تدبر الجزء الحادي عشر
1.منهج في الإنصاف في تقويم الأمم والجماعات: الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة : 97 ، 98] مع قوله بعد ذلك: وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99) [التوبة : 99].
2.وفي الآيات السابقة دليل على أن من تحققت فيه هذه الصفات فهو مذموم أو ممدوح – بحسب حاله - ولو ولد في قصور الملوك، وأثرياء الحواضر.
3.وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة : 100] هذا خبر، والخبر لا يدخله النسخ، فيا ليت شعري ماذا سيجيب الطاعنون على الصحابة ومن تبعهم بإحسان عن هذه الآية المحكمة، التي هي من أواخر ما نزل؟!
4.من آيات الرجاء العظيمة: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة : 102] لكن تنبه – عبدَالله – للشرط : اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ.
5.الزكاة لم تشرع للمواساة فحسب، بل من وراء ذلك حكمٌ كثيرة، منها ما دلت عليه هذه الآية: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة : 103].
6.صورة العمل الصالح لا تكفي، بل قد يقترن بصورة العمل من النوايا الفاسدة ما يصيره عملاً باطلاً، وحرباً للدين، فتأمل كيف انقلب بناء المسجد من كونه بيتاً لله، إلى مكان ينهى عنه سول الله أن يصلي فيه؛ لنيات أربع فاسدة: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا ، وَكُفْرًا، وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ، وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [التوبة : 107].
7.أعظم صفقة عرفتها الدنيا: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 111] فالمشتري هو الله، والبائع هم أولياء الله، والثمن هو الجنة، والشرط: قتال في سبيل الله، والعقد مؤكد بوعد من وعْدُه أصدق الوعود.
8.من أدلة البراءة من المشركين: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى [التوبة : 113] فيا حسرةً على من ذابت هذه المعاني من قلوبهم!
9.من أدلة قاعدة العذر بالجهل: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التوبة : 115].
10.تصور ! صحابة يرون رسول الله ، ومع ذلك كاد أن يقع من بعضهم ميل ما يكرهه الله ورسوله من الدعة والسكون وترك الجهاد! فكيف يأمن عبدٌ على قلبه بعد هذا، تأمل: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ [التوبة : 117] فسل ربك الثبات، ولذ به، وانطرح بين يديه.
11.إذا كان في القلب حياة تألم لمعصية الله: وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ [التوبة : 118] فإن لم يجد الألم، فلينعش قلبه قبل أن يموت.
12.قاعدة في التعامل مع الله ومع العباد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة : 119].
13.ثمة فرق بين الآيتين: مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [التوبة : 120 ، 121] ففي الآية الأولى تقع تلك الأمور تبعا لطبيعة السير، وليست مما يفعلُ قصداً، ولذا قال فيقها: إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ وأما في الآية التي تليها فإنها أمال مكتسبة لهم، ولذا قال: إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ.
14.أصل في الفقه في الدين: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة : 122].
15.الناس عند سماع الوحي قسمان، فانظر من أيهما أنت؟ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ [التوبة : 124 - 127].
16.لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة : 128] وليس بعد شهادة الله شهادة، لكنني أشهد الله وملائكته وجميع خلقه أنه كذلك.
17.أربع أمور أوجبت لهم النار – عياذاً بالله منها -، فتأملها واهرب: إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا، وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَاطْمَأَنُّوا بِهَا، وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يونس : 7 ، 8] .
18.هذه الآية: دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس : 10] دليل على أن التسبيح يسمى دعاءً.
19.من لطائف هذه الآية: وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [يونس : 12] أن الاسم (الضر) مرّت عليه جميع حالات الإعراب الثلاث: الرفع، ثم النصب، ثم الجرّ.
20.هذا الموضع الثاني من مواضع أمر الله لنبيه أن يقول لمن ساوموه على ترك الدعوة: إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [يونس : 15] يقول هذا وهو لم يعص ، فكيف بمن عصاه؟ أليس أولى بالخوف؟
21.علق بعض الفضلاء على هذه الآية: قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ [يونس : 16] فقال: الحمد أن الله لم يشأه، وإلا لكنا محرومين من هذه النعمة الكبرى: القرآن الكريم.
22. قاعدة في أبواب الجزاء الألهي: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [يونس : 23].
23.وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ [يونس : 27] سبحان الله! ذلة السيئات لا تفارق أهلها، وهي في أرض المحشر أبين وأوضح.
24.من الأمثلة القرآنية: فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ [يونس : 32].
25.أحد صور التحدي البياني للعرب المكذبين بهذا القرآن، وهو أقل ما تحداهم الله به: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [يونس : 38].
26.من أعظم أسباب ردّ الحق: بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ [يونس : 39].
27.قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ [يونس : 53] هذا هو الموضع الأول - من حيث ترتيب السور – للآيات الثلاث التي أمر الله نبيه أن يحلف فيها ابتداء.
28.وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ [يونس : 54] يا له من مشهد، نعوذ بالله أن نقفه.
29.أربعة أوصاف للقرآن في آية واحدة: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس : 57] والمهم أن نفتش عن أثر هذه الصفات في قلوبنا.
30.والله لن يذوق أحدٌ طعم القرآن حقّاً حتى يفرح به أكثر من فرحه بحيازة الدنيا كلها: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس : 58] وفي قراءة سبعية: تَجْمَعُونَ.
31.ولاية الله دعوى، ومن أراد أن يتصف بها فلينظر في الشرطين المذكورين: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس : 62 ، 63] الإيمان والتقوى المستمرة، ولهذا جاء التعبير بالفعل المضارع وَكَانُوا يَتَّقُونَ للدلالة على الاستمرار.
32.أما ثمرات الولاية، فقد جمعت هاتان الآيتان أربع ثمرات: لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ... لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [يونس : 62 - 64] فاللهم ارزقناها بمنك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام.
33.لكل من يفتي بغير علم، فهو داخل في هذه الآية: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ [يونس : 69].
34.قاعدة قرآنية: إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس : 81].
35.هنا تساؤل مهم عند قراءة هذه الاية: رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [يونس : 85] وهل يمكن أن يكون المسلمون فتنة للكفار؟ نعم، ومن ذلك: ما يجري من قبل بعض الناس من تشويه لسمعة المسلمين بتفسخهم الأخلاقي، أو أعمال العنف، ونحو ذلك، فيقول الكافر حينها: لو كان دينهم خيراً لما صنعوا ذلك، فيكونوا - المسلمون الظالمون لأنفسهم بتلك الأفعال المشينة – فتنة، وصادين عن الدين وهم لا يشعرون.
36.وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس : 87] أي دلالة في هذه الآية على حب الله للصلاة حين يأمر موسى وهارون وقومهما بأن يجعلوا بيوتهم قبلة ويقيموا الصلاة؟! وفي الآية نفسها إشارة إلى أن المحافظة على الصلاة من أسباب النصر على الأعداء، والتمكين في الأرض، وقد جاء هذا صريحا في سورة الحج كما سيأتي بإذن الله.
37.الرسل وأتباعهم لا يحزنون على ما في أيدي أعداء الله من الدنيا إلا إذا كانت سبباً في حرب الدين: وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ [يونس : 88].
38.جواز الدعاء على الكافر المعاند: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس : 88].
39.استدل بهذه الاية: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [يونس : 89] أن المؤمن على الدعاء كأنه داعٍ، وهي أحد أدلة سقوط وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية.
40.قال فرعون حين أدركه الغرق: آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ [يونس : 90] ولم يقل : أمنت أنه لا إله إلا الله؛ لأنه – والله أعلم – أراد أن يطمئن بأن الرب الذي سينجيه هو الرب الذي آمن به بنو إسرائيل. وبعد هذا يطول عجبك من عميق جهل من يقول: إن فرعون مات مؤمناً!!
41.التوبة عند الغرغرة لا تقبل: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [يونس : 91].
42.من أعظم المصائب أن يكون العلم سببا في الاختلاف: وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ[يونس : 93] والسبب – كما بينته الآيات الأخرى – هو البغي.
43.سنة إلهية: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس : 96 ، 97].
44.قاعدة قرآنية في طريق الدعاة: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس : 99].
45.قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا [يونس : 108] وفيها إشارة إلى أن من لم تبلغه الرسالة فمعذور، فهذا ممن لم يجئهم الحق.
46.أيها الداعية، هذه قيلت لنبيك ، وأنت على الأثر، فسر ولا تنأ ولا تتوقف: وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ[يونس : 109]
والله أعلم وأحكم