لأخلاق رمز الشّعوب وعنوان الحضارات الراقية، حثّت جميع الأديان عليها، وكانت أساس المعاملة بين النّاس. يقول أحمد شوقي في إحدى قصائده:
إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت ***- فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
فما هي الأخلاق التي حرص الإسلام على تخلّق المسلم بها؟
الأخلاق في الإسلام هي العادات والتصّرفات والسّلوكيّات والآداب الحسنة التي حثّنا الإسلام على الإلتزام بها، وقد كان رسولنا الكريم "محمّد صلّى الله عليه وسلّم" قدوتنا في ذلك، فهو أكمل البشر أجمعين خلقاً؛ يقول تعالى: "وإنّك لعلى خلق عظيم" (سورة القلم: 4)، وقد كانت الغاية من رسالة الله سبحانه وتعالى له عن طريق رسولنا الكريم تتلّخص في مكارم الأخلاق الحميدة؛ قال رسول الله "صلّى الله عليه وسلّم": "إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
وقد فرض الإسلام علينا الإلتزام بالأخلاق الحميدة، وقد كان جزاء من يلتزم بها الجنّة والفردوس الأعلى، لما لها من تأثير عن الفرد نفسه وعلى بقيّة المجتمع ككلّ؛ يقول تعالى: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنّة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، الذين ينفقون في السرّاء والضرّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين". (آل عمران: 133 - 134). ولذلك على المسلم التقيّ الإتّصاف بأجمل الصّفات والأخلاق الحسنة، وأن يتّخذ رسولنا الكريم قدوته في ذلك.
ومن مكارم الأخلاق التي على المسلم أن يتحلّى بها؛ الحياء، والصّبر، والصدق، وتقوى الله ومخافته، والأمانة، والوفاء، والكرم، والإيثار، والعدل، حفظ اللّسان، والعفّة، والتّعاون، والرحمة، والبرّ، والقناعة بما قسم الله وأعطى، والإحسان للغير، والشّكر، والشجاعة، والمروءة.
فالحياء من أجمل الأخلاق التّي يتحلّى بها المسلم، وهو لا يعني الخجل بقدر ما يعني الخجل من عمل ما يغضب الله سبحانه وتعالى، ويكون الحيي حيّ الضمير، ومتواضعاً، وشخصاً هادئاً مستكيناً؛ يقول "صلّى الله عليه وسلّم" في هذه الصفة: "لكلّ دين خلقاً وخلق الإسلام الحياء".
الصّبر من أروع الأخلاق كذلك، وقلّة من استطاع أن يتحلّى بهذا الخلق في كلّ نوائب حياته. فالصّبر عند المصائب والنوائب من أجلّ صفات الإنسان المسلم الحقّ، فمن صبر على كرب أصابه جازاه الله جلّ وعلا وكافأه من عنده سبحانه؛ يقول تعالى: "وبشّر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". (سورة البقرة: 155-157)
أمّا الصدق وهو من مكارم الأخلاق أيضاً، وقد كانت الصفة الأولى التي عرف بها رسولنا الكريم بين قومه، فلّقب بـ "الصّادق الأمين". والصّدق هو علامة الصّلاح، وقد كان حجّة الأنبياء أمام أقوامهم ليصدّقوهم، كما أنّ الصدق يعين الإنسان المسلم في كلّ حوائجه، ويفتح له أبواب الفرج؛ يقول "صلّى الله عليه وسلّم: "إنّ الصدق يهدي إلى البرّ, وإنّ البرّ يهدي إلى الجنّة, وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً".