لا تنتهي مشاكل الدراسة، وتعلم الحروف الأبجدية ومحاولة كتابتها، بعض الأطفال يجلسون في أماكنهم منتبهين لتوجيهات المعلمة بالفصل، وبالتالي يستجيبون لمحاولات الأم في البيت أيضاً لتدريبهم على النطق والكتابة. وآخرون، وهم كُثر، نجدهم مُشتتي الانتباه، يكتبون ببطء ولا يجلسون على الكرسي دقيقة واحدة، وتصرفاتهم يغلب عليها طابع الاندفاع في المدرسة كانوا أو بصحبة أمهاتهم!
القضية تمثل خطورة كبيرة عند بداية دخول الطفل إلى المدرسة، وكل الخوف أن تستمر معه لتصبح أسلوبه في تحصيل الدروس بالمدرسة أوعند متابعتها بالبيت...
عرضنا المشكلة على أخصائية الأطفال الدكتورة إبتهاج طلبة الأستاذة بكلية رياض الأطفال بالقاهرة، ومعها استمعنا إلى سبل العلاج.
حواس طفلك هي الميزان
ترى الدكتورة إبتهاج أن التقليل من تشتيت الطفل وجعله أكثر تركيزاً أثناء التحصيل يحتاج إلى الجلوس والهدوء، وكأنه يتناول طعامه، إذ يجب إثارة وتنبيه حواس الطفل كلها؛ لأداء هذه المهمة وتخفيف تشتت كل حاسة لدى الطفل كما يلي:
أولاً- حاسة البصر
يجب التواصل مع الطفل بعينين منتبهتين تركزان في عينيه مباشرة، ولا تسمحان بتشتتهما هنا وهناك، وأن يكون مكتبه فارغاً من المشتتات البصرية من أشياء ملونة أو براقة أو ألعاب، مع التقليل من الأدوات المكتبية قدر المستطاع، خاصة المزركشة، والتي تحدث صوتاً أو التي بها أزرار يمكن أن يضيع الوقت في ضغطها لفتحها وغلقها.
ثانياً- حاسة السمع
يجب أن تتم المهمة بشكل جهري كالقراءة مثلاً مع تغير نغمات الصوت وانفعالاته بشكل يجذب الانتباه، ويمتع السامع في نفس الوقت، مع خلو المكان من أي مشتتات سمعية أو أشياء تصدر أصواتاً، ولو حتى غطاء القلم الذي يضغط فيحدث صوتاً، والاهتمام بإعداد ملخص بعد الانتهاء من كل جزئية تم شرحها، واسترجاع ملخصها مرة أخرى، ثم سؤاله عما استوعبه أو فهمه أو استمتع به مما قيل.
ثالثاً- حاسة اللمس
يجب أن يتم التشجيع والترغيب باللمس عن طريق الربت على الكتف أو اليد أو التمليس على الشعر كل فترة؛ لتنبيه حاسة اللمس عند طفلك؛ في المنزل يجب عدم جلوس الطفل في المرحلة الأولى للدراسة أكثر من 15 دقيقة متصلة للمذاكرة، بعدها يمكن أن يستريح ويسترخي كمشاهدة التليفزيون أو اللعب، واحرصي على تفريغ الطاقة المكبوتة لديه أثناء المذاكرة بعمل بعض المجهود الحركي مثل التمرينات الرياضية أو شراء شيء، أو الجري في المكان، أما المدرسة فيجب أن يلفت النظر إلى:
1- أن يكون مقعد ولدك في مكان متقدم في الصفوف الوسطى بما يسمح أن يحدث تواصلاً بالأعين مع المعلمة باستمرار يجعله يستبعد فكرة أن يسرح أو يشرد بعيداً، وبدون إشعاره بأنه مراقب.
2- لابد من إقناعها بالتعامل معه بحكمة وصبر دون استعجال أو مقارنة بينه وبين زملائه، ومنحه وقتاً أكبر لأداء مهامه عن الآخرين.
3- لابد من مكافأته بشكل لطيف على أي إنجاز يحرزه وعدم الشكوى أو التبرم منه؛ ليحدث التطور المطلوب.
4- لابد أن تجعل له المعلمة الأولوية في النشاط الحركي داخل الفصل؛ فتسند له مهمة إحضار الكراسات من حجرة المدرسات أو تنظيف السبورة مثلاً.
5- لابد من الاتفاق والتفاهم مع المعلمة بهدوء على أن طبيعة سن الطفل تسمح بأن يكون كثير الحركة، فلا داعي لتوبيخه أو تقريعه؛ كي لا ينفر من الدراسة. فهو ذكي ومتفوق وينبغي تنمية ذكائه وقدراته.
وماذا عن بطء حركته، وعدم إحساسه بالوقت؟
تجيب الدكتورة إبتهاج طلبة: يمكن شراء منبه أو ساعة إيقاف وضبطها عندما يعمل أي عمل. وليكن مشاهدة التليفزيون، أو عمل الواجب بحيث تقدرين لهذه المهمة وقتاً معيناً فتعطي الساعة تنبيهاً عند نفاد الوقت للانتقال إلى المهمة التالية، وهي اللعب بالمكعبات مثلاً، وهكذا يكافأ عندما يكون معدل أدائه مناسباً للساعة، أي حينما ينتهي قبل الموعد المحدد له.
عدم قدرته على الرواية من جديد!
هنا الأمر يحتاج إلى خبرة وممارسة وتدريب، وتتم من خلال قراءة القصص معاً ثم حكايتها، وسؤاله عما أحبه منها مرة ثالثة.. ويوماً بعد يوم ستشعرين بتقدم طفلك، وما عليك سوى الصبر والهدوء في تعاملك معه؛ لتجني ثمار تفوقه.