أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك


هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك
هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك

السؤال : هل بدع بعض الحنابلة التي ذكرها شيخ الإسلام في التوحيد والتكفير والتبديع والتضليل زادت أم زالت أم نقصت ؟ وقفت أختنا على كلام لشيخ الإسلام ذكر أشياء عظيمة عن بدع الحنابلة ، ولعلها لا توجد في بقية المذاهب الثلاثة الأخرى ـ الحنفية ، المالكية ، الشافعية ـ ، ثم حصل حوار فرأينا لزاما أن نسأل أهل التخصص ؛ لما قد يسببه لنا ولغيرنا من ردة فعل قوية ، لذا نأمل أن تكون إجابتكم على قدر السؤال بـــ ( نعم ) أو ( لا ) ، ولا بأس التفصيل بعدها ، فالإجابة بالمجمل والمبهم واللفظ العام في هذه الأمور ، والتماس الأعذار على الوجه غير الصحيح بضرب من التأويل الباطل ، فلا يشفي ولا يغني ، بل يزيد من الحيرة والغيرة لدين الله للذب عن العلماء الذين أُكِلًتْ لحومهم بشهية ، وشقوا صف المسلمين وصارت الفتن كقطع الليل المظلم بسببهم في الغالب ، ونظن أن ذلك سببا في زهد كثير من المسلمين في العلم ومعظم أهله ، واستغله أعداء الإسلام لضرب الإسلام عموما ، وأهل السنة خصوصا ، وأما ما وافق هوى قلة أو كثرة ؛ فعندهم كما قيل : " لحوم العلماء مسمومة ، وسنة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة " . قال رحمه الله : " وَبِدْعَتُهُمْ غَالِبًا فِي زِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ فِي حَقِّ اللَّهِ وَفِي زِيَادَةِ الْإِنْكَارِ عَلَى مُخَالِفِهِمْ بِالتَّكْفِيرِ وَغَيْرِهِ ". ويقول : " وَكَثِيرٌ مِنْ الْحَنْبَلِيَّةِ زَادُوا فِي الْإِثْبَاتِ " . يرى هنا أنه قال : " وكثير " و، هذا يتوافق مع قوله الأول.

الجواب :
الحمد لله
أولا:
الحنابلة هم المنتسبون إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وفيهم العلماء الفضلاء الصالحون المعظمون للسنة، وإن وقع بعضهم في شيء من الابتداع، فهم دون غيرهم بمراحل، فلا يصح أن يقال: إن لديهم بدعا عظيمة لا توجد عند غيرهم من أتباع المذاهب.
بل في النقل الذي ذكرته الأخت المستشكلة ما يبين أن الحنابلة هم أقل أتباع الأئمة ابتداعا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأهل البدع في غير الحنبلية : أكثر منهم في الحنبلية ، بوجوه كثيرة؛ لأن نصوص أحمد في تفاصيل السنة ونفي البدع أكثر من غيره بكثير ....
وفي الحنبلية أيضا مبتدعة؛ وإن كانت البدعة في غيرهم أكثر ، وبدعتهم غالبا في زيادة الإثبات في حق الله ، وفي زيادة الإنكار على مخالفهم بالتكفير وغيره؛ لأن أحمد كان مثبتا لما جاءت به السنة؛ منكرا على من خالفها ، مصيبا في غالب الأمور ، مُخْتَلَفًا عنه في البعض ، ومخالفا في البعض.
وأما بدعة غيرهم : فقد تكون أشد من بدعة مبتدعهم في زيادة الإثبات والإنكار؛ وقد تكون في النفي ، وهو الأغلب ، كالجهمية؛ والقدرية؛ والمرجئة؛ والرافضة.
وأما زيادة الإنكار من غيرهم على المخالف من تكفير وتفسيق : فكثير" انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 186، 187).

فبين رحمه الله أنهم أقل ابتداعا من غيرهم، وأن بدعتهم غالبا في زيادة الإثبات في حق الله، وزيادة الإنكار على مخالفيهم .
ومع ذلك فبدعة غيرهم في "زيادة الإثبات والإنكار" قد تكون أشد، إضافة إلى بدعتهم في النفي.

وسبب قلة البدع عند الحنابلة أن الإمام أحمد رحمه الله كان له كلام مفصل في السنة وأصول الدين أكثر من غيره من الأئمة، فظهر هذا في المنتسبين إليه.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وأما أصول الدين والسنة والاعتقاد: فللشافعي فيها كلمات جامعة مجملة، ومالك أكثر تفصيلًا لها وبيانًا ، وردًّا على أهل الأهواء ، وتفصيلًا للكلام من الشافعي ، كما تشهد بذلك نصوصه.
والإمام أحمد هو مُفَصِّلٌ للكلام في أصول الدين والفقه ، تفصيلًا جيدًا...
وأما أهل الرأي: فهم وإن كان لهم جمل من الكلام في ذلك، فليس لهم قواعد محررة ، لا في أصول دين ، ولا في أصول فقه.
ولهذا كان المُتَّبِعون لهم : فيهم من جميع أهل الأهواء؛ من المعتزلة والمرجئة والجهمية والمجسمة والخارجين والمطيعين.
بخلاف أصحاب الشافعي، فإن البدع فيهم أقل بكثير جدًّا، والغالب عليهم بُعْدُهم عن هذه البدع الكبار، وإن انتسب إلى الشافعي أفراد من المعتزلة والجهمية والرافضة؛ فذلك قليلٌ، موجودٌ أيضًا.
وأما أصحاب مالك [فـ]ـأكثر بُعدًا من أهل الأهواء، وهي فيهم أقل؛ لأن كلامه في أصول الدين على وجه التفصيل ، أكثر من كلام الشافعي، فلذلك قلّوا في أصحابه.
وهم في أصحاب أحمد أقل من الجميع، وما فيهم من البدع فهو أخف من بدع غيرهم؛ لأن كلام أحمد في أصول الدين والفقه، وبيانه لذلك بالكتاب والسنة وآثار الصحابة أكثر من غيره ... بخلاف ما لم يُنص عنه ، فإن كلًّا منهم ينفرد فيه برأيه ، ويتابع غير إمامه، ولهذا أكثر أهل الأهواء في المنتسبين إلى أهل الكوفة؛ لقلة نصوصهم المفصلة في ذلك" انتهى من "فضائل الأئمة الأربعة وما امتاز به كل إمام من الفضيلة" لابن تيمية، تحقيق: فواز محمد العوضي، ص10.
ثانيا:
المقصود بزيادة الإثبات في حق الله تعالى : إثبات ألفاظ لم ترد في الكتاب وصحيح السنة، وهذا وقع فيه جماعة من الحنابلة ردا على المعطلة.
المقصود بزيادة بعض الحنابلة في جهة الإثبات : أن يؤديهم التزام الأصل العام، السني السلفي ، بإثبات ما صحت به النصوص = يؤديهم طرد هذا الأصل إلى إثبات شيء لم يرد به الكتاب ، ولا صح في السنة إطلاقه ؛ لا سيما في مقام الرد على الجهمية والمعطلة .

ونسوق هنا كلاما مهما لشيخ الإسلام رحمه الله في بيان مذهب أهل الإثبات، ومن زاد فيه.
قال رحمه الله: " والإثبات ، في الجملة : مذهب " الصفاتية " ، من الكلابية والأشعرية والكرامية وأهل الحديث ، وجمهور الصوفية والحنبلية ، وأكثر المالكية والشافعية ؛ إلا الشاذ منهم ، وكثير من الحنفية أو أكثرهم ، وهو قول [السالمية] .
لكن الزيادة في الإثبات إلى حد التشبيه : هو قول الغالية من الرافضة ، ومن جهال أهل الحديث ، وبعض المنحرفين.
وبين نفي الجهمية ، وإثبات المشبهة : مراتب.
" فالأشعرية " : وافق بعضهم في الصفات الخبرية، وجمهورهم وافقهم في الصفات الحديثية؛ وأما في الصفات القرآنية فلهم قولان: فالأشعري والباقلاني وقدماؤهم يثبتونها، وبعضهم يقر ببعضها؛ وفيهم تجهم من جهة أخرى ، فإن الأشعري شرب كلام الجبائي شيخ المعتزلة، ونسبته في الكلام إليه متفق عليها عند أصحابه وغيرهم؛ وابن الباقلاني أكثر إثباتا بعد الأشعري في " الإبانة " ، وبعد ابن الباقلاني ابن فورك، فإنه أثبت بعض ما في القرآن.
وأما "الجويني" ، ومن سلك طريقته: فمالوا إلى مذهب المعتزلة؛ فإن أبا المعالي كان كثير المطالعة لكتب أبي هاشم ، قليل المعرفة بالآثار ، فأثر فيه مجموع الأمرين.
والقشيري تلميذ ابن فورك؛ فلهذا تغلّظ مذهب الأشعري من حينئذ ، ووقع بينه وبين الحنبلية تنافر بعد أن كانوا متوالفين ، أو متسالمين.
وأما "الحنبلية" : فأبو عبد الله بن حامد قوي في الإثبات، جاد فيه ، ينزع لمسائل الصفات الخبرية.
وسلك طريقه صاحبه القاضي أبو يعلى؛ لكنه ألين منه ، وأبعد عن الزيادة في الإثبات.
وأما أبو عبد الله بن بطة : فطريقته طريقة المحدثين المحضة ، كأبي بكر الآجري في " الشريعة " واللالكائي في السنن .
والخلال مثله ، [أو] قريب منه، وإلى طريقته يميل الشيخ أبو محمد ، ومتأخرو المحدثين.

وأما "التميميون" كأبي الحسن ، [وابنه] أبي الفضل ، وابن [ابنه] رزق الله : فهم أبعد عن الإثبات ، وأقرب إلى موافقة غيرهم ، وألين لهم؛ ولهذا تتبعهم الصوفية ، ويميل إليهم فضلاء الأشعرية، كالباقلاني والبيهقي؛ فإن عقيدة أحمد التي كتبها أبو الفضل ، هي التي اعتمدها البيهقي ؛ مع أن القوم ماشون على السنة.
وأما ابن عقيل : فإذا انحرف، وقع في كلامه مادة قوية معتزلية ، في الصفات والقدر وكرامات الأولياء؛ بحيث يكون الأشعري أحسن قولا منه ، وأقرب إلى السنة...

ولا ريب أن " الأشعرية " الخراسانيين كانوا قد انحرفوا إلى التعطيل.
وكثير من الحنبلية زادوا في الإثبات. وصنف القاضي أبو يعلى كتابه في " إبطال التأويل " ، رد فيه على ابن فورك شيخ القشيري، وكان الخليفة وغيره مائلين إليه؛ فلما صار للقشيرية دولة بسبب السلاجقة، جرت تلك الفتنة، وأكثر الحق فيها كان مع الفرَّائية ، مع نوع من الباطل، وكان مع القشيرية فيها نوع من الحق ، مع كثير من الباطل.

فابن عقيل إنما وقع في كلامه المادة المعتزلية بسبب شيخيه أبي علي بن الوليد ، وأبي القاسم بن التبان المعتزليين؛ ولهذا له في كتابه " إثبات التنزيه " وفي غيره كلام يضاهي كلام المريسي ونحوه .
لكن له في الإثبات كلام كثير حسن، وعليه استقر أمره في كتاب " الإرشاد " ، مع أنه قد يزيد في الإثبات .
لكن مع هذا فمذهبه في الصفات : قريب من مذهب قدماء الأشعرية والكلابية ، في أنه يقر ما دل عليه القرآن والخبر المتواتر ، ويتأول غيره .
ولهذا يقول بعض الحنبلية: أنا أثبت متوسطا بين تعطيل ابن عقيل، وتشبيه ابن حامد" انتهى من مجموع الفتاوى (6/ 51- 54).

فالقول إن كثيرا من الحنابلة زادوا في الإثبات، يظهر أنه في مدة الفتنة التي وقعت بين الأشعرية والحنابلة، فقابل هؤلاء التعطيل بزيادة في الإثبات.
وقد سبق أن غيرهم من أتباع الأئمة ربما كانوا أزيد منهم في الإثبات والإنكار.

ثالثا:
وأما الحنابلة اليوم، فلا نجد عندهم زيادة في الإثبات، بل يقفون مع النصوص، ويتحرون صحيح السنة في ذلك، وهذا معلوم لمن نظر في كلام أهل العلم المعروفين كالشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، والشيخ ابن باز رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله، والشيخ صالح الفوزان حفظه الله، وغيرهم من المشايخ المتبعين لأحمد رحمه الله.

وأما الإنكار على المخالفين بالتبديع أو التكفير، فإن من ذكرنا من العلماء يضبطون ذلك بميزان الشرع، ويحذرون من التسرع في التكفير والتبديع والتجريح.

ولعل السائلة تشير إلى وجود بعض المنتسبين إلى السلفية ممن همهم الجرح والتجريح والتبديع والتضليل، فهؤلاء لا يوافقهم على ذلك العلماء الربانيون، وليسوا حنابلة، ولا يدعون أنهم حنابلة.

وقد سبق التنبيه على خطأ مسلك دعاة التجريح والقدح في أهل العلم وطلبته، وينظر: جواب السؤال رقم (138873).
والنصيحة للسائلة وغيرها : أن تعتني بطلب العلم ، وأخذ العقيدة على أيدي العلماء الثقات، وعدم الانشغال بالتقييم والتصنيف، فإن المهم بالدرجة الأولى أن يكون الإنسان على عقيدة السلف الصالح، لا أن يشتغل بمن أخطأ من الحنابلة أو غيرهم.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.





والله أعلم.

هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك




إظهار التوقيع
توقيع : العدولة هدير
#2

افتراضي رد: هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك

سبحان الله موضوع فى غاية الاهمية اللهم يسر للجميع فهمة
ربنا يفتح عليكِ ويبارك فيكِ ويؤجرك خير يا ام يوسف ياغالية
يثبت للفائدة افادكِ الله

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#3

افتراضي رد: هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك

رد: هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك

إظهار التوقيع
توقيع : النجمة الذهبية
#4

افتراضي رد: هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك

بارك الله فيكِ ونفع بك
في ميزان حسناتك ان شاء الله

#5

افتراضي رد: هل الحنابلة أقل ابتداعا من غيرهم ؟ وبيان شيخ الإسلام في ذلك

يسلمووووو
إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
60 سؤالا في أحكام الحيض والنفاس للشيخ بن عثيمين رحمه الله شوشو السكرة فتاوي وفقه المرأة المسلمة
فـتَـاوَى مُهـمَّـة للمَرأة المُسلِمَة نسيم آڸدکَريآت فتاوي وفقه المرأة المسلمة
رسائل إسلامية للزوج رائعة لًإصلاح البيوت ،رسايل وتوبيكات جديدة 2025 , رسائل اسلامية أم أمة الله رسائل وتوبيكات
شيخ العرب همام أميـر الصعيد / وزعيم قبائل الهوارة في القطر المصري اماني 2011 شخصيات وأحداث تاريخية
نبذه عن شم النسيم كتكوتة المنتدي الاسلامي العام


الساعة الآن 05:22 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل