في هذه القرية البعيدة عن عين وقلب الدولة لا صوت يعلو فوق صوت السلاح بعد أن أصبحت هذه المنطقة البائسة هي السوق السرية لتجارة السلاح في الصعيد كله,
بينما تحولت أسلحة الكلاشينكوف والبشكة والجرنوف إلي شكل من أشكال الوجاهة الاجتماعية بين اهالي قرية( حمرة دوم). بمركز نجع حمادي والتي تعيش علي تجارة أدوات القتل في حماية الجبال الموحشة ومملكة الذئاب المفترسة!!
الاهرام تسللت إلي قرية الرعب لترصد الحياة اليومية للقرية التي تستقبل زوارها بمداخل موحشة مليئة بالمطبات الصناعية التي زرعها أهلها لتخفيض سرعة سيارات الشرطة في حالة محاولة دخول القرية ولمنحهم فرصة الهرب داخل المنطقة الجبلية, وهو ما لاحظناه لدي المحاولة الأخيرة لدخول قوات الشرطة إلي المنطقة.
وقد تحولت القرية الي بؤرة للسلاح والهاربين من القانون, فما بين جبل عتيد وصلد بوحشته القاسية وما بين زراعات القصب التي تحتضن الذئاب يعيش أهالي حمرة دوم التي غابت عنها الخدمات الحقيقية والأهم من ذلك رفع درجة الوعي لدي أهلها الذين لا يعرفون سوي لغة واحدة هي لغة السلاح.
داخل القرية الكل يحمل اسلحة إما لخصومات ثأرية أنهكت القرية وأضاعت زهرة شبابها لسنوات متعاقبة أو بيع تلك الاسلحة للراغبين في الشراء لتسجل القرية نفسها كبوابة مهمة لتجارة السلاح بالصعيد.
إذا قادتك قدماك لزيارة القرية لا تتعجب عندما تعلم بأن أطفال حمرة دوم لا يجيدون اللهو سوي بالسلاح الصغير وهو الطبنجة أو الفرد المصنع محليا وتكاد تجزم بأنه لا يوجد طفل في حمرة دوم يعجز عن التعرف علي اسم كل أنواع السلاح
أما السيدات في حمرة دوم فهن قديرات في تنظيف وفك وتركيب السلاح بدءا من حل الغطاء وصولا إلي الياي ثم التخشيبة وأخيرا إنزال الخيط في بيت النار أو ماسورة السلاح الحياة في حمرة دوم قاسية بكل المقاييس ولا تعرف الرحمة سواء في وحشتها أو قسوة قلوب المسئولين الذين تركوها بلا رعاية اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية وان كانت الدولة مسئولة عما وصل اليه الحال في حمرة دوم قلعة السلاح في الصعيد والتي تبيع كل الاسلحة ابتداء من البندقية الي الرشاش والآربي جيه مقاوم المدرعات والدبابات
وبرغم انتشار تجارة السلاح بحمرة دوم الا أن الاهالي يطلبون منا عدم التسرع بالحكم علي كل أبناء المنطقة فإن هناك عددا كبيرا من الأهالي لا توجد لديهم سوابق كما أن سجلاتهم نظيفة100% إلا أنهم يشكون من تحامل بعض رجال الشرطة عليهم دون الاستناد لأدلة واضحة ولكنهم يلمسون العذر لما وصل إليه حال القرية حيث إن الحياة تفرض عليهم العيش في تلك الظروف.
تركنا حمرة دوم وآخر المشاهد كان لطفل يركب حمارا حاملا بندقية لم نتأكد من نوعها ولكنه كان يحملها كعصاة يلهو بها فهي تلك الحياة داخل حمرة دوم التي اقتحمتها قوات الامن قبل ساعات من مثول الجريدة للطبع وفرضت عليها طوقا أمنيا بالمدرعات ربما لضبط مئات القطع من السلاح ولكن هذا في الواقع لن يغير من ثقافة تحتاج من المسئولين الي حركة فعالة بقرية يصل تعدادها الي العشرة آلاف يصيغون لغة خاصة داخل مجتمع ويعيشون في دولة لا تعرف الخوف.
لنترك حمرة دوم والمدرعات تحاصرها بحثا عن هاربين وأسلحة غير مرخصة ونحاول التعرف علي طبيعة هذه السوق السرية للسلاح بالصعيد.
ويبدو أن رواج تهريب السلاح من ليبيا خلف ازدهارا في سوق السلاح بالصعيد وخلق إقبالا كبيرا بعدما وصل سعر العروسة أو البندقية الآلية الي ثلاثة اضعافها مع ظهور عائلات مسلحة بالكامل باحدث نماذج في سوق السلاح العالمية ووصولا إلي الصعيد إلا أن هذا لم يخفض من اسعار سوق السلاح التي كانت معروفة علي امتداد السنوات الماضية بأسلحتها التقليدية بأنواعها وهي البنادق الآلية بانواعها الثقيل ذات الدفة الخشبية والمظلات ذات الدفة الحديدية المفرغة و(رجل الغراب) التي تظهر بسيخ حديدي واحد لتزدحم السوق الآن هناك في أقصي الصعيد وتصبح قري السمطا وحمرة دوم والحجيرات نقطة وصول ومرور لأحدث الأسلحة بدءا من( بن لادن) وهو رشاش روسي ذو30 طلقة وسعره ما بين15 و20 ألف جنيه وصولا الي( البوشكه وهو بخزانة سعة30 طلقة وسعره يتراوح ما بين20 و25 ألف جنيه ثم( الجرنوف) أو المقاومة وسعره يتراوح ما بين40 و60 ألف جنيه ويزداد السوق ازدهارا بعد وصول عائلة( كلاشينكوف) كاملة الي الصعيد بأحدث نماذجها واهمها الشبح ذو الطلقات النارية التي تشبه البندقية الروسي القديمة.
أما ما ظهر بلا مقدمات في الصعيد فهو الجمهوري وهو ما يسمي أيضا بالمحظور وذلك بسبب ما يشاع عنه من أنه سلاح محظور إلا علي جهات بعبينها وهو ما يجعل سعره منخفضا حيث يبلغ10 آلاف جنيه وظهر للمرة الأولي في سوق السلاح بالصعيد ايضا الرشاش الاسرائيلي بأنواعه الخفيف والمقاومة وأيضا الرشاش سريع الطلقات الثقيل, أما السلاح الاسرائيلي الخفيف فسعره يتراوح ما بين25 و30 ألف جنيه وهو سعة20 طلقة لذلك يقل الاقبال عليه وآخر الأنواع الحديثة هو ما يطلق عليه( الإف ام) وهو سلاح ذو ناضور) أو مكبر رؤية.
ورغم حالة الازدهار والتنوع غير المعهود في سوق السلاح بالصعيد فإن الآلي الثقيل سيبقي محتفظا بقيمته كالذهب لتصل البندقية الآلي الثقيل إلي30 ألف جنيه وتباع فيما يشبه مزادا وإن كان ما يزيد من قيمة السلاح هو مالك البندقية فهو يزيد من قيمتها خاصة إذا كان صاحب البندقية من رموز الاشقياء فإن البندقية يتصاعد سعرها إلي أكثر من الضعف!!