تتعرّض نسبة 5%
إلى 15% من حالات الحمل إلى مشكلات مختلفة،
أبرزها الإجهاض المتكرّر الذي يشكّل حالتين إلى ثلاث أو أكثر من حالات الاجهاض لدى
النساء في سنّ الإنجاب.
حاورنا الاختصاصي في الامراض النسائية والتوليد
الدكتور فيصل القاق حول العلاجات والفحوص المتطورة لتفادي مشكلة الاجهاض
المتكرّر.
- ما هو الإجهاض المتكرّر؟
الإجهاض هو عدم قدرة الحمل على تجاوز الأسبوع
العشرين، وقد يكون إرادياًً أو عفوياً. ولدى تكرار الإجهاض لمرّتين أو ثلاث وأكثر،
عادةً ما تصنّف هذه الحالة بالإجهاض أو الإسقاط المتكرّر، ما يستوجب إجراءات
وفحوصاً طبية متقدمة، مع التأكد من الأسباب وعلاجها.
وتجدر الإشارة إلى أنّه في غالبية الأحيان، تحدث
معظم حالات إسقاط الحمل المتكرّر في خلال الأسابيع العشرة الأولى، ممّا يحتّم
اتخاذ إجراءات إضافية لمراعاة النساء في هذه الحالات الخاصة.
الأسباب الوراثية
- ما هي الأسباب التي تؤدّي إلى الإجهاض؟
تعود هذه الحالة إلى مجموعة أسباب متشعّبة، بعضها
وراثي، فيما بعضها الآخر متعلّق بالصحة والمناعة والتكوين والنفسية والإلتهابات.
وتشكّل الأسباب الوراثية نصف حالات الإجهاض
المتكرّر، وهي ترتبط بتشوّهات في الموروثات (الكروموزومات) المنتقلة من الاهل الى
الجنين أو بأخطاء جينية ناتجة من حالات وراثية أو من انقسام في الخلايا خلال تكوّن
الجنين.
أمّا في الجانب الصحّي أو الطبّي، فتأتي الأمراض
المناعية وأمراض الدم على رأس لائحة الأسباب المسؤولة عن الإجــهاض المتكرّر، إذ
يشكّل جهاز المناعة أجساماً مضادة للسائل المنوي أو للبويضة الملقحة ما يؤدي إلى
عدم غرسها في بطانة الرحم، أمّا أمراض الدم، لاسيما تلك المتعلقة بحالات التجلّط
الزائد خصوصاً في الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذّي البويضة الملقحة فهي تؤدي
أيضاً إلى الإجهاض. كما تؤدي الاضطرابات النفسية، خصوصاً حالات الضغط النفسي
والعصبية والقلق إلى ارتفاع مخاطر الاجهاض المتكرّر، ويعود الأمر إلى اضطرابات
هرمونية تضعف إمكانية تثبيت الحمل وتغذية الجنين.
- ماذا عن المشكلات التكوينية؟
إن وجود أي تشوّهات في الجهاز التناسلي لدى
المرأة، خصوصاً في الرحم أو عنق الرحم قد تمنع الحمل من التموضع بسبب وجود لحميات
زائدة أو وجود أشكال للرحم غير سليمة وغير مكتملة. وهناك بعض النساء اللواتي
يعانين من ارتخاء في عنق الرحم، ما يؤدي أيضاً إلى سقوط الحمل.
- ما هي أنواع الالتهابات المؤدية إلى سقوط
الحمل؟
تزيد
الالتهابات المنتقلة جنسياً كالسيلان و«الكلاميديا» من مخاطر الإجهاض، نتيجة
تأثيرها على بطانة الرحم، وكذلك بسبب دورها في تكوين أكياس التهابية على المبيض.
وكذلك، تؤثّر الالتهابات الأخرى غير الجنسية والتي تصيب المهبل وعنق الرحم
كالتهابات المسالك البولية والتهابات المهبل البكتيرية.
البدانة...
- هل للبدانة تأثير على الاجهاض؟
تؤثّر البدانة، وتعريفها أنها الوزن الزائد بنسبة
30 في المائة ما فوق الوزن الطبيعي، على الاباضة وانتظام الهرمونات، فتعاني المرأة
من اضطرابات في الدورة الشهرية تمنع أو تحدّ من قدرتها على الحمل، كما تؤدّي إلى
مخاطر الإجهاض عند حدوثه، نتيجة هذه الاضطرابات. - هل لسنّ المرأة تأثير على هذه المشكلة؟
نعم. إن المرأة، منذ تكوين الجنين حتى انقطاع
الطمث، تمتلك كميّةً من البويضات التي تعطيها شهرياً خلال دورتها الشهرية، وعليه
فإن سنّ هذه البويضات يوازي تماماً سنّ المرأة. فكلّما تقدّمت في السنّ، تقدّم سنّ
هذه البويضات، وبالتالي ترتفع مخاطر الأخطاء الكروموزومية وأخطار تقاسم الخلايا
الجنينية، ممّا يؤدّي بالتالي إلى ارتفاع نسبة الاجهاض المتكرر. وعادةً ما يعتبر
سنّ الخامسة والثلاثين للمرأة حداً فاصلاً، ترتفع بعده نسبة تشوّهات الجنين،
خصوصاً «متلازمة داون» أو حالات الإجهاض المتكرّر.وتزداد هذه النسبة مع التقدّم في
العمر، لتصل إلى قمّة مخاطرها في سنّ الخامسة والأربعين. إن تقدّم سنّ البويضة
يضعف من قدرتها على الإنقسام بشكل سليم، وإن انقسمت فإن «الكروموزومات» قد
لا تتوزّع بين الخلايا بشكل متوازن. وفي هذه
الحالات، لا تلام المرأة أو زوجها كون مسألة العمر لا مفرّ منها إلا إذا لجأت
المرأة في حالات خاصة الى تجميد بويضاتها في عمر مبكر.
- لماذا يتم تجميد البويضات؟
اذا كان قسم كبير من التشوهات الجنينية وحالات
الإجهاض تعود إلى تقدّم سنّ البويضة، فإنّه من المجدي أن يتمّ سحب البويضات بعد
تحريض المبيض وفحصها واختيار الأفضل من
بينها، ثم تجميدها. كما يتمّ اللجوء الى هذه التقنية في حالات مرضية كسرطان
المبيض، إذ يتمّ أخذ جزء من المبيض أو مجموعة من البويضات وتجميدها، قبل أن يتمّ
الاستئصال التام للمبيضين أو قبل معالجتهما بالأشعة.وقد تلجأ بعض النساء الى مراكز
وهب البويضات للحصول على بويضات سليمة تساعدهن في الحمل والانجاب.
في داخل أو خارج المستشفى
- ما هي أبرز العلاجات لتفادي الإجهاض؟
يجب تحديد المشكلة في بادئ الأمر، وترتكز الحلول
على التدخل الجراحي لربط عنق الرحم كما ينصح بعض الأطباء، ويتم ذلك في خلال الشهر
الثالث، حتى بداية الشهر التاسع أو نهاية الشهر الثامن.أمّا الجراحات الأخرى
فتتعلّق بتصحيح التشوّهات التكوينية الموجودة في الرحم، كما في حالات وجود رحمين
أو وجود فجوتين في داخل الرحم الواحد أو حاجز داخل الرحم.
أمّا الدواء فيهدف إلى علاج الالتهابات بعد
التقصي عنها، ويتمّ العلاج أما في داخل المستشفى بواسطة الأمصال أو خارجها، وذلك
بحسب حدّة الالتهاب وعواقبها المحتملة.
- ماذا عن حالات تجلّط الدم؟
في هذه الحالات، يجب إجراء فحوص مخبرية شاملة
تتعلّق بالسيلان والتجلّط. وفي حال وجود مشكلة، يمكن وصف أدوية من مشتقات
«الأسبيرين» أو «الهيبارين» المساعدة لتسييل الدم، بالشكل المناسب.
اما لاضطراب الجهاز المناعي فهناك فحوص مخبرية
تهدف إلى التأكد من وجود متلازمة مضاد الفوسفات والتي تشكّل أحد الأسباب القليلة،
التي قد يصعب علاجها. ويلجأ بعض الاطباء الى إعطاء أجسام مناعية بهدف تقوية جهاز
المناعة والتخفيف من قدرته على رفض الحمل او اسقاطه. لا تنصح الدراسات كثيراً بهذه
العلاجات المكلفة كون النتائج غير مرضية بما فيه الكفاية.
- هل من إرشادات وقائية؟
يجدر التأكد من غياب هذه المشكلات في عائلتي
الزوجين، وذلك لناحية التشوّهات الجنينية
أو الإسقاط المتكرّر للحمل، إذ ينصح لدى وجودها بإجراء مسح للكروموزومات عند
الزوجين (كاريوتايب). وينصح في حالات الاضطراب الهرموني أو التبقح الدموي أو وجود
نزف بالراحة السريرية واستهلاك كميات من السوائل، إلى تناول حقن هورمونية (إبرة
زيت) أسبوعياً، كما ينصح بها بعض الاطباء.
وتجدر الاشارة إلى أهمية إجراء المشورة قبل الحمل
ليتعرّف الزوجين على أمور كثيرة قد تكون مفيدة للحدّ من المشكلات والوقاية
منها.