أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي أبشر أيها التائب

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



أبشر أيها التائب أبشر أيها العائد إلى قوافل العائدين، فإن الله سبحانه يقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، يقول جل في علاه فاتحاً أبواب الرحمة: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].

ويقول جل في علاه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70].

ويقول عز من قائل: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114].

ويقول أرحم الراحمين: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].

ويقول: (يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا لا تشرك بي شيئاً أتيتك بقرابها مغفرة ولا أبالي).

أبشر أيها التائب! أبشر أيها العائد! أبشر أيها المنضم إلى قوافل العائدين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

أبشر أيها التائب! فإن الله يفرح بتوبة التائبين، وإن أنين المذنبين أحب إليه من سجع المسبحين.

يروى أن رجلاً سأل ابن مسعود عن ذنب ألم به: هل له من توبة؟ فأعرض عنه ابن مسعود ، ثم التفت إليه فرأى عينيه تذرفان، فقال له: إن للجنة ثمانية أبواب، كلها تفتح وتغلق إلا باب التوبة فإن عليه ملكاً موكلاً به لا يغلق، فاعمل ولا تنقط من رحمة الله.

قال عبد الرحمن بن أبي قاسم : تذاكرنا مع عبد الرحيم توبة الكافر، وقول الله تعالى: إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38] فقال: إني لأرجو أن يكون المسلم عند الله أحسن حالاً من الكافر، ولقد بلغني أن توبة المسلم كإسلام بعد إسلام.

يروى أنه كان في بني إسرائيل شاب عبد الله تعالى عشرين سنة، ثم عصى الله عشرين سنة، ثم نظر في المرآة فرأى الشيب في لحيته فساءه ذلك فقال: اللهم أطعتك عشرين سنة ثم عصيتك عشرين سنة، فإن رجعت إليك أتقبلني؟ فناداه منادي أرحم الراحمين: أحببتنا فأحببناك، تركتنا فتركناك، عصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25].


اعلم أن الذي حال بين الناس وبين التوبة والصدق فيها هو طول الأمل، ومن أطال الأمل أساء العمل، قال الله: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر:3].

وقال سبحانه: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ [الشعراء:205-206].

وقال سبحانه: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55-56].

اعلم أن مما يعينك على التوبة والإسراع فيها والمبادرة إليها هو ذكر الموت وساعاته.

إن الموت قريب، والعمر مهما طال فهو قصير، والدنيا مهما عظمت فهي حقيرة، فاختر لنفسك النهاية التي تتمناها. فلا إله إلا الله كيف سيكون حالي وحالك عندما يقال: فلان بن فلان لقد دنا منه الأجل، وحانت منه ساعة الرحيل، فصائح بأعلى صوت: رباه ارجعون، رباه ارجعون .. رباه ارجعون، وصائح بأعلى صوت: واطرباه .. واطرباه .. غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه! فاختر الحال التي تريدها يا رعاك الله.

لما حضرت حسان بن أبي سنان الوفاة قيل له: كيف تجدك؟ قال: بخير إن نجوت من النار، قيل له: فما تشتهي؟ قال: ليلة طويلة أصليها كلها.

ودخل المزني على الشافعي رحمه الله في مرضه الذي مات فيه فقال: كيف أصبحت يا أبا عبد الله ؟! فقال: أصبحت عن الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً، ولكأس المنية شارباً، وعلى ربي سبحانه وتعالى وارداً، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنئها، أو إلى النار فأعزيها؟ ثم أنشد:

ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ج

علت الرجاء مني لعفوك سلماً





تعاظمني ذنبي فلما قرنته ب

عفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل

ودوداً وتعفو منة وتكرماً

فاعلم يا رعاك الله! أن الآمال تطوى، والأموال تفنى، والأبدان تحت التراب تموت، وأن الأيام والليالي تبليان كل جديد، وتقربان كل بعيد، وتأتيان بكل موعود ووعيد، فانتبه يا رعاك الله من رقدة الهجوع، وارجع إلى الله بالتضرع والخشوع، وقل: آن الأوان للانضمام إلى قوافل العائدين.

قالوا: من رزق أربعاً لم يحرم أربعاً: من رزق الدعاء لم يحرم الإجابة، والله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، ومن رزق الاستغفار لم يحرم المغفرة، والله يقول: إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح:10]، ومن رزق الشكر لم يحرم المزيد، والله يقول: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7]، ومن رزق التوبة لم يحرم القبول، والله يقول: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [الشورى:25].

الحياة بدون العبادة ضنك
وختاماً: اعلم أن الحياة بدون الله سراب، وأن القلب لا يصلح إلا بالله جل وعلا، فإذا أقبل على الله تعالى اجتمع وانضم بعضه إلى بعض، ووجد نفسه وسلمت فطرته.

يا أيها الإنسان! ما غرك بربك الكريم؟ إلى كم تعصي وتتمرد؟ وأقبح من قبيحك أنك تتعفف.

يا ناصع الثوب والقلب أسود؛ ما هذا الأمل ولست بمخلد، أما تخاف من أوعد وتهدد؟

يا من شاب وما تاب، أين البكاء، أين الحذر من أليم العقاب؟

قل:

ما أحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني

تمر ساعات أيامي بلا ندم

ولا بكاء ولا خوف ولا حزن

أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً

على المعاصي وعين الله تنظرني

يا زلة كتبت في غفلة ذهبت

يا حسرة بقيت في القلب تحرقني

دعني أنوح على نفسي وأندبها

وأقطع الدهر بالتذكير والحزن

دع عنك عذلي يا من كنت تعذلني

لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني

دعني أسح دموعاً لا انقطاع لها

فهل عسى عبرة منها تخلصني

اكتب قصة الرجوع بقلم الندم والدموع، واسر بها على قدم الخضوع إلى باب الخشوع، وأتبعها بالعطش والجوع، وسل الرحمة فرب سؤال مسموع.

قم وناد في الأسحار والناس نيام: يا رجاء الخائفين! يا أمل المذنبين! إن طردتني فإلى من أذهب؟ يا رحيماً بمن عصاك، يا حليماً على من تناساك، يا من شيمته الصبر:

عصيتك جاهلاً يا ذا المعالي

ففرج ما ترى من سوء حالي

إلى من يهرب المخلوق إلا

إلى مولاه يا مولى الموالي.

فلله در أقوام تركوا فأصابوا، وسمعوا منادي الله يدعو فأجابوا، وحضروا مشاهد التقى فما غابوا، واعتذروا عن تحقيق ثم تابوا، ثم قصدوا باب مولاهم فما ردوا ولا خابوا.

اللهم سر بنا في درب النجابة، ووفقنا للتوبة والإنابة، وافتح لأدعيتنا الإجابة، يا من إذا سأله المضطر أجابه.

اللهم تب علينا توبة نصوحاً، لا ننقض عهدها أبداً، واحفظنا في ذلك لنكون بها من جملة السعداء.

اللهم اقبل توبة التائبين، واغفر ذنب المذنبين، واقبل الشباب والشيب في قوافل العائدين.

اللهم ألهمنا القيام بحقك، وبارك لنا في الحلال من رزقك، ولا تفضحنا بين خلقك، يا خير من دعاه داع، وأفضل من رجاه راج، يا قاضي الحاجات! يا رافع الدرجات! يا مجيب الدعوات! يا رب الأرض والعرش والسماوات! سألناك فحقق رجاءنا فيما تمنيناه.

يا من يملك حوائج السائلين نسألك عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين!

اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه الأخيار، عدد ما غرد طير وطار، وعدد ما استغفر المستغفرون في الأسحار.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
.

( أنين المذنبين ) للشيخ : ( خالد الراشد )



#2

افتراضي رد: أبشر أيها التائب

بارك الله فيكِ
إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الورد اليومي تفسيرسورة الرحمن تابعوا بارك الله فيكم أم أمة الله القرآن الكريم
تفسير سورة الرحمن للشيخ السعدي رحمه الله,سورة الرحمن للشيخ عبدالرحمن السعدي وفيديو له جنا حبيبة ماما القرآن الكريم
أيها المودع رمضان؟؟ حڸآۉة آڸرۉح عدلات في رمضان
رمضان .. لماذا تُسرع الخُطى أيها الحبيب الغالي ؟ محبة القرآن المنتدي الاسلامي العام
أبشر أيها المريض الله هو الطبيب.. رااااااااائع الاء نور العيادة الطبية


الساعة الآن 09:01 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل