الجلوس عند الشرب ..
( سنّة مهجورة )
الأفضل في الأكل والشرب أن يكون الإنسان قاعدا ؛ لأن هذا هو هدي
النبي صلى الله عليه وسلم - ، ولا يأكل وهو قائم ولا يشرب وهو قائم .
أما الشــرب وهو قائم فإنه صــح عن النبي - صلى الله عليه وســـــلم -
أنه نهى عن ذلك . وسئل أنس بن مالك عن الأكل قال : ذاك أشر وأخبث
يعني معناه أنه إذا نهى عن الشــــرب قائما فالأكل قائما من باب أولي .
لكـــــن في حديث ابن عمــــر الذي أخـــرجه الترمــذي وصححه قــــال :
(( كــــنا في عـهـد النبي - صلى الله عليه وســـلم - نأكــل ونحــن نمشي
ونشرب ونحن قيــام )) . فهــذا يدل على أن النهي ليــس للتحـــريم ولكنه
لترك الأولى ، بمعنى أن الأحسن والأكمل أن يشرب الإنســان وهو قاعد
وأن يأكل وهو قاعد ولكن لا بأس أن يشرب وهو قائم وأن يأكل وهو قائم
، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عبــــاس - رضي الله عنهما - قال :
(( سقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم فشرب وهو قائم )) .
فالحاصل أن الأكمــل والأفضل أن يشرب الإنسان وهو قاعد ويجـــوز
الشرب قائما ، وقد شرب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قائما ،
وقال : (( إن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت )) ،
فدل ذلك على أن الشرب قائما لا بأس به ، لكن الأفضل أن يشرب قاعدا .
بقي أن يقال : إذا كانت البرادة في المسجد ودخل الإنسان المسجد ،
فهل يجلس ويشرب أو يشرب قائما ؟
لأنه إن جلس خالف قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
(( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين )) ،
وإن شرب قائما ترك الأفضل فنقول الأفضل أن يشرب قائما لأن الجلوس
قبل صلاة الركعتين حرام عند بعض العلماء ، بخلاف الشرب قائما
فهو أهون ، وعلى هذا فيشرب قائما ثم يذهب ويصلي تحية المسجد ))
انتهى .
(( شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين لفضيلة الشيخ :
محمد بن صالح العثيمين / ج : 2 / ص 606 - 610 )) ..