خسائر الشركات المصرية في السوق الليبي
مصر تفقد 6.2 مليار دولار سنوياً بسبب إرهاب "داعش" والميليشيات المسلحة
أصاب رصاص الكراهية في الأراضي الليبية الاقتصاد المصري عندما حرمه من سوق ضخم كبير يستوعب 6.2 مليار دولار صادرات سنوية رصدها تقرير التجارة الخارجية في العام المالي الماضي.
تسببت سيطرة الإرهابيين علي عدد من المناطق الليبية وخطورة النقل علي الطرق الرئيسية في توقف تام للصادرات المصرية إلي ليبيا بعد تواجد جيد تجاوز الربع قرن.
الأزمة حادة والخسائر ضخمة والمشكلة تتجاوز قصة المليوني عامل المجبرين علي العودة، إذ اننا سنفقد لفترة غير قصيرة سوقا هاما ورئيسيا ومتنوعا وسهلا للمنتجات المصرية.
بعد اشتعال الحرب اضطرت مصر إلي إغلاقها منفذ تسيير الحافلات التجارية فتوقفت إمدادات مصانع عديدة تعمل في إنتاج الألبان والدواجن والمستلزمات الطبية والمنسوجات والمفروشات والأثاث تماماً عن ضخ منتجاتها إلي السوق الليبي.
وطبقاً لبيانات مجلس الأعمال المصري- الليبي فإن هناك أكثر من 190 مصدر كانوا يعملون بشكل دائم مع السوق الليبي، وطبقاً لناصر بيان رئيس المجلس فإن حجم الصادرات المصرية الفعلي لذلك السوق يتجاوز الرقم المعلن من جانب وزارة التجارة والصناعة ليصل إلي نحو 8 مليارات دولار، وذلك بسبب وجود تجارة غير مسجلة عبر الحدود، ووجود تجارة ترانزيت تتم عن طريق استيراد مستوردين مصريين لسلع من دول آسيا وإعادة تصديرها مرة أخري إلي ليبيا.
إن إجمالي الصادرات المصرية يبلغ طبقاً لبيانات وزارة التجارة نحو 147 مليار جنيه، أي ما يقترب من 20 مليار دولار، ومعني ذلك ان السوق الليبي وحده يستوعب ربع الصادرات المصرية.
من هنا كانت تلك الأزمة سبباً في طرح بعض المصدرين مبادرات سريعة وعاجلة للبحث عن أسواق بديلة للسلع المصرية.
إننا لم نتجه بعد جنوباً في افريقيا بالقدر الكافي رغم عضوية مصر بتجمع الكوميسا الاقتصادي التي تمنحها إعفاء جمركياً تاماً لـ21 دولة أعضاء بالتجمع، فرغم مرور 13 سنة علي عضوية مصر في تجمع الكوميسا فإن إجمالي قيمة الصادرات بلغ 2.2 مليار دولار وهو ما يمثل ثلث الصادرات المصرية إلي ليبيا، وطبقاً لشهادة الدكتور وليد هلال رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية فإن دولاً مثل كينيا وأوغندا واثيوبيا كانت من أكثر الدول استيراداً من مصر خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات وإهمالها أدي إلي دخول دول أخري مثل الصين والهند بقوة والاستحواذ بشكل كبير علي تلك الأسواق.
والمطلوب لاسترداد تلك الأسواق التركيز علي دعم الشحن إلي أسواق افريقيا التي تعاني من مشكلة كبيرة في هذا الشأن انه من الغريب أن يذكر «هلال» ان تكلفة التصدير إلي افريقيا أعلي منها إلي أوروبا لعدم انتظام الخطوط الملاحية، ويري ان هناك فرصا جيدة لتسويق الأسمدة والبلاستيك والسلع الكيماوية والأجهزة المنزلية والملابس في تلك الأسواق، فضلاً عن منتجات الأثاث ومواد البناء والمقاولات.
أما مدحت القيسي رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية- البولندية فطالب بضرورة العودة لاستهداف أسواق شرق أوروبا التي ظلت عقوداً طويلة مفتوحة للمنتجات المصرية بمختلف نوعياتها.
ويتحدث «القيسي» عن بولندا باعتبارها دولة ناهضة وواعدة، مؤكداً ان وصول الصادرات المصرية إلي ذلك السوق إلي 90 مليون دولار لا يعكس قوة العلاقات التاريخية خاصة ان مصر تجاوزته خلال عقدي الستينيات والسبعينيات حين كان التصدير يتم بنظام الصفقات المتكافئة.
وفي ظن السفير جمال البيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق لشئون اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي اننا لم نستفد بشكل جيد من كثير من الاتفاقات التجارية التي عقدناها مع الدول والتجمعات الاقتصادية ومن بينها تجمع الميركسور الذي يضم البرازيل والأرجنتين وأوروجواي وباراجواي.
ويضيف: لقد وقعت مصر في 2025 اتفاقاً للتجارة الحرة مع تلك الدول ولم تحقق صادرات مصر أي استفادة حقيقية، حيث تزيد صادرات دول الميركسور إلي مصر علي 4 مليارات دولار، بينما لا تتخطي قيمة الصادرات مائتي مليون دولار.
ويواصل السفير «البيومي»: بعض المصدرين ومسئولي وزارة التجارة يقولون ان السبب في غياب أسواق الميركسور عن خريطة التصدير المصرية هو بعد المسافة وفات هؤلاء ان المسافة لم تكن عائقاً لتصدر دول الميركسور إلي مصر سلع، ومنتجات بأكثر من 4 مليارات دولار.
ويؤكد رجال الأعمال ان استعادة الأسواق المنسية تتطلب تعاوناً رسمياً وغير رسمي لعمل اتفاقات تجارية تسمح بتدفق السلع بدون حواجز جمركية، كما يطالبون بتوفير دعم مباشر لعدة بعثات ترويجية ودراسات سوق لتلك الدول.
ويري حامد موسي رئيس جمعية مصنعي البلاستيك «ابيما» ان دخول السلع المصرية إلي أسواق جديدة يحتاج إلي دراسات وافية واتصالات مباشرة مع المستوردين في الدول المستهدفة.
الوفد