الحمد لله
فلقد شرع الله تعالى لعباده في معاملاتهم نظما كاملة مبنية على العدل لا يساويها أيُّ نظام آخر, وإن من الظلم في المعاملات واجتناب العدل والاستقامة أن تكون مشتملة على الربا الذي حذر الله تعالى منه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وأجمع المسلمون على تحريمه
قال الله تعالى في كتابه الذي أنزله إلى الناس ليحكموه فيما بينهم: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله
فهذه أسئلة عن بيع وشراء واستعمال الذهب موجهة لشيخنا محمد بن صالح العثيمين تفضل بالإجابة عليها سائلاً الله تعالى أن ينفع بها من قرأها
= = * = =
السؤال : ما رأي فضيلتكم أن بعض أصحاب محلات الذهب يقومون باستبدال الذهب الجديد لديهم مقابل ذهب مستعمل من الراغب في الشراء منهم ويأخذون عليه أجرة تصنيع ؟
الجواب : ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب, والفضة بالفضة,)رواه مسلم (1587).وثبت عنه أنه قال: (من زاد أو استزاد فقد أربى) رواه مسلم
ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع إلى أحدهما أنه أمر محرم لا يجوز, وهو داخل في الربا الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه
والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق, وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد, والأفضل أن يبحث عن الشيء الجديد في مكان آخر, فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج, المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من اجل الصناعة
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال : ما الحكم في أن بعض محلات الذهب يشترط على البائع للذهب المستعمل أن يشتري منه جديدا.
الجواب: هذا أيضا لا يجوز, لأن هذا حيلة على بيع الذهب بالذهب مع التفاضل. والحيل ممنوعة في الشرع, لأنها خداع وتلاعب بأحكام الله
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال : ما رأي فضيلتكم حيث إن بعض المشترين للذهب يسأل عن سعر الذهب ثم إذا علم بسعره قام وأخرج ذهبا مستعملا معه وباعه, وعند استلامه الدراهم يقوم ويشتري بضاعة جديدة ؟
الجواب: هذا لا بأس به إذا لم يكن هناك اتفاق ومواطأة من قبل ,إلا أن الإمام أحمد رحمه الله يرى أنه في مثل هذه الحالة يذهب ويطلب من جهة أخرى فيشتري منها, فإن لم يتيسر له ذلك رجع إلى الذي باع عليه أولا ليشتري منه حتى يكون ذلك ابعد عن الشبهة, شبهة الحيلة
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال : ما حكم من اشترى ذهبا وبقي عليه من قيمته وقال أتي بها إليك متى تيسر ؟
الجواب: لا يجوز هذا العمل, وإذا فعله صح العقد فيما قبض عوضه, وبطل فيما لم يقبض, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيع الذهب بالفضة: (بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ) رواه مسلم في كتاب المساقاة ، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً ، رقم (1587)
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال : ما الحكم فيمن اشترى ذهبا وتم البيع عليه ثم سدد القيمة وبقي عليه جزء من المبلغ فهل يجوز أن يذهب إلى أي مكان ليأتي بالباقي بعد قليل مثلا من ( السيارة أو البنك ) ولم يستلم الذهب إلا بعد أن أتى بالباقي, فهل يصح هذا العمل ؟ وإلا يلزم إعادة العقد بعدما أتى بالباقي ؟
الجواب: الأولى أن يعاد العقد بعد أن يأتي بالباقي, وهذا لا يضر ماهو إلا إعادة الصيغة فقط مع مراعاة السعر إن زاد أو نقص, وإن تم العقد على السعر الأول فلا باس, وإن ترك العقد حتى يأتي بباقي الثمن كان أولى, لأنه لا داعي للعقد قبل إحضار الثمن, والله الموفق
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال: ما حكم حجز الذهب وذلك بدفع بعض قيمته وتأمينه عند التاجر حتى تسدد القيمة كاملة ؟
الجواب: ذلك لا يجوز لأنه إذا باعها فإن مقتضى البيع أن ينتقل ملكها من البائع إلى المشتري بدون قبض الثمن, وهذا حرام لا يجوز, بل لا بد أن يقبض الثمن كاملا ثم إن شاء المشتري أبقاها عند البائع وإن شاء أخذها. نعم لو سامه منه ولم يبع عليه ثم ذهب وجاء بباقي الثمن ثم تم العقد والقبض بعد ذلك, فهذا جائز لأن العقد لم يكن إلا بعد إحضار الثمن
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال : ما حكم إخراج الذهب قبل استلام ثمنه, وإذا كان لقريب يخشى من قطيعة رحمه مع علمي التام أنه سيسدد قيمتها ولو بعد حين؟
الجواب:يجب أن تعلم القاعدة العامة بأن بيع الذهب بدراهم لا يجوز أبدا إلا باستلام الثمن كاملا, ولا فرق بين القريب والبعيد, لأن دين الله لا يحابى فيه أحد. وإذا غضب عليك القريب في طاعة الله عز وجل فليغضب, فإنه هو الظالم الآثم الذي يريد منك أن تقع في معصية الله عز وجل وأنت في الحقيقة قد بررت حين منعته أن يتعامل معك المعاملة المحرمة, فإذا غضب أو قاطعك لهذا السبب فهو الآثم وليس عليك من إثمه شيء
{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}{}
السؤال : رجل اشترى قطعة ذهبية بمبلغ مائتي دينار, واحتفظ بها مدة من الزمن إلى أن زادت قيمة الذهب أضعافا فباعها بثلاثة آلاف دينار, فما حكم هذه الزيادة ؟
الجواب : هذه الزيادة لا بأس بها ولا حرج , ومازال المسلمون هكذا في بيعهم وشرائهم يشترون السلع وينتظرون زيادة القيمة , وربما يشترونها بأنفسهم للاستعمال ثم إذا ارتفعت القيمة جدا ورأوا الفرصة في بيعها باعوها مع أنهم لم يكن عندهم نية في بيعها من قبل , والمهم أن الزيادة متى كانت تبعا للسوق فإنه لا حرج فيها فلو زادت أضعافا مضاعفة
لكن لو كانت الزيادة في الذهب بادل به في ذهب أخر وأخذ زيادة في الذهب الآخر فهذا حرام لأن بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا وزنا بوزن ويدا بيد
كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا بعت ذهبا بذهب ولو اختلفا في الطيب يعني أحدهما أطيب من الأخر فإنه لا يجوز إلا مثلا بمثل سواء بسواء يداً بيد
فلو أخذت من الذهب عيار (18) مثقالين بمثقال ونصف من الذهب عيار (24) فإن هذا حرام ولا يجوز, لأنه لابد من التساوي. ولو أخذت مثقالين بمثقالين من الذهب ولكن تأخر القبض في أحدهما فإنه لا يجوز أيضا, لأنه لابد من القبض في مجلس العقد
ومثل ذلك بيع الذهب بالأوراق النقدية المعروفة, فإنه إذا اشترى الإنسان ذهبا من التاجر أو من الصائغ لا يجوز له أن يفارقه حتى يسلمه القيمة كاملة إذ أن هذه الأوراق النقدية بمنزلة الفضة, وبيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض قبل التفرق
لقول الرسول عليه والصلاة والسلام: ( إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) رواه مسلم في كتاب المساقاة ، باب الصرف وبيع الذهب (1587)
***- ***- ***-
سماحة الشيخ العلامة العثيمين رحمه الله تعالى
من موقع سماحته
المكتبة المقروءة : الفقه : مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب
منقول من مدونة صديقة جعله الله في ميزان حسناتها