سعيد بن زيد رضي الله عنه
هو أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي كان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل أحد الحنفاء الذين طلبوا دين الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام قبل أن يبعث النبي عليه الصلاة والسلام، وكان لا يذبح للأصنام ولا يأكل الميتة والدم وكان يقول لقومه: يا معشر قريش والله لا آكل ما ذبح لغير الله، والله ما أحد على دين إبراهيم غيري (1) .
_وأم سعيد بن زيد فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية كانت من السابقين إلى الإسلام وهو ابن عم عمر بن الخطاب وصهره كانت تحته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب وكانت أخته عاتكة بنت زيد بن عمرو تحت عمر بن الخطاب وكان سعيد بن زيد من السابقين الأولين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلم قبل عمر بن الخطاب هو وزوجته فاطمة، وهاجرا، وكان من سادات الصحابة. قال عروة والزهري وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق والواقدي وغير واحد: لم يشهد بدراً لأنه قد كان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وطلحة بن عبيد الله بين يديه يتجسسان أخبار قريش، فلم يرجعا حتى فرغ من بدر فضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهميهما وأجرهما، ولم يذكره عمر في أهل الشورى لئلا يحابى بسبب قرابته من عمر فيولى فتركه لذلك ولم يتول بعده ولاية وما زال كذلك حتى مات (2) .
وقد وردت بعض الأحاديث المتعددة المصرحة بفضله -رضي الله عنه- ومنها:
- ما رواه البخاري بإسناده إلى قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد يقول للقوم في مسجد الكوفة يقول: (والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحداً أرفض للذي صنعتم بعثمان لكان محقوقاً أن يرفض) (3) .
ففي هذا بيان فضيلة ظاهرة لسعيد -رضي الله عنه- وهي أنه كان ممن حظي بشرف السبق إلى الإسلام وأن إسلامه كان قبل إسلام الفاروق -رضي الله عنه- إذ أنه بين أن صنع عمر هذا به كان قبل أن يسلم.
قال أبو عبد الله الحاكم: (أسلم سعيد بن زيد بن عمرو قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها الناس إلى الإسلام) (4) .
- ومن مناقبه العالية شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة مع جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
روى الترمذي بإسناده إلى عبد الرحمن بن حميد أن سعيد بن زيد حدثه في نفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عشرة في الجنة أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة وعلي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص)) قال: فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر قال القوم: ننشدك الله يا أبا الأعور من العاشر؟ قال: نشدتموني بالله أبو الأعور في الجنة (5) .
- ومن مناقبه -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه من الشهداء. فقد روى الترمذي بإسناده إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أنه قال:
((أشهد على التسعة أنهم في الجنة ولو شهدت على العاشر لم آثم قيل: وكيف ذاك؟ قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء قال: اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد، قيل: ومن هم؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف قيل: فمن العاشر قال: أنا)) (6) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه
عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم (7)
ففي هذا فضيلة عظيمة لسعيد بن زيد -رضي الله عنه- حيث شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة وإن مات على فراشه فهو شهيد لخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بذلك.
وكانت وفاته -رضي الله عنه- سنة (إحدى وخمسين وقيل سنة اثنتين وخمسين وقد غسله سعد وحمل من العقيق على رقاب الرجال إلى المدينة) (8) .
قال الشوكاني رحمه الله تعالى مبيناً فضل سعيد بن زيد -رضي الله عنه- (ويكفي سعيد بن زيد أنه أحد العشرة المبشرين بالجنة وأنه شهد أحداً وما بعده من المشاهد كلها وصار من جملة أهل بدر بما ضربه له رسول الله صلى الله عليه وسلم من السهم والأجر) اهـ (9) .
ذلك هو سعيد بن زيد وتلك طائفة من مناقبه وبه -رضي الله عنه- نختم فضل العشرة المبشرين بالجنة الذين قدمنا فضائلهم التي دلت على مكانتهم وعلو منزلتهم، فيجب على المسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أنهم من أهل الجنة بأعيانهم كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم: 4] وكلهم رضي الله عنهم من قريش الذين سبقوا إلى الإسلام وهاجروا إلى الله ورسوله وتركوا ديارهم وأموالهم بغية نصرة دين الإسلام ورفع رايته. (10)
المراجع
(1) أخرجه ابن عبد البر في ((الاستيعاب))، وانظر: ((الإصابة)) (2/4) حاشية.
(2) انظر ترجمته في ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (3/379)، ((الاستيعاب على حاشية الإصابة)) (2/2-8)، ((البداية والنهاية)) (8/62)، ((الرياض النضرة في مناقب العشرة)) (4/337)، ((الإصابة)) (2/44).
(3) رواه البخاري (3862).
(4) ((المستدرك)) (3/496).
(5) رواه الترمذي (3748). قال المباركفوري في ((تحفة الأحوذي)) (9/255): له طرق، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(6) رواه الترمذي (3757). وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصحح إسناده عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (ص: 904) كما أشار إلى ذلك في المقدمة، وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.
(7) ((سنن الترمذي)) (5/651).
(8) ((البداية والنهاية)) (8/62) وانظر ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (3/384-385).
(9) ((در السحابة في مناقب القرابة والصحابة)) (ص: 257).
(10)
المصدر:
::عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة الكرام رضي الله عنهم لناصر بن علي عائض – 1/317