فوائد وأحكام من قوله تعالى:
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ... ﴾
فوائد وأحكام من قوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران: 14، 17].
1- تزيين حب الشهوات من النساء للناس كونًا، وكذا حب البنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرث؛ لقوله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾.
2- حكمة الله تعالى البالغة في تزيين هذه الأشياء السبعة المذكورة للناس وغيرها لبناء هذا الكون وعمارته.
3- ابتلاء الله تعالى للناس في تزيين الأشياء المذكورة وغيرها من متاع الدنيا لهم ليتبين من لا يشغله ذلك عن عبادة الله تعالى، بل يستغل ذلك ويستعين به على طاعة الله تعالى، ممن يشغله ذلك، أو يجره إلى معصية الله تعالى.
4- أن محبة ما ذكر في الآية على وجه لا يشغل عن طاعة الله تعالى أمر مباح؛ كما قال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77]، وقال صلى الله عليه وسلم: «حُبِّب إليَّ من دنياكم النساء والطيب»[1].
5- الحذر من الافتتان بالشهوات من النساء والبنين والأموال، وغير ذلك مما ذكر في الآية وغيره، والانشغال بذلك عن طاعة الله تعالى.
6- أن من أعظم ما تحصل به الفتنة، ويشغل عن طاعة الله تعالى النساء والأبناء والأموال، لهذا قدمت في الآية، وقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14]، وقال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ﴾ [الأنفال: 28]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [التغابن: 15].
والأولاد يشمل الأبناء والبنات، عن يعلى العامري- رضي الله عنه - قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه، وقال: «إن الولد مبخلة مجبنة»[2]، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء»[3].
7- تقديم كثير من الناس محبة الأبناء غالبًا على محبة البنات، والتفاخر والتعاظم بهم؛ لهذا خص البنين بالذكر دون البنات. والخير فيما يختاره الله، وصدق الله العظيم: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، وقال تعالى: ﴿ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، ويكفي البنات فخرًا أن جل نسل الأنبياء عليهم السلام بنات، وأنهن حجاب لوالديهن من النار[4]، وأنهن سبب لمرافقته النبي في الجنة[5].
8- أن المال كلما كثر ازدادت الفتنة فيه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ﴾، وفي الحديث: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديًا ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»[6].
9- أن مما يزين للناس اقتناء الخيل وركوبها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْخَيْلِ الْمسَوَّمَةِ﴾، وهي كما قال صلى الله عليه وسلم: «لرجل أجر، ولرجل ستر، ولرجل وزر»[7].
10- أن مما زين للناس اقتناء الأنعام، الإبل والبقر والغنم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْأَنْعَامِ ﴾، وذلك إما بقصد الاستفادة من نتاجها، أو للاتجار بها، وهذا أمر مباح، بل مشروع لما فيه من نفع عام ما لم يؤد إلى الفتنة بالمال.
وقد يكون اقتناؤها لأجل المفاخرة والمباهاة بها، كما هو حال أهل مزايين الإبل - كما يقولون - الذين يشترون الفحل أو الناقة بعشرات الملايين، وكما هو حال الذين يشترون «التيس» وهو ذَكَر المعز بمئات الآلاف، ممن يحتاجون إلى «درة» عمر بن الخطاب- رضي الله عنه.
11- أن مما يزين للناس حرث الأرض وزرعها؛ لقوله تعالى: ﴿ والحرث﴾.
وهذا فيه أيضًا نفع عام ما لم يؤد بصاحبها إلى الانشغال عن طاعة الله تعالى والافتتان في الدنيا.
12- أن كل ما ذكر في الآية مما زين للناس من حب الشهوات من النساء والبنين وغير ذلك هو مجرد متاع في هذه الحياة الدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾.
13- التزهيد في التعلق بما ذكر مما زين للناس، والترغيب في الانشغال بما ينفع؛ لقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، فهو إما أن يزول عن الإنسان أو يزول عنه الإنسان.
14- حقارة الحياة الدنيا ودناءتها؛ لهذا سميت «دنيا»؛ لقوله تعالى: ﴿ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، فهي دنيئة حقيرة لا قيمة لها بالنسبة للآخرة، لكنها أيضًا مزرعة للآخرة لمن وفقه الله تعالى.
15- أن الله - عز وجل - عنده حسن المآل والمرجع، وهو الجنة، مما هو خير من الدنيا وزينتها ومتاعها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾، فلا ينبغي الانشغال بالدنيا وما فيها عما عند الله تعالى.
16- أن القرآن الكريم كلام الله - عز وجل - أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم تبليغه للناس؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ ﴾.
17- بلاغة القرآن الكريم باختيار أسلوب التنبيه والتشويق في الدعوة؛ لقوله تعالى: ﴿ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ﴾.
18- أن ما عند الله - عز وجل - للذين اتقوا من جنات تجري من تحتها الأنهار، وأزواج مطهرة، ورضوان الله عليهم خير من الدنيا وزينتها ومتاعها الزائل؛ لقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾.
19- أن المفاضلة قد ترد بين أمرين بينهما في الفضل بون شاسع وفرق واسع، فقد فاضل هنا بين زينة الدنيا ومتاعها، وبين ما أعد للذين اتقوا عند ربهم من الجنات وما فيها من ألوان النعيم. وشتان بين هذا وهذا.
شتان بين الحالتين فإن ترد
جمعًا فما الضدان يجتمعان[8]
كما أن المفاضلة قد ترد بين أمرين ليس في أحدهما شيء من الفضل، كما في قوله تعالى: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [الفرقان: 24].
20- تشريف المتقين وتكريمهم بإضافة اسم «الرب» إلى ضميرهم؛ لقوله تعالى: ﴿ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾.
21- عظَّم ما للذين اتقوا عند ربهم، فهم في جوار ربهم الكريم، ولهم جنات تجري من تحتها الأنهار فيها من ألوان النعيم، وأزواج مطهرة، ورضوان من الله أكبر، وأعظم بهذا من نعيم، ويكفي في عظمته أنه من ربهم الكريم ذي الفضل العظيم، وعنده، وفضل التقوى والترغيب فيها؛ لعظم ما خص به المتقين من الثواب العظيم؛ لقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ الآية.
22- إثبات صفة الرضا لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ ﴾ والرضا من الصفات الفعلية المتعلقة بالمشيئة.
23- اطلاع الله - عز وجل - وبصره وعلمه بالعباد وأعمالهم وغير ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.
24- حكمة الله - عز وجل - الكونية في كون العباد منهم المتقي ومنهم خلاف ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾.
25- الوعد لمن اتقى الله والوعيد لمن خالف أمر الله وعصاه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾.
فمعنى هذا ومقتضاه أنه محيط بهم وبأعمالهم وسيحاسبهم ويجازيهم عليها.
26- إثبات عبودية جميع الخلق لله تعالى التقي منهم وغيره، عبودية عامة؛ لقوله تعالى: ﴿ بِالْعِبَادِ ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93].
27- ثناء الله - عز وجل - على المتقين وامتداحه لهم؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾.
28- أن من أهم وأعظم صفات المتقين سؤال الله تعالى مغفرة ذنوبهم ووقايتهم عذاب النار؛ اعترافًا منهم بتقصيرهم، وبعدًا عن الإدلاء على الله بعملهم؛ لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.
29- دعاء المتقين في طلبهم المغفرة من ربهم بوصف الربوبية الذي مقتضاه العناية بعباده؛ لقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ﴾ الآية.
30- توسل المتقين في سؤالهم المغفرة من ربهم بإيمانهم إقرارًا منهم واعترافًا بعبوديتهم لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ﴾ الآية.
31- جواز التوسل بالإيمان والأعمال الصالحة؛ لقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ﴾ الآية.
وكما في حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فقال بعضهم: «إنه لا نجاة لكم مما أنتم فيه إلا أن تدعو الله بصالح أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران- الحديث، وفيه «ففرَّج الله عنهم وخرجوا يمشون»[9].
32- حاجة الإنسان مهما كان عليه من التقى إلى سؤال الله تعالى المغفرة والوقاية من عذاب النار، فالإنسان لا يخلو من تقصير ونقص، وعمله مهما كثر لا يعدل شيئًا من نعمة الله تعالى عليه، ولا أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله تعالى وفضله.
33- مشروعية البسط في الدعاء تعظيمًا لله - عز وجل - وتقربًا إليه وخضوعًا بين يديه، وإظهارًا للافتقار إليه؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، فسؤال مغفرة الذنوب متضمن طلب الوقاية من عذاب النار، ولم يكتفوا به، بل قالوا: ﴿ وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾، لكن ينبغي أيضًا الحرص على جوامع الدعاء مما ورد في الكتاب والسنة وسلف الأمة والبُعد عن التكلف والاعتداء في الدعاء.
34- إثبات النار وعذابها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾.
35- أن من صفات المتقين: الصبر، والصدق، والقنوت، والإنفاق، والاستغفار بالأسحار؛ لقوله تعالى: ﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ﴾.
36- الترغيب بالاتصاف بهذه الصفات السبع التي امتدح الله بها المتقين، من سؤال مغفرة الذنوب، والوقاية من عذاب النار، والصبر والصدق والقنوت والإنفاق والاستغفار بالأسحار، ومفهوم ذلك ذم من اتصف بضد هذه الصفات.
37- فضل الصبر على ما ذكر بعده من الصفات لتقديمه عليها، وذلك لأنه لا قيام لها إلا به.
38- فضل الصدق؛ لأن الله امتدح المتصفين به؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالصَّادِقِينَ﴾.
وهو يشمل الصدق مع الله تعالى في الإيمان به باطنًا وظاهرًا، والانقياد لشرعه.
والصدق مع النفس بطلب خلاصها، ونجاتها، والصدق مع الخلق في الحديث وأداء حقوقهم.
وهو من أفضل الأعمال، يهدي إلى البر ويرفع صاحبه إلى منزلة الصديقين، بسببه خلد الله ذكر الثلاثة الذين خلفوا في القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾[التوبة: 118، 119].
39- فضل القنوت ودوام الطاعة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْقَانِتِينَ ﴾، وفي الحديث: «إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»[10].
40- فضل الإنفاق في وجوه البر والخير المشروعة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُنْفِقِينَ ﴾.
وفي الحديث: «اليد العُليا خير من اليد السُفلى»[11].
41- فضل أوقات السحر وفضل الاستغفار فيها حيث وقت النزول الإلهي، وإجابة الدعاء، وختام القيام؛ لقوله تعالى: ﴿ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾.
[1] سبق تخريجه.
[2] أخرجه ابن ماجه في الأدب (3666).
[3] سبق تخريجه.
[4] أخرجه البخاري في «الزكاة» (1418)، ومسلم في «البر والصلة» (2629)، والترمذي في «البر والصلة» (1914)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
[5] أخرجه مسلم في «البر والصلة» (2631)، والترمذي (1914)، من حديث أنس رضي الله عنه.
[6] أخرجه مسلم في الزكاة (148)، من حديث أنس رضي الله عنه.
[7] سبق تخريجه.
[8] البيت لابن القيم؛ انظر: «النونية» (ص11).
[9] أخرجه البخاري في المزارعة (2323)، ومسلم في الذكر والدعاء (2743)، وأبو داود في البيوع (3387)، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
[10] أخرجه البخاري في الرقاق (6464)، ومسلم في صلاة المسافرين (782)، وأبو داود في الصلاة (1368)، والنسائي في القبلة (762)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
[11] أخرجه البخاري في الزكاة (1428)، ومسلم في الزكاة (1034)، والنسائي في الزكاة (2531)، والترمذي في صفة القيامة (2463)، من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.