الصيام أثناء الحمل في شهر رمضان ، ملف متكامل ، الحمل و الصوم في شهر رمضان
مع دخول شهر رمضان الكريم يتبادر إلى أذهان العديد من السيدات الحوامل أسئلة تخص الصيام خلال فترة الحمل وما له من فوائد و أضرار، في هذا المقال سوف نأخذ جولة سريعة نحاول فيها الإجابة على هذه التساؤلات الشائعة بناء على أحدث الدراسات العلمية والطبية، وذلك حرصًا على ما أمرنا به ديننا الكريم من أخذ بالأسباب وصون لصحة وسلامة الإنسان المسلم الذي هو وحدة بناء المجتمع المسلم.
الصيام وأنت حامل .. بداية القصة:
تبدأ القصة بخبر سعيد يتمناه أي زوجين بقرب مجيء عضو جديد لأسرتهم الصغيرة، وتمر الأيام ويتقدم الحمل حتى يصل الوقت إلى قرب شهر رمضان، وهنا تبدأ العديد من التحديات تظهر لدى السيدة الحامل.
و من أهم التحديات التي تواجه الحوامل في رمضان:
* الخوف من تأثير الصوم السلبي على الجنين.
* عدم الرغبة في تفويت الشعائر الروحانية الخاصة بصيام الشهر الكريم.
* تعويض أيام الإفطار بعض رمضان يمثل صعوبة لأن صوم الشخص بمفرده في أيام عادية يكون أصعب من صومه ضمن طقس جماعي في الشهر الكريم.
الحمل والصوم في شهر رمضان:
فيما يخص العلاقة بين الحمل وصيام رمضان، فإن هناك العديد من الاختلافات في نتائج الدراسات الطبية التي تبحث تأثير الصيام على الحمل، وترجع هذه الاختلافات إلى وجود عدة عوامل يتداخل تأثيرها لتكوين العلاقة النهائية بين الصيام والحمل.
ومن أهم هذه العوامل التي تؤثر على نتائج الدراسات الطبية حول العلاقة بين الصيام والحمل:
1) توقيت رمضان بالنسبة للحمل: حيث إن الصيام في الشهور الأولى من الحمل يكون له تأثير أكبر.
2) توقيت رمضان بالنسبة لفصول السنة: حيث إن الصيام في الشهور الصيفية يتسم بكون ساعات النهار طويلة مما يزيد من تأثير الصيام على الجسم.
3) معدل الصوم خلال الحمل: يختلف تأثير الصيام على الحمل وفقًا لمعدل الصوم؛ فبعض السيدات يصمن يوم وراء يوم لتخفيف عبء الصيام، والبعض الآخر يصمن الشهر بأكمله.
4) نمط التغذية: اختلاف نمط التغذية خلال فترة الإفطار والسحور يؤدي إلى اختلاف مستويات الطاقة على مدار اليوم من سيدة لأخرى، مما يخلق اختلاف في تأثير الصيام على الحمل.
5) الحالة الصحية العامة للحوامل: الاختلافات في المؤشرات الصحية الأساسية من سيدة لأخرى مثل الوزن ووجود أمراض مزمنة من عدمه يكون له يد في اختلاف تأثير الصيام على الحمل.
6) الحالة الصحية للحمل: قد يختلف وضع الحمل لدى نفس السيدة من حمل لآخر مما يصاحبه اختلاف في تأثر الحمل بالصيام.
تأثير الصيام على الحمل: من الآثار التي تصاحب الصيام خلال فترة الحمل :
1) زيادة معدل غثيان الحمل وما يصاحبه من قيء.
2) زيادة م
عدلات حدوث عدوى القناة البولية نتيجة انخفاض السوائل التي يحصل عليها الجسم.
3) انخفاض م
عدلات حركة الجنين نسبيًا كنتيجة لانخفاض مستويات السكر في الدم.
4) ارتفاع معدلات الكورتيزون الطبيعي لدى الأم.
5) يحدث بطء في نمو المشيمة، لكنه يعوض بزيادة كفاءة المشيمة مما يحافظ على إمداد الجنين بما يحتاجه.
6) ظاهرة الجوع المتزايد، وهي ظاهرة تحدث في السيدات الحوامل مع الصيام – خاصة عندما يتجاوز 12 ساعة – وترتبط بانخفاض مستويات الجلوكوز في الدم.
صيام الحامل … هل يشكل ضررًا على الجنين ؟
بعد الآثار التي ذكرناها بالأعلى ربما يتبادر للأذهان سؤال عما إذا كان الصيام يشكل ضررًاعلى الجنين أم لا؟؟ حسنًا … ربما الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة؛ حيث لا يوجد إجابة واحدة قاطعة تناسب كل حالات الحمل . تشير بعض الدراسات إلى أن السيدات الحوامل في الثلثين الثاني والثالث واللاتي تكون حالتهن الصحية العامة جيدة لا يحدث لديهن خلال صيام شهر رمضان أي تأثير سلبي على نمو الجنين. على جانب آخر تشير دراسات أخرى إلى ارتفاع احتمالات الجنين ذي الوزن المنخفض بمقدار مرة ونصف في السيدات اللاتي يتصادف صيامهن مع الثلث الأول من الحمل.
هل من الآمن صيام الحامل في رمضان ؟ تتوقف إجابة هذا السؤال على عدة عوامل تشمل:
* الحالة الصحية العامة للحامل قبل بدأ الحمل.
* وزن الحامل وتناسبه مع طولها.
* شهر الحمل الذي يتصادف مع الصيام.
* صيام رمضان بأكمله في مقابل صيام جزء من الشهر.
* وجود سوء تغذية أو أنيميا من عدمه.
* وجود مرض السكري لدى الحامل من عدمه.
* وجود أمراض مزمنة في القلب أو الكلى أو الكبد.
* وجود أي نوع من أنواع العدوى من عدمه
* وجود تاريخ صحي سابق للإجهاض المتكرر.
* وجود مضاعفات أثناء الحمل تمنع الصيام.
طريقه آمنة لصيام الحامل .. نصائح حول صيام الحامل في رمضان:
هناك عدة مبادئ يضمن اتباعها صيامًا آمنًا خلال فترة الحمل بإذن الله، وأهم هذه المبادئ :
1) رأي الطبيب المتابع للحالة ملزم: الطبيب المتابع للحمل يكون أكثر الأطباء دراية بتفاصيل الحالة الصحية للسيدة الحامل؛ لذا فإن منعه للصيام يكون إلزاميًا على السيدة الحامل، وهذا أيضًا من الناحية الدينية؛ حيث إن منع الطبيب المتابع للصيام يعني ضمنياً أن الصيام يمثل خطورة على حياة الأم أو جنينها أو كليهما، وهنا يصبح الالتزام بكلام الطبيب إجباريًا.
2) ليس بالضرورة صيام الشهر بالكامل: إذا كان الصيام بالنسبة للحامل ليس ممنوع فإنه يصبح مسألة اختيار و قدرة على التحمل، وليس بالضرورة أن تصوم السيدة الحامل الشهر بأكمله خاصة عندما يأتي رمضان في الصيف وما يعنيه ذلك من طول فترة الصيام.
3) الاستعداد دومًا لكسر الصيام: من أجل صوم آمن، يجب على السيدة الحامل أن تكون دومًا مستعدة لكسر الصيام وتناول طعام إذا ما شعرت بتدهور مفاجئ في حالتها الصحية العامة.
4) تنسيق مواعيد العمل: من العوامل المساعدة على الصوم الآمن خلال الحمل هو تنسيق مواعيد العمل للسيدات الحوامل بحيث تكون خلال فترة الإفطار إذا أمكن، أو تقليل ساعات العمل خلال الصوم قدر الإمكان؛ وذلك تجنبًا للتعرض لإرهاق زائد.
5) وجود الرخصة لحكمة: لقد أعطى الله سبحانه وتعالى للسيدات الحوامل رخصة بالإفطار إذا كانت حالتهم الصحية لا تسمح بالصوم، ولا بد أن هذا لحكمة يعملها الخالق؛ لذا لا داعي للعناد عندما يكون الأمر متصلاً بوجود خطر من الصوم على سلامة الحمل.
6) التغذية السليمة تساعد كثيرًا: أن تعويض فترة الصوم من خلال الالتزام ببرنامج تغذية صحية سليمة خلال فترة الإفطار يمثل عاملاً مهمًا للغاية في الصوم الآمن خلال الحمل، وهذا ما سنناقشه بتفصيل أكبر في الفقرة التالية.
غذاء الحامل في رمضان من الصيام: من أجل صيام آمن خلال الحمل ينبغي مراعاة هذه المبادئ الغذائية:
1) الحرص على تناول قدر من الكربوهيدرات البسيطة في الإفطار؛ حيث إن هذا النوع من الكربوهيدرات يضمن إمداد الجسم ببعض الطاقة قصيرة المدى بعد انتهاء فترة الصيام مباشرة، وتشمل هذه الكربوهيدرات البسيطة ( العصائر الطازجة – الفواكه – الحلوى )، ولكن ينبغي عدم الإسراف في هذا النوع من الكربوهيدرات.
2) إمداد الجسم باحتياجاته من الفيتامينات والأملاح المعدنية المتنوعة؛ وذلك من خلال الخضروات الطازجة والفواكه ودمجها في وجبة الإفطار بكثرة من خلال السلطات والمسليات الصحية.
3) شرب كميات كافية من المياه، وذلك على مدار فترة ما بعد الإفطار لتعويض نقص السوائل في الجسم.
4) تجنب الوجبات الدهنية؛ وذلك لما تسببه من تخمة بدون فائدة صحية ذات قيمة.
5) الحرص على تناول الألبان بانتظام.
6) عدم الإسراف في تناول المكسرات المختلفة.
7) الحرص على تناول الكربوهيدرات المعقدة في وجبة السحور؛ حيث إن هذا النوع من الكربوهيدرات يضمن إمداد الجسم بالطاقة لفترة طويلة خلال الصيام مما يساعد على تنظيم مستويات السكر بالدم لأطول فترة ممكنة خلال الصيام، وتشمل هذه الكربوهيدرات المعقدة (خبز القمح، المكرونة، الفول، الأرز).
هكذا يتضح لنا كيف أن مسألة الصيام خلال الحمل مسالة دقيقة يجب أن تتم تحت إشراف ومساعدة الطبيب المتابع للحالة، وذلك من أجل التمتع بممارسة الشعائر الروحانية الخاصة بالشهر الكريم دون قلق بشأن سلامة الحمل. مع خالص دعواتنا بصيام مقبول و حمل آمن إن شاء الله.