احضر ورقة واكتب في أعلاها هدفك وهو
"أنا أحفظ القرآن كاملاً بعون الله"
ولكي يتحقق الهدف عليك بأربعة أمور أساسية لابد من توفرها للحافظ وهي كالتالي:
أولاً: لا تشك أبداً بأنك لن تحفظ وتأكد من نفسك أنك ستحقق هذا الهدف، الرجاء هذا الجانب لا يهمل
إطلاقاً.
ثانيا: ضع لنفسك نموذج، أي إنسان يكون قدوة ولا أحد أجدر بالقدوة من رسولنا الكريم محمد
فى القرآن الكريم وامورنا كلها.
ثالثاً: دون كل ما سيحدث إن حفظت القرآن،من تذكر ثواب الحفظ وتذكر قول الله (اقرأ وارتق ورتل كما
كنت ترتل ... الحديث"
رابعاً: كلما حفظت وتقدمت في الحفظ قدم لنفسك هدية فعندما تحفظ سورة البقرة قدم لنفسك هدية عينية
حتى تواصل الحفظ.
العوامل المؤثرة
جميع الناس تحكمهم دوافعهم التي غرسوها في نفوسهم ، فنجد من يحصل على شهادة الدكتوراه ومن
يصبح مهندساً رائداً ومن يصبح طبيباً ناجحاً من بين أصدقائه الذين درسوا معه على الرغم من أنهم
تلقوا العلم الذي تلقى هو. فالدافع هو العامل المهم الذي يؤثر على النفس البشرية. دعنا نتخيل ونتصور
أن أحد أصدقائك طلب منك شخصياً أن تحفظ ألف صفحة كاملة في مدة قدرها أسبوع فقط، فإن مما
لاشك فيه تجد ذلك مستحيلاً تماماً، لأن ذلك يعد بالنسبة لديك متعب ومرهق، ولكن افترض لو قال لك لو
حفظت تلك الصفحات، منحتك جائزة قدرها عشرة ملايين، فماذا ستصنع؟ إنه العامل الخارجي المؤثر،
فلو وجد لديك عوامل خارجية محفزة كان ذلك أفضل والواقع يشهد أنك لن تجد خير من ((جَنَّةٍ عَرْضُهَا
السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ))إدارة الوقت
حتى نتمكن من الحفظ، لابد علينا أن نرتب أمورنا لنوفر لفترة الحفظ الوقت الكافي، فأفضل طريقة
لترتيب الأعمال هي عمل جدول فقبل أن تنام أحضر ورقتين، ورقة اكتب فيها جميع الأعمال التي ستقوم
بها في الغد ، وبعد ذلك في الورقة الأخرى ارسم جدول ذي ثلاثة أعمدة واكتب في رأس كل عمود ما
يلي : الأعمال المهمة ، الأعمال الأقل أهمية، والأعمال الغير مهمة، واكتب تحت كل عمود العمل الذي
يندرج تحته حسب أهميته. واجعل الحفظ في قائمة الأعمال المهمة. وقم بأعمالك حسب أهميتها. واعلم
هديت أن أفضل الأوقات للحفظ هي الأسحار، في الصباح، فقد قرأت أن قوة العقل على الحفظ في وقت
السحر من أربعة إلى ثمان ساعات وبراحة تامة وذلك لأن المعدة تكون خالية إلى حد ما وستعرف ما
هي أهمية أن تكون المعدة خالية.
المكان الأنسب للحفظ
ربما قد حددت المكان الذي ستحفظ فيه القرآن، ولكن لم تعطي اهتماماً بما يحويه هذا المكان من
مؤثرات تشد الانتباه، فعندما يكون المكان مجرد لا يحوي صوراً ولا أثاث ولا أصوات ، يكون الحفظ
أسهل لأنه لا يوجد هناك ما يشد الانتباه للنظر والتأمل فيه، فكثير من الناس يستلقي مثلاً ويبدأ في الحفظ
وبعد مدة ليست بالطويلة ينظر إلى السقف ويتأمل فيه ويسهو عن الحفظ، فالطريقة المثلى لاختيار
المكان هو أن تجلس أمام جدار أبيض نظيف كأن تجلس في أول المسجد وتوجه بنظرك في المقدمة،
ففي تركيا، لحفظة القرآن حجيرات يجلس الطالب فيها لوحده ويحفظ، ويشترط أن يكون المكان بعيداً عن
الأصوات، فالصوت يشد ويؤثر على العقل بشكل كبير، وأن يكون المكان ذو تهوية جيدة حتى يكون
الحافظ في أحسن حال غير متوتر ولا ضيق الصدر.
التنفس العميق
قبل الشروع في الحفظ تنفس بعمق،لأن بذلك التنفس تستنشق الأكسجين بشكل أكبر من العادة، فعندما
تتنفس بعمق، تكون نسبة الأكسجين المتنفسة أكبر، ويحمل الدم ذلك الأكسجين ويقوم القلب بضخة
للدماغ ، ويغذي الأكسجين الدماغ ويبدأ الدماغ بالعمل أفضل من السابق، تنفس ما يقارب ثلاثين مرة
بعمق قبل أن تحفظ. ولا تبدأ الحفظ بعد الأكل لأن الدم مشغول بعملية الهضم وأهمل الدماغ فهو لا يضخ
للدماغ إلا كميات قليلة فتجد الحفظ بعد الأكل مباشرة مرهق ومتعب لذلك فمن الأفضل أن تحفظ وأنت
فارغ المعدة أي في الصباح. وليس يعني أن تكون جائعاً، لأن الجائع يحتاج للطاقة للدماغ يحتاج للطاقة
ليحفظ، فيستهلك الدماغ ويستهلك الجسم كليهما في استخدام الطاقة الموجودة في الجسم من قبل فيؤدي
ذلك إلى الإرهاق
هيمنة التركيز
لا يخفى عليك قوة التركيز في حل المشاكل، فربما أردت حل مسألة في السابق ووجدتها معقدة، فبدأت
بالتركيز أكثر من ذي قبل، ثم وجدت نفسك بأنك استطعت أن تحلها. أعلم هُديت أن التركيز يحل نصف
المشكلة تماماً، فكلما ركزت على الصفحة أكثر، كلما قل الوقت والجهد، فعليك بالتركيز، وضع نصب
عينيك أن تركيز عشر دقائق خير من عشر ساعات فوضى بلا تركيز. وأفضل ما تصنعه كلما وجدت أنك
تسهو عن القرآن، هو أن تقول لنفسك بصوت مرتفع (ركّز) حتى يعود العقل للتركيز من جديد، فإن
وجدت أن هذا لا يجدي، قم من مكانك وقف دقيقة قرب المكان، فبهذه الطريقة تجد نفسك أنه لا يوجد
شيء ليشد انتباهك فتجد نفسك أنك تريد التكملة والتركيز كما سبق. و بعد مدة من الزمن ستجد نفسك لا
تسهو عند الحفظ لأن الرسالة تكرر على العقل الباطن وصدقها فمنحك تركيز أقوى وأكثر فعالية. وتذكر
ما تطرقنا له عندما تحدثنا عن المكان وما يحمله من تأثيرات على العقل تؤدي لشد الانتباه وتشتيت
التركيز.
التكرار
إن الطفل يخطئ في الصغر ومع التكرار يصبح قادراً على التحدث بطلاقة، فالتكرار له فوائده في
التعليم، فكلما كرر الحافظ الآية كلما زادت نسبة قوة الحفظ لديه لها وزادت نسبة طلاقته في القراءة.
فالمراجعة والتكرار لابد منهما حتى لا نفقد ما حفظناه مسبقاً، فهناك نظرية تقول أن الحافظ عندما يحفظ
في الصباح يوضع ما تم حفظه في ذاكرة مؤقتة، وعندما يراجعها في ظهر يوم الثاني أو الثالث، ترسل
الملفات إلى الذاكرة طويلة الأمد. لذلك يتطلب من الحافظ أن يراجع ويكرر كل ما حفظ من كتاب الله
وذلك في ظهر اليوم الثاني والثالث. فحافظ على المراجعة في وقت الظهيرة بعد يوم أو يومين.
الانتظام
إن بانتظامك اليومي على الحفظ ، يصبح العقل الباطن نشيط على الاستيقاظ مبكراً لتعوده على هذا
النظام ويصبح من السهل عليه الحفظ من السابق، فتجد نفسك تستيقظ مبكراً تلقائياً من دون منبه
وتحفظ بسرعة. وكما تعلم أن الرسول حث على العمل وفضلّه أن يكون دائما وليس متقطع،فقد قال
"أفضل العمل أدومه وإن قل" أو كما قال صلى الله عليه وسلم. ويقولون أن الذي يعمل في انتظام
طوال الأيام ثم يفقد يوم أو يهمله كمن كان يلف الخيوط ثم سقطت من يده وعاد من جديد، وهذا لا
يقتضي أنه إذا أصابك ظرف وتخلفت يوم أنه من الصعب عليك الاستمرار، لا بل استمر وتوكل على الله،
بل يقول بعض العلماء أن مما يدفع للاستمرار على الحفظ ان يخصص الحافظ له يوم أو يومين للراحة
والاستجمام.
يتبع ياغاليات