أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي عذاب أهل النار



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإن الله تعالى أعدَّ لأهل المعاصي نارًا شديدة الحرارة، فأردت أن أذكِّر نفسي وطلَّاب العلم الكِرام بصفة أهل النار، وسوء منقلب أهلها؛ لعلنا نتجنب المعاصي، ونسير على صراط الله تعالى المستقيم، الذي يوصلنا إلى مرضاة الله تعالى وجنة الخلد؛ فأقول وبالله تعالى التوفيق:


مرور جميع الناس على جسر جهنم:

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72].

روى مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يمرُّ أولكم كالبرق قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كمرِّ البرقِ؟ قال: ألم تَرَوا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمرِّ الريح، ثم كمرِّ الطير وشدِّ الرجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: ربِّ سلِّم سلِّم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل، فلا يستطيع السير إلا زحفًا قال: وفي حافَّتِيِ الصراط كلاليبُ معلَّقةٌ، مأمورة بأخْذِ مَن أُمِرَت به؛ فمخدوشٌ ناجٍ، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده، إن قَعْرَ جهنَّمَ لَسبعون خريفًا))؛ [مسلم حديث: 195].



عظم حجم النار وشدة حرارتها:

روى مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُؤتَى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمامٍ، مع كل زمام سبعون ألف مَلَكٍ يجرُّونها))؛ [مسلم حديث: 2842].

روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال جهنم تقول ﴿ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾ [ق: 30]، حتى يَضَعَ ربُّ العزة فيها قدمه فتقول: قطُّ قطُّ وعزتك، ويُزوَى بعضها إلى بعض))؛ [البخاري حديث: 6661، مسلم حديث: 2848].

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59].

﴿ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]: قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: "وادٍ في جهنم، بعيد القعر، خبيث الطعم"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 9، ص: 268].

روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، قيل: يا رسول الله، إنْ كانت لَكافيةً، قال: فُضِّلت عليهن بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرِّها))؛ [البخاري حديث: 3265، مسلم حديث: 2843].



أبواب جهنم:

قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 43، 44].

قال ابن كثير رحمه الله: "أخبر الله تعالى أن لجهنم سبعةَ أبواب: ﴿ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 44]؛ أي: قد كتب لكلِّ بابٍ منها جزءًا من أتباع إبليس يدخلونه، لا مَحِيدَ لهم عنها - أجارنا الله منها - وكلٌّ يدخل من باب بحسب عمله، ويستقر في دركٍ بقدر فِعْلِهِ".

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض، فيمتلئ الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، حتى تُملَأ كلُّها".

وقال ابن جريج رحمه الله: "﴿ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ﴾ [الحجر: 44] أوَّلُها جهنم، ثم لَظَى، ثم الحُطَمة، ثم سعير، ثم سَقَر، ثم الجحيم، ثم الهاوية"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 8، ص: 260، 259].



خَزَنَةُ جهنمَ:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

قال عكرمة رحمه الله: "إذا وصل أول أهل النار إلى النار، وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم، سودٌ وجوههم، كالحةٌ أنيابهم، قد نزع الله من قلوبهم الرحمة، ليس في قلبِ واحدٍ منهم مثقال ذرة من الرحمة، لو طُيِّر الطير من مَنْكِبِ أحدهم لَطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر، ثم يجدون على الباب التسعة عشر، عَرْضُ صدر أحدهم سبعون خريفًا، ثم يَهْوُون من باب إلى باب خمسمائة سنة، ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول، حتى ينتهوا إلى آخرها".

قوله: ﴿ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]؛ أي: مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه، لا يتأخرون عنه طرفة عين، وهم قادرون على فِعْلِهِ ليس بهم عجز عنه، وهؤلاء هم الزبانية، عياذًا بالله منهم؛ [تفسير ابن كثير، ج: 14، ص: 60].



أجسام أهل النار:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 56].

روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن غلظ جِلْدِ الكافر اثنان وأربعون ذراعًا، وإن ضرسه مثل أُحُدٍ، وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة))؛ [حديث حسن، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 2087].

روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ضرس الكافر يومَ القيامة مِثْلُ أُحُدٍ، وفَخِذُه مثل البيضاء، ومقعده من النار مسيرة ثلاث مثل الرَّبذة))؛ [حديث حسن، صحيح الترمذي للألباني حديث: 2086].

قال الترمذي رحمه الله: "ومثل الربذة كما بين المدينة والربذة، والبيضاء جبل مثل أحد"؛ [سنن الترمذي، ج: 4، ص: 606].



طعام أهل النار:

قال الله تعالى: ﴿ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ ﴾ [الحاقة: 35 - 37].

قال قتادة رحمه الله: "غسلين: هو شر طعام أهل النار"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 14، ص: 121].

وقال سبحانه: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ * لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ [الغاشية: 1 - 7].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "الضريع: شجر من نار"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 14، ص: 330].

وقال جل شأنه: ﴿ إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [المزمل: 12، 13].

﴿ وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ ﴾ [المزمل: 13]؛ قال عبدالله بن عباس: "ينشَبُ في الحَلْقِ، فلا يدخل ولا يخرج"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 14، ص: 169].

وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الواقعة: 51 - 56].



قال الله سبحانه وتعالى في وصف شجرة الزقوم:

﴿ أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: 62 - 68].

روى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أن قطرةً قطرت من الزَّقُّوم في الأرض، لأمرَّت على أهل الدنيا معيشتهم، فكيف بمن هو طعامه، وليس له طعام غيره؟))؛ [حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، حديث: 5250].



شراب أهل النار:

قال الله تعالى عن عذاب أهل النار: ﴿ مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾ [إبراهيم: 16، 17].

قال مجاهد، وعكرمة: "الصديد: من القيح والدم، وقال قتادة: هو ما يسيل من لحمه وجلده"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 8، ص: 168].

قال الله تعالى: ﴿ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15].

قال ابن كثير رحمه الله: "أي: حارًّا شديدَ الحرِّ، لا يُستطاع، ﴿ فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15]؛ أي: قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء، عياذًا بالله من ذلك"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 13، ص: 70].

وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 29].

قوله: ﴿ الْمُهْلِ ﴾: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ماء غليظ مثل دُرْدِيِّ الزيت"؛ وهو ما يترسب أسفل الزيت؛ [تفسير ابن كثير، ج: 9، ص: 132].



ملابس أهل النار:

قال الله تعالى: ﴿ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ [إبراهيم: 49، 50].

قال ابن كثير رحمه الله: "قوله: ﴿ سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ ﴾ [إبراهيم: 50]؛ أي: ثيابهم التي يلبسونها عليهم من قطران، وهو الذي تهنأ به الإبل؛ أي: تُطلى؛ قاله قتادة، وهو ألصق شيء بالنار"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 8، ص: 238].

وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿ هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ﴾ [الحج: 19].



فُرُشُ أهل النار:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 41].

قال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: "﴿ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ ﴾ [الأعراف: 41]: الفرش، ﴿ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ [الأعراف: 41]: اللُّحف"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 6، ص: 301].





وقال سبحانه: ﴿ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 16].



أهل النار يلعن بعضهم بعضًا:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 38، 39].

قال الطبري رحمه الله: "هذا خبر من الله جل ثناؤه عن محاورة الأحزاب من أهل الملل الكافرة في النار يوم القيامة، يقول الله تعالى ذكره: فإذا اجتمع أهل الملل الكافرة في النار فادَّاركوا، قالت أخرى أهل كل ملة دخلت النار الذين كانوا في الدنيا، بعد أولى منهم تقدمتها، وكانت لها سلفًا وإمامًا في الضلالة والكفر، لأولاها الذين كانوا قبلهم في الدنيا: ربنا هؤلاء أضلونا عن سبيلك، ودعَونا إلى عبادة غيرك، وزيَّنوا لنا طاعة الشيطان، فآتِهم اليوم من عذابك الضعف على عذابنا"؛ [تفسير الطبري، ج: 10، ص: 178].

وقال سبحانه: ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا • رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الفاتحة: 67، 68].



بكاء وصراخ أهل النار:

قال الله تعالى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [فاطر: 37].

روى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يرسَل البكاء على أهل النار فيبكون حتى ينقطع الدموع، ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأُخدود، لو أُرْسِلت فيها السفن لَجَرَت))؛ [حديث حسن، صحيح ابن ماجه للألباني حديث: 8083].



سلاسلُ وأغلال أهل النار:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ﴾ [الإنسان: 4].

وقال سبحانه: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ﴾ [الحاقة: 25 - 32].

قوله: ﴿ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴾ [الحاقة: 28، 29]؛ أي: لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذابَ الله وبأسه، بل خلص الأمر إليَّ وحدي، فلا مُعين لي ولا مُجير.

قوله: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴾ [الحاقة: 30، 31]؛ أي: يأمر الزبانية أن تأخذه عنفًا من المحشر، فتَغُلَّه؛ أي: تضع الأغلال في عنقه، ثم تُوِرده إلى جهنم، فتُصليه إياها؛ أي: تغمره فيها.

قوله: ﴿ فَاسْلُكُوهُ ﴾ [الحاقة: 32]؛ أي: أدخلوه في سلسلة.

قال ابن عباس رضي الله عنه: "تدخل في استه (دُبُرِهِ)، ثم تخرج من فيه (فمه)"؛ [تفسير ابن كثير، ج: 8، ص: 216، 215].



أدنى أهل النار عذابًا:

روى مسلم عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أهونُ أهل النار عذابًا أبو طالب، وهو مُنْتَعِلٌ بنَعلَينِ يغلي منهما دماغه))؛ [مسلم، حديث: 212].



صَبغة واحدة في النار تُنسي صاحبها نعيمَ الدنيا:

روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُؤتَى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يومَ القيامة، فيُصبغ في النار صَبْغَةً، ثم يُقال: يا بنَ آدم، هل رأيت خيرًا قطُّ؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويُؤتَى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيُصبغ صَبغةً في الجنة، فيُقال له: يا بنَ آدم، هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مرَّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مرَّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدةً قط))؛ [مسلم حديث: 2807].



أول من تُسعَّرُ بهم النار:

روى مسلم عن سليمان بن يسار قال: تفرَّق الناس عن أبي هريرة رضي الله عنه، فقال له ناتل (اسم رجل) أهل الشام: أيها الشيخ، حدِّثنا حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجلٌ استُشهد، فأُتِيَ به، فعرَّفه نِعَمَه، فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استُشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يُقال: جريء، فقد قِيل، ثم أُمر به، فسُحب على وجهه، حتى أُلقِيَ في النار، ورجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتِيَ به، فعرَّفه نعمه فعرَفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليُقال: عالم، وقرأت القرآن ليُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمِر به، فسُحب على وجهه حتى أُلقِيَ في النار، ورجل وسَّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتِيَ به، فعرَّفه نعمه، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن يُنفَق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليُقال: هو جَوَاد، فقد قيل، ثم أُمِرَ به، فسُحب على وجهه، ثم أُلقِيَ في النار))؛ [مسلم حديث: 1905].



النساء أكثر أهل النار:

روى البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اطَّلعتُ في الجنة، فرأيت أكثر أهلها الفقراءَ، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء))؛ [البخاري حديث: 3241].



جوارح أهل النار تشهد عليهم:

قال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 19 - 21].

وقال سبحانه: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس: 65].



خطبة إبليس في أهل النار:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 22].



النار لا تأكل آثار السجود من أهل المعاصي من الموحِّدين:

روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود))؛ [حديث صحيح، صحيح ابن ماجه للألباني، حديث: 3492].



لا فداء لأهل النار من عذابها:

قال الله سبحانه تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 36].

روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول لأهون أهل النار عذابًا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم؛ ألَّا تشرك بي، فأبيتَ إلا الشركَ))؛ [البخاري حديث: 3334، مسلم حديث: 2805].



عذاب النار دائم ولا ينقطع:

قال سبحانه: ﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى * ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى ﴾ [الأعلى: 11 - 13].

قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴾ [فاطر: 36].

روى أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يَحْيَون))؛ [حديث صحيح، صحيح الجامع للألباني، حديث: 1350].



خروج أهل المعاصي الموحِّدين من النار:

روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 2094].

روى الترمذي عن عمران بن حصين رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليخرُجَنَّ قومٌ من أُمتي من النار بشفاعتي، يُسمَّون: الجَهَنَّمِيُّون))؛ [حديث صحيح، صحيح الترمذي للألباني، حديث: 2096].



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.



الشيخ صلاح نجيب الدق



شبكة الالوكة








قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
موسوعة تتحدث عن يوم القيامة والنعيم والعذاب بالتفصيل.. عاشقة جواد المنتدي الاسلامي العام
نعيم اهل الجنة وعذاب النار لؤلؤة الحَياة العقيدة الإسلامية
في الحلم رؤيا النار وأدواتها وما اتصل بذلك زاهرة الياياسمين منتدى تفسير الاحلام
الاحاديث القدسية الصحيحة الكاملة (ادخلوااا) ج3 فاطمة سعيد المنتدي الاسلامي العام
الإمام الشافعي ريموووو شخصيات وأحداث تاريخية


الساعة الآن 05:46 AM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل