"وقل ربي زدني علما"
قال تعالى: "فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك
وحيه وقل ربي زدني علما"
[طه].
عندما يشرع الإنسان في الكلام عن العلم ومكانته في الإسلام فكأنه يتكلم عن ركن من أركانه وأساس من أساساته.
فأول كلمة نزلت من القرآن هي (اقرأ)،
ومعجزة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم كانت كتاباً يقرأ،
وسمي هذا الكتاب بالقرآن لأنه مقروء
وسمي أيضاً كتاباً لأنه مكتوب،
وسميت سورة من سوره باسم وسيلة العلم الأولى «القلم»،
وكان مفتتح تلكم السورة بالقسم بالقلم أيضاً ...
ولقد كان أعلم هذه الأمة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من ذلك جاءه الأمر أن يسأل الله زيادة العلم: "وقل ربي زدني علما"
_وبهذه الصيغة التي تضمنت لفظ الربوبية «ربِ» ذات العلاقة بمعنى التربية
ذي الصلة الوثيقة بالعلم والتعلم.
_فالتربية لا تكون إلا بالتعليم والعلم، ولقد وَعت القرون الأولى من أمة الإسلام هذه المعاني، فكانت لها الأولية في أكثر مجالات المعارف، والأسبقية في جُلِّ المخترعات والدراسات وتأسيس المعاهد العلمية والمدارس.
_وما النور الذي أضاء سماء أوروبا وأميركا في مجال العلم والحضارة إلا قبسٌ من شمسِ الإسلامِ التي سطعت على العالم قبل تفشي الجهلِ وترك العلمِ في هذه الأمة.
_ويا ليت أمة الإسلام تنكرت للعلم قبل أن يصبح العلم روح العصر الذي نعيشه لكان حالنا وجميع الأمم سيان؛ لكنها تنكرت له في الوقت غير المناسب فانطبق عليهما قول الفيلسوف فولتير: «إذا لم تكن لك روح عصر كانت لك كل شروره».
_نعم إن أمة الإسلام في هذا العصر فقدت روح العصر «العلم» فكانت عليها كل شرور العصر، وما تلك الحروب وأولئك القتلى والضحايا من جرحى ولاجئين إلا مظهر
من مظاهر تلك الشرور.
إنَّ الأمة بحاجة اليوم إلى أن تعود إلى ذلك الدعاء "وقل ربي زدني علما"،
وتأخذ بأسباب الاستجابة، فهذه هي والله أولى خطوات التغيير في الإنسان
والتغيير في المجتمعات كلها،
واللحوق بركب روح العصر.
ناصر الكسواني