أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي فوائـد وأحكـام من قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبت

قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ * وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 267 - 273].


1- وجوب الإنفاق من طيبات الكسب ومما أخرجه الله لنا من الأرض؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾، وهذان هما أصول الأموال، والأصل في الأمر الوجوب، كإخراج الزكاة والنفقات الواجبة، ويحمل على الندب فيما هو مندوب؛ وذلك من مقتضيات الإيمان.

2- وجوب إخراج الزكاة في عروض التجارة؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ، وهي مما يكتسب في المعاملة والبيع والشراء.

3- يجب أن تكون النفقة من الكسب الطيب، واجبة كانت أو مندوبة؛؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾، ولا تجوز من الكسب الحرام، لمفهوم الآية.

4- وجوب الزكاة في الخارج من الأرض؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ﴾.
وقد بينت السنة ما تجب فيه الزكاة بخصوصه من الخارج من الأرض من الحبوب والثمار والمعادن، ونحو ذلك، ومقدار النصاب، ومقدار الواجب فيه.
وقد قيل بوجوب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض لعموم الآية، والصحيح الأول بدلالة السنة.





5- تحريم قصد الرديء لإخراج الزكاة منه؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾، ولقوله: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾.
فلا يجوز إخراج الرديء في الزكاة، كما لا يلزم إخراج الأجود، بل يخرج الوسط، وإن أخرج الأجود فهو أكمل وأفضل، وإن كان كل ماله رديئًا جاز إخراج الزكاة منه؛ لأنه في هذه الحال لم يتيمم الخبيث، بل أخرج ما عنده.

6- وجوب الإنصاف من النفس وأن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه، فلا يقصد الرديء لينفق منه وهو لا يقبل في المعاملة أخذ الرديء إذا كان الحق له إلا مع الكراهية، فكما لا يرضاه لنفسه، ينبغي أن لا يعطيه ويرضاه لغيره؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾.

7- أن من طبيعة الإنسان أن لا يقبل الظلم والغبن؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ﴾.

8- وجوب العلم بأن الله غني حميد؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾.

9- إثبات أن الله عز وجل حميد محمود في غناه؛ لواسع كرمه وجوده وعطائه، حميد يَحمد ويُثني على من أطاعه؛ لقوله تعالى: ﴿ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾.
وكثير من الخلق يذم على غناه؛ لبخله وشحه.

10- حرص الشيطان على إضلال وإغواء بني آدم، ووجوب الحذر منه؛ لقوله تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾.

11- تسلط الشيطان على بني آدم، وبخاصة على من يتولونه ويتبعونه، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ﴾ [النحل: 100].

12- دقة مداخل الشيطان على الإنسان، حتى إنه ليبدو أنه الناصح يخوف المنفق من الفقر والمجاهد من القتل، وهكذا؛ لقوله تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ﴾، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].

13- عداوة الشيطان لبني آدم، وأنه لا يأمر إلا بالشر؛ لقوله تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21]، وهذا عام لجميع الشرور والمعاصي.


14- أن البخل وعدم الإنفاق من الفحشاء؛ لقوله تعالى: ﴿ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾.

15- وعد الله عز وجل للمنفقين بمغفرة ذنوبهم وسترها والتجاوز عنها وزيادتهم من فضله بمضاعفة أجورهم في الآخرة، والمباركة لهم في أموالهم في الدنيا، وتأكيد ذلك وتعظيمه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ﴾.

16- إثبات أفعال الله تعالى الاختيارية المتعلقة بمشيئته، وإثبات المشيئة له عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ﴾, وقوله: ﴿ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ.


17- فضل الله عز وجل بإعطائه الحكمة والعلم والرشد من يشاء من عباده؛ لقوله تعالى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ﴾.

18- إثبات كمال حكمة الله عز وجل وعلمه؛ لأن ما يعطيه الله عز وجل لعباده من ذلك هو من حكمته وعلمه، كما قالت الملائكة: ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 32]، وقال تعالى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].

19- أن من آتاه الله الحكمة فقد آتاه خيرًا كثيرًا، يوجب عليه معرفة عظم فضل الله عليه وشكره على ذلك بالقيام بحقه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾.

20- أنه إنما يتذكر ويتعظ أصحاب العقول السليمة الذين تهديهم عقولهم إلى الحق؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾.
بخلاف من لم يتعظوا بآيات الله تعالى فهم ليسوا من العقلاء حقًا، كما قال تعالى: ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف: 179].

21- فضل العقل من بين أعضاء الجسم؛ لأنه مما ميز الله تعالى به الإنسان وكرمه به، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»[1].

22- علم الله عز وجل بما ينفق العباد من النفقات وما ينذرونه من النذور، قليلًا كان أو كثيرًا ومحاسبته ومجازاته لهم على ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾.

23- ليس في الآية دليل على مشروعية النذر، ولكن فيها دليلٌ على وجوب الوفاء به إذا وقع ولم يكن في معصية الله تعالى كما في الحديث: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه»[2].

24- الرد على القدرية الذين يقولون: إن الخلق يستقلون بخلق أفعالهم وعلمها دون الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ اللَّهَ يَعْلَمُهُ﴾، وقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾.

25- أن الظالمين لا أنصار لهم يدفعون عنهم عذاب الله تعالى؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾، ومن لم ينصره الله فلا ناصر له.

26- التحذير من الظلم وعواقبه السيئة، وذم أهله.

27- الحث على الصدقات والترغيب فيها، سواء أظهرت أو أُخفيت؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ الآية.

28- أن إبداء الصدقة وإظهارها قد يحسن أحيانًا كأن يريد من يظهر الصدقة أن يكون قدوة لغيره، ونحو ذلك، ولعل هذا هو السبب- والله أعلم- في تقديم قوله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾.

29- أن إخفاء الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص وأستر للمُتَصدَّق عليه ونحو ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾.

30- أن من أعظم وأهم مصارف الزكاة الفقراء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ ﴾.
31- ينبغي أن لا يكلف الفقير البحث عن الزكاة والإتيان لصاحب المال، بل يذهب بها صاحب المال أو من يُنيبه ويعطيها الفقير؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ ﴾، ففي هذا مراعاة لشعور الفقير.

32- تفاضل الأعمال وأن بعضها خير من بعض؛ لقوله تعالى: ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾، وهذا يستلزم تفاضل العمال، وزيادة الإيمان ونقصانه وتفاضل العمال.

33- أن الصدقات من أسباب تكفير السيئات ومحوها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾، ففيها الخير والأجر والثواب، وتكفير السيئات.

34- تأكيد إحاطة علم الله تعالى بجميع أعمال العباد ومحاسبتهم ومجازاتهم عليها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.

35- أن هداية توفيق الخلق ليست إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا إلى غيره من الخلق؛ لقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾.
وإنما عليه صلى الله عليه وسلم البلاغ، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67]، وقال تعالى: ﴿ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ ﴾ [المائدة: 99].
وهكذا غيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكذا الدعاة إلى الله واجبهم البلاغ فقط.

36- اختصاص الله عز وجل بهداية التوفيق لمن شاء من عباده؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾.

37- أن ما ينفقه الإنسان من خير فلنفسه لا ينصرف لغيره، والله غني عنه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ﴾، ولا ينافي هذا أن يتصدق عن الغير كما دلت على ذلك السنة.

38- لا ينبغي أن يُقصد بالإنفاق إلا وجه الله تعالى، فهذا الذي يقبل وينفع صاحبه، دون ما عداه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ﴾.
وفي هذا أيضًا تزكية للمؤمنين بأنهم لا ينفقون إلا ابتغاء وجه الله وحث لهم على ذلك.

39- إثبات الوجه لله تعالى، كما يليق بجلاله وعظمته، وإثبات نظر المؤمنين إليه؛ لقوله تعالى: ﴿ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ [القيامة: 22، 23]، وقال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].

وقد فسر صلى الله عليه وسلم «الحسنى» بالجنة، و«الزيادة» بالنظر إلى وجه الله الكريم[3].

40- إعطاء المنفقين جزاء أعمالهم وافيًا من غير ظلم ولا نقصٍ؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾.

بل إنه عز وجل يضاعف للمنفقين عملهم بما لا حد له.

41- كمال عدل الله عز وجل وأنه لا يظلم أحدًا، كما قال تعالى: ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴾ [فصلت: 10]، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [آل عمران: 182].

42- تأكيد حق الفقراء في الصدقات؛ لقوله تعالى: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ الآية.

43- أنه إنما يستحق الصدقات من الفقراء الذين لا قدرة لهم على الكسب؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ ﴾.

وفي الحديث: «لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي»[4].

وجاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة، فصعَّد فيهما النظر وصوَّبه، ثم قال: «إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب»[5].

44- فضل التعفف عما في أيدي الناس؛ لقوله تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ﴾.

45- ينبغي أن يكون الإنسان ذا فراسة وفطنة وتبصر وحذق ومعرفة، يعرف المسكين حقًّا من المتمسكن، فلا تنطلي عليه الأمور ولا يجهل؛ لقوله تعالى: ﴿ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ ﴾.

46- الثناء على الذين لا يسألون الناس؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾، وفي هذا تعريض بذم سؤال الناس، فإن كان عن غير ضرورة فهو محرم.

وفي الحديث: «لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله وليس في وجهه مزعة لحم»[6].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس أموالهم تكثرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر»[7].

وعن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار، أو من جمر جهنم»، فقالوا: يا رسول الله، وما يغنيه؟ قال: «قدر ما يغديه أو يعشيه»[8].

وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: «ألا تبايعون رسول الله؟» وكنا حديث عهد ببيعة، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: «ألا تبايعون رسول الله؟»، فقلنا: قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: «ألا تبايعون رسول الله؟» قال: فبسطنا أيدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله، فعلام نبايعك؟ قال: «على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، وتطيعوا- وأسر كلمة خفيَّة- ولا تسألوا الناس شيئًا»، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدًا يناوله إياه[9].

47- أن من أشد أنواع السؤال ذمًا أن يُلحف الإنسان بالسؤال فيؤذي المسؤول، ويثقل عليه، أو يسأل وعنده ما يغنيه عن السؤال؛ لقوله تعالى: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾، وفي الحديث: «من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف»[10].

48- تأكيد علم الله عز وجل بكل ما ينفقه العباد من خير ومجازاتهم عليه، وأنه لن يضيع عنده؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40].


[1] أخرجه البخاري في الإيمان (52)، ومسلم في المساقاة (1599)، وابن ماجه في الفتن (3984)، من حديث النعمان ابن بشير رضي الله عنه.

[2] أخرجه البخاري في الأيمان والنذور (6696)، وأبو داود في الأيمان والنذور (3289)، والنسائي في الأيمان والنذور (3806)، والترمذي في النذور والأيمان (1526)، وابن ماجه في الكفارات (2126)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

[3] أخرجه مسلم في الإيمان (181)، والترمذي في صفة الجنة (2552)، وابن ماجه في المقدمة (187) من حديث صهيب رضي الله عنه، وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (11/ 158- 161) من حديث أبي موسى وكعب بن عجرة، وأُبي بن كعب رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[4] أخرجه أبو داود في الزكاة (1634)، والترمذي في الزكاة (652) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقال: «حديث حسن».

[5] أخرجه أبو داود في الزكاة (1633)، والنسائي في الزكاة (2598) من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث.

[6] أخرجه مسلم في الزكاة (1040)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه.


[7] أخرجه مسلم في الزكاة (1041)، وابن ماجه في الزكاة (1838).

[8] أخرجه أبو داود في الزكاة (1629).

[9] أخرجه مسلم في الزكاة (1043)، وأبو داود في الزكاة (1642)، وابن ماجه في الجهاد (2867).

[10] أخرجه أبو داود في الزكاة (1628)، والنسائي في الزكاة (2595)، وأحمد (3/ 9) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.







الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

شبكة الالوكة









قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
الاسماء الموصولة ، شرح درس الاسماء الموصولة للصف الرابع الابتدائي بشرح وافي حياه الروح 5 المرحلة الابتدائية
الله تعالى لا يظلم عباده العدولة هدير العقيدة الإسلامية
أسلوب التهديد في القرآن اماني 2011 المنتدي الاسلامي العام
الأصول الثلاثة وأدلتها في العقيده الاسلاميه , شرح مفصل للاصول الثلاثه حياه الروح 5 العقيدة الإسلامية
مضمون القرآن الكريم كاملا .. متجدد بمشيئة الله .. حبيبة أبوها القرآن الكريم


الساعة الآن 04:40 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل