موضوع الفتوى: حكم مشاهدة برنامج عرب آيدول
يقول السائل: ماحكم مشاهدة برنامج عرب آيدول، والتصويت للمشاركين في هذا البرنامج من منطلق الوطنية، مع العلم أن اسم البرنامج يعني في العربية معبود العرب أفيدونا أفادكم الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أ. أما عن اسم هذا البرنامج (عرب آيدول) الذي يعني في العربية (معبود العرب) فهو كبيرة من الكبائر، تمسّ توحيد الخالق سبحانه وتعالى، فلا معبود للعرب ولا لغيرهم إلا الله تبارك وتعالى.
قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5].
وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾[النحل: 36].
#ب. أما عن الغناء بالمعازف والأوتار فهو محظور حرام عند الأئمة الأعلام ومن كان قبلهم، ومن جاء بعدهم، إلا النادر القليل من المتأخرين كابن حزم الظاهري رحمه الله، وقد شاع هذا الأمر وانتشر في الأمصار المسلمة نظراً لتهاون العلماء وجرأتهم على الفتوى بجوازه، ولا أشك أنَّها مكابرة وجرأة على الدليل من الكتاب والسنة.
فالغناء مع المعازف والأوتار حرام وإن كان الكلام قويماً، وتشتد حرمته إذا كان الكلام غزلاً صريحاً ويزداد قبحاً وشراً وحظراً إذا اجتمع وتداعى له الرجال والنساء .
وَلَقَدْ ذَمَّ اللهُ الغِنَاءَ وَكَذَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ولا يُلْتَفَتْ إِلَى مَنْ يُعَانِدُ أَوْ يُجَادِلُ، وَمِنْ أَدِلَةِ الحَظَرِ:
قَوْلُهُ تَعَالَى: )وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [لقمان: 6].
وَعَنْ أَبِي عَامِرٍ – أَو أبي مَالِكٍ - الْأَشْعَرِيُّ سَـــمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَــــقُولُ
لَــــيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ : ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)[أخرجه : البخاري].
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك قَال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ صَوْتُ مِزْمَارٍ عِنْدَ نِعْمَةٍ وَصَوْتُ وَيْلٍ عِنْدَ مُصِيْبَةٍ) [صحيح، السلسلة الصحيحة].
وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : أَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالْ : (فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ، وَمَسْخٌ، وَقَذْفٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِيْنَ : يَا رَسُولَ اللهِ وَمَتَى ذَاكَ ؟ قَال : إِذَا ظَهَرَتْ القَيْنَاتُ، وَالمَعَازِفُ، وَشُرِبَتْ الخُمُورُ).
وعن عَبْدَ اللَّهِ رضي الله عنه يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ) [أخرجه: أحمد).
وَعَنِ الشَعْبِيِّ قَالَ :" لُعِنَ المُغَنِّي وَالمُغْنِّى لَهُ " [أخرجه : ابن أبي الدنيا ( رقم 45)، وقال الألباني : صحيح]
ت. أما عن مشاهدة هذا البرنامج، وما على شاكلته فحرامٌ؛ لأنه يتضمن السماع المحظور، ومشاهدة النساء وهنَّ متبذلات متبرجات، يصفقن ويتمايلن، فهذا كله ممنوع في شريعة الإسلام.
قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (النور: 30).
وقال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ (الأحزاب: 33).
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (الأحزاب: 59) .
و قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» (أخرجه: مسلم) .
د. أما عن التصويت للمشاركين في هذا البرنامج:
فلا يجوز أن يُصار إليه بالمجّان، فكيف إذا بُذِل فيه مال، وقد قال تعالى : ﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ (الإسراء: 26) .
ومعلوم أن بَذْلَ المال في مثل هذا السبيل إهدارٌ له في غير وجههِ، وهو التبذير الذي ذكره الله تعالى.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَا تُنْفِقْ فِي الْبَاطِلِ، فَإِنَّ الْمُبَذِّرَ: هُوَ الْمُسْرِفُ فِي غَيْرِ حَقٍّ".
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَحَدَّثُ أَنَّ التَّبْذِيرَ: النَّفَقَةُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ .
وقال الطبري في تفسيره:وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾[الإسراء: 27] ، فَإِنَّهُ يَعْنِي: إِنَّ الْمُفَرِّقِينَ أَمْوَالَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ الْمُنْفِقِيهَا فِي غَيْرِ طَاعَتِهِ أَوْلِيَاءُ الشَّيَاطِينِ.
#وأخي السائل: بعد هذا البيان أذكر أنّ الكلام عام يُنَزّل على كل أحدٍ يحصل منه ذلك سواء كان من فلسطين أو غيرها.
وإن كنت تسأل عمن يُرشح نفسه لمثل هذه البرامج والمهرجانات من فلسطين، وإضافة إلى ما ذكرت من دليل، فإنه يتنافى مع الآم الناس وأحزانها، وآهاتها وجراحاتها، وحصارها، فإن هذا كله لا يتفرج بالمعصية، بل إن المعصية تزيده ضيقاً وحرجاً، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ [طه: 124].
فإن المعاصي يا أخي هي التي عجلت الحتوف بالأمم، ولا يُدرك الفرج إلا بالطاعة وصدق الله تعالى القائل: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأعراف: 96].
وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 66].
وختاماً:أدعوا الله تعالى لهؤلاء هداية تمكّنهم أن يوظفوا أصواتهم الندية، وحناجرهم الصافية لترتيل آيات الكتاب العزيز والتغني بها، والقصيد الهادف المجرد
عن الملابس المحظور من المعازف والقيان والتبرج والخمور إنه سميع مجيب .
والحمد لله رب العالمين
أ.د سلمان بن نصر الداية.