أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

Post والله يرزق من يشاء بغير حساب

والله يرزق من يشاء بغير حساب

والله يرزق من يشاء بغير حساب


إن من معجزة هذا الكتاب العظيم أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم، الذي تقصر الألباب البشرية عن إحصائه، والآلآت الدنيوية عن استيفائه، مصداقاً لقوله تعالى: {ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم} (لقمان:27).

ومن معجزة هذا الكتاب العظيم كذلك أنه لو نزعت منه لفظة واحدة، ثم أدير على لسان العرب في أن يوجد خير منها لم يوجد. ونحن قد تبين لنا البراعة في بعض آياته، ولكن الذي يخفى علينا أكثر بكثير؛ وذلك لقصور علمنا، وكثرة ذنوبنا وجهلنا، نسأل الله تعالى العفو والعافية.

والأمثلة التي تبين هذا الكلام لا تعد ولا تحصى، منها ما نجده في أسرار قوله تعالى: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} (البقرة:212). فإن هذه الآية الكريمة تحمتل أن يكون المراد بها رزق الدنيا ورزق الآخرة أيضاً.

فإذا حملنا معناها على رزق الآخرة احتمل المراد منها وجوهاً:

أحدها: أنه يرزق عباده المؤمنين في الآخرة رزقاً رغداً واسعاً، لا فناء له ولا انقطاع، فهو كقوله تعالى: {فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} (غافر:40) أي بدون تقدير ولا عدّ؛ لأن كل ما دخل تحت التقدير والعدّ والحساب متناه. وما لا يكون متناهياً كان لا محالة خارجاً عن الحساب.

ثانيها: قيل في تفسيره: يعطيه عطاء كثيراً لا يمكن للبشر احصاؤه؛ لأن ما دخل تحت الحساب كان قليلاً.

ثالثها: يعطيه أكثر مما يستحق أو يحسبه، كقوله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} (الطلاق:2-3) أي بغير احتساب من المرزوقين، ويرزقه من حيث لا يتوقع الرزق.

رابعها: يعطيه ولا يحاسبه عليه.





خامسها: يعطيه ولا يأخذه منه.

سادسها: يعطيه بحسب ما يعرفه من مصلحته لا حسب حسابهم وتقديرهم.

سابعها: أن المنافع الواصلة إليهم في الجنة بعضها ثواب وبعضها بفضل من الله، كما في قوله: {فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله} (النساء:173) فالفضل منه بلا حساب.

ثامنها: أنه لا يخاف نفادها من عنده، فيحتاج إلى حساب ما يخرج منه؛ لأن المعطي إنما يحاسب ليعلم مقدار ما يخرج وما يبقى، فلا يتجاوز في عطاياه حتى لا ينقص عليه شيء، والله لا يحتاج إلى الحساب؛ لأنه غني حميد ولا نهاية لغناوه أو لمقدوراته.

تاسعها: أن ثواب أهل الجنة ليس بمقدار أعمالهم؛ لأنه لو كان بمقدار أعمالهم لكان بحساب.

عاشرها: بغير استحقاق، يقال: لفلان على فلان حساب، أي حق أو دين، وهذا يدل على أن ثواب أهل الجنة فضل من الله تعالى، وليس لأحد معه حساب.

وهذه الوجوه كلها صحيحة ومحتملة، ولا تعارض بينها، فيجوز أن يكون جميعها مراد الآية الكريمة.

أما إذا كان المراد بالآية حساب الدنيا، فتحتمل وجوهاً أخرى أيضاً، نذكر منها وجهين:

الأول: أن الكفار كانوا يسخرون من فقراء المسلمين؛ لأنهم كانوا يستدلون بحصول السعادات الدنيوية على أنهم على حق، فأبطل الله تعالى هذا الاعتقاد بقوله: {والله يرزق من يشاء بغير حساب} يعني أنه تعالى يعطي في الدنيا من يشاء من غير أن يكون ذلك منبئاً عن كون المعطى محقاً أو محسناً أو غير ذلك، وإنما ذلك متعلق بمحض مشيئتة سبحانه، فقد يوسع على العاصي أو الفاجر كما وسع على قارون، ويضيق على المؤمنين والصالحين زيادة في الابتلاء والامتحان، ولهذا قال: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سُقفا من فضة} (الزخرف:33).

الثاني: جائز أن يكون المعنى: أنه يرزق في الدنيا عباده المؤمنين من حيث لا يحتسبون. فإن قيل: قد قال الله تعالى في وصف المتقين وما يصل إليهم: {جزاء من ربك عطاء حسابا} (النبأ:36) أليس ذلك مناقضاً لما في هذه الآية؟ والجواب: لا؛ لأن المقصود بقوله سبحانه: {عطاء حسابا} أقوال، منها:

أولاً: أن يكون بمعنى كافياً، من قولهم: حسبي كذا، أي يكفيني. والمعنى: أن الله تعالى يكرمه ويعطيه حتى يقول: حسبي حسبي.

ثانياً: قوله سبحانه: {حسابا} مأخوذ من حسبت الشيء إذا أعددته وقدرته، أي: بقدر ما وجب له فيما وعده الله تعالى به من الأضعاف المضاعفة، للحسنة عشراً أو سبعمائة أو بدون مقدار، كقوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (الزمر:10).

ثالثاً: أنه كثيراً، فيقال: أحسبت فلاناً، أي: أكثرت له العطاء.

رابعاً: أنه حسب أعمالهم.

خامساً: أنه تعالى لما ذكر في وعيد أهل النار {جزاء وفاقا} قال في وعد أهل الجنة: {عطاء حسابا} كأنه يقول: راعيت في ثواب أعمالكم الحساب؛ لثلا يقع في ثواب أعمالكم بخس أو نقصان.

فانظر إلى عظمة هذا الكتاب وكثرة معانيه:

كالبدر من حيث التفت رأيته يهدي إلى عينيك نوراً ثاقباً

كالشمس في كبد السماء وضوئها يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا

بيد أن محاسن أنوار هذا الكتاب العظيم لا يمكن أن تثقفها إلا البصائر الجلية، وأطايب ثمره لا تقطفها إلا الأيادي الزكية، ومنافع شفائه لا تنالها إلا النفوس الزكية النقية، كما صرح في وصفه سبحانه: {إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون} (الواقعة:77-79) وقوله عز وجل: {قل هو للذين أمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذنهم وقر وهو عليهم عمى} (فصلت:44).

والله يرزق من يشاء بغير حساب



إظهار التوقيع
توقيع : نسيم آڸدکَريآت
#2

افتراضي رد: والله يرزق من يشاء بغير حساب

جزاك الله خيرااااا على هذا الموضوع القيم ٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
إظهار التوقيع
توقيع : nice libyan
أدوات الموضوع


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب ـ ام الزهراء المنتدي الاسلامي العام
من يدخل الجنة بغير حساب ولا سابقة حساب ؟ ست الحسن السنة النبوية الشريفة
من سيدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب إم البراء فتاوي وفقه المرأة المسلمة
المتصدق بغير حساب لافالانتينا قصص الانبياء والرسل والصحابه
انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء بغير حساب السكرة منوعات x منوعات - مواضيع مختلفة


الساعة الآن 05:55 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل