لِباسان لا يُشتريان بمال، ولا يُقدَّران بالأثمان: لباس التقوى، ولباس ستر الله. الأول، يدوم عليك إذا اتّقيت والثاني، يُكشف عنك إذا تماديت.
خفّف همومك الدنيوية بخمس:
-أن تعلم أن الفرج من الله وحده، وما سواه أسباب.
-أن تعلم أن الهمّ لا يدوم.
-أن تعلم أنه كلما طال الهمّ تضاعف الأجر.
-أن تعلم أن هناك من هو أشدُّ همًّا منك.
-أن تُزاحم همومك بهمّ الآخرة، فتفكّر في أهوالها، فتعمل لذلك الهمّ. وهذه الأخيرة-من تجربة-أنفعها.
لا تخلو بيئة من ناقد لكل شيء، يقطع الموصول، ويفتق المرتوق، ويوسّع الخرق، هو من الناس في عافية، والناس منه في ضيق. إن أتيت بفائدة قال: غير واضحة! وإن اتضحت قال: ماذا تقصد؟ وإن عرف المقصود قال: وقتها غير مناسب. فمثل هذا لا ينبغي أن يضيق صدرك منه؛ فهو مريض، وليس على المريض حرج.
مهما ارتكب العاصي من الموبقات وقارف المخزيات، فتذكّر "لا تُعينوا الشيطان على أخيكم" اِزدراؤه، إعانة للشيطان. عدم استصلاحه، إعانة للشيطان. إشعاره بأنه انتهى، إعانة للشيطان. العاصي أخوك وإن كرهت، وله حقٌّ عليك وإن جحدت. بعض العصاة ليس بينه وبين التوبة إلا كلمة، ربما تكون منك.
عندما تستشير أحدًا من أهل الحكمة والخبرة، فيُشير عليك ثم تعمل بإشارته، فيصلح أمرُك وتنجح حاجتك، فأخبره بالنتيجة،
ففي ذلك عدة فضائل:
١-أنه نوع من الشكر.
٢-إدخال السرور عليه في أنه قدّم شيئًا مفيدًا لغيره.
٣- أنك تساعده على إضافة هذه الإشارة الناجحة إلى خبراته، ليُفيد منها غيرك.
(هذا ما عنده أهل…!) نعمة عظيمة أن يكون عندك أهل وأقارب وأصدقاء عقلاء، يُقيمونك إذا تعثّرت، ويُصوّبونك إذا أخطأت، ويوجّهونك إذا احترت، وتشعر بأمان المشورة إذا استشرت. وأما من يركب رأسه، ويحفر عن نفسه، فذلك الذي بليّتُه في نفسه أعظم مِن بليّة أهله فيه، فلا عدوّ له إلا نفسه.
الأحلام المزعجة من الشيطان، والشيطان حريص على إزعاج المؤمن، قال الله: ﴿إنما النجوى من الشيطان لِيَحزُنَ الذين آمنوا﴾ وبعض الناس يستغرق في التفكير بالحلم المزعج حتى يفسد عليه يومه. إياك أن يتسلّط عليك الشيطان بذلك، وانظر إلى الجانب الإيجابي في هذا الحلم، وهو أنه حلم وليس واقعًا.
القليل مع الإخلاص كثير. والكثير بدون الإخلاص معدوم.
لو سَلِمَ كثيرٌ منا مِن ذلك المجهر الذي يُكبّر الصغائر حوله، لَسَلِم مِن تلك الضوضاء التي في داخله، ولعمَّ الهدوء في أرجاء نفسه. ولو تعاملت مع نفسك تحت هذا المجهر لتخاصمت معها، ولكنك تتعامل معها بعدسة أخرى، تُصغِّر الكبائر، وتُخفي الصغائر.
المتكبّر يظنّ أنّه محور الكون، وقِبلة نظر الناس، وما علم المسكين أنّه إذا مات فلن يتوقّف شيء في هذه الحياة إلا دقّات قلبه. حتى بموته، لن يترك فراغًا؛ فإن جسمه الذي كان يشغل حيّزًا من الفراغ، سيسدّه التراب الذي يتسنّم قبره.
لا تظن أن مُقترف الكبيرة سقط عليها هكذا بدون مقدمات، وإنما تدلّى إليها بحبال الصغائر، والتساهل بمُحقّرات الذنوب. فالصغائر التي تستحقرها وتقول: صغيرة، كالنظرة والكلمة والنغمة والأكلة، اِعلم أن لكل صغيرة منها أُمًّا من الكبائر، وكل أُمّ تُنادي إليها بناتها. فالنظرة مثلًا بنت الزنا.
ثلاثة فيها نصف الراحة: -أن تفهم الحياة على ما هي عليه، لا على ما تحبّ. -أن تعقل تفاوت طباع الناس، فلا تنتظر من اثنين أن يكونا كرجل واحد في كلّ شيء. -أن لا تهتمّ بصاحبٍ بدأتَ تَشعر بحرصه على قطع علائق الصُّحبة.
أفضل وقت لطلب العلم والرزق هو أول اليوم، في البكور. ألا ترى أنك تقول هذا الدعاء في أذكار الصباح وليس في أذكار المساء. عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول اللهﷺ إذا أصبَح قال: "اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ عِلمًا نافعًا، ورِزْقًا طيِّبًا، وعمَلًا مُتقَبَّلًا."
أعظم لباس بعد التقوى لباس الستر الذي جمّلنا الله به وأمهلنا فيه لنرجع إليه؛ فإن كشفَ الأستار لا يكون إلا بعد طول الإصرار وهجر الاستغفار. ولو كُشِفت السرائر، وظهرت الضمائر لانكسر الخاطر، واستحى المكشوف من الناظر. فالحمد لله على عفوه بعد ستره، وعلى حلمه بعد علمه.
تُبْ كلّ مرّة ولو عُدتَ للذنب ألف مرّة؛ فإنه لا راحة ولا طمأنينة للقلب وصاحبُه مُصرٌّ على الذنب.
الاصطدام الذي لا يسمعه إلا أنت، ولا يتألّم منه إلا أنت، ولا يُصلح أثره إلا أنت، هو اصطدام عاطفتك بعقلك. عاطفتك تقول: نعم. وعقلك يقول: لا. والعاطفةُ التي لا تَرضىٰ بالمعقول ضجيجٌ داخلي.تأمّل ما جاء في دعاء الاستخارة: (وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ)
القراءة مُتعة النفس. والفهم مُتعة العقل. والتأمّل مُتعة الفِكر. والإنتاج إن اجتمعت فيه هذه الثلاثة فهو ابتكار، وإن فقد منها شيئًا فهو تكرار.
عندما يسقط حجر في ماء فإنك لا تستطيع أن ترى الأشياء من خلاله واضحة على حقيقتها إلا إذا سكن بعد انتظار. فكذلك عند يهجم عليك أمر يثير غضبك فقد لا ترى الأشياء كما هي، وبالتالي لا يكون قرارك وحكمك صائبًا فيها، فانتظر حتى يسكن غضبك لترى ماذا حصل وماذا ينبغي أن تفعل. واعلم أنك لن تندم.
حسب ما وصلني... سمعت خبرًا يقول... ونحو هذه العبارات مما لا زمام لها ولا خِطام، إذا كانت تتعلّق بأمن الناس أو في دينهم أو مصالحهم فلا يجوز التساهل في نقلها بمجرّد وصولها لك ما لم تتثبّت صحتها من عدمها. قال رسول اللهﷺ: "كفى بالمرء كذبًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمع" رواه مسلم.
لو أن هناك فقيرًا يريد السفر من بلد لآخر، فقيل له: خذ هؤلاء في طريقك بمبلغ كبير يغنيك مدّة من الزمن، فقال: لا. ماذا يقال عنه؟ سيقال: محروم؛ فهو ذاهبٌ ذاهب، فلماذا يضيع هذه الغنيمة الباردة!
كذلك بقاؤنا في هذه الحياة، فالعمر ذاهب ذاهب، فلماذا لا نملأه بطاعات تغنينا في أبد الآخرة.
ما أضعف الإنسان! الموت، أمرٌ يخصُّه ومع هذا لا يدري متى يموت؟ وأين يموت؟ وكيف يموت؟ وعلى أيّ شيء يموت؟ ولذلك أكثروا من هذا الدعاء النبوي: "اللّهُمّ إِنّا نَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيّة، وَمِيتَةً سَوِيّة، وَمَرَدًّا غَيْرَ مُخْزٍ وَلاَ فَاضِح"
الحسد دركات، وأخطره ما كان من جنس حسد اليهود، وهو الحسد على نعمة دينيّة، كحسد شخص على صلاحه أو على علمه أو على نفعه والخير الذي يجري على يديه. لا حسدَ شرٌّ من أن يتمنى الحاسد زوال نعمة دينية يُعْبَد الله بها في الأرض. ﴿أَم يَحسُدونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِه﴾
أنزلوا الأشياء منازلها. هناك حياتان: حياة فانية، وحياة سرمديّة باقية. اعمل للحياة الدنيا بقَدْرها، واعمل للآخرة بقَدْرِها. ولا تُشغِلنّك حياتُك الصغيرة عن حياتك الكبيرة.
لو أُصبت بمرض ألزمك الفراش أسبوعًا لتمنّيت العافية لتستمتع بأيسر الأشياء التي كنت لا تلقي لها بالًًا في صحتك. ستتمنّى كأسًا من الماء تشربه بدون ألم. ستشتاق للخروج من البيت لتمشي حوله وتستنشق نسيم الهواء. ستغبط من يذهب للعمل ولو كان مملًّا. ستكون كل أشيائك الهامشية ذات قيمة لديك.
قول الرسولﷺ:"إياكم والجلوس في الطُّرقات"
هذه وصية مشفق على أمّته؛ فقد يجلس المسلم في الطرقات، فيرى منكرًا لا يقوى على إنكاره، أو تحمله نفسه على فضول نظر يضعف عن صرفه، وغير ذلك.
طرقات اليوم والله إنها شرٌّ من طرقات الأمس.طرقات اليوم في وسائل التواصل، كالحالات والهاشتاقات ونحوها.
إلى الأزواج الذين لا يكادون يجلسون مع أهليهم لا ليلًا ولا نهارًا، في النهار في وظائفهم فإذا جاءوا للبيت ناموا، فإذا استيقظوا ذهبوا للاستراحات فلا يأتون إلا قُبيل الفجر.
عن ابن أبي مليكة: أنّ قومًا من قريش كانوا يسمرون فتُرسل إليهم عائشة: "انقلبوا إلى أهليكم فإن لهم فيكم نصيبًا"