بغداد-شبكة اخبار العراق-يكاد قلب رياض يحترق وهو يصف كيف تعرض للنصب مرتين من قبل مكاتب الصيرفة التي دفعت نحو نصف مبلغ حوالته بدولارات مزورة، وكيف أنه حين لجأ لاستلام حوالة أخرى بالعملة العراقية تعرض للمطب نفسه ويقول المواطن رياض خليفة 40 سنة والذي يتلقى من وقت لآخر مبلغا من المال من شقيقه الذي يعيش خارج العراق بالنسبة لي أنا وقعت ضحية النصب مرتين ويوضح أن أحد مكاتب الصيرفة دفع له مبلغ الحوالة وقدره 500 دولار وتبين لاحقا أن 200 دولار منها مزورة مضيفا بالقول ومع هذا رفض مكتب الصيرفة تعويضي عن المبلغ المزور.ويتابع خليفة كانت هذه هي المرة الأولى التي أقع فيها ضحية ترويج العملة المزورة ولهذا قررت أن أستلم المبلغ المحول من شقيقي بالعملة المحلية وكانت المفاجأة لاحقا أن هذه العملة لم تكن بمنأى عن التزوير هي أيضا ويشدد مؤكدا وما زلت أحتفظ بورقتين مزورتين من فئة 10 آلاف دينار.وكانت محافظات عدة بينها كربلاء والنجف وبابل وواسط والسليمانية وبغداد شهدت خلال الأشهر الأخيرة ضبط مبالغ من عملات مزورة كما اعتقلت السلطات المحلية في هذه المحافظات عدة عصابات متخصصة بتزوير وترويج العملة المزورة والتحايل على المواطنين فيما كشفت بعض التقارير الصحفية عن وجود مطابع متخصصة بتزوير العملة في عدد من مناطق العاصمة بغداد تقوم بتزوير عملات عدة بينها الدينار العراقي والدولار الأمريكي.وحذرت السلطات المالية في العراق أصحاب مكاتب الصيرفة من استغلال مكاتبهم في عمليات غير مشروعة مثل ترويج العملة المزورة أو الضلوع في عمليات لغسيل الأموال الذي تشير تقارير محلية وأخرى دولية إلى انها تجري على نطاق واسع في العراق.وفي هذا الصدد تؤكد اللجنة الاقتصادية بمجلس محافظةكربلاء أنها وضعت آلية جديدة لتنظيم عمل مكاتب الصيرفة تتضمن إقرار عقوبات بحق المكاتب التي تثبت مخالفتها بعد تزايد المخاوف من قيام هذه المكاتب بنشاط مالي غير مشروع.ويحذر رئيس اللجنة طارق الخيكاني أصحاب مكاتب الصيرفة من الضلوع بعمليات تجارية غير مشروعة مثل ترويج عملات محلية أو أجنبية مزورة أو القيام بعمليات غسيل الأموال.ويقول لقد رصدنا في عدد من المحافظات نشاطا ملحوظا لعصابات تقوم بتزوير العملة ونخشى أن تكون مكاتب الصيرفة العشوائية بكربلاء واجهة لترويج هذا النوع من العملات مبينا أن هذه المكاتب لا تخضع لرقابة دقيقة بسبب كثرتها وقيام العشرات من الأشخاص بافتتاح مكاتب صيرفة بشكل غير قانوني.وتشير السلطات المحلية في محافظة بابل المجاورة لكربلاء إلى أنها اعتقلت في الشهر الماضي عصابة مكونة من سبعة أشخاص متخصصة بتزوير العملات الأجنبية بينما كان أفرادها يقومون بعملية ترويج للعملة المزورة وضبطت بحوزتهم 60 ألف دولار أمريكي مزور.ويقر الخيكاني بـصعوبة مراقبة جميع مكاتب الصيرفة ويوضح بالقول إن هذه المكاتب تعمل طوال ساعات النهار ولا يمكن للسلطات المحلية أن تضع رقيبا في كل مكتب منها.ويكشف في هذا الصدد عن مساع لدى الحكومة المحلية لوضع آلية لتنظيم منح الإجازات الخاصة بمزاولة مهنة الصيرفة بهدف الحد من النشاطات المشبوهة موضحا أن إجازات فتح مكاتب الصيرفة في السابق كانت تتم من خلال المصارف الحكومية المعروفة.ويواصل قائلا إننا نسعى وفقا للآلية الجديدة إلى حصر منح الإجازات بيد الحكومة المحلية أو أن تكون طرفا أساسيا في منح هذه الإجازات ويلفت إلى أن لجنته تلقت شكاوى من مواطنين وقعوا ضحية لنصب واحتيال عدد من مكاتب الصيرفة عبر قيامها بتمرير عملات مزورة أو تالفة.ولا يبدو ان الزبون وحده ضحية التزوير في كربلاء أو غيرها من المدن العراقية، إذا يؤكد بعض الصرافين أنهم ملتزمون بالإجازات الرسمية في عملهم ويلفتون إلى أنهم كانوا على مدى سنين عملهم ضحية للنصب عن طريق تزوير العملة المحلية او الاجنبية على حد سواء.ويقلل حبيب إبراهيم شادي صاحب أحد مكاتب الصيرفة في سوق البورصة وسط كربلاء من مخاوف اللجنة الاقتصادية حصلنا على إجازة لفتح مكتب الصيرفة من البنك المركزي وبموافقة مكتب الأمن الوطني في المحافظة مبينا أن البنك المركزي لا يمنح الإجازة إلا بعد التوثق من الأشخاص المتقدمين بالطلب ويشترط فتحهم حسابا لديه بمبلغ لا يقل عن 50 ألف دولار.ولا يستبعد شادي قيام بعض الأشخاص بفتح مكاتب صيرفة غير مجازة في المناطق البعيدة نسبيا عن مركز المدينة ويلفت إلى أن أسواق الأحياء الشعبية لا تخضع لمراقبة الجهات المختصة كما الأسواق في وسط المدينة كاشفا بهذا الصدد أن بعض الأشخاص يفتحون مكاتب لبيع بطاقات الموبايل ويجعلون منها واجهات لتصريف وتحويل الدولار والعملات الأخرى.ويقول صراف آخر ويدعى رعد عبد الامير إسماعيل إن الصراف هو المتضرر الأكبر من العملات المزورة ويبين بالقول إنه يخسر سمعته في السوق ويفقد زبائنه ويضطر لتعويضهم عن العملات المزورة في حال اكتشفوها قبل خروجهم من مكتبه.ويلفت إسماعيل إلى أن أصحاب مكاتب الصيرفة قد يخدعون مثل غيرهم، وتمرر عليهم عملات مزورة من آخرين لأننا نشتري ونبيع العملات ووقوعنا ضحية التزوير أمر وارد.ويشير إسماعيل إلى أن أصحاب مكاتب الصيرفة قاموا بشراء أجهزة حديثة لكشف العملات المزورة وأصبحت إمكانية التحايل على أصحاب المكاتب وتمرير عملات مزورة أقل من السابق إلا انه يستدرك بالقول إن العلاقات الشخصية قد تكون سببا في تمرير بعض هذه المبالغ حين يكون هناك شخص معروف لدى المكتب ولا تخضع نقوده التي يتعامل بها معه للتدقيق كالآخرين وربما يكون جزء من هذه النقود مزور.وبالنسبة لبعض السياسيين العراقيين فإن عمليات توزير العملات وغسيل الاموال أوسع من ان يكون خلفه صراف او عصابة ما، ويؤكدون أن دول مجاورة مثل إيران تقف وراء عمليات تزوير عملة واسعة النطاق في العراق لسحب أكبر كمية ممكنة من العملة الصعبة منه إلى خزينتها بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها والتي طالت قطاعيها المالي والنفطي.ويقول عضو القائمة العراقية طه اللهيبي إن ايران وبمساعدة عملائها في العراق قامت بإدخال عملة عراقية مزورة عبر أراضيها والأراضي السورية لإغراق السوق العراقية بهدف شراء العملة الصعبة، بعد وضوح نتائج العقوبات الدولية على إيران.ويشدد اللهيبي على أن صمت الحكومة العراقية المطبق على هذا الآمر سيضعها في قفص الاتهام بالتواطؤ مع إيران ويلفت إلى أن استمرار إغراق البلاد بالعملة المزورة سيؤدي إلى أضرار كبيرة بالاقتصاد العراقي.ويؤكد هذا الرأي احد أصحاب محال الصيرفة في منطقة العرصات وسط بغداد احمد مكي ويقول ان العملة المزورة اكثرها من فئة عشرة الاف دينار عراقي ويتم تهريبها عبر اقليم كردستان العراق من خلال الحدود الايرانية.ويوضح مكي ان فئة عشرة الاف دينار المزورة تشبه الى حد كبير العملة الاصلية وبنسبة 90% مبينا ان المهربين من ايران يشترون الدفتر اي عشر الاف دولار بمبلغ 20 مليون دينار عراقي، اي ان المئة دولار بمئتي الاف دينار من فئة العشرة الاف.ويلفت مكي إلى ان هناك معلومات وصلت له وتفيد بأن احد مهربي العملة المزورة نصب مؤخرا على عدد من التجار بعد ان تسلم منهم مبلغ 500 مليون دولار ثم هرب من دون ان يسلم لهم المبالغ المزورة مبينا ان الهدف من عملية بيع العملة المزورة هو ضخ العملة الصعبة الى ايران.من جانبه يؤكد البنك المركزي العراقي أن نسبة العملات العراقية المزورة طبيعية قياسا بباقي الدول حيث إن هذه النسبة يمكن معرفتها من خلال ودائع المصارف لديه وهي تدخل السوق من ثلاثة مصادر أحدها خارجية.ويقول نائب محافظ البنك المركزي العراقي مظهر محمد صالح في 29كانون الثاني الماضي إن هناك عملات محلية مزورة موجودة في السوق العراقية ولكن بنسبة بسيطة جدا وضمن المعدل الطبيعي الذي تتأثر به جميع الدول مبينا أن هذه النسبة يمكن معرفتها من خلال ودائع المصارف لدى البنك المركزي.ويضيف صالح أن المصرف يتحمل مسؤولية ودائعه عندما تتضمن عملات مزورة، حيث تفرض عليه غرامة مالية إضافة إلى دفعه كلفة تلك العملات داعيا المصارف إلى أن تكون الواجهة بتدقيق عملاتها، وعدم الاعتماد على البنك المركزي.ويعتبر صالح تزوير العملات من الجرائم الاقتصادية الكبرى مشيرا إلى أن تلك العملات تدخل السوق العراقية من ثلاث مصادر كالتجار لغرض الربح غير المشروع وهذا يدخل بتهمة غسيل الأموال أو من الهواة بالإضافة إلى قيام بعض الدول بذلك وهذا ما يسمى بالحرب المخابرات.ويعتبر قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 تزييف العملة أو تقليدها جريمة تزوير تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.وكان الخبير الأول في البنك المركزي العراقي مظهر محمد صالح أكد في تصريحات سابقة لوسائل الإعلام بأن العام 2025 شهد إلقاء القبض على حوالي 1300 شخص قاموا بتزوير عملات نقدية محلية وأجنبية.