تمهيد
لقد كانت خطبة الوداع - التي تخللت شعائر الحج - ل قاء بين أمة و رسولها؛ كان لقاء توصية و وداع.
توصي َ ة رسول لأمته، لخص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها
صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامة، بعد أن أدى الأمانة و بلَّغ الرسالة ونصح للأمة
في أمر دينها ودنيه ا..وما أر وعها من ساعة تلك التي اجتمع فيها من أرسله الله رحمة للعالمين مع
الجموع المؤلفة خاشعين متضرعين، وكلهم آذان صاغية لكلمات الوداع و كلمات من لا ينطق عن
الهوى كلمات تجد صداها عند كل من يستمع لها، لأنها تخرج من القلب إلى القلب.
المناسبة والظروف
ألقاها الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة من جبل الرحمة و قد نزل فيه الوحي
مبشرًا أنه "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينًا "
نص الخطبة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أع مالنا من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدًا عبده و رسوله.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله و أحثكم على طاعته و أستفتح بالذي هو خير . أما بعد أيها الناس اسمعوا
مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.
أيها الناس إن دماءكم و أعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في
بلدكم هذا – ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليه ا.وإن ربا
الجاهلية موضوع، و لكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون و لا تظلمون وقضى الله أنه لا ربا. و إن أول
ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب.
وإن دماء الجاهلية موضوعة، و إن أول دم نبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب
وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر
و فيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية – ألا هل بلغت اللهم فاشهد