبت أنه لائق للخدمة العسكرية ليلاقى حتفه ضحية الإهمال.
وفى مدينة طما شيع أهالى مدينة طما بمزيد من الأسى والحزن جثمان الشهيد محمود صلاح محمود العطيفى 20 عاما دبلوم صنايع والذى كانت آخر كلماته لابن عمه: "أنا رايح الجيش وحاسس إنى مش هارجع تانى"، فيما انهمر والده الذى كان يعمل سائقا فى البكاء، مؤكدا أنه يحتسب ابنه عند الله وأنه ذهب ضحية للإهمال وتجاهل المسئولين للفقراء فى مصر.
ويؤكد والده الحاج "صلاح عطيفى" أن محمود كان أفضل أبنائه على الإطلاق ولم يرفض قطاً يومًا طلبًا له، مؤكدا أنه يحتسبه لله تعالى.
وفى القليوبية، شيع أهالى قرية كفر مروان مركز كفر شكر فى موكب جنائزى مهيب جثمان الضحية غنيمى صبحى غنيمى مساعد أول بالقوات المسلحة الذى لقى حتفه فى الحادث خلال عودته من وحدته العسكرية لقضاء إجازة 10 أيام بالقرية.
وأقيمت الجنازة من مسجد القرية وشارك فيها المئات من أهالى القرية والقرى المجاورة وتلقى والد وأشقاء الفقيد العزاء على مقابر القرية ولم يعلنوا عن وجود سرادق عزاء له، بينما طالب الأهالى بضرورة محاسبة المتسببين فى الحادث حسابًا عسيرًا لاستهتارهم بأرواح الغلابة، مشيرين إلى أن الاستخفاف بأرواح المواطنين كارثة لا يمكن أن تمر مرور الكرام، خاصة مع تكرار تلك الحوادث وعدم معرفة مسبباتها، مطالبين بإقالة الحكومة الحالية بكامل تشكيلها.
والد الشهيد صبحى غنيمى فلاح 70 سنة تماسك بشدة خلال الجنازة وسيطرت عليه حالة ذهول شديدة، ولم يردد سوى "إنا لله وإنا إليه راجعون"، مؤكدا أن الفقيد كان أكبر سندا له بعد مصرع شقيق له كان يعمل بالقوات المسلحة أيضا، مشيرا إلى أنه كان يرعى أبناء الفقيد خلال غياب نجله.
وأضاف شقيق الفقيد ويدعى سعيد موظف أن الفقيد ترك 3 بنات وولدًا، سمر 17 سنة وسهام 16 سنة ومحمود 12 سنة وميسون 6 سنوات، وأرملة تعمل مدرسة بمحافظة الشرقية.
وحمل سعيد حكومة الدكتور قنديل مسئولية الحادث، مطالبا بإقالتها ومحاسبة المتسببين فى الحادث، مشيرا إلى أنه علم بالحادث من أصدقاء الفقيد الذين كانوا معه وقت الحادث، وأن تقرير الطب الشرعى أكد وفاة شقيقه نتيجة تهشم الجمجمة.
يقول حماد على رشدان، البالغ من العمر 20 سنة من سوهاج، أحد المصابين بحادث قطار البدرشين، إنه وزملاءه ركبوا القطار فى تمام الساعة السادسة مساءً من محطة أسيوط متجهين إلى مركز ترحيلات مبارك لتقضية الخدمة العسكرية وأثناء سير القطار لاحظوا وجود خلل بعربات القطار خاصة العربة الأخيرة فقاموا بإبلاغ مسئولى القطار والسكة الحديد ومناشدتهم ضرورة وقف القطار حتى إصلاح الخلل، وذلك قبل وصولهم محافظة المنيا، لكن لم يستجب أحد لهم، ومنذ وصولهم محافظة المنيا انطلق القطار بسرعة كبيرة غير سرعته الطبيعية، وبدأت حالة الخلل والاضطرابات فى عربات القطار تزداد دون استجابة مسئولى القطار لهم، حتى إذا وصلوا إلى محافظة الجيزة فوجئوا بانفصال العربتين الأخيرتين من القطار واستمرارها فى السير لمدة 5 دقائق، وهم يصارعون الموت، حتى اصطدمت بقطار البضائع، وأضاف حماد أنه يجب على الرئيس محمد مرسى محاكمة وإقالة مسئولى هيئة السكة الحديد خاصة المتواجدين بمحطة المنيا، والذين رفضوا الاستجابة لاستغاثات المجندين، وأعطوا أوامر بانطلاق القطار دون إصلاح الخلل.
وروى حماد اللحظات الصعبة التى عاشها هو وزملاؤه بعد انفصال عربة القطار، قائلاً: "بعد انفصال العربتين أدرك الجميع الذين كبر بعضهم وصرخ الآخر أنهم يواجهون الموت، وما هى إلا لحظات واصطدمت العربتان بالقطار، ومنهم من بترت قدمه، ومن فقد الذاكرة ومن فقد الوعى ومن مات".
أما رمضان بكر جاد الله من قرية المندرة بمنفلوط، بمحافظة أسيوط، فقال إنه أثناء سير القطار كنت نائماً واستيقظت على السرعة الرهيبة التى كان يسير عليها، وكذلك أصوات الخلخلة فى عربات القطار، حتى فوجئوا بارتفاع العربتين الأخيرتين لارتفاع متر عن القضبان واصطدامهما بقطار البضاعة، ومنذ هذه اللحظة لا يتذكر ماذا حدث بعدها، لافتاً إلى أنه أحد أبناء منفلوط التى شهدت حادث القطار الأخير، والتى مازال الإهمال يضرب السكة الحديد هناك، مستطردا: رغم وقوع الكارثة منذ أسابيع إلا أن المسئولين فى الدولة لم يعتبروا مما حدث، مطالباً الرئيس محمد مرسى بإعطاء المعافاة لجميع المصابين من الجيش، خاصة الذين تعرض بعضهم لفقد بعض أعضائه سواء بالقطع أو الكسر، وكذلك سرعة إنهاء الإجراءات لخروجهم من المستشفيات، بخاصة زملاؤهم الذين لقوا مصرعهم.
أما محمد على فوزى 20 سنة محافظة سوهاج، قال إنه تقدم لأداء الخدمة العسكرية لخدمة وطنه لكن فوجئ بحالة من الإهمال المتعمد ضد الغلابة، خاصة من ركاب قطارات الصعيد "قطارات الغلابة"، حيث من المفترض أن الكرسى الواحد فى القطار يحمل اثنين إلا أن مسئولى القطار وضعوا ثلاثة مجندين بدل اثنين، وكذلك ركوب بعض الأفراد مكان الشنط، وهو ما أدى لحالة من الازدحام والتكدس داخل عربات القطار، التى منذ انطلاقها، وهى يوجد بها خلل غير طبيعى، بالإضافة إلى قيام عدد من المجندين القدامى عنهم بتوجيه السباب والشتائم لهم، وطالب محمد الرئيس مرسى بضرورة القصاص من مسئولى السكة الحديد ليكونوا عبرة لغيرهم.
واشتكى عدد كبير من المصابين ومنهم أحمد بكر جاد الله وإبراهيم محمد أبو الفضل ومينا مكرم حبيب من الإهمال، الذى تعرضوا له فى القطار، بالإضافة إلى تجاهل المسئولين وعدم زيارتهم بالمستشفى بعد الحادث، رغم أنهم جميعاً كانوا جنودا متوجهين لأداء الخدمة الوطنية.
كما طالبوا وزير الداخلية بمعاملة الجنود الجدد وكل من يذهب لتقديم الخدمة الوطنية بمعاملة المجندين بشكل إنسانى دون الإهانة لهم أو توجيه السباب لهم.
وقال على أحمد عبد المولى "مجند" ومقيم بمحافظة سوهاج بمركز دار السلام، إنه كان فى آخر عربة بقطار البدرشين وحدثت هزة شديدة فى تمام الساعة 12 والنصف، وثم بعد ذلك سقط سقف العربة الأخيرة من القطار وبعدها سقطت أرضية العربة ووجدنا أنفسنا على القضبان.
وأشار إلى أنه كان متوجهًا إلى مركز تدريب معسكر مبارك للأمن بطريق مصر السويس الصحراوى، وأضاف زميله حمودة السيد أنه كان نائمًا وقت وقوع الحادث ولم يشعر إلا بصوت ارتطام القطار، ووجد نفسه داخل مستشفى البدرشين.
أما محمد عبد الحكيم شقيق المجند عماد عبدالحكيم الذى توفى فى حادث القطار، فأكد أن شقيقه عماد جلس معه قبل سفره بيومين، وطالبه بأن يبحث له عن وسيلة لكى يستريح خلال فترة تجنيده، وقال باكيا: عماد كان كل حاجة ليا، وكنت كاتم أسراره وحمل الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء مسئولية مقتله، وطالب بتوقيع أقصى العقوبة على المتسببين فى الحادث، وأن القدر كان له بالمرصاد، حيث كان يجلس عماد فى مقدمة القطار، ثم عاد قبل الحادث بدقائق معدودة وجلس فى مؤخرة القطار.
أما شقيق غنيم صبحى غنيم مساعد أول بالقوات المسلحة من مركز كفر مروان التابعة لمحافظة القليوبية والذى توفى فى الحادث، أكد أنه لديه 4 أولاد ويبلغ من العمر 35 سنة، وأنه كان عائدًا من إجازة بعد أن قضى عشرة أيام فى وحدته.
وأضاف عبد الصادق باكيًا، أن شقيقه رحل وترك خلفه أرملة "ربة منزل" وأربعة أبناء، أكبرهم فتاة فى الشهادة الإعدادية، وثلاثة أولاد أصغرهم لم يكمل عامه الثاني، مشيرًا إلى أن تقرير الطب الشرعى أفاد بأنه توفى متأثرا بتهشم فى الجمجمة.
أما هيثم الرفاعى فيروى مأساة سقوط بعض أصدقائه الجالسين بالمقاعد المجاورة له، فقال: عماد صاحبى مات، وكنت قاعد بتكلم معاه وقاعدين نهزر وبعد كده عرفت إنه مات، واستطرد هيثم: مين يجيب حق عماد اللى مات واحنا كنا قاعدين بنهزر؟
فيما يقول أحمد مجند من سوهاج: محمود صاحبى مات وده من القرية اللى جنبنا، وكان بيقول يارب نخلص جيشنا على خير علشان الواحد يشوف مستقبله ويشق طريقه، وكان بيقول امتى الـ 3 سنين دول يعدوا على خير.