صلاة العيدين (الفطر والأضحى) سنَّة مؤَكَّدة عند جمهور الفقهاء، وهي شعيرة من شعائر الإسلام، ومظهر من مظاهره العظيمة، ينبغي على المسلم أن يحرص على أدائها مع جماعة المسلمين، أُسوةً بالنبي صلَّى الله عليه وسَلَّم، الذي كان يُواظِب عليها، ويدعو الناس إلى الخروج إليها، ولم يثبتْ أنه تخلّف عنها في عيد من الأعياد.
وسوف نأتي على بيان عشرة أحاديث من أحاديث الأحكام التي وردت في صفة
صلاة العيدين وأحكامها.
الأول: أنها تكون بلا أذان ولا إقامة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صلى الْعِيدَ بِلا أَذَانٍ، وَلا إِقَامَةٍ" رواه أبو داود، وأصله في "صحيح البخاري".
يدل هذا الحديث على عدم مشروعية الأذان أو الإقامة لصلاة العيد.
الثاني: أن لها تكبيرات خاصة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قَال نَّبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم: (التَّكْبِيرُ فِي الْفِطْرِ سَبْعٌ فِي الأُولَى، وَخَمْسٌ فِي الأخِرَى، وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا) رواه أبو داود، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه.
يدل هذا الحديث على مشروعية التكبير المذكور في صلاة العيد، سبع تكبيرات في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل القراءة، وخمسٌ في الثانية كذلك، بعد تكبيرة القيام، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يرفع يديه مع كل تكبيرة.
الثالث: أن الخطبة تكون بعد الصلاة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بكر وعُمَر يُصَلُّونَ العِيديْنِ قَبْلَ الخُطْبة) متفق عليه.
يدل هذا الحديث على أن صلاة العيد تكون قبل الخطبة، بخلاف صلاة الجمعة، فإنها تكون بعد الخطبة.
الرابع: أنها ركعتان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلى يَوْمَ العيدِ رَكْعَتَيْنِ، لمْ يُصَل قَبْلَهُمَا ولا بَعْدهُما) متفق عليه.
يدل هذا الحديث على أن صلاة العيد ركعتان، كما يدلّ على عدم مشروعية النافلة قبلها ولا بعدها في موضع أدائها.
الخامس: أنه يستحبّ صلاة ركعتين في المنزل بعدها، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئاً، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) رواه ابن ماجه بإسناد حسن.
يدل هذا الحديث على استحباب صلاة ركعتين في المنزل بعد صلاة العيد.
السادس: في الخروج إلى المصلّى، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى، وَأَوَّلُ شَيْء يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ، ثُمّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ -وَالنَّاسُ عَلَى صُفُوفِهِمْ- فَيَعِظُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ) متفق عليه.
يدل هذا الحديث على أن السنة أداء صلاة العيد في المصلى، والمصلى: فضاء واسع يجتمع فيه أهل البلد.
السابع: في القراءة فيها، فعن أبي واقِدٍ الليثيِّ رضي الله عنه قال: (كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْفِطْر والأضحى بـ {ق} و{اقْتَرَبَتِ}) رواه مسلم.
يدل هذا الحديث على استحباب قراءة هاتين السورتين في صلاة العيد، وورد في رواية أخرى أنه كان يقرأ فيها بـ {سبح}، و{هل أتىك حديث الغاشية}، فيستحب أن يقرأ بهاتين تارة، و بـ {ق} و{اقْتَرَبَتِ} تارة أخرى.
الثامن: أنه يجوز صلاتها في داخل المسجد، فعن أبي هُرَيرة رضي الله عنه "أَنّهُمْ أصَابَهم مطَرٌ في يَوْم عيدٍ فصَلى بهمُ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الْعيدِ في المسجدِ" رواه أبو دواد بإسناد حسن.
يدل هذا الحديث على جواز صلاة العيد في المسجد، وترك الخروج إلى المصلى لعذر، كالمطر ونحوه.
التاسع: في تعجيل الأكل قبل صلاة عيد الفطر وتأخيره بعد صلاة عيد الأضحى، فعن بُريدة رضي الله عنه قال: (كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حتى يَطْعَمَ، ولا يَطْعَمُ يَوْمَ الأضحى حتّى يُصَلي) رواه أحمد والترمذي، وصححه ابن حبان.
يدل هذا الحديث على استحباب تعجيل الأكل قبل صلاة عيد الفطر، وتأخير الأكل بعد صلاة عيد الأضحى، والحكمة في تأخير الأكل يوم الأضحى: الابتداء بأكل النسك، شكراً لله تعالى على ما أنعم به من شرعية نحر الأضاحي، الجامعة لخير الدنيا وثواب الآخرة، وفي رواية البيهقي: "وكان إذا رجع أكل من كبد أضحيته".
العاشر: في اصطحاب النساء والأطفال، فعن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قالت: (أُمِرْنا أَنْ نُخْرِجَ الْعواتِقَ -البنات الأبكار البالغات والمقاربات للبلوغ- والحُيَّضَ في العيديْنِ، يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدعْوَةَ المسْلمينَ، ويعْتَزلُ الحُيّضُ المصلى) متفق عليه.
يدل هذا الحديث على مشروعية خروج النساء لصلاة العيد، ولو كانت المرأة حائضاً، غير أن الحائض لا تصلي، بل تعتزل عن المصليات، وتستمع
للخطبة.
تلك عشرة كاملة، تجمع ما يتعلق بأحكام صلاة العيد، وبالله التوفيق