أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي حربًا كانت - عندما تغزو سهام الماضي حياتك - قصة قصيرة ابنة الألفين

حربًا كانت - عندما تغزو سهام الماضي حياتك - قصة قصيرة ابنة الألفين


" حربًا كانت " قصة قصيرة - ابنة الألفين

قلبُها وطنٌ هُجِر مِن زمن ، وبات مقبرةً .. ذكرياتٌ خاويةٌ دُفنِت بِها .

ذفرت أنفاسها الباردة في شتاء ديسمبر ، أراحت رأسها على كرسيها الخشبي ، ومن حولها أعواد النار تُدفئِها ، تطلعت بفتور لمكتبتها المهجورة ، تمامًا مثل منزلها ، جذب عيناها ورقة بالية يتطاير نصفها من شدة الرياح ، بينما ثُبِت النصف الآخر داخل إحدى الكتب ، بتكاسل ذهبت إليها ، و عقلها أخذ يفكر ، بدأت تقرأ ، وكأن الذكريات تتدفق إليها ، كنهرٍ حُبِس مائه حتى أنفجر .

" حُبٌ هذا أم حربٌ ، وأي حربٍ تَهبُ بغيابك ، وتهدأ بكلمة تُطيب الجراح ؟ "

كانت الورقة صغيرة صفراء بآلية ، شابها الزمن و أماتها الدهر ، كُتب بها سطرين ثالثهما إمضائها ، وتاريخٌ مضى عليه أكثرُ من عقدين .

تمتمت بهدوء مناجية نفسها :
حربًا كانت يا عزيزي ، حربًا كانت ولن تهدأ بمرور السنين يا عزيزي .

ترنحت لمجلسها دامعة الأعين ، والأفكار تهاجمها هجوم الأشجان..تذكرت تلك الورقات التي كتبتهم ذات ليلة من الدهر ، بحثت عنهم في كل جهة بمنزلها حتى أهلكها البحث ولم تجدهم ، خارت قواها وهي تفتش بآخر صندوقٍ فاقدة الآمل...





عدة أوراق مجمعة بظرفٍ ، أتربة عدة أنتشرت بفتحه ، نفضتهم وجلست على سريرها ، وشرعت في القراءة...

" كُنتُ صغيرةً مدللةً ، حتى فقدتكَ...
عرفتُك حين كُنتُ في زهرة شبابي ، و وربيعُ قلبي تفتح بوجودك ، نضجتُ على يدك كشجرةٍ تنمو في تربتها ، وأحتجتك كرضيعٍ يحتاج أمه ، رويتني بأحتوائك ، شملتني بهمساتك ، ولهيبُ العشقِ أشتعل في فؤادي....."

فرغت الورقة الأولى تلتها الثانية ، وصفها لحبها له يجتاز البحار ، و يمتد كالسماء ، سيل من الدموع أنهمر ، و دقات قلبها تسارعت ، و أنفاسها تدخل وتخرج كأنها في حربِ أن تحيا ، هدأت من نفسها وبدأت الثالثة..

" فقدتك يومًا ففقدت ذاتي ، كنت أنتظرك متلهفة كطفلةٍ تخبو بين أحضان أبيها ، أنتظرك وطال الأنتظار ، وأقسمُ بربي وربك ما مللت يومًا أو ظننتُ بِكَ السوء ، ولكنكَ تأخرت ، حتى ذهب الربيع و هبَ الخريف ، تلاهُ خريف يتبعه خريف...
لم يكن ليَّ إلا أن ذهبت ، هجرتُ المكان الذي هُجِر بإختفائك ، وباتت الشابة مشيبة ، مكانٌ لا أعرف بِهِ أحدًا ولا أحدٌ يعرفني ، فقط أنا وذكرياتي مِنكَ ، وما تبقى لي من ربيعٍ أصفر يُشكله الحُب المفقود..."

أنهت واحدة تلو واحدة ، تقرأ بقلبها ، بعقلها ، وكل جوارح جسدها تفهم ، بلّت شفتاها بلسانها وهي ترتجف ، أن يهاجمك ما تخشاه ليس بهين !

" قيل أنك مُت ، وقيل أنك قُتلت ، و ذيع انك فقدت الذاكرة ونسيت من أنت ، وقيل أنك أُسرت بحرب الخفى ، مرت الأشهر والسنين على هذا الحال ، وبربك أجزمت على حياتك ، فنبض قلبي لا يكذب ، وثُبت بعد دهرًا أنك حيٌّ تتنفس ، رقص قلبي فرحًا و لُمّم الجِراح ، و أمسيتُ لرؤياك مُشتاقة ، أنتظرتُ من جديد وعاد الآمل ، ولكنك لم تظهر ! لم تظهر يا عزيزي وكأنك فضلتُ الفراق..... "

ما قبل الأخير ... أن تفنى حياتك تنتظر

" ذيع من جديد خبرك بعد بضع سنوات ، أنك للذاكرة فاقدٌ ، تائهًا ، لا تعلم من أنتَ ومن أين أتيتُ ،و ظهرتُ أخيرًا يا عزيزي ، ظهرت ضاربًا بالفراق وما تلاه ، ولكنك طفلٌ تائهٌ يتعلق بقش من الذكريات ، حدثتك عني وعقلك أبى الاعتراف ، لم أجزع ولم أمل ، ظللتُ على مداومتك و سرد ما بيننا من حكايات ، وعقلي يخبرني أن الطريق مسدودٌ مسدودٌ ، ولكن قلبك أين يا عزيزي ، ألا تشعر بوصالٍ بين قلبنا ، ألا يهز وجدانك برؤيتي كما سابق عهدنا ؟ "

الأخير...

" مللتني ولم أملك يا عزيزي ، نفرتني و بوختني ، فضلت الفراق ولكنه بيدك يا عزيزي ، كُنتُ مستعدة أن تُبنى حياتنا من جديد ، أن أنسى معك كل شيء وأي شيء ، فقط أتذكرك ، ولكنك رفضتَ ، رفضتُ مرة وثانية وثالثة ، فذهبتُ مرة آخرى وأختفيتُ ، لاعنة الفراق . "
تناولت أقرب قلم لها ، وبإرتعاش يد مشيبة كتبت...

وها أنا أعود من جديد ، بعد عقدين من الفراق ، وخبر المنية أتلقاه ، عُدت لأضع زهرة شبابي فوق قبرك ، عُدت وما عاد الربيع . "

علا صوتها وهي تقول إني عُدت ، عُدت يا عزيزي .. خارت قوتها ، وأستسلمت .

تمّت منقولة


حربًا كانت - عندما تغزو سهام الماضي حياتك - قصة قصيرة ابنة الألفين




إظهار التوقيع
توقيع : ام سيف 22
#2

افتراضي رد: حربًا كانت - عندما تغزو سهام الماضي حياتك - قصة قصيرة ابنة الألفين

تسلم ايدك
إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
قصة الطفلة الصغيرة التي رأت رسول الله في منامها 3 مرات قبل أن تموت ولم تتجاوز 7 سنين حياة أمة المنتدي الادبي
قصة "كارثة المنجم في نيويورك" ربي رضاك والجنة قصص - حكايات - روايات
قصة الداعية الصغيرة التي رأت رسول الله في منامها 3 مرات قبل أن تموت ولم تتجاوز 7 سنين حياة أمة المنتدي الاسلامي العام
متى تكون الحياة جميله هبة علي منوعات x منوعات - مواضيع مختلفة
جميله هي الحياااااه عندما رانيا الزناتى حكم واقـوال


الساعة الآن 09:05 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل