( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) .
ينبغي أن نعلَم أن هناك فرقا بين أن يؤدّي المسلم الصلاة ، وبين أن يُقيمها .
فالذي يؤدّي الصلاة قد لا تنهاه عن الفحشاء إلا أنها تبرأ ذمته بهذا الأداء ، ولا يُحكم بِكفره .
أما الذي يترك الصلاة فإنه يُحكم بِكفره ، ولا تبرأ ذمّته .
ولا شك أن إقامة الصلاة هي التي جاء الأمر بها في كتاب الله عز وجل .
وإنما تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر إذا حضر القلب وتدبّر وتفكّر .
أما إذا حضر الجسد فحسب فإنها لا تنهى عن الفحشاء والمنكر .
وكلما كانت الصلاة كاملة كانت أكثر نهياً .
وكلما كان العمل خالصاً كلما كلما نفع صاحبه .
وكذلك الصلاة إذا كانت خالصة فإنها تنفع وتَنْهَى صاحبها عن الفحشاء والمنكر .
قيل لابن مسعود : إن فلانا كثير الصلاة . قال : فإنها لا تنفع إلا من أطاعها .
قال ابن جرير رحمه الله :
فإن قال قائل : وكيف تنهى الصلاة عن الفحشاء والمنكر إن لم يكن معنياً بها وما يُتلى فيها ؟
قيل : تنهى من كان فيها فَتَحُول بينه وبين إتيان الفواحش ؛ لأن شغله بها يقطعه عن الشغل بالمنكر ، ولذلك قال ابن مسعود : من لم يُطع صلاته لم يزدد من الله إلا بعدا . وذلك أن طاعته لها إقامته إياها بحدودها ، وفي طاعته لها مزدجر عن الفحشاء والمنكر . اهـ .
وقال سفيان في قوله تعالى : ( قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ ) قال : إي والله تأمره وتنهاه .
والله تعالى أعلم .
المصدر شبكة مشكاة الإسلامية
ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها
الناس في الصلاة على مراتب خمسة:
فالقسم الأول معاقب، والثاني محاسب، والثالث مكّفر عنه، والرابع مثاب، والخامس مقرّب من ربه، لأن له نصيباً ممن جُعلت قرة عينه في الصلاة.
أحدها: مرتبة الظالم لنفسه المفرط، وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.
الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها، لكنه قد ضيّع مجاهدة نفسه في الوسوسة، فذهب مع الوساوس والأفكار.
الثالث: من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار، فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته، فهو في صلاة وجهاد.
الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها، واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها، بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها وإتمامها، قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.
الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك، ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل، ناظرا بقلبه إليه، مراقبا له، ممتلئا من محبته وعظمته، كأنه يراه ويشاهده، وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات، وارتفعت حجبها بينه وبين ربه، فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض، وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل قرير العين به.
فمن قُرت عينه بصلاته في الدنيا، قُرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة، وقُرت عينه أيضا به في الدنيا. ومن قُرت عينه بالله، قُرت به كل عين. ومن لم تقر عينه بالله تعالى، تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.