تفسير الايه 44 من سوره البقره
تفسير الايه 44 من سوره البقره
قال سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}.. (البقرة:44).
وردت هذه الآية في سياق تذكير بني إسرائيل بنعم الله عليهم، وبيان ما كان من أمرهم؛ والغرض من الآية - والله أعلم - بيان حال اليهود، ومن كان على شاكلتهم، وسار على سَنَنِهم، على كمال خسارهم، ومبلغ سوء حالهم، الذي وصلوا إليه؛ إذ صاروا يقومون بالوعظ والتعليم، كما يقوم الصانع بصناعته، والتاجر بتجارته، والعامل بعمله، لا يقصدون إلا إيفاء وظائفهم الدينية حقها، ليستحقوا بذلك ما يُعَوَّضون عليه من مراتب ورواتب؛ فهم لا ينظرون إلى حال أنفسهم تجاه تلك الأوامر التي يأمرون بها الناس .
والمراد بـ {النَّاسَ} في الآية، العامة من أمة اليهود؛ والمعنى: كيف تأمرون أتباعكم وعامتكم بالبر وتنسون أنفسكم؟ ففيه تنديد بحال أحبارهم، أو تعريض بأنهم يعلمون أن ما جاء به رسول الإسلام هو الحق، فهم يأمرون أتباعهم بالمواعظ، ولا يطلبون نجاة أنفسهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: أتنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة، والعهدة من التوراة، وتتركون أنفسكم، وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي .
و{الْبِرِّ} بكسر الباء: الخير في الأعمال في أمور الدنيا وأمور الآخرة؛ ومن المأثور قولهم: البر ثلاثة، بر في عبادة الله، وبر في مراعاة الأقارب، وبر في معاملة الأجانب .
ثم إن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر، لا بسبب الأمر بالبر؛ ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قومًا كانوا يأمرون بأعمال البر، ولا يعملون بها، ووبَّخهم به توبيخًا يتلى إلى يوم الناس هذا؛ إذ إن الأمر بالمعروف واجب على العالِم، والأولى بالعالِم أن يفعله مع من أمرهم به، ولا يتخلف عنهم، كما قال شعيب عليه السلام لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود:88) فكلٌّ من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر، على أصح قولي العلماء من السلف والخلف .
و(النسيان) في قوله جلَّ وعلا: {وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} هو الترك، أي: تتركون أنفسكم بإلزامها ما أمرتم به غيركم؛ والنسيان (بكسر النون) يكون بمعنى الترك، وهو المراد هنا، ومثله قوله تعالى: {نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (التوبة:67) وقوله أيضًا: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} (الأنعام:44) وما أشبه ذلك من الآيات؛ ويكون خلاف الذكر والحفظ .
وقوله سبحانه: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} استفهام عن انتفاء تعقُّلهم، وهو استفهام على سبيل الإنكار والتوبيخ، نزلوا منـزلة من انتفى تعقله، فأنكر عليهم ذلك، إذ إن من يستمر به التغفل عن نفسه، وإهمال التفكر في صلاحها، مع مصاحبة شيئين يذكِّرانه، قارب أن يكون منفيًا عنه التعقل، وكون هذا الأمر أمرًا قبيحًا لا يشك فيه عاقل.
وأخيرًا: نختم حديثنا حول هذه الآية، بقول إبراهيم النخعي: إني لأكره القصص لثلاث آيات، قوله تعالى: {َتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرّ} وقوله: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2) وقوله: {َمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود:88) نسأل الله أن يجعلنا من الذين يفعلون ما يؤمرون {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود:88) .
المصدر: موقع إسلام ويب
قال سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}.. (البقرة:44).
وردت هذه الآية في سياق تذكير بني إسرائيل بنعم الله عليهم، وبيان ما كان من أمرهم؛ والغرض من الآية - والله أعلم - بيان حال اليهود، ومن كان على شاكلتهم، وسار على سَنَنِهم، على كمال خسارهم، ومبلغ سوء حالهم، الذي وصلوا إليه؛ إذ صاروا يقومون بالوعظ والتعليم، كما يقوم الصانع بصناعته، والتاجر بتجارته، والعامل بعمله، لا يقصدون إلا إيفاء وظائفهم الدينية حقها، ليستحقوا بذلك ما يُعَوَّضون عليه من مراتب ورواتب؛ فهم لا ينظرون إلى حال أنفسهم تجاه تلك الأوامر التي يأمرون بها الناس .
والمراد بـ {النَّاسَ} في الآية، العامة من أمة اليهود؛ والمعنى: كيف تأمرون أتباعكم وعامتكم بالبر وتنسون أنفسكم؟ ففيه تنديد بحال أحبارهم، أو تعريض بأنهم يعلمون أن ما جاء به رسول الإسلام هو الحق، فهم يأمرون أتباعهم بالمواعظ، ولا يطلبون نجاة أنفسهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى الآية: أتنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة، والعهدة من التوراة، وتتركون أنفسكم، وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي، وتنقضون ميثاقي، وتجحدون ما تعلمون من كتابي .
و{الْبِرِّ} بكسر الباء: الخير في الأعمال في أمور الدنيا وأمور الآخرة؛ ومن المأثور قولهم: البر ثلاثة، بر في عبادة الله، وبر في مراعاة الأقارب، وبر في معاملة الأجانب .
ثم إن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر، لا بسبب الأمر بالبر؛ ولهذا ذم الله تعالى في كتابه قومًا كانوا يأمرون بأعمال البر، ولا يعملون بها، ووبَّخهم به توبيخًا يتلى إلى يوم الناس هذا؛ إذ إن الأمر بالمعروف واجب على العالِم، والأولى بالعالِم أن يفعله مع من أمرهم به، ولا يتخلف عنهم، كما قال شعيب عليه السلام لقومه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود:88) فكلٌّ من الأمر بالمعروف وفعله واجب، لا يسقط أحدهما بترك الآخر، على أصح قولي العلماء من السلف والخلف .
و(النسيان) في قوله جلَّ وعلا: {وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ} هو الترك، أي: تتركون أنفسكم بإلزامها ما أمرتم به غيركم؛ والنسيان (بكسر النون) يكون بمعنى الترك، وهو المراد هنا، ومثله قوله تعالى: {نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (التوبة:67) وقوله أيضًا: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} (الأنعام:44) وما أشبه ذلك من الآيات؛ ويكون خلاف الذكر والحفظ .
وقوله سبحانه: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} استفهام عن انتفاء تعقُّلهم، وهو استفهام على سبيل الإنكار والتوبيخ، نزلوا منـزلة من انتفى تعقله، فأنكر عليهم ذلك، إذ إن من يستمر به التغفل عن نفسه، وإهمال التفكر في صلاحها، مع مصاحبة شيئين يذكِّرانه، قارب أن يكون منفيًا عنه التعقل، وكون هذا الأمر أمرًا قبيحًا لا يشك فيه عاقل.
وأخيرًا: نختم حديثنا حول هذه الآية، بقول إبراهيم النخعي: إني لأكره القصص لثلاث آيات، قوله تعالى: {َتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرّ} وقوله: {لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2) وقوله: {َمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (هود:88) نسأل الله أن يجعلنا من الذين يفعلون ما يؤمرون {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود:88) .
المصدر: موقع إسلام ويب
إظهار التوقيع
توقيع : محبه لله
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
إظهار التوقيع
توقيع : Frawla
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
إظهار التوقيع
توقيع : عہآزفہه علے آوتہآر آلنہسہيآن
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
إظهار التوقيع
توقيع : SHARMOON
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
إظهار التوقيع
توقيع : محبه لله
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
إظهار التوقيع
توقيع : محبه لله
التوقيع لا يظهر للزوار ..
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
رد: تفسير الايه 44 من سوره البقره
إظهار التوقيع
توقيع : محبه لله
التوقيع لا يظهر للزوار ..
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | ||
| سوره الطارق تفسير سوره الطارق | هبه شلبي | القرآن الكريم | ||
| تفسير الايه من 3/1 من سوره العلق | محبه لله | القرآن الكريم | ||
| هيا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن - الجزء 29 | حبيبة أبوها | العقيدة الإسلامية | ||
| *تفسير سورة النســـاء كاملة* | أم أمة الله | القرآن الكريم | ||
| تفسير سورة البقره من الايه 31الى 40 | قصرالاحلام | القرآن الكريم | ||
الساعة الآن 05:15 AM
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع