كان الناس في أول الإسلام يجتمعون حول الكعبة،ويتبادلون الأحاديث. وجلس ذات يوم ثلاثة رجال يتحدّثون عن كرماء الإسلام. قال الرّجل الأول: أكرم الناس عبد الله بن جعفر، وقال الثّاني، أكرم الناس عرّابة القوسي، وقال الثالث: أكرم الناس قيس بن سعد.
اختلف الرجال الثلاثة، وارتفعت أصواتهم. الأول يقول: عبدالله أكرم. والثاني يقول:عرّابة أكرم. والثالث يقول: قيس أكرم. سمع الناس مناقشة الرجال الثلاثة، فقالوا لهم: اذهبوا إلى أصحابكم، أمتحنوهم، ثم ارجعوا إلينا وأخبرونا بما فعل أصحابكم، لنحكم بينكم!.
ذهب الرجل الأول إلى بيت عبد الله بن جعفر. وجده أمام البيت يستعدّ ليركب جمله، ويذهب إلى أرضه. قال الرجل لعبد الله:يا ابن عمّ رسول الله! انا ابن سبيل... ولا أهل لي... نزل عبد الله من فوق جمله، وقال للرجل: اركب جملي هذا.. وخذ ما في الحقيبة.. وخذ هذا السّيف أيضا... هو سيف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
رجع الرجل إلى الكعبة. فتح الناس الحقيبة فوجدوا فيها ملابس ودنانير كثيرة... وسيف علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ذهب الرجل الثاني إلى بيت قيس بن سعد. قالت له الخادم: قيس نائم. ماذا تطلب؟ قال:أنا ابن سبيل.. ولا أهل لي... قالت الخادم للرجل:خذ هذا الكيس، فيه سبعمائة دينار. هي كل ما عند سيّدي. ثم أعطته جملا... شكر الرجل الخادم وذهب. استيقظ قيس، فأخبرته الخادم بما فعلت، فسرّ لتصرّفها وشكرها. رجع الرجل إلى الكعبة يقود الجمل ويحمل الدنانير.
ذهب الرجل الثالث إلى بيت عرّابة، فوجده أمام البيت، يريد أن يذهب إلى المسجد للصلاة... كان عرّابة أعمى يعتمد على خادم يقوده إلى المسجد. قال الرجل:يا عرّابة أنا ابن سبيل ولا أهل لي.
قال عرّابة خذ هذا الخادم... هو كل ما أملك. ثم سار عرّابة يتحسس الجدار ليصل إلى المسجد... أخذ الرجل الخادم، ورجع إلى الكعبة.
تجمّع الناس حول الرجال الثلاثة... حكى الرجل الأول قصّته... وحكى الثاني قصّته... حكى الرجل الثالث قصّته...
فهل تعرفون ماذا كان حكم الناس؟!
قال الناس:أصحابكم جميعا كرماء... وعرّابة أكرم الرجال؛ لأنّه أعطى كل ما عنده رغم شدّة حاجته إليه!