سن العناد عند الأطفال
تمرّ السنتان الأوليّتان من حياةِ الطفلِ بهدوءٍ وسلامٍ في أغلبِ الأحيانِ؛ فالدراساتُ التربويةُ والنفسيةُ تُشير إلى أنَّ السن الذي يَظهر فيه سلوك العناد لدى الطفل يكون بعد الثانية والنصف من عمرهِ، ويزداد في الثالثةِ والرابعةِ، وإذا أحسن الأبوان التعامل معه، وتصرّفا بحِكمةٍ مع الطفل العنيد فإنَّ سلوك العناد يَتلاشى لدى الطّفل عند سنّ الخامسة أو السادسة، ومن الجديرِ ذكرِه أنَّه على المربّي ألا يَعتمد على فكرةِ أنَّ العنادَ شيءٌ مؤقتٌ وسيتلاشى بعد سنّ السابعة لدى الطفل، فالإهمال من قِبل المربي لسلوك العناد وعدم الاهتمام به يؤدّي إلى اضطراباتٍ نفسيةٍ وعدوانيةٍ، قد تستمر معه إلى ما بعد سن العشرين
مفهوم الطفل العنيد
تعريف الطفل
الطفلُ لغةً: مأخوذٌ من الفعلِ الثلاثي طَفَلَ، ويأتي بمعنى: النبات الرخص، أي الناعم، ويُطلقُ على الصبي طفلاً من وقتِ ولادتهِ إلى أن يحتلم.
الطفل اصطلاحاً أو الطفولة: هي المَرحلة المُمتدّة من لحظةِ ميلاد الإنسان إلى بلوغه.
تعريف العنيد
يُطلق لفظ (العنيد) على الطفل المُعارض دائماً، أو الّذي يَصعب التعامل معه، أو من لديه الإرادة القويّة والعَزم الشديد.
أنواع العناد
العنادُ لدى الأطفال نوعان: [٤]
عنادٌ يولد مع الطفل: حيث يتّسم الطفل بالعنادِ لحظة قدومه إلى هذا العالم، فيصرخ ويتصرّف بأسلوبٍ سيئ، وهذا النوع من الأطفال يكون لديه نزوع وراثي يجعله عنيداً وجامحاً.
عنادٌ مكتسبٌ: أي إنَّ العنادَ يتولد نتيجة تجربةٍ عاطفيةٍ مرّت بالطفل، أو نتيجة النشاط المفرط لديه، والتي تؤدّي إلى العديد من المشاكل التي تواجهه وتزيد من درجة عناده.
كيفية تربية الطفل العنيد
الابتسامة في وجه الطفل: فالابتسامة خُلقٌ وسلوكٌ عظيم يجب على الوالدين إدراكه عند التعامل مع الطفل والحديث معه؛ فوجودها يُشعر الطفل بالأمان والاطمئنان.
الابتعاد عن العبارات السلبية: كالشتم والسب، والتذمر والإكثار من الشكوى؛ لأنّ ذلك يُؤدي إلى استعمال الطفل لهذِه العبارات في أبسط المواقف، وتِكرارها بصورةٍ مستمرّةٍ، وبالتالي زيادة سلوك العناد لدى الطفل؛ ولذلك يقع على عاتق الوالدين زيادة العبارات التشجيعيّة المُحبّبة لدى الطفل، وتَعزيز الثّقة لديه.
قضاء الوقت الكافي مع الطفل: أي بقاء الوالدين مع الطفل في حالة ودٍ دائمٍ، وإعطائه المزيد من الوقت الذي يُظهر التفرّغ له والاهتمام والعناية بشؤونه، فليس المقصود هنا أخذ الطفل في رحلةٍ معينةٍ، أو حدثٍ رياضي، بل التودّد إليه، وتخصيص الوقت الأكبر للطفل، ليخرج الوالدان من دائرة الأوامر والنواهي المجرّدة؛ فتقوى العلاقة بين الطفل ووالديه؛ ممّا يكون له أكبر الأثر في تربية الطفل العنيد وكسب ثقته.
خلق الألفة بين الطفل ووالديه: تساعد الألفة الطفل العنيد على التخلّص من التوتر والاضطراب النفسي لديه، فهي تُشعره باهتمام الوالدين به، وبالجهد الكبير لتوفير الوقت له، وتُظهر الألفة للطفل أنَّ العلاقة بينه وبين والديه ليست مجرّد كلماتٍ غاضبةٍ، أو أوامر تُطلق على الطفل وعليه تنفيذها، إنما هي حاصلٌ كبيرٌ من الحب والاهتمام.
الاستماع للطفل: الاستماع للطفل وحَديثه وسيلة مهمّة لبيان أهميته، وكَسب احترامه؛ فالأطفال يُحبون أن يقضيَ الآباء وقتاً معهم يستمعون إليهم؛ لأنَّ ذلك يَجعل الطفل يُدرك أنَّ أبويه قريبان منهُ يتفهّمان رغباته، وعلى الآباء معرفة أنَّ الطفل يرغب باستمرارٍ في التقرب إلى والديه والتحدّث معهم، وقد يختارُ وقتاً غير ملائم بالنسبة لهم، كأن يكون وقت العمل في المكتب، أو وقت تحضير العشاء، لذلك يجب تخصيص الوقت للاستماع للطفل يُشعره بالأمان فيُعبِّر عمّا يجول في خاطره، وما تدور في عقله من أفكار.
التركيز على الإيجابيات: الطفل العنيد غالباً لا يجد إلا النقد لسلوكه، لكن تقدير بعض السلوكيّات الإيجابية الصادرة من الطفلِ العنيدِ والثناء عليه يُشعرهُ بالسعادةِ، ويدفعه لتكرارِ السلوك الجيّد لينال المدح والثناء.
التجاهل: يعني أن يَغضَّ المربي الطرف عن بعضِ التصرفات التي تصدر عن الطفلِ المعاندِ وتجاهل فعله؛ وذلك لأنّ الطفل المعاند يرفض القيام بعملٍ ما، أو ربّما لا يؤدّيه على الوجه المطلوب منه؛ من أجلِ إثبات ذاته، ولفتِ الأنظارِ إليه، وبتجاهل المُربّي لفعلهِ، يُجهض العناد لديه، ويمنع الطفل من استثمار العِناد وتنميته، فكثيراً ما يرفض الطفل تناول وجبة الطعام ويترك المائدة متمدّداً على الأرض، وعندما يتجاهل الأهل فعله، يعود الطفل لطعامه بعد أن يُدرك تجاهل الأهل له، ويُدرك أنَّ عناده لم يُجدِ نفعاً.
المكافأة: تُشير الدّراسات إلى أنَّ قدرة العقل البشري على استيعاب وإدراك السلبيات أعظم بكثير من مقدرته على إدراك الإيجابيات، ومن هذا المُنطلق فإنّ المربّي يُدرك بسهولة سلوكه السلبي أمّا السلوك الإيجابي فإنَّه يحتاج لمزيدٍ من الاهتمام، ودقةٍ في الملاحظه، فعلى المربّي الثناء على فعل الطفل الإيجابي، وتعزيز الثناء بمكافأةٍ ماديةٍ، أو الوعد بشراء شيءٍ يحبه، أو إخراجه في رحلةٍ ترفيهيةٍ، والفائدة من تصرّف المربي على هذا النحو، ترسيخ أثر الطاعة لدى الطفل فيحرص على تِكرارها والمُحافظة عليها.
العقاب: لا يستغني أيُّ مربٍ عن العقاب، مهما كان طفله هادئاً، وليس بالضرورة أن يكون العقاب بالضرب، فإذا كان الطفل المُعاند يشعر بفوائد الطاعة وأنَّه يُكافأ عليها، فإنّ العقاب يُشعره بأضرار عناده.