العام الثاني
بعد دخول الدولة العثمانية الحرب قامت بإغلاق الممر المائي بين بحر إيجة والبحر الأسود لتغلق بذلك الطريق البحري إلى جنوب روسيا. الأمر الذي دفع السفن الحربية الروسية والفرنسية والإنجليزية مضيق الدردنيل في فبراير ومارس 1915 أملا منهم في إيجاد طريق مدد إلى روسيا، ورغم ذلك فإن الألغام التي زرعتها الدولة العثمانية في البحر تمكنت من وقف الهجوم.
وفي أبريل أنزل الحلفاء قوات في شبه جزيرة جاليبولي على الشاطئ الغربي للدردنيل، وأدت قوات من أستراليا و نيوزيلندا دورا رئيسيا في هذا الإنزال، وسرعان ما أصبحت القوات العثمانية والحليفة متورطة في حرب خنادق، وجمدت الجبهة على هذا الوضع.
وفي محاولة لسكر هذا الجمود قامت قوات الحلفاء في أغسطس بالهجوم في خليج سوفلا في الشمال إلا أن الهجوم فشل ما دفع الحلفاء إلى الانسحاب في ديسمبر بعد ان خسروا نحو 250 ألف جندي في الدردنيل.
سببت سيطرة بريطانيا على البحار أثناء الحرب العالمية الأولى مشاكل جسيمة لألمانيا. فقد سد الأسطول البريطاني مياه ألمانيا، ومنع المدد من الوصول إلى الموانئ الألمانية، وسعت ألمانيا إلى جعل بريطانيا تعاني من الجوع وتستسلم بإغراق سفن الشحن المتوجهة إلى موانئها. لذا فقد استخدمت ألمانيا غواصاتها المسماة قوارب اليو في محاربة الأسطول البريطاني.
في فبراير 1915 فرضت ألمانيا حصارا بالغواصات على الجزر البريطانية، محذرة بأنها ستهاجم أية سفينة تحاول أن تخترق هذا الحصار، وبالفعل دمرت قوارب اليو عددا من السفن المتجهة إلى بريطانيا وغرقت كميات كبيرة من البضائع المتجهة إليها.
وفي مايو 1915 هاجمت الغواصات الألمانية سفينة الركاب البريطانية لوسيتانيا على سواحل ايرلندا ، وقتل نتيجة لذلك 1198 راكباً منهم 128 أمريكيا. الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي ودرو ولسون على حث ألمانيا على وقف حرب الغواصات غير المحدودة وفي سبتمبر وافقت ألمانيا على عدم مهاجمتها سفنا محايدة أو سفن ركاب.
وفي أواخر نوفمبر 1914 وصلت الحرب إلى طريق مسدود على طول جبهة القتال التي امتدت أكثر من 720كم عبر بلجيكا وشمال شرقي فرنسا إلى حدود سويسرا، وقد عرفت سلسلة المعارك التي وقعت في تلك الجبهة باسم السباق نحو البحر.
نتيجة على جمود الوضع العسكري على الجبهة الغربية (بلجيكا وشمال شرقي فرنسا إلى حدود سويسرا) فقد قام الطرفان المتحاربان فقد حفر الجانبان سلسلة من الخنادق تعرجت على طول الجبهة، وسميت تلك المرحلة مرحلة حرب الخنادق حيث استخدم كل طرف الخنادق للدفاع عن قواته أو شن هجماته على الطرف الآخر. كما استخدمت الخنادق للاتصال بين القوات الأمامية والقوات المساندة والاحتياط الموجودة في الخطوط الخلفية.
ولكسر الجمود طور كل من الحلفاء والقوات الألمانية أسلحة جديدة أرادوا، وفي أبريل 1915 استخدم الألمان الغاز السام على خطوط الحلفاء في معركة إيبر الثانية، وسبب ذلك دخانا وغثيانا واختناقا، ولكن القادة الألمان كانت لديهم ثقة قليلة في الغاز، وفشلوا في انتهاز هذه الفرصة لشن هجوم أكبر. واستخدم الحلفاء الغاز السام بعد ذلك بقليل، وأصبحت كمامات الغاز أداة حربية في الخنادق، كما استخدمت قاذف اللهب لأول مرة، على الرغم من ذلك فقد استمر الجمود على طول تلك الجبهة حتى العام 1918.
وفي تلك الفترة تمكنت القوات الألمانية من تحقيق المزيد من الانتصارات على الحلفاء فهزموا الروس في معركة جورليس تارناو في مايو 1915، وتمكنوا من احتلال بولندا ومعظم مدن لتوانيا ، وحاولوا قطع خطوط الاتصال بين الجيوش الروسية وقواعدها للقضاء عليها، إلا أن الروس حققوا بعض الانتصارات الجزئية على الألمان، كلفتهم 325 ألف أسير روسي، ولم يتمكن الجيش الروسي بعد ذلك من استرداد قوته. وأدى النجاح الألماني على الروس إلى إخضاع البلقان، وعبرت القوات النمساوية والألمانية نهر الدانوب لقتال الصرب وألحقوا بهم هزيمة قاسية.
في ظل هذا الوضع اعتقد بعض القادة العسكريين أن خلق جبهات جديدة قد يكسر الجمود الحاصل على الجبهة الغربية،