[مواقيت الصلاة المفروضة]
دخول الوقت شرط من شروط الصلاة. فلا يجب على المكلف الا إذا دخل وقتها على أنك قد عرفت أن الحنفية لم يعدوا دخول الوقت شرطاً من شروط الوجوب، ولا من شروط الصحة، وذلك لأنهم قالوا: إن دخول الوقت شرط لأداء الصلاة، بمعنى أن الصلاة لا يصح أداؤها الا إذا دخل الوقت؛ والأمر في ذلك سهل،لأنهم متفقون مع غيرهم على أن الصلاة لا تجب الا إذا دخل وقتها الآتي بيانه، فإذا دخل وقتها خاطبه الشارع بأدائها خطاباً موسعاً. بمعنى أنه إذا فعلها في أول الوقت صحت، وبرئت ذمته منها، وإذا لم يفعلها في أول الوقت لا يأثم إلى أن يبقى من الوقت جزء يسير لا يسع الا الطهارة من وضوء أو غسل إن كان جنباً، ويسع الصلاة بعد الطهارة، فإذا أدرك الصلاة كلها في الوقت فقد أتى بها على الوجه الذي طلبه الشارع منه وبرئت ذمته، كما لو أداها في أول الوقت أو وسطه، أما إذا صلاها كلها بعد خروج الوقت فإن صلاته تكون صحيحة، ولكنه يأثم إثماً عظيماً بتأخير الصلاة عن وقتها، وإذا أدرك بعضها في الوقت، وصلى البعض الآخر بعد خروج الوقت، فإن بعض الأئمة يقول: إنه يأثم (1) وبعضهم يقول إنه لا يأثم، على أنهم قد اتفقوا على أن الذي لا يدرك بعض الصلاة يكون قد صلى أداء لا قضاء، فالأداء لا ينافي الإثم عند بعض الأئمة، وقد بينا آراء الأئمة في ذلك تحت الخط الذي أمامك، وإليك بيان أوقات الصلوات الخمس محددة في المذاهب، فأولها الظهر، كما عرفت ويبتدئ وقته عقب زوال الشمس مباشرة.
,,,,,,,,,,,,,,,,,
(1) المالكية قالوا: إذا أدرك ركعة من الصلاة في الوقت الاختياري، ثم خرج الوقت وكملها في الوقت الضروري، فإنه لا يأثم. أما إذا لم يؤد ركعة كاملة في الوقت الاختياري، فإنه يأثم سواء صلاها كلها في الوقت الضروري، أو صلى بعضها في الوقت الضروري، وباقيها خارجة؛ وستعرف قريباً أن المالكية يقسمون الوقت إلى ضروري واختياري.
الحنفية قالوا: إذا أدرك جزءاً من الصلاة، ولو تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت. فإن صلاته تكون أداء، ولكنهم يقولون: إذا لم يدرك كل الصلاة قبل خروج الوقت فإنه يكون آثماً، على أنه في هذه الحالة يكون إثمه صغيرة لا كبيرة؛ وستعلم أن الحنفية لا يقسمون الوقت إلى ضروري واختياري، كما يقول المالكية.
الشافعية قالوا: إذا لم يدرك ركعة كاملة من الوقت كانت صلاته قضاء لا أداء، فإذا أدرك ركعة واحدة، ثم خرج الوقت فإنه يكون آثماً إثماً أقل من إثم من صلاها قضاء، فالشافعية متفقون مع الحنفية في ضرورة أداء الصلاة كلها في الوقت المحدد، وفي أنهم ليس عندهم اختياري وضروري، ومتفقون مع المالكية على أن الصلاة لا تكون أداء الا إذا أدرك ركعة كاملة في الوقت الاختياري.
الحنابلة قالوا: تدرك الصلاة المكتوبة أداء بتكبيرة الإحرام فإذا قام للصلاة في آخر الوقت، ثم كبر تكبيرة الإحرام، وبعد الفراغ منها خرج الوقت، كانت صلاته أداء كما يقول الحنفية، ولا إثم عليه متى أدرك تكبيرة الإحرام قبل خروج الوقت فهم متفقون مع الحنفية على أن من أدرك تكبيرة الإحرام في الوقت فقد أدرك الوقت وكانت صلاته أداء ولنهم لم يقولوا إنه يأثم بعد ذلك لأنه قد صلى أداء لا قضاء، وبذلك تعرف المختلف فيه والمتفق عليه في هذه المسألة على الوجه الواضح الصحيح
[ما تعرف به أوقات الصلاة]
تعرف أوقات الصلاة بخمس أمور:
أحدها: بالساعات الفلكية المنضبطة المبنية على الحساب الصحيح، وهي الآن كثيرة في المدن والقرى، وعليها المعول في معرفة الأوقات الشرعية
ثانيها: زوال الشمس، والظل الذي يحدث بعد الزوال، ويعرف به وقت الظهر ودخول وقت العصر؛
ثالثها: مغيب الشمس، ويعرف به وقت المغرب؛
رابعها: مغيب الشفق الأحمر أو الأبيض على رأي، ويعرف به دخول وقت العشاء؛
خامسها: البياض الذي يظهر في الأفق، ويعرف به وقت الصبح؛
وقد أشار إلى هذه الأوقات الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، والنسائي عن جابر بن عبد الله، قال: "جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس، فقال قم يا محمد فصل الظهر، حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر، فقال: قم يا محمد فصل العصر ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال قم فصل المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء، ثم مكث حتى إذا غاب الشفق جاءه، فقال: قم فصل العشاء، فقام فصلاها، ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح؛ فقال قم يا محمد فصل الصبح"؛
والى هنا قد بين هذا الحديث أول كل وقت، وله بقية اشتملت على بيان نهاية الوقت، ومعناها أنه جاءه في اليوم التالي وأمره بصلاة الظهر حين بلغ ظل كل شيء مثله، وأمره بصلاة العصر حين بلغ ظل كل شيء مثليه، وأمره بصلاة المغرب في وقتها الأول، وأمره بصلاة العشاء حين ذهب ثلث الليل الأول، وأمره بصلاة الصبح حين أسفر جداً، ثم قال له ما بين هذين وقت كله، اهـ.فهذا الحديث وأمثاله يبين لنا مواقيت الصلاة بالعلامات الطبيعية التي هي أساس التقيوم الفلكي، والساعات المنضبطة - المزاول - ونحو ذلك،
فلنذكر آراء الأئمة في تحديد مواقيت الصلاة تفصيلاً، مع العلم بأن بعضهم (1) يقسم الوقت إلى ضروري واختياري، وبعضهم لا يقسمه إلى ذلك.
[وقت المغرب]
يبتدئ المغرب من مغيب جميع قرص الشمس، وينتهي بمغيب الشفق الأحمر (2) .
[ووقت العشاء]
يبتدئ من مغيب الشفق إلى طلوع الفجر الصادق (3) .
[وقت الصبح]
ووقت الصبح من طلوع الفجر الصادق، وهو ضوء الشمس السابق عليها الذي يظهر من جهة المشرق، وينتشر حتى يعم الأفق، ويصعد إلى السماء منتشراً، وأما الفجر الكاذب فلا عبرة به، وهو الضوء الذي لا ينتشر، ويخرج مستطيلاً دقيقاً يطلب السماء، بجانبيه ظلمة، ويشبه ذنب الذئب الأسود، فإن باطن ذنبه أبيض، بجانبيه سواد، ويمتد وقت الفجر إلى طلوع الشمس (4) .
[وقت الظهر]
يدخل وقت الظهر عقب زوال الشمس مباشرة؛ فمتى انحرفت الشمس عن وسط السماء، فإن وقت الظهر يبتدئ (5) ويستمر إلى أن يبلغ ظل كل شيء مثله، ولمعرفة ذلك تعرز الظل في النقص شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى منه سوى جزء يسير، وعند ذلك يقف الظل قليلاً، فتوضع عند نهايته علامة إن بقي شيء من ظل الخشبة، وإلا فيكون البدء من نفس الخشبة، كما في الأقطار الاستوائية؛ ومتى وقف الظل كان ذلك وقت الاستواء؛ فإذا أخذ في الزيادة علم أن الشمس زالت، أي مالت عن وسط الماء، وهذا هو أول وقت الظهر، فإذا طال ظل الخشبة حتى صار مثلها بعد الظل الذي كان موجوداً عند الزوال خرج وقت الظهر.
[وقت العصر]
يبتدئ وقت العصر من زيادة ظل الشيء عن مثله بدون أن يحتسب الظل الذي كان موجوداً عند الزوال، كما تقدم، وينتهي إلى غروب الشمس (6)
’’’’’’’’’’’’’
(1) المالكية: قسموا الوقت إلى اختياري، وهو ما يوكل الأداء فيه إلى اختيار المكلف، وضروري: وهو ما يكون عقب الوقت الاختياري، وسمي ضرورياً، لأنه مختص بأرباب الضرورات من غفلة وحيض وإغماء وجنون ونحوها؛ فلا يأثم واحد من هؤلاء بأداء الصلاة في الوقت الضروري؛ أما غيرهم فيأثم، بإيقاع الصلاة فيه الا إذا أدرك ركعة من الوقت الاختياري، وستعرف الأوقات الضرورية.
الحنابلة: قسموا وقت العصر إلى قسمين: ضروري، واختياري، فالاختياري ينتهي إذا بلغ ظل كل شيء مثليه، والضروري هو ما بعد ذلك إلى غروب الشمس، ويحرم عندهم إيقاع صلاة العصر في هذا الوقت الضروري. وإن كانت الصلاة أداء ومثل العصر عندهم العشاء كما يأتي
(2) الحنفية قالوا: إن الأفق الغربي يعتريه بعد الغروب أحوال ثلاثة متعاقبة: احمرار، فبياض، فسواد؛ فالشفق عند أبي حنيفة هو البياض، وغيبته ظهور السواد بعده، فمتى ظهر السواد خرج وقت المغرب؛ أما الصاحبان فالشفق عندهما ما ذكر أعلى الصحيفة كالأئمة الثلاثة.
المالكية قالوا: لا امتداد لوقت المغرب الاختياري، بل هو مضيق، ويقدر بزمن يسع فعلها، وتحصيل شروطها من طهارتي حدث وخبث وستر عورة، ويزاد الأذان والإقامة، فيجوز لمن يكون محصلاً للأمور المذكورة تأخير المغرب بقدر تحصيلها ويعتبر في التقدير حالة الاعتدال الغالبة في الناس، فلا يعتبر تطويل موسوس، ولا تخفيف مسرع، أما وقتها الضروري فهو من عقب الاختياري، ويستمر إلى طلوع الفجر؛ والفكلية يقولون: إن الساعات مبنية على الوقت الذي حدده الجمهور، فإذا صلى شخص قبل الوقت الفلكي الذي تبينه الساعة تكون صلاته باطلة، وعلى كل حال فالأحوط تأخير الصلاة إلى هذا الوقت، أو إلى ما بعده
(3) الحنابلة قالوا: إن للعشاء وقتين، كالعصر: وقت اختياري، وهو من مغيب الشفق إلى مضي ثلث الليل الأول، ووقت ضرورة، وهو من أول الثلث الثاني من الليل إلى طلوع الفجر الصادق، فمن أوقع الصلاة فيه كان آثماً، وإن كانت صلاته أداء، أما الصبح، والظهر، والمغرب فليس لها وقت ضرورة، كما تقدم قريباً.
المالكية قالوا:إن وقت العشاء الاختياري يبتدئ من مغيب الشفق الأحمر، وينتهي بانتهاء الثلث الأول من الليل، ووقتها الضروري ما كان عقب ذلك إلى طلوع الفجر فمن صلى العشاء في الوقت الضروري أثم. الا إذا كان من أصحاب الأعذار
(4) المالكية قالوا: إن للصبح وقتين: اختياري، وهو من طلوع الفجر الصادق، ويمتد إلى الإسفار البين - أي الذي تظهر فيه الوجوه بالبصر المتوسط في محل لا سقف فيه ظهوراً بيناً، وتخفى فيه النجوم - وضروري، وهو ما كان عقب ذلك إلى طلوع الشمس، وهذا القول مشهور قوي، وعندهم قول مشهور بأنه ليس للصبح وقت ضرورة والأول أقوى
(5) المالكية قالوا: هذا وقت الظهر الاختياري، أما وقته الضروري فهو من دخول وقت العصر الاختياري، ويستمر إلى وقت الغروب
(6) المالكية قالوا: للعصر وقتان ضروري، واختياري، أما وقته الضروري، فيبتدئ باصفرار الشمس في الأرض والجدران لا باصفرار عينها، لأنه لا تصفر حتى تغرب، ويستمر إلى الغروب، وأما وقته الاختياري فهو من زيادة الظل عن مثله، ويستمر لاصفرار الشمس، والمشهور أن بين الظهر والعصير اشتراكاً في الوقت بقدر أربع ركعات في الحضر، واثنتين في السفر، وهل اشتراكهما في آخر وقت الظهر فتكون العصر داخلة على الظهر آخر وقته، أو في أول وقت العصر فتكون الظهر داخلة على العصر في أول وقته؟ وفي ذلك قولان مشهوران، فمن صلى العصر في آخر وقت الظهر، وفرغ من صلاته حين بلوغ ظلكل شيء مثله، كانت صلاته صحيحة على الأول، باطلة على الثاني؛ ومن صلى الظهر في أول وقت العصر كان آثماً على الأول، لتأخيرها عن الوقت الاختياري، ولا يأثم على القول الثاني، لأنه أوقعها في الوقت الاختياري المشترك بينهما.
الحنابلة قد عرفت قريباً أنهم قالوا: للعصر وقتان: اختياري، وضروري
[مباحث سجود السهو]
[تعريفه - محله - هل تلزم النية فيه؟]
معنى السجود في اللغة مطلق الخضوع، سواء كان بوضع الجبهة على الأرض أو كان بأمارة أخرى من أمارات الخضوع، كالطاعة، ومعنى السهو في اللغة الترك من غير علم، فإذ قيل سها فلان، فمعناه ترك الفعل من غير علمه، أما إذا قيل سها عن كذا، فمعناه تركه وهو عالم، وبذا تعلم أن اللغة تفرق بين قول سها فلان، وبين قول سها فلان عن كذا، ولا فرق في اللغة بين النسيان وبين السهو، أما الفقهاء فإنهم لا يفرقون بين النسيان وبين السهو أيضاً، بل عندهم السهو والنسيان والشك بمعنى واحد، وإنما يفرقون بين هذه الأشياء وبين الظن؛ فيقولون: إن الظن هو إدراك الطرف الراجح، فإذا ترجح عند الشخص أنه فعل الفعل كان ظاناً، بخلاف السهو والنسيان والشك، فإنه يستوي عند إدراك الفعل وعدمه، بدون أن يرجح أنه فعل، أو أنه لم يفعل.هذا هو معنى سجود السهو في اللغة، أما معناه في اصطلاح الفقهاء وبيان محله وبيان النية فيه، فانظره تحت الخط .,,,,,,,,,,,,,,,,,,
(1) الحنفية قالوا: سجود السهو هو عبارة عن أن يسجد المصلي سجدتين بعد أن يسلم عن يمينه فقط، ثم يتشهد بعد السجدتين، ويسلم بعد التشهد، فإن لم يتشهد يكون تاركاً للواجب، وتصح صلاته، وبعد الفراغ من التشهد لسجود السهو يجب أن يسلم، فإن لم يسلم يكون تاركاً للواجب، ولا يكفيه السلام الأول الذي خرج به من الصلاة، لأن السجود للسهو يرفعه، كما يرفع التشهد الأخير الذي قبل السلام، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء فإنه يأتي بهما في التشهد الأخير قبل السلام، ولا يأتي بهما في سجود السهو على المختار، وقيل: يأتي بهما فيه أيضاً احتياطاً، وقولهم: يأتي بسجود السهو بعد أن يسلم عن يمينه فقط، خرج به ما إذا سلم التسليمة الثانية، فإنه إذا سلم التسليمتين فقد سقط سجود السهو عنه على الصحيح، فإن فعل ذلك عمداً فإنه يأثم بترك الواجب، وإن سلم التسليمتين سهواً فقد سقط عنه سجود السهو، ولا إثم عليه، كما لا إعادة لسجود السهو مرة أخرى، لأن نسيان سجود السهو يسقطه، وكذا إذا تكلم بكلام أجنبي عن الصلاة عمداً أو سهواً، فإن فعل ذلك سقط عنه سجود السهو، ولا يجب السجود إذا ترك الواجب عمداً أو ترك ركناً من أركان الصلاة أو نحو ذلك عمداً، لأنه إن ترك الواجب عمداً صحت صلاته مع الإثم، وسقط عنه السجود، وإن ترك الركن عمداً بطلت صلاته، ولا يجبره سجود السهو، فالسجود عند الحنفية لا يكون إلا عند السهو، أما الترك عمداً فلم يشرع لجبره السجود؛ وهل تجب نية لسجود السهو أو لا؟ فقال بعضهم: إن سجود السهو لا تجب له نية، وذلك لأنه قد جيء به لجبر نقص واجب من صلاته، أو لجبر خلل وقع فيها ثم أصلحه، والنية لا تجب لكل جزء من أجزاء الصلاة، فسجود السهو لا تجب له النية؛ وقال بعضهم: بل تجب له النية، لأنه صلاة، ولا تصح صلاة بدون نية، فكما
تجب النية لسجود التلاوة وسجدة الشكر، فكذلك تجب لسجود السهو، لأنها كلها كالصلاة، فكما تجب النية للصلاة تجب لها، وهذا القول الثاني هو الظاهر والاحتياط في العمل بهز
الشافعية قالوا: سجود السهو هو أن يأتي المصلي بسجدتين كسجود الصلاة قبل السلام، وبعد التشهد والصلاة على النبي وآله بنية، وتكون النية بقلبه لا بلسانه، لأنه إن تلفظ بها بطلت صلاته، لأنك قد عرفت أن سجود السهو عندهم لا يكون إلا قبل السلام من الصلاة، فإذا تكلم بطلت صلاته طبعاً، وإذا سجد بدون نية عامداً عالماً بطلت صلاته، وإنما تشترط النية للإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه لا يحتاج للنية اكتفاء بنية الاقتداء بإمامه، ولا يلزم عند الشافعية أن يكون ذلك السجود بسبب السهو، بل يكون بترك جزء من الصلاة على الوجه الآتي بيانه في أسباب سجود السهو عمداً أو سهواً، وإنما سمي سجود السهو، لأن الغالب أن الإنسان لا يترك بعض صلاته عمداً، وإذا كان سببه السهو يحسن أن يقول في سجوده: سبحان الذي لا ينام ولا يسهو، أما إذا كان عمداً، فيحسن أن يستغفر الله في سجوده وبهذا تعلم أن الحنفية متفقون مع الشافعية في اشتراط النية لسجود السهو، ومختلفون معهم فيما عدا ذلك، لأن الشافعية يقولون: هو قبل: السلام، والحنفية يقولون: بل هو بعده، والشافعية يقتصرون على السجدتين؛ والحنفية يقولون: لا بد من التشهد والجلوس.
المالكية قالوا: سجود السهو سجدتان يتشهد بعدهما بدون دعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن كان سجود السهو بعد السلام، فإنه يسجد ويتشهد ويعيد السلام وجوباً، فإن لم يعده فلا تبطل صلاته، وقد عرفت مذهبي الشافعية، والحنفية في ذلك، فأما الشافعية، فإنهم يقولون: إن سجود السهو قبل السلام دائماً، فالسلام بعد السجدتين لا بد منه، وأما الحنفية فإنهم يقولون إن السلام في سجود السهو واجب بحيث لو تركه يصح السجود مع الإثم، ثم إن سجود السهو عند المالكية إذا كان قبل السلام فلا يحتاج إلى نية، لأن نية الصلاة تكفي لكونه بمنزلة جزء من الصلاة عندهم، أما إن كان بعد السلام فإنه يحتاج لنية لكونه خارجاً عن الصلاة، وهم في ذلك متفقون مع الحنفية في أن النية لازمة لسجود السهو بعد السلام، ومختلفون مع الشافعية، كما عرفت في مذهبهم.
هذا، وإذا نسي سجود السهو في صلاة الجمعة بسبب نقص ثم سلم فإنه يتعين عليه أن يسجد بالجامع الذي صلى فيه، وأما إذا كان لزيادة فيها فيسجده في أي جامع كان، لأنه بعد السلام، ولا يجزئ سجوده في غير مسجد تقام فيه الجمعة، ثم إن كان سجود السهو نقصاً فقط أو نقصاً وزيادة، فإن محله يكون قبل السلام، فإذا نقص السورة ناسياً مثلاً، ولم يتذكر حتى انحنى للركوع، فإنه لا يرجع لقراءة السورة، وإلا بطلت صلاته إذا رجع، وإذا لم يرجع فعليه أن ينتظر، حتى يتشهد التشهد الأخير،ويصلي على النبي ويدعو ثم يسجد سجدتين يتشهد فيهما والتشهد فيهما سنة، ولا يصلي على النبي في تشهده، ولا يدعو ثم يسلم، وإن كان سببه الزيادة فقط سجد بعد السلام، وإذا أخره كره، وإذا قدم البعدي حرم إن تعمد التقديم أو التأخير، وغلا فلا كراهة، ولا حرمة، ولا تبطل صلاته فيهما.
الحنابلة قالوا: سجود السهور هو أن يكبر ويسجد سجدتين، وهذا القدر متفق عليه، ويجوز أن يكون قبل السلام وبعده لسبب من الأسباب الآتي بيانها، ثم إن كان السجود بعدياً فإنه يأتي بالتشهد قبل السلام، وإذا كان قبلياً لا يأتي بالتشهد في سجود السهو اكتفاء بالتشهد الذي قبله، كما يقول الشافعية؛ على أن الحنابلة يقولون: الأفضل أن يكون سجود السهو قبل السلام مطلقاً إلا في صورتين: إحداهما: أن يسجد لنقص ركعة فأكثر في صلاته، فإنه يأتي بالنقص ثم يسجد بعد السلام؛ ثانيتهما: أن يشك الإمام في شيء من صلاته، ثم يبني على غالب ظنه، فإن الأفضل في هذه الحالة أيضاً أن يسجد بعد السلام، ويكفيه لجميع سهوه سجدتان، وإن تعدد موجبه، وإذا اجتمع سجود قبلي وبعدي رجح القبلي
//////////////////////////////////////
الأسباب التي يشرع من أجلها سجود السهو مختلفة في المذاهب، فانظرها تحت الخط,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, الحنفية قالوا: أسباب سجود السهو أمور: "السبب الأول": أن يزيد أو ينقص في صلاته ركعة أو أكثر أو نحو ذلك، فإذا تيقن أنه زاد ركعة في الصلاة مثلاً، كأن صلى الظهر أربعاً، ثم قام للركعة الخامسة، وبعد رفعه من الركوع تبين أنها الخامسة، فإن له في هذه الحالة أن يقطع الصلاة بالسلام قبل أن يجلس، وله أن يجلس ثم يسلم، ولكن الأولى أن يجلس ثم يسلم، ويسجد للسهو على كل حال ومثل ذلك ما إذا تيقن أنه نقص ركعة بأن صلى الظهر ثلاث ركعات وجلس، ثم تذكر، فإن عليه أن يقوم لأداء الركعة الرابعة، ثم يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، الخ، ثم يسجد للسهو بالكيفية المتقدمة؛ أما إذا شك في صلاته فلم يدر كم صلى فلا يخلو إما أن يكون الشك طارئاً عليه فلم يتعوده، أو يكون الشك عادة له، فإن كان الشك نادراً يطرأ عليه في بعض الأحيان فإنه يجب عليه في هذه الحالة أن يقطع الصلاة، ويأتي بصلاة جديدة، ولا بد أن يقطع الصلاة بفعل مناف لها، فلا يكفي قطعها بمجرد النية، وقد عرفت أن قطعها بلفظ السلام واجب، وله في هذه الحالة أن يجلس ويسلم، فإذا سلم وهو قائم فإنه يصح مع مخالفة الأولى، كما تقدم، أما إذا كان الشك عادة له فإنه لا يقطع الصلاة، ولكن يبني على ما يغلب على ظنه، مثلاً إذا صلى الظهر وشك في الركعة الثالثة هل هي الثالثة أو الرابعة، فإن عليه أن يعمل بما يظنه؛ فإن غلب على ظنه أنه في الرابعة وجب عليه أن يجلس ويتشهد ويصلي على النبي ثم يسلم ويسجد للسهو بالكيفية المتقدمة في تعريفه، وإن غلب على ظنه أنه في الركعة الثالثة فإنه يجب عليه أن يأتي بالركعة الرابعة ويتشهد كذلك، ويصلي على النبي ... الخ، ثم يسلم ويسجد للسهو بعد السلام بالكيفية المتقدمة؛ وعلى هذا القياس.
هذا إذا كان يصلي منفرداً، أما إذا كان إماماً وشك في صلاته وأقره المأمومون على أنه زاد أو نقص في صلاته فإنه يلزمه أن يعيد الصلاة عملاً بقولهم، أما إذا اختلف معهم، فأجمعوا على أنه صلى ثلاث ركعت، وقال هو إنه موقن بأنه صلى أربعاً فإنه لم يعد الصلاة عملاً ببقينه، فإذا انضم واحد من المصلين أو أكثر إلى الإمام أخذ بقول الإمام، وإذا شك الإما وتيقن بعض المصلين بتمام الصلاة وبعضهم بنقصها، فإن الإعادة تجب على من شك فقطن وإذا تيقن الإمام بالنقص لزمهم الإعادة إلا إذا تيقنوا بالتمام، وإذا تيقن واحد من المأمومين بالنقص وشك الإمام والقوم فإن كان في الوقت فالأولى أن يعيدوا احتياطاً، وإلا فلا.
هذا، وإذا أخبره عدل، ولو من غير المأمومين بعد الصلاة، بأنه صلى الظهر ثلاثاً وشك في صدقه وكذبه أعاد الصلاة احتياطاً، أما لو أخبره عدلان فإنه يلزمه الأخذ بقولهما، ولا يعتبر شكه، فإذا كان المخبر غير عدل فإن قوله لا يقبل، وإذا شك في النية أو تكبيرة الإحرام، أو شك وهو في الصلاة في أنه أحدث أو أصابته نجاسة أو نحو ذلك، فإن كان هذا الشك عارضاً له في أول مرة فإن عليه أن يقطع الصلاة ويتأكد مما شك فيه ويعد الصلاة، أما إن اعتاد ذلك الشك فإنه لا يعبأ به، ويمضي في صلاته، أما إذا شك بعد تمام الصلاة فإن شكه لا يضر؛ "السبب الثاني من أسباب سجود السهو": أن يسهو عن القعود الأخير المفروض ويقوم، وحكم هذه الحالة أنه يعود ويجلس بقدر التشهد ثم يسلم ويسجد للسهو، لأنه أخر القعود المفروض عن محله، فإذا مضى في الصلاة وسجد قبل أن يجلس انقلبت صلاته نفلاً بمجرد رفع رأسه من السجدة ويضم إليها ركعة سادسة، ولو كان في صلاة العصر، ولا يسجد للسهو في هذه الحالة على الأصح، لأنه انقلابه نفلاً يرفع سجود السهو، بخلاف ما لو كان نفلاً من الأصل، فإنه يسجد له، وعلى كل حال فيكون ملزماً بإعادة الفرض الذي انقلب نفلاً، "السبب الثالث من أسباب سجود السهو" أن يسهو عن القعود الأول، وهو واجب لا فرض، فإذا سها عن القعود الأول من صلاة الفرض بأن لم يجلس في الركعة الثانية، وهم بالقيام، فإن تذكر قبل أن يقوم وجلس ثانياً فإن صلاته تصح ولا سجود عليه أما إن تذكر بعد أن يستوي قائماً فإنه لا يعود للتشهد، ولو عاد فبعضهم يقول: إن صلاته تبطل، وذلك لأن الجلوس للتشهد الأول ليس بفرض والقيام فرض، وقد اشتغل بالنفل، وترك الفرض لما ليس بفرض مبطل للصلاة، ولكن التحقيق أن صلاته بهذا العمل لا تفسد، لأنه في هذه الحالة لم يترك فرض القيام، بل أخره، ونظير ذلك
ما لوسها عن قراءة السورة وركع، فإنه يبطل الركوع ويعود إلى القيام، ويقرأ السورة وتصح صلاته، وعليه سجود السهو لتأخير الركن أو الفرض عن محله.
هذا إذا كان المصلي منفرداً أو إماماً إذا كان مأموماً وقام وجلس إمامه للتشهد فإنه يجب عليه أن يجلس، لأن، هذا الجلوس يفترض عليه بحكم المتابعة لإمامه، "السبب الرابع": أن يقدم ركناً على ركن، أو يقدم ركناً على واجب، ومثال ما إذا قدم ركناً على ركن هو أن يقدم الركوع على القراءة المفروضة، بأن يكبر تكبيرة الإحرام، ويقرأ الثناء مثلاً، ثم يسهو ويركع قبل أن يقرأ شيئاً، وفي هذه الحالة إذا ذكر فإنه يجب عليه أن يعود، ويقرأ ثم يركع ثانياً، ويسجد للسهو على الوجه المتقدم، فإن لم يذكر فإن الركعة تعتبر ملغاة، وعليه أن يأتي بركعة قبل أن يسلم ثم يسلم ويسجد للسهو، ومثال ما إذا قدم ركناً على واجب فهو كتقديم الركوع على قراءة السورة، وقد عرفت حكمه مما تقدم قريباً، وهو أنه إذا ذكر أثناء الركوع فإنه يرفع من الركوع ويقرأ السورة ثم يركع ثانياً، وإن لم يذكر فإنه يسجد للسهو بعد السلام، "السبب الخامس من أسباب سجود السهو": أن يترك واجباً من الواجبات الآتية، وهي أحد عشر "الأول": قراءة الفاتحة، فإن تركها كلها أو أكثرها في ركعة من الأوليين في الفرض وجب سجود السهو، أما لو ترك أقلها فلا يجب، لأن للأكثر حكم الكل، ولا فرق في ذلك بين الإمام والمنفرد، وكذا لو تركها أو أكثرها في أي ركعة من النفل أو الوتر فإنه يجب عليه سجود السهو لوجوب قراءتها في كل الركعات "الثاني": ضم سورة أو ثلاث آيات قصار أو آية طويلة إلى الفاتحة، فإن لم يقرأ شيئاً أو قرأ آية قصيرة وجب عليه سجود السهو، أما إن قرأ آيتين قصيرتين فإنه لا يسجد، لأن للأكثر حكم الكل، فإن نسي قراءة الفاتحة أو قراءة السورة وركع ثم
تذكرها عاد وقرأ ما نسيه، فإن كان ما نسيه هو الفاتحة أعادها وأعاد بعدها قراءة السورة وعليه إعادة الركوع ثم يسجد للسهو، أما إذا نسي قنوت الوتر وخر راكعاً ثم تذكره، فإنه لا يعود لقراءته، وعليه سجود السهو، فإن عاد وقنت لا يرتفض ركوعه وعليه سجود السهو أيضاً، من قرأ الفاتحة مرتين سهواً وجب عليه سجود السهو، لأنه أخر السورة عن موضعها ولو نكس قراءته بأن قرأ في الأولى سورة الضحى، والثانية سورة سبح مثلاً لا يجب عليه سجود السهو، لأن مراعات ترتيب السور من واجبات نظم القرآن لا من واجبات الصلاة، وكذا من آخر الركوع عن آخر السورة بأن سكت قبل أن يركع، فإنه لا يجب عليه سجود السهو، وهذه الصورة كثيرة الوقوع عند الشافعية فيما إذا كان يصلي إماما: "الثالث": تعيين القراءة في الأوليين من الفرض فلو قرأ في الأخريين أو في الثانية والثالثة فقط وجب عليه سجود السهو، بخلاف النفل والوتر، كما تقدم "الرابع": رعاية الترتيب في فعل مكرر في ركعة واحدة وهو السجود، فلو سجد سجدة واحدة سهواً، ثم قام إلى الركعة التالية فأداها بسجدتيها، ثم ضم إليها السجدة التي تركها سهواً صحت صلاته ووجب عليه سجود السهو لترك هذا الواجب، وليس عليه إعادة ما قبلها، أما عدم رعاية الترتيب في الأفعال التي لم تتكرر كأن أحرم فركع ورفع ثم قرأ الفاتحة والسورة، فإن الركوع يكون ملغى، وعليه إعادته بعد القراءة، ويسجد للسهو لزيادة الركوع الأول "الخامس": الطمأنينة في الركوع والسجود، فمن تركها ساهياً وجب عليه سجود السهو على الصحيح "السادس": القعود الواجب، وهو ما عدا مضى في صلاته وسجد للسهو.
لأنه ترك واجب القعود، وقد تقدم بيان ذلك قريباً "السابع" قراءة التشهد، فلو تركه سهواً سجد للسهو، ولا فرق بين تركه في القعود الأول أو الثاني، وقد عرفت تفصيل حكمها قريباً "الثامن": قنوت الوتر، ويتحقق تركه بالركوع قبل قراءته فمن تركه سجد للسهو "التاسع": تكبيرة القنوت، فمن تركها سهواً سجد للسهو "العاشر": تكبيرة ركوع الركعة الثانية من صلاة العيد، فإنها واجبة بخلاف تكبيرة الأولى، كما تقدم "الحادي عشر": جهر الإمام وإسراره فيما يجب فيه ذلك، فإن ترك ما يجب من ذلك وجب عليه سجود السهون وهذا في غير الأدعية والثناء ونحوها، فإنه لو جهر بشيء منها لم يسجد للسهو، ولا فرق في كل ما تقدم بين أن تكون الصلاة فرضاً أو تطوعاً.
المالكية قالوا: أسباب سجود السهو تنحصر في ثلاثة أشياء:
"السبب الأول": أن ينقص من صلاته سنة، وهذا السبب ينقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها: أن يترك سنة مؤكدة داخلة في الصلاة. كالسورة إذا لم يقرأها في محلها سهواً، فإن وقع منه ذلك، سواء كان ذلك الترك محققاً، أو مشكوكاً فيه، فإنه يعتبر نقصاً ويسجد قبل السلام، ومثل ذلك ما لو شك في كون الحاصل منه نقصاً، أو زيادة، فإنه يعتبره نقصاً، ويسجد قبل السلام، لما عرفت من أن القاعدة عندهم أن النقص يجبر بالسجود قبل السلام، ويشترط لسجود السهو بترك السنة ثلاثة شروط: الشرط الأول: أن تكون مؤكدة، كما ذكر، فإن لم تكن مؤكدة، كما إذا ترك تكبيرة واحدة من تكبيرات الركوع أو السجود، أو ترك مندوباً، كالقنوت في الصبح سهواً، فإنه لا سجود عليه، فإذا سجد للسنة غير المؤكدة قبل السلام بطلت صلاته، لكونه قد زاد فيها ما ليس منها؛ أما إن سجد بعد السلام فإنها لا تبطل، لكونه زاد زيادة خارجة عن الصلاة، فلا تضر؛ الشرط الثاني: أن تكون داخلة في الصلاة، أما إذا ترك سنة من السنن الخارجة عن الصلاة، كالسترة المتقدمة، فإنه لا يسجد لها إذا نسيها؛ الشرط الثالث: أن يتركها سهواً، أما إذا ترك سنة مؤكدة عمداً داخلة في الصلاة، ففي صحة صلاته وبطلانها خلاف؛ ومثل السنة المؤكدة في هذا الحكم، وفي الشروط السنتان غير المؤكدتين الداخلتين في الصلاة، فمن تركهما سهواً فإنه يسجد لهما قبل السلام، ومن تركهما عمداً ففي صلاته خلاف، وأما من ترك من سنتين عمداً فصلاته باطلة على الراجح، فعليه أن يستغفر الله ويعيدها.
وحاصل هذا كله أن ترك السنة المؤكدة والسنتين الخفيفتين يجبر بسجود السهو وإن ترك السنة الخفيفة والمندوب - ويقال له فضيلة - لا يشرع له السجود، فإذا سجد له قبل السلام بطلت صلاته، وإذا سجد له بعد السلام فلا تبطل، أما إذا ترك فرضاً من الفرائض فإنه لا يجبر بسجود السهو، ولا بد من الإتيان به، سواء تركه في الركعة الأخيرة أو غيرها، إلا أنه إذا كان الركن المتروك من الأخيرة فإنه يأتي به إذا تذكره قبل أن يسلم معتقداً كما صلاته، فإن سلم معتقداً ذلك فإن تدارك الركن المتروك وألغى الركعة الناقصة وأتى بركعة بدلها صحت صلاته، وعليه أن يسجد للسهو بعد سلامه لكونه قد زاد ركعة ألغاها، وهذا إن قرب الزمن عرفاً بعد السلام، وغلا بطلت صلاته، وإن كان الركن المتروك من غير الركعة الأخيرة فإنه يأتي به ما لم يعقد ركوع الركعة التي تليها، وعقد الركوع يكون برفع الرأس منه مطمئناً معتدلاً، إلا إذا كان المتروك سهواً هو الركوع، فإن ع قد الركعة التالية يكون بمجرد الانحناء في ركوعها وإن لم يرفع منه، كما تقدم، فإذا ترك سجود الركعة الثانية ثم قام للركعة الثالثة، فإنه يأتيبالسجود المتروك إذا تذكؤ قبل أن يرفع رأسه من ركوع الركعة التي قام لها مطمئناً معتدلاً، فإن لم يتذكر حتى رفع من ركوعها مضى في صلاته وجعل الثالثة ثانية، فيجلس على رأسها، ويأتي بعدها بركعتين ثم يسلم ويسجد قبل سلامه لنقص السورة من الركعة الثانية التي كانت ثالثة قرأ فيها بأم القرآن فقط، ولزيادة الركعة التي ألغاها، وكيفية الإتيان بالنقص أن تارك الركوع يرجع قائماً، ويندب له أن يقرأ شيئاً يصل لحد الركوع ثم يرفع بنيته، وتدرك سجدة واحدة يجلس ليأتي بها من جلوس، وتارك سجدتين يهوي لهما من قيام ثم يأتي بهما، ويستثنى مما تقدم الفاتحة إذا تركها سهواً، ولم يتذكر حتى
ركع، فإنه يمضي في صلاته على المشهور، ويسجد قبل السلام، سواء كان الترك لها في ركعة من الصلاة أو أكثر متى أتى بها، ولو في ركعة واحدة من صلاته، وذلك لأن الفاتحة، وإن كان المعتمد في المذهب هو القول بوجوبها في كل ركعة من ركعات الصلاة، إلا أنه إذا أتى بها في ركعة واحدة منها وتركها في الباقي سهواً، فإن صلاته تصح، ويجبر تركها بالسجود قبل السلام مراعاة للقول بوجوبها في ركعة واحدة، ويندب له إعادة الصلاة احتياطاً في الوقت وخارجه، فإن ترك السجود لترك الفاتحة فإن كان عمداً بطلت الصلاة وإن كان سهواً أتى به إن قرب الزمن عرفاً، وإلا بطلت، كما تبطل إذا ترك الفاتحة عمداً أو تركها سهواً، وتذكر قبل الركوع، ولم يأت بها على القول بعدم وجوبها في كل ركعة لاشتهار القول بوجوبها في الكل.
السبب الثاني: الزيادة، وهي زيادة فعل ليس من جنس أفعال الصلاة، كأكل خفيف سهواً أو كلام خفيف كذلك، أو زيادة ركن فعلي من أركان الصلاة كالركوع والسجود، أو زيادة بعض من الصلاة، كركعة أو ركعتين على ما تقدم في "مبطلات الصلاة"، فأما إذا كانت الزيادة من أقوال الصلاة، فإن لم يكن القول المزيد فريضة، كأن زاد سورة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية سهواً، فلا يطلب منه السجود ولا تبطل صلاته إذا سجد بعد السلام؛ لأنها زيادة خارج الصلاة فلا تضر، كما تقدم، وإن كان القول المزيد فريضة، كالفاتحة إذا كررها سهواً، فإنه يسجد لذلك، والزيادة على ما ذكر تقتضي السجود، ولو كانت مشكوكاً فيها، فمن شك في صلاة الظهر مثلاً هل صلى ثلاثاً أو أربعاً، فإنه يبني على اليقين، ويأتي بركعة، ويسجد بعد السلام، لاحتمال أن الركعة التي أتى بها زائدة بركعة وتراً، ويسجد بعد السلام، لاحتمال أنه صلى الشفع ثلاث ركعات، فيكون قد زاد ركعة. ومن الزيادة أن يطيل في محل لا يشرع فيه التطويل، كحال الرفع من الركوع والجلوس بين السجدتين، والتطويل أن يمكث أزبد من الطمأنينة الواجبة والسنة زيادة ظاهرة، أما إذا طول بمحل يشرع فيه التطويل، كالسجود والجلوس الأخير، فلا يعد ذلك زيادة، فلا سجود، ومن الزيادة أيضاً أن يترك الإسرار بالفاتحة، ولو في ركعة، ويأتي بدله بأعلى الجهر، وهو أن يزيد على إسماع نفسه ومن يليه؛ أما إذا ترك الجهر، وأتى بدله بأقل السر، وهو - حركة اللسان - فإنه نقص لا زيادة، فيسجد له قبل السلام إن كان ذلك في الفاتحة فقط، أو فيها وفي السورة فإن كان في السورة فقط، فلا يسجد له إن كان ذلك في ركعة واحدة لأنه سنة خفيفة، بخلاف ما إذا كان في ركعتين، فإنه يسجد له.
هذا، وإذا ترك المنفرد أو الإمام الجلوس للتشهد الأول، فإنه يرجع للإتيان به استناناً ما لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه، وإلا فلا يرجع، فلو رجع فلا تبطل صلاته، ولو كان رجوعه بعد قراءة شيء من الفاتحة، أما إذا رجع بعد تمام الفاتحة فتبطل، وعلى المأموم أن يتبع إمامه في الركوع إذا رجع قبل مفارقة الأرض بيديه وركبتيه، أو رجع بعد المفارقة وقبل تتميم الفاتحة، كما يتبعه في عدم الرجوع إذا فارق الأرض بيديه وركبتيه، فإن خالفه في شيء من ذلك عمداً ولم يكن متأولاً أو جهلاً بطلت صلاته.
السبب الثالث من أسباب السجود: نقص وزيادة معاً، والمراد بالنقص هنا نقص سنة، ولو كانت غير مؤكدة، والمراد بالزيادة ما تقدم في السبب الثاني، فإذا ترك الجهر بالسورة وزاد ركعة في الصلاة سهواً فقد اجتمع له نقص وزيادة، فيسجد لذلك قبل السلام ترجيحاً لجانب النقص على الزيادة.
الحنابلة قالوا: أسباب السهو ثلاثة، وهي: الزيادة، والنقص، والشك في بعض صوره إذا وقع شيء من ذلك سهواً، أما إن حصل عمداً فلا يسجد له، بل تبطل به الصلاة إن كان فعلياً، ولا تبطل إن كان قولياً في غير محله، ولا يكون السهو موجباً للسجود إلا إذا كان في غير صلاة جنازة، أو سجدة تلاوة، أو سجود سهو، أو سجود شكر.
فإنه لا يسجد للسهو في ذلك كله، أما الزيادة في الصلاة فمثالها أن يزيد قياماً أو قعوداً، ولو كان القعود قدر جلسة الاستراحة عند من يقول بها، أو أن يقرأ الفاتحة مع التشهد في القعود أو يقرأ التشهد مع الفاتحة في القيام؛ فإنه يسجد للسهو وجوباً في الزيادة الفعلية، وندباً في القولية التي أتى بها في غير محلها، كما ذكر؛ وأما النقص في الصلاة فمثاله أن يترك الركوع أو السجود أو قراءة الفاتحة، أو نحو ذلك سهواً، فيجب عليه إذا تذكر ما تركه قبل الشروع في قراءة الركعة التي تليها أن يأتي به وبما بعده ويسجد للسهو في آخر صلاته، فإن لم يتذكره حتى شرع في قراءة الركعة التالية لغت الركعة وقامت ما بعدها مقامها، وأتى بركعة بدلها، ويسجد للسهو وجوباً، فإن رجع إلى ما فاته بعد الشروع في قراءة التالية عالماً بحرمة الرجوع، فإن صلاته تبطل، أما إذا كان معتقداً جوازه فلا تبطل، وإذا تذكره قبل الشروع في قراءة التالية، ولم يعد إلى ما تركه عمداً، فإن كان عالماً بالحكم بطلت صلاته، وإن كان جاهلاً بالحكم لغت الركعة، وقامت تاليتها مقامها، وأتى بركعة بدلها وسجد للسهو وجوباً: أما إذا لم يتذكر ما فاته إلا بعد سلامه، فيجب عليه أن يأتي بركعة كاملة إن كان ما تركه من غير الركعة الأخيرة، فإن كان منها فيجب عليه أن يأتي به وبما بعده، ثم يسجد للسهو، وهذا إذا لم يطل الفصل، ولم يحدث أو يتكلم، وإلا بطلت صلاته، وجبت إعادتها، وأما الشك في الصلاة الذي يقتضي سجود السهو، فمثاله أن يشك في ترك ركن من أركانها، أو في عدد الركعات، فإنه في هذه الحالة يبني على المتيقن، ويأتي بما شك في فعله؛ ويتم صلاته، ويسجد للسهو وجوباً، ومن أدرك الإمام راكعاً، فشك هل شارك الإمام في الركوع قبل أن يرفع أو لم يدركه لم يعتد بتلك الركعة، ويأتي بها مع ما يقضيه
ويسجد للسهو، أما إذا شك في ترك واجب من واجبات الصلاة؛ كأن شك في ترك تسبيحة من تسبيحات الركوع أو السجود، فإنه لا يسجد للسهو، لأن سجود السهو لا يكون للشك في ترك الواجب، بل يكون لترك الواجب سهواً؛ وإذا أتم الركعات وشك وهو في التشهد في زيادة الركعة الأخيرة لا يسجد للسهو، أما إذا شك في زيادة الركعة الأخيرة قبل التشهد، فإنه يجب عليه سجود السهو. ومثل ذلك ما إذا شك في زيادة سجدة على التفصيل المتقدم. ومما تقدم يعلم أن الشك لا يسجد له في بعض صوره، فمن سجد السهو في حالة لم يشرع لها سجود السهو وجب عليه أن يسجد للسهو لذلك، لأنه زاد في صلاته سجدتين غير مشروعتين، ومن علم أنه سها في صلاته، ولم يعلم هل السجود مشروع لهذا السهو أو لا لم يسجد، لأنه لم يتحقق سببه، والأصل عدمه، ومن سها في صلاته وشك هل سجد لذلك السهو أو لا سجد للسهو سجدتين فقطن وإذا كان المأموم واحداً وشك في ترك ركن أو ركعة، فإنه يجب عليه أن يبني على الأقل، كالمنفرد، ولا يرجع لفعل إمامه، فإذا سلم إمامه لزمه أن يأتي بما شك فيه، ويسجد للسهو، ويسلم، فإن كان مع إمامه غيره من المأمومين، فإنه يجب عليه أن يرجع إلى فعل إمامه، وفعل من معه من المأمومين، وإذا شك شكاً يشرع السجود له، ثم تبين له أن مصيب لم يسجد لذلك الشك، ومن لحن لحناً يغير المعنى سهواً أو جهلاً وجب عليه أن يسجد للسهو، وإذا ترك سنة من سنن الصلاة أبيح له السجود.
الشافعية قالوا: تنحصر أسباب سجود السهو في ستة أمور: الأول: أن يترك الإمام أو المنفرد سنة مؤكدة، وهي التي يعبر عنها بالأبعاض، وذلك كالتشهد الأول، والقنوت الراتب، وهو غير قنوت النازلة، أما لو ترك سنة غير مؤكدة، وهي التي يعبر عنها بالهيئات، كالسورة ونحوها مما تقدم، فإنه لا يسجد لتركها عمداً أو سهواً، فلو ترك فرضاً، كسجدة أو ركوع، فإن تذكره قبل أن يفعل مثله أتى به فوراً، وإن لم يتذكره إلا بعد فعل مثله قام المثل مقامه، بحيث يعتبر أولاً، ويلغي ما فعله بينهما، فإن ترك الركوع مثلاً ثم تذكره قبل أن يأتي بالركوع الثاني أتى به، ثم يلغى مما فعله أولاً، ويمضي في إتمام صلاته، ويسجد قبل السلام، فإن تذكره بعد الإتيان بالركوع الثاني قام الثاني مقام الأول؛ وهكذا يقوم المتأخر مقام المتقدم، ويلغي مابينهما متى تذكر قبل السلام، وأما إذا تذكره بعد السلام، فإن لم يطل الفصل عرفاً ولم تصبه نجاسة غير معفو عنها، ولم يتكلم أكثر من ست كلمات؛ ولم يأت بفعل كثير مبطل وجب عليه أن يقوم ويركع، ثم يأتي بما يكملهان ويتشهد، ويسجد للسهو، ثم يسلم، ومن ترك سنة مؤكدة كالتشهد الأول المتقدم ذكره، ثم قام، فإن كان إلى القيام أقرب؛ فلا يعود له؛ فإن عاد عامداً عالماً بطلت صلاته، أما إن عاد ساهياً أو جاهلآً، فلا تبطل؛ إلا أنه يسن له السجود؛ ولو ترك القنوت المشروع لغير النازلة؛ ونزل للجلوس حتى بلغ حد الركوع لا يعود له، فإن عاد عالماً عامداً بطلت صلاته، وإلا كان حكمه كما تقدم في التشهد؛ وهذا إن كان غير مأموم، فإن كان مأموماً وترك التشهد والقنوت قصداً فهو مخير بين أن يعود لمتابعة إمامه أو ينتظره حتى يلحقه إمامه فيمضي معه، وإن تركهما سهواً يجب عليه العود مع الإمام، فإن لم يعد بطلت صلاته، إلا إذا نوى المفارقة في الصورتين، فإنه حينئذ يكون منفرداً، فلو ترك الإمام والمقتدي التشهد الأول مثلاً أو القنوت عمداً وكانا إلى القيام أقرب في الأول، وبلغا حد الركوع في الثاني، ثم عاد الإمام فيجب على المأموم أن لا يعود معه، وإنما يفارقه بالنية بقلبه أو ينتظره في القيام أو في السجود، فإن عاد المأموم معه عالماً عامداً بطلت صلاته، وإلا فلا تبطل، وإذا ترك الإمام التشهد الأول وقام، وجب على المأموم أن يقوم معه، فإن عاد الإمام، فلا يعود المأموم معه؛ السبب الثاني: الشك في الزيادة، فلو شك في عدد ما أتى به من الركعات بنى على اليقين، وتمم الصلاة وجوباً، وسجد لاحتمال الزيادة، ولا يرجع الشاك إلى ظنه ولا لإخبار مخبر، إلا إذا بلغ عدد المخبرين التواتر فيرجع لقولهم؛ السبب الثالث: فعل شيء سهواً يبطل عمده فقط، كتطويل الركن القصير بأن يطيل الاعتدال أو الجلوس بين السجدتين، ومثل ذلك الكلام القليل سهواً، ولا يسجد إلا إذا تيقنه، فإن شك فيه فلا يسجد، أما ما لا يبطل عمده ولا سهوه، كالتفات بالعنق، ومشي خطوتين، فلا يسجد لسهوه ولا لعمده، وأما ما يبطل عمده وسهوه ككلام كثير وأكل، فلا يسجد له أصلاً، لبطلان الصلاة؛ السبب الرابع: نقل ركن قولي غير مبطل في غير محله، كأن يعيد قراءة الفاتحة كلها أو بعضها في الجلوس، وكذلك نقل السنة القولية، كالسورة من محلها إلى محل آخر. كأن يأتي بها في الركوع فإنه يسجد له؛ ويستثنى من ذلك إذا قرأ السورة قبل الفاتحة، فلا يسجد لها؛ السبب الخامس: الشك في ترك بعض معين، كأن شك في ترك قنوت: لغير النازلة، أو ترك بعض مبهم، كأن لم يدر هل ترك القنوت أو الصلاة على النبي في القنوت.
وأما إذا شك هل أتى بك الأبعاض أو ترك شيئاً منها؛ فلا يسجد؛ السبب السادس: الاقتداء بمن في صلاته خلل، ولو في اعتقاد المأموم، كالاقتداء بمن ترك القنوت في الصبح، أو بمن يقنت قبل الركوع فإنه يسجد بعد سلام الإمام وقبل سلام نفسه، وكذلك إذا اقتدى بمن يترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، فإنه يسجد
رابط تحميل كتاب الفقه على المذاهب الأربعة pdf
https://www.noor-book.com/كتاب-الفقه-على-المذاهب-الأربعة-pdf
...............
رابط الكتاب من المكتبة الشاملة الحديثة
https://al-maktaba.org/book/9849
,,,,,,,,,,,
رابط الموضوع
https://al-maktaba.org/book/9849/406
[مباحث صلاة المريض]
[كيف يصلي]
من كان مريضاً لا يستطيع أن يصلي الصلاة المفروضة قائماً صلى قاعداً، فإذا أمكنه القيام ولكن يلزم من قيامه حدوث مرض آخر أو زيادة مرضه أو تأخر شفائه فله أن يصلي قاعداً أيضاً، وإذا كان مرضه سلس البول مثلاً، وعلم أنه لو صلى قائماً نزل منه البول، وإن صلى قاعداً بقي على طهارته، فإنه يصلي أيضاً قاعداً، وكذلك الصحيح الذي علم بتجربة أو غيرها أنه إذا صلى نائماً أصابه إغماء أو دوار في رأسه، فإنه يصلي من جلوس، ويجب إتمام الصلاة بركوع وسجود في جميع ما تقدم، وإذا عجز عن القيام استقلالاً، ولكنه يقدر عليه مستنداً على حائط أو عصا، أو نحو ذلك تعين عليه القيام مستنداً، ولا يجوز له الجلوس، باتفاق الحنفية، والحنابلة؛ وخالف المالكية، والشافعية، فانظر مذهبيهما تحت الخط (1) . وإذا قدر على بعض القيام، ولو بقدر تكبيرة الإحرام تعين عليه أن يقوم بالقدر المستطاع، ثم يصلي من جلوس بعد ذلك؛ والصلاة من جلوس تكون بدون استناد إلى شيء حال الجلوس متى قدر، فإن لم يقدر على الجلوس إلا مستنداً تعين عليه الاستناد، ولا يجوز له الاضطجاع، فإن عجز عن الجلوس بحالتيه صلى مضطجعاً أو مستلقياً، على تفصيل في المذاهب، فانظره تحت الخط
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,.
المالكية قالوا: من عجز عن الجلوس بحالتيه اضطجع على جنبه اليمن مصلياً بالإيماء ووجهه إلى القبلة، فإن لم يقدر اضطجع على جنبه الأيسر ووجهه للقبلة أيضاً، فإن لم يقدر استلقى على ظهره ورجلاه للقبلة، والترتيب بين هذه المراتب الثلاث مندوب، فلو اضطجع على جنبه الأيسر مع القدرة على الاضطجاع على الجانب الأيمن، أو استلقى على ظهره مع القدرة على الاضطجاع بقسميه صحت صلاته، وخالف المندوب، فإن لم يقدر على الاستلقاء على الظهر استلقى على بطنه جاعلاً رأسه للقبلة وصلى بالإيماء برأسه، فإن استلقى على بطنه مع القدرة على الاستلقاء على الظهر بطلت صلاته لوجوب الترتيب بين هاتين المرتبتين.
الحنفية قالوا: الأفضل أن يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه نحو القبلة وينصب ركبتيه ويرفع رأسه يسيراً ليصير وجهه إلى القبلة، وله أن يصلي على جنبه الأيمن أو الأيسر. والأيمن أفضل من الأيسر، وكل هذا عند الاستطاعة، أما إذا لم يستطع، فله أن يصلي بالكيفية التي تمكنه.
الحنابلة قالوا: إذا عجز عن الجلوس بحالتيه صلى على جنبه ووجهه إلى القبلة، والجنب الأيمن أفضل، ويصح أن يصلي على ظهره ورجلاه إلى القبلة مع استطاعته الصلاة على جنبه الأيمن مع الكراهة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه صلى على ظهره ورجلاه إلى القبلة.
الشافعية قالوا: إذا عجز عن الجلوس مطلقاً صلى مضطجعاً على جنبه متوجهاً إلى القبلة بصدره ووجه، ويسن أن يكون الاضطجاع على جنبه الأيمن، فإن لم يستطع فعلى جنبه الأيسر ويركع ويسجد وهو مضطجع إن قدر على الركوع والسجود، وإلا أومأ لهما، فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقياً على ظهره، ويكون باطناً قدميه للقبلة، ويجب رفع رأسه وجوباً بنحو وسادة ليتوجه للقبلة بوجهه، ويومئ برأسه لركوعه وسجوده؛ ويجب أن يكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع إن قدر، وإلا فلا، فإن عجز عن الإيماءء برأسه أومأ بأجفانه، ولا يجب حينئذ أن يكون الإيماء للسجود أخفض من الركوع، فإن عجز عن ذلك كله أجرى أركان الصلاة على قلبه
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
كيف يجلس المصلي قاعداً
يندب لمن يصلي قاعداً لعجزه عن القيام أن يكون متربعاً، عند المالكية، والحنابلة؛ وخالف الحنفية، والشافعية، وللجميع تفصيل، فانظره تحت الخط
,,,,,,,,,,,
المالكية قالوا: يندب له التربع إلا في حال السجود والجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد، فإنه يكون على الحالة التي تقدم بيانها في "سنن الصلاة ومندوباتها".
الحنفية قالوا: له أن يجلس وقت القراءة والركوع كيف شاء، والأفضل أن يكون على هيئة المتشهد، أما في حال للسجود والتشهد فإنه يجلس على الهيئة التي تقدم بيانها، وهذا إذا لم يكن فيه حرج أو مشقة، وغلا اختار الأيسر في جميع الحالات.
الحنابلة قالوا: إذا صلى من جلوس سنّ له أن يجلس متربعاً في جميع الصلاة إلا في حالة الركوع والسجود، فإنه يسن له أن يثني رجليه، وله أن يجلس كما شاء.
الشافعية قالوا: إذا صلى من جلوس فإنه يسن له الافتراش إلا في حالتين: حالة سجوده، فيجب وضع بطون أصابع القدمين على الأرض، وحالة الجلوس للتشهد الأخير، فيسن فيه التورك كما تقدم
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
[إذا عجز عن الركوع والسجود]
إذا عجز عن الركوع والسجود أو عن أحدهما صلى بالإيماء ما عجز عنه، فإن قدر على القيام والسجود، وعجز عن الركوع فقط، فإنه يجب عليه أن يقوم للإحرام والقراءة، ويومئ للركوع ثم يسجد، وإن قدر على القيام مع العجز عن الركوع والسجود كبر الإحرام وقرأ قائماً، ثم أومأ للركوع من قيام، وللسجود من جلوس، فلو أومأ للسجود من قيام، أو للركوع من جلوس بطلت صلاته إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (1) ، وإن لم يقدر على القيام أومأ للركوع والسجود من جلوس، ويكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وجوباً، وإن قدر على القيام ولم يقدر على الجلوس، وعجز عن الركوع والسجود أومأ لهما من قيام ولا يسقط القيام متى قدر عليه بالعجز عن السجود، إلا عند الحنفية، فانظر مذهبهم تحت الخط (2) ، ويكون إيماؤه للسجود أخفض من إيمائه للركوع وجوباً، وإن لم يقدر على شيء من أفعال الصلاة إلا بأن يشير إليه بعينه، أو يلاحظ أجزاءها بقلبه وجب عليه ذلك، ولا تسقط ما دام عقله ثابتاً، فإن قدر على اشارة بالعين، فلا بد منها، ولا يكفيه مجردا استحضار الأجزاء بقلبه خلافاً للحنفية فانظر مذهبهم تحت الخط (3) .ويكره لمن فرضه الإيماء أن يرفع شيئاً يسجد عليه، فلو فعل وسجد عليه يعتبر مومياً في هذه الحالة، فلا يصح أن يقتدي به من هو أقوى حالاً منه، خلاف الشافعية فانظر مذهبهم تحت الخط (4) ، وإذا برأ المريض في أثناء الصلاة بنى على ما تقدم منها وأتمها بالحالة التي قدر عليها. باتفاق، وللحنفية تفصيل تحت الخط(5)
,,,,,,,,,,,,,
(1) الحنفية قالوا: الإيماء للركوع والسجود يصح وهو قائم، ويصح وهو جالس، ولكن الإيماء وهو جالس أفضل
(2) الحنفية قالوا: إذا عجز عن السجود، سواء عجز عن الركوع أيضاً أو لا، فإنه يسقط عنه القيام على الأصح، فيصلي من جلوس مومياً للركوع والسجود، وهو أفضل من الإيماء قائماً، كما تقدم
(3) الحنفية قالوا: إذا قدر على الإيماء بالعين أو الحاجب أو القلب فقط سقطت عنه الصلاة، ولا تصح بهذه الكيفية، سواء كان يعقل أو لا، ولا يجب عليه قضاء ما فاته وهو في مرضه.
هذا إذا كان أكثر من خمس صلوات، وإلا وجب القضاء
(4) الشافعية قالوا: يصح أن يقتدي به من هو أقوى حالاً منه متى كانت صلاته مجزئة عن القضاء، كما تقدم
(5) الحنفية قالوا: إذا كان عاجزاً عن القيام وكان يصلي من جلوس بركوع وسجود، ثم قدر عليه في صلاته بنى على ما تقدم منها، وأتمها من قيام، ولو لم يركع أو يسجد بالفعل؛ أما إذا كان يصلي من قعود بالإيماء ثم قدر على الركوع والسجود، فإن كان ذلك بعد أن أومأ في ركعة أتمها بانياً على ما تقدم وإلا قطعها، واستأنف صلاة جديدة، كما يستأنف مطلقاً لو كان يومئ مضطجعاً، ثم قدر على القعود
رابط الموضوع
https://al-maktaba.org/book/9849/449
رابط تحميل كتاب الفقه على المذاهب الأربعة pdf
https://www.noor-book.com/كتاب-الفقه-على-المذاهب-الأربعة-pdf
...............
رابط الكتاب من المكتبة الشاملة الحديثة
https://al-maktaba.org/book/9849
قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تعريف أصول الفقه ،نشأة أصول الفقه،معنى أصول الفقه الإضافي،معنى الفقه،أصول ا | أم أمة الله | فتاوي وفقه المرأة المسلمة | 1 | 12-02-2020 05:48 PM |
لماذا كان صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى؟ | امانى يسرى | السنة النبوية الشريفة | 1 | 03-12-2019 01:37 PM |
أنور الجندي نشأته، مشواره في الكتابة، إسهاماته، تكريمه، وفاته، | أم أمة الله | شخصيات وأحداث تاريخية | 1 | 02-12-2019 03:03 PM |
عقيدة الشيعة والخطر قادم | dodo modo | المنتدي الاسلامي العام | 12 | 09-11-2019 07:11 PM |
[♥] المدارس قربت ومش عارفه تجيبى كتب خارجية إيه لولادك؟ طب تعالى وهتستفيدى [♥] | ♥العدوله لولو♥ | العناية بالطفل | 38 | 20-09-2018 02:07 PM |
جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع