لكن القرآن الكريم سبق هذه الدراسات بقرون عدة لتكون القصة في القرآن وسيلة لجميع أنواع التربية و التوجيه قال الله عز وجل :"فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ."و قال تعالى :"لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ."و قد أفرد الله تعالى سورة كاملة باسم القصص .
فيمكنك أيتها الأم أن تقرئي لابنك و هو ما زال جنينا ,و نجد الكثير من براعم حفظة القرآن قد أكملوا ختم القرآن في سن مبكرة لأن أمهاتهم كن يسمعنهم صوت القرآن خلال فترة الحمل ثم و بعد الولادة و حتى عامه الأول تقرأ عليه القصص المطبوعة في ورق كرتوني مقوى أوالقصص القماشية كي يلعب بها و لا يمزقها
فالأطفال الذين يستمعون للقراءة منذ الصغر ينشأ لديهم حب و شغف للقراءة بقية حياتهم .
قد يتبادر للذهن سؤال كيف نجعل قصة الطفل تجربة ممتعة و أسلوبا تربويا ؟
ـ على الأم تجنب الأوقات التي ينشغل فيها الطفل ذهنيا (وقت اللعب و مشاهدة التلفاز و تناول الطعام و ساعات الغضب و البكاء ..) و حسن اختيار الوقت المناسب كالوقت الذي يسبق النوم مثلا و المداومة على ذلك حتى تصبح عادة
ـ اختيار المكان المناسب كتخصيص ركن للكتابة و القراءة أو الجلوس معه على سرير النوم و الاهتمام بالاتصال البصري مع الطفل .
ـ أن يكون قارئ القصة غير منشغل ذهنيا أو جسديا فليس الهدف أن يسمع الطفل القصة و حسب بل يستمتع بها أيضا و من المهم أن تتحلى الأم بالصبر و الحكمة في التعامل مع أسئلة الطفل و مقاطعاته المتوقعة و تقرأ الأم القصة بصوت واضح و دافئ و حنون مع التلاعب بنبرات الصوت و تعبيرات الوجه و الانفعال و التفاعل مع شخصيات القصة لجذب الطفل لسماعها .
ـ التواصل مع الطفل خلال القصة بسرد الأسئلة أو الطلب من الطفل اكمال بعض الجمل و المقاطع لتنمية خياله و مناقشة محاور القصة مع الطفل بعد الفراغ منها .
كيف نحسن اختيار القصة ؟
ـ بأن تكون القصة مناسبة لسن الطفل و كلما كان سن الطفل أصغر يفضل جعل شخصيات القصة أقل و الجمل أقصر و أبسط .
ـ و أن تكون الشخصيات في القصة واضحة و قوية و مما يجذب الطفل و مرسومة و ملونة بشكل جمالي معبر عن النص المكتوب و كلما كان سن الطفل أصغر يفضل جعل رسوم و ألوان القصة واضحة و ملفتة لاعتماد الطفل بقوة على حاسة النظر في استكشاف العالم الخارجي .
ـ و أن تكون مكتوبة بأسلوب سهل و مبسط و لغة راقية تثري حصيلة الطفل اللغوية و تشتمل على أفكار مترابطة و أحداث متعاقبة توسع الخيال و تشجع على التفكير السليم .
ـ و أن يحوي موضوع القصة على الفضائل و القيم العليا المراد اكسابها للطفل أو تعزيزها لديه أو بهدف تعديل السلوك غير المرغوب فيه .
ـ ثم اشراك الطفل في اختيار قصصه بنفسه و مناقشته و توجيهه حول ما هو أفضل لسنه و مبادئ الأسرة و قيمها الاسلامية .
من أين نستقي القصص للأطفال ؟
ينبغي أن لا نلجأ في قصص الأطفال إلي النماذج الغربية الغريبة عنا المتنافرة مع ديننا وقيمنا إنما يجب أن نتخذ نماذج من النماذج الإسلامية ولنا في قصص القرآن الكريم مادة ثرية للأطفال يمكن أن تروى لهم بصورة مبسطة وكذلك في السيرة النبوية ومواقف الصحابة والخلفاء والرحالة المسلمين و العظماء و العلماء ما يغني عن استيراد أفكار من( والت ديزني) وغيره من تجار أدب الأطفال في العالم ولو نظرنا نظرة متفحصة لقصص القرآن لوجدنا فيها ما يحقق أهداف التربية الإسلامية بجوانبها الروحية والأخلاقية و الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية
وتتميز القصة القرآنية عن سواها بثبوت الوقائع المسرودة وعظمة الأداء المعجز والأسلوب الذي لا يبارى كما تتميز بإقرار النتيجة أو العبرة صراحة كما أن في سيرة الرسول "صلى الله عليه وسلم" ما يكفي لتحقيق الغايات التربوية المنشودة لتربية الطفل المسلم .
كما يمكننا أن نبتكر قصص خيالية مرتبطة بحياتنا اليومية .
هل هناك قصص علينا تجنبها مع الأطفال ؟
طبعا علينا تجنب عدة أنواع لأن مخاطرها أكثر من محاسنها مثل :
ـ القصص التي تثير الفزع و الرعب و الرهبة و المخاوف .
ـ القصص التي تحوي قيما منافية للاسلام
ـ القصص التي تعيب الآخرين و تسخر منهم و توقع الأذى بهم .
ـ القصص التي تثير العطف على قوى الشر و تمجد انتصار الظلم على الخير و العدل .
كيف نجعل من القصة أسلوبا فعالا في تربية الطفل؟
يمكننا أن نلتجيء للقصة لتقوم بتوجيه الطفل من دون أن نلقنه تلقينا ماذا نريد منه و الطفل بدوره لا يحب الأوامر و النواهي المباشرة فتكون القصة هنا أحسن وسيلة فمن الممكن جعل قراءة القصة قصدية بغرض حل مشكلة ما فاذا كان الطفل يعاني من مشكلة (كالكذب مثلا )فيمكن للأم هنا أن تهتم بالقصص التي تحكي عن عاقبة الكذب و حب الناس للشخص الصادق و جعل الطفل يستنتج بنفسه أهمية ذلك مع محاولة تشجيعه بالمكافئة في حال طرأ تحسن على سلوكه بعد القصة .أو يمكن استغلال القصة كنقطة انطلاق حول قيمة معينة فمثلا أثناء أو بعد قراءة قصة تتحدث عن الأمانة يكون من السهل على الأم التحدث مع الطفل عن الأمانة و أهميتها و فضلها . فالقصة اذن ممكن أن تساعدنا في :
ـ تعديل السلوك غير المرغوب فيه مثل (الكذب الغضب العصيان الغيرة الشجار...)