مسجد جواثا في الأحساء شرق المملكة العربية السعودية , بني هذا المسجد في عهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآاله وسلم وتشرف ببنائه سكان الأحساء (بنو عبد قيس) وهم الذين بادروا بإسلامهم طوعاً لا كرهاً كأهل يثرب وقد مدح النبي أهل هذه الديار بقوله (أكرمو اخوانكم فإنهم أشبه الناس بكم أسلموا طوعاً لا كرهاً). ولا تزال قواعد هذا المسجد قائمة إلى وقتنا الحالي وقد أخذ منها الزمن ما أخذ في ظل غياب الترميم اللازم .
ويعود تاريخ بنائه إلى السنة السابعة من الهجرة، بناه بني عبد القيس بعد وفادتهم الثانية من رسول الله . وقد روى أبو داود في كتاب الصلاة حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبد اللّه المخرميّ لفظه قالا: ثنا وكيع، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي جمرة، عن ابن عباس قال: إن أول جمعة جمعت في الإِسلام بعد جمعة جمعت في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالمدينة لجمعةٌ جمعت بجواثاء قريةٍ من قرى البحرين، قال عثمان: قرية من قرى عبد القيس. »، وهو قائم حتى الآن ويقع إلى الشمال من قري الحليلة والكلابية والمقدام، إحدى القرى الشرقية في الأحساء.
وتذكر كتب الحديث ومصادر التراث أن جواثا حصن أو قصر لعبد القيس في «البحرين»، وهو الاسم القديم لمنطقة تشمل كلاً من البحرين والأحساء والقطيف، أو الساحل الشرقي من السعودية، وأن حصن جواثا اعتصم به المسلمون الذين ثبتوا على دينهم عندما حاصرهم أهل الردة، وقد استنجدوا بخليفة رسول الله أبي بكر الصديق رضي الله عنه على لسان شاعرهم عبد الله بن حذف الكلابي، فأرسل لهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بجيش يقوده العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه وقضى على الفتنة، ويعتقد أن الأراضي في الجنوب الغربي من جواثا، تضم رفاة من أستشهد من المسلمين في حروب الردة، ومنهم الصحابة عبد الله بن سهيل بن عمرو، وعبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنهما، حيث تحصن مجموعة من المسلمين داخل أسوار المسجد حين حاصرهم المرتدون في عام 14 هـ 635 م، كما تشير إلى ذلك مصادر تاريخية، ومنها العلامة حمد الجاسر في كتابه «المعجم الجغرافي للمنطقة الشرقية».
ويبعد المسجد الذي يقع ضمن متنزه يعرف بالاسم نفسه، نحو 17 كيلومتراً شمال شرقي مدينة الهفوف، وقبل سنوات اكتشف أن المسجد الحالي أقيم فوق أنقاض مسجد أقدم منه، ويشير الشيخ عبد الرحمن الملا في كتابه «تاريخ هجر»، إلى أن المسجد الذي غطت الرمال أغلب أجزائه، قد تم ترميمه في عام 1210 هـ، الذي قام بترميمه الشيخ أحمد بن عمر آل ملا، ويرى المهتمون بالآثار أن أطلال المسجد السابق هو مسجد جواثا.
لكن الباحث في الآثار خالد أحمد الفريدة، يؤكد اكتشاف مسجد أقدم من المسجد السابق، وذلك من خلال أعمال التنقيب الذي خضع لها المسجد من خلال وحدة الآثار في إدارة التربية والتعليم في محافظة الأحساء بصفتها المشرفة على المسجد.
ويضيف الفريدة، الذي شارك في عملية الترميم في عام 1412هـ، إلى أن عملية الترميم كشفت أنه لم يبق من المسجد سوى رواق القبلة والرواق الشرقي، فبقي في القبلة أربعة أعمدة تحمل ثلاثة أروقة مدببة، أما الرواق الشرقي فبقي منه ثلاثة أعمدة تحمل رواقين مستديري الرأس، وهذا يعني أن هذين الرواقين الباقيين من المسجد ليسا من فترة معمارية واحدة لعدم تجانس شكلهما ومادة بنائهما، حيث لوحظ أن الشرقي مجصص، أما الغربي (رواق القبلة) فهو غير مجصص، وفي الجهة الشمالية منه انتهى كتف العمود الشمالي بكتلة كبيرة من الطين بدلاً من أن ينتهي بقوس كما في الجهة الجنوبية، ويفسر خالد الفريدة ذلك، بأن المسجد مر بعدة عمليات ترميم وإعادة بناء لأكثر من مرة.
ويشير الفريدة إلى المتابعة المستمرة والمراقبة الأسبوعية من قبل وكالة الوزارة للآثار والمتاحف وإدارة التربية والتعليم، موضحا أهمية حاجة المسجد للترميم العاجل وخطورة الوضع الراهن، حيث إنه معرض للانهيار في أي وقت.