السترة أمام المصلي،مقدار المسافة التي يسقط معها الإثم للمار بين يدي المصلي.
يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه سترة تمنع المرور أمامه وتكف بصره عما وراءها، لحديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها) رواه أبو داود وابن ماجه.
للمزيد من فهم هذا الحكم تابعونا من منتدى عدلات
ويرى الحنفية والمالكية أن اتخاذ السترة إنما يستحب للمصلي عند خوف مرور أحد بين يديه فإذا أمن مرور أحد بين يديه فلا يستحب، لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء وليس بين يديه شئ.
رواه أحمد
بم تتحقق:
السترة للمصلي جائزة بكل شيء حتى لو كان سهماً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ لِصَلاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ ) رواه أحمد صححه الألباني
بل جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أن من لم يجد عصاً فليخط خطاً ، كما في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلْيَنْصِبْ عَصًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا وَلا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ) . رواه الإمام أحمد ، وقال ابن حجر في “بلوغ المرام ” : ولم يصب من زعم أنه مضطرب ، بل هو حسن اهـ .
وكل هذا يدل على أن السترة لا يشترط أن تكون كبيرة ، وإنما يكتفي فيها بما يدل على التستر .
هل يجوز اتخاذ النعل سترة ؟
إذا كان فيها شيء واضح من نجاسة أو أذى ، فلا يتخذها سترة ؛ أما إذا كان ليس فيها أذىً أو نجاسة تشاهَد ، فلا حرج أن تتخذ سترة
استحباب القرب منها:
قال البغوي: استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدر إمكان السجود، وكذلك بين الصفوف، وفي الحديث المتقدم: (وليدن منها)
وعن بلال أنه صلى الله عليه وسلم صلى وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع.رواه أحمد والنسائي.
وعن سهل بن سعد قال: كان بين مصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ممر الشاة.رواه البخاري ومسلم.
سترة الإمام سترة للمأموم:
وتعتبر سترة الإمام سترة لمن خلفه، للحديث ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى جدار فاتخذه قبلة فجاءت بهمة تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه) رواه أحمد وأبو داود
البهمة: ولد الضأن. ويدارئها: يدافعها.
وعن ابن عباس قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى فمررت بين يدي بعض الصف فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد.
رواه الجماعة. وناهزت الاحتلام: أي قاربت البلوغ. والرتع: الرعي.
ففي هذه الأحاديث ما يدل على جواز المرور بين يدي المأموم وأن السترة إنما تشرع بالنسبة للإمام والمنفرد.
تحريم المرور بين يدي المصلي وسترته:
الأحاديث تدل على حرمة المرور بين يدي المصلي وسترته وأن ذلك يعتبر من الكبائر، فعن أبي جهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه ) رواه الجماعة.
قال أبو النصر عن بسر: لا أدري قال أربعين يوما أو شهرا أو سنة وإن كان ورد ما يؤيد أنها أربعين سنة ؛ فعن زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه كان لأن يقوم أربعين خريفا خير له من أن يمر بين يديه) رواه البزار بسند صحيح.
وفي الفتح: وظاهر الحديث يدل على منع المرور مطلقا ولو لم يجد مسلكا بل يقف حتى يفرغ المصلي من صلاته، ويؤيده قصة أبي سعيد آلاتية.
ومعنى الحديث أن المار لو علم مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لاختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم.
قال ابن القيم: قال ابن حبان وغيره: التحريم المذكور في الحديث إنما هو إذا صلى الرجل إلى سترة فأما إذا لم يصل إلى سترة فلا يحرم المرور بين يديه.
وفي الروضة لو صلى إلى غير سترة أو كانت وتباعد منها، فالأصح أنه ليس له الدافع لتقصيره ولا يحرم المرور حينئذ بين يديه ولكن الأولى تركه.
مشروعية دفع المار بين يدي المصلي:
إذا اتخذ المصلي سترة يشرع له أن يدفع المار بين يديه إنسانا كان أو حيوانا أما إذا كان المرور خارج السترة فلا يشرع الدفع ولا يضره المرور.
فعن حميد بن هلال قال: بينا أنا وصاحب لي نتذاكر حديثا إذ قال أبو صالح السمان: أنا أحدثك ما سمعت عن أبي سعيد ورأيت منه قال: بينما أنا مع أبي سعيد الخدري نصلي يوم الجمعة إلى شئ يستره من الناس إذ دخل شاب من بني أبي معيط أراد أن يجتاز بين يديه فدفعه في نحره فنظر فلم يجد مساغا (ممرا) إلا بين يدي أبي سعيد فعاد ليجتاز فدفعه في نحره أشد من الدفعة الأولى فمثل قائما ونال من أبي سعيد (شتمه) ثم تزاحم الناس فدخل على مروان فشكا إليه ما لقي، ودخل أبو سعيد ثم تزاحم الناس فدخل على مروان فشكا إليه ما لقي، ودخل أبو سعيد على مروان فقال: مالك ولابن أخيك جاء يشكوك؟ فقال أبو سعيد: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا صلى أحدكم إلى شئ يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان) رواه البخاري ومسلم.
فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ، أَيْ فِعْلُهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ، أَوْ الشَّيْطَانُ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ مَعَهُ شَيْطَانًا.
وَالْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي يَنْقُصُ الصَّلَاةَ وَلَا يَقْطَعُهَا.
مقدار المسافة التي يسقط معها الإثم للمار بين يدي المصلي:
إذا لم يكن هناك سترة فللعلماء في ذلك عدَّة أقوال ، نكتفي بذكر أقوى هذين القولين :
فذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافة ترجع إلى العرف .
قال الشيخ ابن باز : ومتى بَعُدَ المُصَلِّي عَمَّا بين يدي المصلي إذا لم يلق بين يديه سترة سَلِم من الإثم ، لأنه إذا بعد عنه عرفاً لا يسمى ماراً بين يديه كالذي يَمُرّ من وراء السترة .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافة المعتبرة في ذلك ثلاثة أذرع من مكان قيام المصلي ، أو بعد مقدار ممر شاة من مكان سجود المصلي ، وهو المقدار الشرعي لمكان لسترة بين يدي المصلي ، وهو قول كثير من أهل العلم .
عن سهل بن سعد قال : كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر الشاة . رواه البخاري ومسلم.
هل يقطع الصلاة شئ:
اختلف العلماء في أثر مرور المرأة والحمار والكلب على صلاة الإمام والمنفرد هل تقطعها أو لا ؟ على ثلاثة أقوال :
القول الأول : لا يقطع الصلاة شئ . وإليه ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية واستدلوا بما يلي :
1. حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يقطع الصلاة مرور شيء وادرءوا ما استطعتم)وهذا الحديث ضعيف
2. ويدل على عدم قطع الحمار والمرأة الصلاة :حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : (جئت أنا وغلام من بني عبد المطلب على حمار ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فنزل ونزلت وتركنا الحمار أمام الصف فما بالاه وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب فدخلتا بين الصف فما بالى ذلك).وأصحاب الرأي الآخر قالوا يسقط الاستدلال به لأنه والغلام والجاريتان رضي الله عنهم لم يكونوا أمام الرسول بل كانوا بين الصف وسترة الإمام سترة لمن خلفه.
القول الثاني : لا يقطع الصلاة إلا الكلب الأسود البهيم. وهو قول الحنابلة،والمشهور عن الإمام أحمد ، وَمَعْنَى الْبَهِيمِ الَّذِي لَيْسَ فِي لَوْنِهِ شَيْءٌ سِوَى السَّوَادِ. ” سئل أبو عبد الله ما يقطع الصلاة؟ قال لا يقطعها عندي شيء إلا الكلب الأسود البهيم”.
ودليلهم: عن أبي ذرـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحماروالمرأة والكلب الأسود ، فقال له عبدالله بن الصامت : يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟ قال : يا ابن أخي , سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال :الكلب الأسود شيطان).
ويستثنى من النص المرأة لحَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، حِينَ مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَلَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كَانَ يُصَلِّي، فَجَاءَتْ جَارِيَتَانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، حَتَّى أَخَذَتَا بِرُكْبَتَيْهِ، فَقَرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَا بَالَى ذَلِكَ.
، وقول عائشة رضي الله عنها : ( لقد رأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم معترضة كاعتراض الجنازة وهو يصلي )
ويستثنى كذلك الحمار لحديث ابن عباس رضي الله عنهما وفيه أن الحمار كان يرتع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فلم يبق إلا الكلب الأسود البهيم.
القول الثالث : أن مرور المرأة والحمار والكلب يقطع الصلاة.وهو قول الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد ودليلهم نفس الحديث
ومعنى قطع الصلاة : إبطالها.
والقول الثاني أقوى الآراء ويتسق مع الأدلة الواردة ورجحه ابن قدامة بالمغني .
خصوصية مكة في عدم اتخاذ السترة :
استثنى جماعة من أهل العلم المسجد الحرام ، فرخصوا للناس المرور فيه بين يدي المصلي ، وذهبوا إلى أن مرور المرأة وغيرها بين يدي المصلي لا يقطع صلاته .
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (2/40) : ” ولا بأس أن يصلي بمكة إلى غير سترة , وروي ذلك عن ابن الزبير وعطاء ومجاهد . قال الأثرم : قيل لأحمد : الرجل يصلي بمكة , ولا يستتر بشيء ؟ فقال : قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ثم ليس بينه وبين الطُّوَّاف سترة . قال أحمد : لأن مكة ليست كغيرها , كأنّ مكة مخصوصة .
وقال ابن أبي عمار : رأيت ابن الزبير جاء يصلي ، والطُّوَّاف بينه وبين القبلة , تمر المرأة بين يديه , فينتظرها حتى تمر , ثم يضع جبهته في موضع قدمها . رواه حنبل في كتاب “المناسك” .
وقال المعتمر : قلت لطاووس : الرجل يصلي – يعني بمكة – فيمر بين يديه الرجل والمرأة ؟ فإذا هو يرى أن لهذا البلد حالا ليس لغيره من البلدان , وذلك لأن الناس يكثرون بمكة لأجل قضاء نسكهم , ويزدحمون فيها , فلو مَنَع المصلي من يجتاز بين يديه لضاق على الناس” انتهى باختصار .
مشاركة
سؤال عن السترة في الصلاة وأحكامها
كم مقدار المسافة التي تكون بينك وبين المصلي حتى تستطيع المرور من أمامه ؟ البعض يقول إنها لا بد أن تكون مسافة كبيرة جداً بينما يقول آخرون بأنه يمكن المرور من مسافة بَعْد ما بين يديه مباشرة . فما هو الصحيح في هذا الموضوع ؟.
نص الجواب
الحمد لله
ينبغي على المسلم الحرص على اتخاذ السترة بين يديه في الصلاة وهو من السنن المؤكدة ، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب اتخاذ السترة في الصلاة .
وقد جاء الوعيد للمار بين يدي المصلي فقد ثبت في الصحيح عن أبي جُهَيْمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ أَبُو النَّضْرِ لا أَدْرِي أَقَالَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَة ً ) رواه البخاري ( الصلاة/480 ) ومسلم ( الصلاة / 507 ) .
أما ضابط المسافة للمرور إذا لم يكن هناك سترة فللعلماء في ذلك عدَّة أقوال نكتفي بذكر أقوى هذين القولين : فذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافة ترجع إلى العرف .
قال الشيخ ابن باز : ومتى بَعُدَ المُصَلِّي عَمَّا بين يدي المصلي إذا لم يلق بين يديه سترة سَلِم من الإثم ، لأنه إذا بعد عنه عرفاً لا يسمى ماراً بين يديه كالذي يَمُرّ من وراء السترة .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافة المعتبرة في ذلك ثلاثة أذرع من مكان قيام المصلي ، أو بعد مقدار ممر شاة من مكان سجود المصلي ، وهو المقدار الشرعي لمكان لسترة بين يدي المصلي ، وهو قول كثير من أهل العلم .
عن سهل بن سعد قال : كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر الشاة .
رواه البخاري ( 474 ) ومسلم ( 508 ) .
عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل وجعل الباب قبل ظهره فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريبا من ثلاثة أذرع صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه .
رواه البخاري ( 484 ).
وفقكم الله وتقبل منا جميعا صلاتنا
بحث من عملي