أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

ملف كامل عن الصيام
كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة






ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة


ويشتمل على خمسة أبواب:
.الباب الأول: في مقدمات الصيام:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: تعريف الصيام، وبيان أركانه:
1- تعريفه: الصيام في اللغة: الإمساك عن الشيء.
وفي الشرع: الإمساك عن الأكل، والشرب، وسائر المفطرات، مع النية، من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.
2- أركانه: من خلال تعريف الصيام في الاصطلاح، يتضح أن له ركنين أساسين، هما:
الأول: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
ودليل هذا الركن قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. والمراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود: بياض النهار وسواد الليل.
الثاني: النية، بأن يقصد الصائم بهذا الإمساك عن المفطرات عبادة الله عز وجل، فبالنية تتميز الأعمال المقصودة للعبادة عن غيرها من الأعمال، وبالنية تتميز العبادات بعضها عن بعض، فيقصد الصائم بهذا الصيام: إما صيام رمضان،

أو غيره من أنواع الصيام.
ودليل هذا الركن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
.المسألة الثانية: حكم صيام رمضان ودليل ذلك:
فرض الله عز وجل صيام شهر رمضان، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة؛ وذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. وقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].
ولما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً».
ولما رواه طلحة بن عبيد الله أن أعرابياً جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصيام؟، قال: «شهر رمضان»، قال: هل عليَّ غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع شيئاً...» الحديث.
وقد أجمعت الأمة على وجوب صيام رمضان، وأنه أحد أركان الإسلام التي عُلمت من الدين بالضرورة، وأن منكره كافر، مرتد عن الإسلام.
فثبت بذلك فرضية الصوم بالكتاب والسنة والإجماع، وأجمع المسلمون على كفر من أنكره.

.المسألة الثالثة: أقسام الصيام:
الصيام قسمان: واجب، وتطوع؛ والواجب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- صوم رمضان.
2- صوم الكفارات.
3- صوم النذر.
والكلام هنا ينحصر في صوم رمضان، وفي صوم التطوع، أما بقية الأقسام فتأتي في مواضعها، إن شاء الله تعالى.

المسألة الرابعة: فضل صيام شهر رمضان، والحكمة من مشروعية صومه:
1- فضله: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه».
وعنه رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».
هذا بعض ما ورد في فضل صيام شهر رمضان، وفضائله كثيرة.
2- الحكمة من مشروعية صومه: شرع الله سبحانه الصوم لحكم عديدة وفوائد كثيرة، فمن ذلك:
1- تزكية النفس، وتطهيرها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة؛ لأن الصوم يضيق مجاري الشيطان في بدن الإنسان.
2- في الصوم تزهيد في الدنيا وشهواتها، وترغيب في الآخرة ونعيمها.
3- الصوم يبعث على العطف على المساكين، والشعور بآلامهم؛ لأن الصائم يذوق ألم الجوع والعطش.
إلى غير ذلك من الحكم البليغة، والفوائد العديدة.


.المسألة الخامسة: شروط وجوب صيام رمضان:
يجب صيام رمضان على من توافرت فيه الشروط التالية:
1- الإسلام: فلا يجب، ولا يصح الصيام من الكافر؛ لأن الصيام عبادة، والعبادة لا تصح من الكافر، فإذا أسلم لا يلزم بقضاء ما فاته.
2- البلوغ: فلا يجب الصيام على من لم يبلغ حد التكليف؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رفع القلم عن ثلاثة» فذكر منهم الصبي حتى يحتلم، ولكنه يصح الصيام من غير البالغ لو صام، إذا كان مميزاً، وينبغي لولي أمره أن يأمره بالصيام؛ ليعتاده ويألفه.
3- العقل: فلا يجب الصيام على المجنون والمعتوه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رفع القلم عن ثلاثة» فذكر منهم المجنون حتى يفيق.
4- الصحة: فمن كان مريضاً لا يطيق الصيام لم يجب عليه، وإن صام صح صيامه؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185]. فإن زال المرض وجب عليه قضاء ما أفطره من أيام.
5- الإقامة: فلا يجب الصوم على المسافر؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية؛ فلو صام المسافر صَحَّ صيامه، ويجب عليه قضاء ما أفطره في السفر.
6- الخلو من الحيض والنفاس: فالحائض والنفساء لا يجب عليهما الصيام، بل يحرم عليهما؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم؟، فذلك من نقصان دينها». ويجب القضاء عليهما؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة).


ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

يتبــــــع




إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#2

افتراضي رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة


رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
المسألة السادسة: ثبوت دخول شهر رمضان وانقضائه:
يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، بنفسه أو بشهادة غيره على رؤيته، أو إخباره بذلك؛ فإذا شهد مسلم عدل برؤية هلال رمضان ثبت بهذه الشهادة دخول شهر رمضان؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا رأيتموه فصوموا»، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «أخبرت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برؤية رمضان فصامه، وأمر الناس بصيامه».
فإن لم يرَ الهلال، أو لم يشهد مسلم عدل برؤيته، وجب إكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً. ولا يثبت دخول الشهر بغير هذين الأمرين- رؤية الهلال، أو إتمام شعبان ثلاثين يوما- لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين».
ويثبت انقضاء رمضان برؤية هلال شهر شوال بشهادة مسلمين عدلين، فإن لم يشهد مسلمان عدلان برؤية الهلال، وجب إكمال عدة رمضان ثلاثين يوماً

المسألة السابعة: وقت النية في الصوم وحكمها:
يجب على الصائم أن ينوي الصيام، وهي ركن من أركانه كما مضى؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى». وينويها من الليل في الصيام الواجب؛ كصوم رمضان والكفارة والقضاء والنذر، ولو قبل الفجر بدقيقة واحدة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له».
فمن نوى صوماً في النهار، ولم يطعم شيئاً، لم يجزئه إلا في صيام التطوع، فيجوز بنية من النهار، إذا لم يطعم شيئاً من أكل أو شرب؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم فقال: «هل عندكم من شيء؟» فقلنا: لا، قال: «فإني إذنْ صائم». أما صيام الواجب فلا ينعقد بنية من النهار، ولابد فيه من نية الليل.
وتكفي نية واحدة في بداية رمضان لجميع الشهر، ويُستحب تجديدها في كل يوم.
رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة.الباب الثاني: في الأعذار المبيحة للفطر ومفطرات الصائم، وفيه مسألتان:

المسألة الأولى:
الأعذار المبيحة للفطر في رمضان:
يباح الفطر في رمضان لأحد الأعذار التالية:
الأول: المرض والكبر، فيجوز للمريض الذي يُرجى برؤه الفطرُ، فإذا برئ وجب عليه قضاء الأيام التي أفطرها؛ لقوله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، وقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].
والمرض الذي يرخص معه في الفطر هو المرض الذي يشق على المريض الصيام بسببه.
أما المريض الذي لا يرجى برؤه، أو العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً كالكبير: فإنه يفطر، ولا يجب عليه القضاء، وإنما تلزمه فدية، بأن يطعم عن كل يوم مسكيناً؛ لأن الله- عز وجل- جعل الإطعام معادلاً للصيام حين كان التخيير بينهما في أول ما فرض الصيام، فتعيَّن أن يكون بدلاً عنه عند العذر.
يقول الإمام البخاري- رحمه الله-: "وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام، فقد أطعم أنس بعدما كبر عاماً أو عامين عن كل يوم مسكيناً. وقال ابن عباس رضي الله عنهما في الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما: فليطعما مكان كل يوم مسكيناً".
فيطعم العاجز عن الصيام عجزاً لا يرجى زواله، بمرض كان أو كبر، عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من بر، أو تمر، أو أرز، أو نحوها من قوت البلد، ومقدار الصاع كيلوان وربع تقريباً (2.25) فيكون الإطعام عن كل يوم: كيلو جرام ومائة وخمسة وعشرين جراماً (1125 جرام) تقريباً.
هذا وإن صام المريض صح صيامه وأجزأه.
الثاني: السفر؛ فيباح للمسافر الفطر في رمضان، ويجب عليه القضاء؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]. وقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185].
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن سأله عن الصيام في السفر: «إن شئت فصم، وان شئت فأفطر». وخرج إلى مكة صائماً في رمضان، فلما بلغ الكَدِيد أفطر، فأفطر الناس.
ويباح الفطر في السفر الطويل الذي يباح فيه قصر الصلاة، وهو ما يقدر بثمانية وأربعين ميلاً، أي: حوالي ثمانين كيلو متراً.
والسفر المبيح للفطر في رمضان هو السفر المباح، فإن كان سفر معصية أو سفراً يُراد به التحايل على الفطر، لم يبح له الفطر بهذا السفر.
وإن صام المسافر صَحَّ صومه وأجزأه، لحديث أنس رضي الله عنه: «كنا نسافر مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم». ولكن بشرط ألا يشق عليه الصوم في السفر، فإن شقَّ عليه، أو أضَرَّ به، فالفطر في حقه أفضل؛ أخذاً بالرخصة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في السفر رجلاً صائماً قد ظُلِّلَ عليه من شدة الحر، وتجمع الناس حوله، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس من البرِّ الصيام في السفر».
الثالث: الحيض والنفاس، فالمرأة التي أتاها الحيض أو النفاس تفطر في رمضان وجوباً، ويحرم عليها الصوم، ولو صامت لم يصح منها؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟ فذلك من نقصان دينها».
ويجب عليهما القضاء؛ لقول عائشة رضي الله عنها: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
الرابع: الحمل والرضاع؛ فالمرأة إذا كانت حاملاً أو مرضعاً، وخافت على نفسها أو ولدها بسبب الصوم جاز لها الفطر، لما رواه أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم، وعن الحبلى والمرضع الصوم»، وتقضي الحامل والمرضع مكان الأيام التي أفطرتاها، وذلك إن خافتا على نفسيهما، فإن خافت الحامل مع ذلك على جنينها، أو المرضع على رضيعها؛ أطعمت مع القضاء عن كل يوم مسكيناً؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا، وأطعمتا).
فتلخَّص من ذلك أن الأسباب المبيحة للفطر أربعة: السفر، والمرض، والحيض والنفاس، والخوف من الهلاك، كما في الحامل والمرضع.

المسألة الثانية: مفطرات الصائم:
وهي الأشياء التي تفسد على الصائم صومه وتفطره. ويفطر الصائم بفعل أحد الأمور التالية:
الأول: الأكل أو الشرب عمداً؛ لقولى تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187].
فقد بينت الآية أنه لا يباح للصائم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر حتى الليل- غروب الشمس-. أما من أكل أو شرب ناسياً فصيامه صحيح، ويجب عليه الإمساك إذا تذكَّر، أو ذكر أنه صائم؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتمَّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه».
ويفسد الصوم بالسَّعُوط، وبكل ما يصل إلى الجوف، ولو من غير الفم مما هو في حكم الأكل والشرب كالإبر المغذية.
الثاني: الجماع، يبطل الصيام بالجماع، فمَنْ جامع وهو صائم بطل صيامه، وعليه التوبة والاستغفار، وقضاء اليوم الذي جامع فيه، وعليه مع القضاء كفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هلكت، فقال: «مالك؟»، قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هل تجد رقبة تعتقها؟»، قال: لا. قال: «هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟»، قال: لا، قال: «هل تجد إطعام ستين مسكيناً؟»، قال: لا، قال: فمكث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَق فيه تمر- والعَرَقُ المكتل- قال: «أين السائل؟»، فقال: أنا، قال: «خذ هذا فتصدق به»، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابَتَيْها- يريد الحرَّتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك».
وفي معنى الجماع: إنزال المني اختيارا؛ فإذا أنزل الصائم مختاراً بتقبيل، أو لمس، أو استمناء، أو غير ذلك فسد صومه؛ لأن ذلك من الشهوة التي تناقض الصوم، وعليه القضاء دون الكفارة؛ لأن الكفارة لا تلزم إلا بالجماع فقط، لورود النص خاصاً به.
أما إذا نام الصائم فاحتلم، أو أنزل من غير شهوة كمن به مرض، فلا يبطل صيامه؛ لأنه لا اختيار له في ذلك.
الثالث: التقيؤ عمداً، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم عمداً، أما إذا غلبه القيء وخرج منه بغير اختياره، فلا يؤثر في صيامه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من ذَرَعَهُ القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض».
الرابع: الحجامة، وهي إخراج الدم من الجلد دون العروق، فمتى احتجم الصائم فقد أفسد صومه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أفطر الحاجم والمحجوم»، وكذا يفسد صوم الحاجم أيضاً، إلا إذا حجمه بآلات منفصلة، ولم يحتج إلى مص الدم، فإنه- والله أعلم- لا يفطر.
وفي معنى الحجامة: إخراج الدم بالفَصْد، وإخراجه من أجل التبرع به.
أما خروج الدم بالجرح، أو قلع الضرس، أو الرعاف فلا يضر؛ لأنه ليس بحجامة، ولا في معناها.
الخامس: خروج دم الحيض والنفاس، فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس أفطرت، ووجب عليها القضاء؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المرأة: «أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم».
السادس: نية الفطر، فمن نوى الفطر قبل وقت الإفطار وهو صائم، بطل صومه، وإن لم يتناول مفطراً، فإن النية أحد ركني الصيام، فإذا نقضها قاصداً الفطر، ومتعمداً له، انتقض صيامه.
السابع: الرِّدة، لمنافاتها للعبادة، ولقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].

.الباب الثالث: مستحبات الصيام ومكروهاته، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: مستحبات الصيام:
يستحب للصائم أن يراعي في صيامه الأمور التالية:
1- السُّحُور: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تسحروا فإن في السحور بركة». ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله، ولو بجرعة ماء. ووقت السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر.
2- تأخير السُّحُور: لحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية.
3- تعجيل الفطر: فيستحب للصائم تعجيل الفطر متى تحقق غروب الشمس، فعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر».
4- الإفطار على رُطَبَات: فإن لم يجد فتمرات، وأن تكون وتراً، فإن لم يجد فعلى جرعات من ماء؛ لحديث أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفطر على رُطَبَاتٍ قبل أن يصلِّي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حَسا حسوات من ماء» فإن لم يجد شيئاً نوى الفطر بقلبه، ويكفيه ذلك.
5- الدعاء عند الفطر، وأثناء الصيام: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم».
6- الإكثار من الصدقة، وتلاوة القرآن، وتفطير الصائمين، وسائر أعمال البر: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة».
7- الاجتهاد في صلاة الليل: وبالأخص في العشر الأواخر من رمضان؛ فعن عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله»، ولعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدَّم من ذنبه».
8- الاعتمار: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عمرة في رمضان تعدل حجة».
9- قول: "إني صائم" لمن شتمه: وذلك لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد، أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم».
رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#3

افتراضي رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة




رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
المسألة الثانية: مكروهات الصيام:
يكره في حق الصائم بعض الأمور التي قد تؤدي إلى جرح صومه، ونقص أجره، وهي:
1- المبالغة في المضمضة والاستنشاق: وذلك خشية أن يذهب الماء إلى جوفه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً».
2- القُبْلَة لمن تحرك شهوته، وكان ممن لا يأمن على نفسه: فيكره للصائم أن يقبل زوجته، أو أمته؛ لأنها قد تؤدي إلى إثارة الشهوة التي تجر إلى فساد الصوم بالإمناء أو الجماع، فإن أمن على نفسه من فساد صومه فلا بأس؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبِّل وهو صائم، قالت عائشة رضي الله عنها: (وكان أملككم لأَرَبِه)- أي: حاجته-. وكذلك عليه تجنب كل ما من شأنه إثارة شهوته وتحريكها؛ كإدامة النظر إلى الزوجة، أو الأمة، أو التفكر في شأن الجماع؛ لأنه قد يؤدي إلى الإمناء، أو الجماع.
3- بلع النخامة: لأن ذلك يصل إلى الجوف، ويتقوى به، إلى جانب الاستقذار والضرر الذي يحصل من هذا الفعل.
4- ذوق الطعام لغير الحاجة: فإن كان محتاجاً إلى ذلك- كأن يكون طبَّاخاً يحتاج لذوق ملحه وما أشبهه- فلا بأس، مع الحذر من وصول شيء من ذلك إلى حلقه.

الباب الرابع: في القضاء، والصيام المستحب، وما يكره ويحرم من الصيام:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: قضاء الصيام:
إذا أفطر المسلم يوماً من رمضان بغير عذر، وجب عليه أن يتوب إلى الله، ويستغفره؛ لأن ذلك جرم عظيم، ومنكر كبير، ويجب عليه مع التوبة والاستغفار القضاء بقدر ما أفطر بعد رمضان، ووجوب القضاء هنا على الفور على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأنه غير مرخَّص له في الفطر، والأصل أن يؤديه في وقته.
أما إذا أفطر بعذر كحيض أو نفاس أو مرض أو سفر أو غير ذلك من الأعذار المبيحة للفطر فإنه يجب عليه القضاء، غير أنه لا يجب على الفور، بل على التراخي إلى رمضان الآخر، لكن يندب له، ويستحب التعجيل بالقضاء، لأن فيه إسراعاً في إبراء الذمة، ولأنه أحوط للعبد؛ فقد يطرأ له ما يمنعه من الصوم كمرض ونحوه. فإن أخَّره حتى رمضان الثاني، وكان له عذر في تأخيره، كأن استمر عذره، فعليه القضاء بعد رمضان الثاني.
أما إن أخَّره إلى رمضان الثاني بغير عذر، فعليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم.
ولا يشترط في القضاء التتابع، بل يصح متتابعاً ومتفرقاً، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فلم يشترط سبحانه في هذه الأيام التتابع، ولو كان شرطاً لبيَّنه سبحانه وتعالى.


.المسألة الثانية: الصيام المستحب:
من حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده: أن جعل لهم من التطوع ما يماثل الفرائض، وذلك زيادة في الأجر والثواب للعاملين، وجبراً للنقص والخلل الذي قد يطرأ على الفريضة، فقد سبق معنا: أن الفرائض تكمل من النوافل يوم القيامة. والأيام التي يستحب صيامها هي:
1- صيام ستة أيام من شوال: لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر».
2- صيام يوم عرفة لغير الحاج: لحديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده». أما الحاجُّ فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفطر في ذلك اليوم والناس ينظرون إليه، ولأنه أقوى للحاج على العبادة والدعاء في ذلك اليوم.
3- صيام يوم عاشوراء: فقد سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صوم عاشوراء؟ فقال: «أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله». ويستحب صيام يوم قبله أو يوم بعده؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، خالفوا اليهود».
4- صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع: لحديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتحرى صيام الاثنين والخميس»، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم».
5- صيام ثلاثة أيام من كل شهر: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن عمرو: «صم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام». ويستحب أن تكون الأيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر؛ لحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من كان منكم صائماً من الشهر فليصم الثلاث البيض».
6- صوم يوم وإفطار يوم: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أفضل الصيام صيام داود عليه السلام؛ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً». وهذا من أفضل أنواع التطوع.
7- صيام شهر الله المحرم: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل».
8- صيام تسع ذي الحجة: وتبدأ من أول يوم من شهر ذي الحجة، وتنتهي باليوم التاسع، وهو يوم عرفة؛ وذلك لعموم الأحاديث الواردة في فضل العمل فيها؛ فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر». والصوم من العمل الصالح.

المسألة الثالثة: ما يكره ويحرم من الصيام:
1- يكره إفراد شهر رجب بالصيام؛ لأن ذلك من شعائر الجاهلية، وقد كانوا يعظمون هذا الشهر، فلو صامه مع غيره لم يكره؛ لأنه لا يكون حينئذ مُخَصِّصاً له بالصيام. روى أحمد بن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف المترجِّبين، حتى يضعوها في الطعام، ويقول: (كلوا، فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية).
2- يكره إفراد يوم الجمعة بصيام؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تصوموا يوم الجمعة، إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده». فإن صامه مع غيره فلا بأس بذلك، للحديث الماضي.
3- يكره إفراد يوم السبت بصيام؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم». والمقصود: النهي عن إفراده، وتخصيصه بالصيام، أما إذا ضُمَّ إلى غيره فلا بأس، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأم المؤمنين جويرية وقد دخل عليها يوم الجمعة، وهي صائمة: «أصمتِ أمس؟» قالت: لا. قال: «تريدين أن تصومي غداً؟» قالت: لا. قال: «فأفطري». فدل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تريدين أن تصومي غداً» على جواز صيام يوم السبت مع غيره. قال الإمام الترمذي- رحمه الله- عقب إخراجه حديث النهي الماضي: ومعنى الكراهية في هذا: أن يختص الرجل يوم السبت بصيام؛ لأن اليهود
يعظِّمون يوم السبت.
4- تحريم صيام يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، فإن كانت السماء صحواً فلا شك. ودليل تحريمه: حديث عمار رضي الله عنه قال: (من صام اليوم الذي يشكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم).
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يتقدمَن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم». والمعنى: لا يتقدم أحد رمضان بصوم يوم يُعَدُّ منه بقصد الاحتياط، فإن صومه مرتبط بالرؤية، فلا حاجة إلى التكلف، أما من كان له ورد يصومه فلا شيء عليه؛ لأن ذلك ليس من استقبال رمضان. ويستثنى من ذلك أيضاً: القضاء والنذر لوجوبهما.
5- يحرم صوم يومي العيدين، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صوم يوم الفطر والنحر»، ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «هذان يومان نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيامهما: يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم».
6- يكره صوم أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها: «أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل». ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب». ورُخِّص في صيامها للمتمتع والقارن إذا لم يجدا ثمن الهدي؛ لحديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم، قالا: (لم يُرَخَّص في أيام التشريق أن يُصَمن إلا لمن لم يجد الهدي).

الباب الخامس: في الاعتكاف:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الاعتكاف وحكمه:
1- تعريفه: الاعتكاف في اللغة: لزوم الشيء، وحبس النفس عليه.
وفي الشرع: لزوم المسلم المميز مسجداً لطاعة الله عز وجل.
2- حكمه: وهو سنة وقربة إلى الله تعالى؛ لقوله عز وجل: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]. وهذه الآية دليل على مشروعيته حتى في الأمم السابقة. وقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
وعن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله».
وأجمع المسلمون على مشروعيته، وأنه سنة، لا يجب على المرء إلا أن يوجبه على نفسه كأن ينذره.
فثبتت سُنيَّة الاعتكاف ومشروعيته، بالكتاب، والسنة، والإجماع.

المسألة الثانية: شروط الاعتكاف:
الاعتكاف عبادة لها شروط لا تصح إلا بها، وهي:
1- أن يكون المعتكف مسلماً مميزاً عاقلاً: فلا يصح الاعتكاف من الكافر، ولا المجنون، ولا الصبي غير المميز؛ أما البلوغ والذكورية فلا يشترطان، فيصح الاعتكاف من غير البالغ إذا كان مميزاً، وكذلك من الأنثى.
2- النية: لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنما الأعمال بالنيات». فينوي المعتكف لزوم معتكفه؛ قربةً وتعبداً لله عز وجل.
3- أن يكون الاعتكاف في مسجد: لقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد} ِ [البقرة: 187]. ولفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث كان يعتكف في المسجد، ولم ينقل عنه أنه اعتكف في غيره.
4- أن يكون المسجد الذي يعتكف فيه تقام فيه صلاة الجماعة: وذلك إذا كانت مدة الاعتكاف تتخللها صلاة مفروضة، وكان المعتكف ممن تجب عليه الجماعة، لأن الاعتكاف. في مسجد لا تقام فيه صلاة الجماعة يقتضي ترك الجماعة وهي واجبة عليه، أو تكرار خروج المعتكف كل وقت، وهذا ينافي المقصود من الاعتكاف، أما المرأة فيصح اعتكافها في كل مسجد سواء أقيمت فيه الجماعة أم لا. هذا إذا لم يترتب على اعتكافها فتنة، فإن ترتب على ذلك فتنة منعت. والأفضل أن يكون المسجد الذي يعتكف فيه تقام فيه الجمعة، لكن ذلك ليس شرطاً للاعتكاف.
5- الطهارة من الحدث الأكبر: فلا يصح اعتكاف الجنب، ولا الحائض، ولا النفساء؛ لعدم جواز مكث هؤلاء في المسجد.
أما الصيام فليس بشرط في الاعتكاف؛ لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال: «أوف بنذرك». فلو كان الصوم شرطاً لما صح اعتكافه في الليل، لأنه لا صيام فيه. ولأنهما عبادتان منفصلتان، فلا يشترط لإحداهما وجود الأخرى.

رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#4

افتراضي رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة


المسألة الثالثة: زمان الاعتكاف ومستحباته وما يباح للمعتكف:
1- زمن الاعتكاف ووقته: المكث في المسجد مقداراً من الزمن هو ركن الاعتكاف، فلو لم يقع المكث في المسجد لم ينعقد الاعتكاف، وفي أقل مدة الاعتكاف خلاف بين أهل العلم. والصحيح- إن شاء الله- أن وقت الاعتكاف ليس لأقله حد، فيصح الاعتكاف مقداراً من الزمن، وإن قل، إلا أن الأفضل ألا يقل الاعتكاف عن يوم أو ليلة؛ لأنه لم ينقل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن أحد من أصحابه الاعتكاف فيما دون ذلك.
وأفضل أوقات الاعتكاف العشر الأواخر من رمضان؛ لحديث عائشة رضي الله عنها السابق: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله". فإن اعتكف في غير هذا الوقت، جاز ذلك لكنه خلاف الأولى والأفضل.
ومن نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان صلى الفجر من صبيحة اليوم الحادي والعشرين في المسجد الذي ينوي الاعتكاف فيه، ثم يدخل في اعتكافه، وينتهي بغروب شمس آخر يوم من رمضان.
2- مستحباته: والاعتكاف عبادة يخلو فيها العبد بخالقه، ويقطع العلائق عما سواه، فيستحب للمعتكف أن يتفرغ للعبادة، فيكثر من الصلاة، والذكر، والدعاء، وقراءة القرآن، والتوبة، والاستغفار، ونحو ذلك من الطاعات التي تقربه إلى الله تعالى.
3- ما يباح للمعتكف: ويباح للمعتكف الخروج من المسجد لما لابد منه؛ كالخروج للأكل والشرب، إذا لم يكن له من يحضرهما، والخروج لقضاء الحاجة، والوضوء من الحدث، والاغتسال من الجنابة.
ويباح له التحدث إلى الناس فيما يفيد، والسؤال عن أحوالهم، أما التحدث فيما لا يفيد، وفيما لا ضرورة فيه، فإنه ينافي مقصود الاعتكاف وما شرع من أجله. ويباح له أن يزوره بعض أهله وأقاربه، وأن يتحدث إليه ساعة من زمان، والخروج من معتكفه لتوديعهم؛ لحديث صفية رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معتكفاً فأتيت ليلاً، فحدَّثته، ثم قمت، فانقلبت، فقام معي ليَقْلِبَني...» الحديث. ومعنى ليقلبني: يردني إلى بيتي.
وللمعتكف أن يأكل، ويشرب، وينام في المسجد، مع المحافظة على نظافة المسجد، وصيانته.


.المسألة الرابعة: مبطلات الاعتكاف:
يبطل الاعتكاف بما يلي:
1- الخروج من المسجد لغير حاجة عمداً، وإن قلَّ وقت الخروج؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: (وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة، إذا كان معتكفاً)، ولأن الخروج يفوت المكث في المعتكف، وهو ركن الاعتكاف.
2- الجماع، ولو كان ذلك ليلاً، أو كان الجماع خارج المسجد؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
وفي حكمه الإنزال بشهوة بدون جماع كالاستمناء، ومباشرة الزوجة في غير الفرج.
3- ذهاب العقل، فيفسد الاعتكاف بالجنون والسكر، لخروج المجنون والسكران عن كونهما من أهل العبادة.
4- الحيض والنفاس؛ لعدم جواز مكث الحائض والنفساء في المسجد.
5- الردة؛ لمنافاتها العبادة، ولقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].

كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة


إظهار التوقيع
توقيع : أم أمة الله
#5

افتراضي رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة



موضوع رائع تسلمى


إظهار التوقيع
توقيع : مريم 2
#6

افتراضي رد: ملف كامل عن الصيام كتاب: الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة

مشكوره حبيبتي

إظهار التوقيع
توقيع : حياه الروح 5


قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
عقيدة الشيعة والخطر قادم dodo modo المنتدي الاسلامي العام
الدليل الطبي للمريض في شهر الصيام هـــدوء العيادة الطبية
الصيام أثناء الحمل في شهر رمضان ، ملف متكامل ، الحمل و الصوم في شهر رمضان نَقاء الرُّوح مرحلة الحمل والولاده
منهاج الصالحين موسوعة الدعاء من الكتاب والسنة ريموووو كتب اسلامية
فوائد الصيام واثار التداوي بالصيام,ما هي فوائد الصيام للجسم جنا حبيبة ماما الطب البديل


الساعة الآن 02:32 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل