مرت الأيام جميلة على نهال وحازم بعض أن اعترفا بحبهما لبعضهما وكان يقضيان اوقاتا طويلة في المحادثات التليفونية وبين الأحيان يتقابلان في مكتبة الجامعة
قصت نهال لحازم ظروف حياتها هي وأختها وما مرتا به من أحداث وسبب عزلتهما والعيش بمفردهما
وتهديدات عمها باللحاق بهما ان لم يتنازلا عن القضية وقبول الزواج من رامي أو التنازل عن الميراث بأكمله ونسيان الأمر برمته
تعجب حازم من قسوة العم وسوء تصرفه وأسف لما لقيته الفتاتان من عناء الحياة بعد رغدها وترفها ووعدها انه سيكون لهما بمثابة جميع الأهل من رحل منهم ومن تخلى عن دوره في رعايتهما
حازم : إذن فأنتما مثل لآليء بلا أصداف
نهال : ماذا تقصد ؟
حازم : أنتما كاللؤلؤ غالي وثمين يعيش بين الصدفات التي تحميه وتحفظه من الأخطار والتهديدات وان خرجت اللآلئ من صدفاتها كانت في مهب الرياح عرضة لأي خطر أو تهديد
كذلك فعل بكم الأهل حينما تخلوا عن دورهم في حياتكما منهم من لم يكن الخيار بيده فرحل ومنهم مسير ومنهم من اختار التخلى والقسوة
نهال تسمع كلمات حازم وكأنما جسدت الوصف الصحيح لحالها هي وأختها وحبست دمعة كادت تسقط من عينيها حتى لا يتحول حب حازم لها إلى شفقة
نهال : الله كريم لا يتخلى عن خلقه
حازم : ونعم بالله .......اتسمحيلي أن أكون لكما بمثابة الصدفة التي تكن لآلئها.....من اليوم اعتبريني كل أهلك
نهال : هذا صار شعوري بالفعل منذ دخلت حياتي فكم أشعر بالدفء لوجودك بحياتي
حازم أمسك بيدي نهال يحتضنهما بكفيه في محبة وحنان
ظل حازم منذ معرفته بظروف نهال وندى يفكر كيف يساعدهما في الحصول على حقهما ويعيد إليهما الاستقرار والأمان
وأول شيء كان يخطر على باله هو أن يكون ارتباطهما بشكل رسمي يمكنه من التدخل في أمور حياتهما ومقابلة الأهل والتواصل معهم بشكل مقبول فطلب منها أن يقابل خالها ويتقدم إليه رسميا ترددت ريم باديء الأمر لخوفها من معرفة عمها بالأمر ولكن حازم طمأنها أنه بعد الارتباط الرسمي سيكون درع رسمي لحمايتها
نهال : لكني أخشى ان علم عمي بالأمر أن يجن جنونه ويحاول الانتقام منك لأنه يريدني أن أتزوج من ابنه وليس بشخص آخر
حازم : أرجوك كفاك تحملا لما فوق طاقتك ودعيني أتولى أمرك وحمايتك
لم يكن بامكان نهال رفض طلب حازم لأنها تتمنى الارتباط به فعلا وأنه أصبح بمثابه كل شيء بالنسبة لها... ولكن سمة شيء ما حدث
ذات يوم بينما نهال بالجامعة اتصلت بها أختها ندى
ندى : نهال حبيبتي لقد سبقتك الى المنزل وأعدت الطعام وأنا الآن سأخرج لأني وجدت عملا وسوف أقوم باستلامه اليوم
نهال : عمل ! أي عمل ولم لم تخبريني من قبل؟
ندى : حبيبتي أعلم كم تتحملين من أجلنا ولقد وجدت فرصة مناسبة للعمل كمشرفة في دار أيتام فترة مسائية بمرتب معقول وعندما أعود سوف أشرح لكي تفاصيل كل شيء لن أتأخر بإذن الله
نهال : تفاجأت من كلام ندى ولكن لم تجد غي أن تنتظر عند عودتها لتخبرها بالتفاصيل
انتظرت نهال عودة ندى الى منتصف الليل ولكنها لم تعود إلى المنزل فاتصلت بها فوجدت هاتفها غير متاح مما زاد قلقها على أختها
فاتصلت بحازم وأخبرته بما حدث
حازم : ما اسم دار الأيتام ؟
نهال : لا أدري فلم تخبرني ندى بالتفاصيل كل ما قالته أنها ستخبرني بكل شيء عند عودتها
حازم : سأبحث عنها في جميع دور الأيتام بالإسكندرية وإذا عادت اتصلي بي
خرج حازم للبحث عن ندى في جميع دور الأيتام فلم يجد لها أثرا ولم يجد في أحدها زائرة أو موظفة استلمت العمل بهذا الاسم وظل في بحثه عنها حتى طلوع الشمس ولم يجدها ولم تعد ندى إلى المنزل مم جعله يشعر أن ندى في خطر وقد يكون أصابها مكروه
انهارت نهال من البكاء : أين تكون ندى ؟ فهي اخبرتني بأنها ذهبت لدار أيتام وانت تقول انها لم تذهب إلى أي دار أيتام هل أصابها مكروه في الطريق أم انها تعرضت لخدعة ........آآآآآآآآآه ياربي أين أنت يا ندى؟؟
حازم : اهدئي لنفكر كيف يمكننا البحث عنها
نهال : ربما يكون عمي اختطفها أو آذاها ونفذ تهديده لنا
حازم : إذا كان الأمر كذلك فسنتأكد ولكن إن كان هذا ما حدث بالفعل فهذا يعني أنه عرف مكانكما فلا يجب أن تبقين هنا ولن أطمئن لوجودك بمفردك
نهال بانهيار : لن اهدأ أو اطمئن قبل أن أرى ندى وأطمئن عليها
حازم : ارجوكي تمالكي بعض الشيء واحضري أغراضك وتعالي معي الآن
نهال : إلى أين؟
حازم : إلى منزلي فوالدتي سيدة طيبة وقد حدثتها عنك وتحبك قبل أن تراكي ستبقين هناك معها لأطمئن عليكي حتى نجد ندى أما أنا فلا تقلقي من وجودي فلن أكن هناك سأترك المنزل لكما وسأبقى بمكان آخر حتى يستقر كل شيء
نهال لم تجد أمامها غير أن توافق على هذا الحل فهي لن تطمئن وهي بمفردها فجهزت أغراضها وذهبت إلى منزل حازم
التي ما إن دخلت إلى منزله وعلمت والدته أنها نهال وقص لها حازم ما حدث إلا ورحبت بوجودها وضمتها إلى صدرها ضمة حانية أشعرتها بالطمأنينة والحنان الذي يشبه حنان الأم الذي افتقدته منذ سنوات
واعدت لها غرفة قريبة من غرفتها حتى تطمئن بوجودها أما حازم فبعد أن اطمأن على وجود نهال مع والدته جمع بعض أغراضه ليغادر
نهال أعطته مفتاح الشاليه الخاص بها هي وأختها ليقيم به هذه الفترة حتى تهدأ الأمور وتستقر
لم تذق نهال النوم بل كانت تراقب هاتفها لعل ندى تتصل بها وتطمئنها عليها بل كانت تتجول في أنحاء الغرفة ثم نظرت من زجاج النافذة حيث رأت حديقة واسعة تحيط بالمنزل بها حمام سباحة ذكرها بحديقة منزلهم بالقاهرة
هذا المشهد أعاد ذكريات كثيرة إلى ذاكرة نهال وما كنوا يقضيانه من أوقات سعيدة داخل منزلهم ....شعرت نهال بتشابه كبير بين منزل حازم ومنزلهم ودمعت عيناها لما آلمها من ذكريات وحزنها على أختها التي تعلم ماذا أصابها
أما حازم فكان يجوب أنحاء الإسكندرية ويمر بالمستشفيات عله يجد لها أثرا لكن دون جدوى
اتصل حازم بنهال ليطلب منها هاتف عمها والأستاذ جلال
اتصل حازم بالأستاذ جلال لاستشارته في الأمر
حازم : ألو ..أستاذ جلال المحامي ....أنا دكتور حازم ابو اليزيد دكتور
ومدرس بجامعة الإسكندرية ونهال طالبة من طالبات الجامعة عندي وقريبا سأتقدم لخطبتها بإذن الله
أستاذ جلال : أهلا وسهلا دكتور حازم
حازم : حدث أمرا وكنت أود منك المساعدة
جلال : تحت أمرك تفضل
قص له حازم ماحدث ثم .
حازم : نشك أن يكون العم خالد هو خاطف ندى
جلال : اعتقد أن الاحتمال ضعيف وان حدث بالفعل فالقانون لا يعاقب الوصي أو يتهمه بخطف القاصر الواقع تحت وصايته وهذا يعتمد على مدى علمه بالقوانين
حازم : دعنا نتجه نحو هذا الاتجاه ربما يكون هو الفاعل
جلال : إذن علينا الحذر فان كان لا يدري شيئا عن خطفها فقد يمكنه استغلال هذه النقطة ضدنا ولكن الموضوع يستحق المخاطرة فربما كل تأخير يعرض ندى للخطر...ثم استطرد قائلا ابق انت ونهال بعيدا وسوف أتبين أنا الأمر وأبلغك
حازم : شكرا أستاذ جلال
جلال : لا داعي للشكر فهما بناتي والأمر يهمني
انطلق جلال متجها إلى مكتب خالد بالشركة وقد راودته فكرة ذكية يتبين بها حقيقة الأمر دون الإفصاح عن مكان نهال وواقعة اختفاء ندى
خالد : أهلا بك أستاذ جلال .أظنك جئتني لتخبرني عن تنازلكم عن القضية
جلال : لا ليس بعد ...ولكني جئتك لأسألك أين بنات أخيك؟؟؟
خالد : ؟؟؟؟؟؟؟؟
جلال : منذ أن تركا منزل خالهما ولا أعلم أين هما هل اختطفتهما ؟؟
خالد :ههههه اختطفتهما !!!!!! وما حاجتي لخطفهما هل تراني زعيم عصابة ثم إن ندى لا زالت تحت وصايتي ويمكنني إحضارها بقوة الشرطة والقانون دون خطف أو خلافه والقانون في صفي يا ...يا متر جلال
خالد يستكمل حديثه
اسمع يا متر لقد أوشك صبري على النفاذ وحتى الآن لم استخدم أساليبا قاسية معهما لأنهما بنات أخي ولا زلت أتروي في أمرهما حتى يرتد أليهما عقلهما وإلا سيكون ردي غير ما تتوقعون جميعا وأنا أعلم أنك تعلم أين هما ولكنك تحتال علي ولن أسالك أين هما لأني لو أردت معرفته لعرفته فورا ولكن عليك أن تبلغهما أن صبري لن يطول كثيرا وعليهما أن يتراجعا عن القضية قبل الحكم فيها
جلال :إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك
ختم جلال لقاءه مع خالد بهذه العبارة ثم تركه وانصرف
بعدها اتصل بحازم ليؤكد له استبعاد خالد عن خطف ندى ويجب البحث في اتجاه آخر دون تباطؤ
ذهب حازم إلى صديقه الضابط نبيل بمكتبه ليستشيره بالأمر وبصحبته نهال
نبيل : أولا سنبلغ جميع نقاط شرطة الإسكندرية في حالة التوصل إليها إبلاغنا فورا
ثانيا يمكننا تعقبها من خلال هاتفها المحمول إذا كان به خاصية تتبع
حازم يسأل نهال أن كان هاتف ندى به هذه الخاصية أم لا فأخرجت نهال هاتفها وأجابت بنعم وان هاتف ندى هو نفس نوع هاتفها
تفحص نبيل الهاتف ثم اتصل بأحد مهندسي الكمبيوتر وبرامج الموبايل وعرض عليه الهاتف الذي أجابهم بإمكانية العثور على الهاتف ومعرفة مكانه
نهال : ولكن الهاتف غير متاح
المهندس مجدي : قد يكون تم نزع الشريحة منه وليس غلق الهاتف وفي هذه الحالة يمكننا تعقبه وعلينا التصرف سريعا قبل أن يتم العبث بالهاتف وتغيير برامجه فقد يكون الخاطف حاليا غافلا عن أمر الهاتف فعلينا التصرف سريعا
بدأ المهندس مجدي في تعقب الهاتف الذي تبين من خلال الأجهزة أنه بمنطقة بوسط الإسكندرية فقام بإبلاغ الضابط نبيل بما لتوصل إليه من معلومات فبدأ نبيل بالتحرك فورا للتوصل إلى المكان
وبالفعل توصل إلى المنطقة فوجدها منطقة عامرة بالسكان والمباني الضخمة بحث فيها عن أي دار أيتام فلم يجد ثم بدأ البحث عن أي أشخاص يعملون بدار أيتام يقتنون بالمنطقة وكان البحث في غاية المشقة لكثرة المساكن وازدحام المنطقة بالسكان فقرر السؤال في كل مساكن المنطقة عله يجد خيط الوصول إلى ندى
في منزل حازم
نهال لا تهنأ بنوم أو أي شيء لقلقها على أختها
كانت تجلس هي وحازم في حديقة منزلهم
نهال ويملأ ملامحها الحزن والأسى : لا أدري ماذا يحدث !! ان لم يكن عمي هو خاطف ندى فمن اذن ؟؟ من يريد إيذاءنا ؟ نحن لا نعرف أحدا هنا ولم ندى لم ؟
حازم يمسك بيدها ويضمها بين يديه في حنو ثم يقول : اطمئني فبإذن الله سنجدها ونطمئن عليها في القريب العاجل إن نبيل ضابط ماهر ولن يدخر جهدا حتى يصل اليها
نهال : لن اطمئن إلا عندما تعود إلي بخير
حازم : ستعود ... ستعود بإذن الله
ثم اسند حازم ظهره على كرسيه وغرق في تفكير عميق وتملأ رأسه التساؤلات ترى لم اختطفت ندى ومن قام بخطفها ؟؟
بعد وقت طويل من البحث وجهد كبير من الضابط نبيل توصل إلى مسكن مغلق لسيدة بسؤاله للجيران وبواب العمارة تبين إنها كانت تعمل مديرة لدار أيتام ثم تقاعدت على المعاش وتسكن بمفردها في الشقة
نبيل يسأل أحد الجيران : وهل لها أبناء ؟
الجار : نعم ولكنهم يعملون جميعا بالخارج ولا يأتون إلا كل عام فترة قصيرة وعندما يعود أبنائها لا تبقى في هذه الشقة بل يأخذونها لتبقى معهم فترة أجازتهم ثم تعود هنا بعد سفرهم
نبيل : وهل أبنائها موجدون الآن ؟
الجار : لا ولكنها غير موجودة منذ يومان تقريبا
نبيل : وهل هي معتادة على مغادرة الشقة بين الحين والآخر
الجار : نادرا
نبيل :هل تعلم أين يمكن أن تكون؟
الجار : في الحقيقة لا أدري فهي سيدة منعزلة عن الجيران تقريبا ولا نعرف عنها شيئا إلا ما قلته لسيادتك
زوجة الجار تدخلت في الحوار : لكنها كانت هنا بالأمس فأنا رأيتها دخلت شقتها وبعد دقائق خرجت
نبيل : هل كان معها أحدا ؟
الزوجة : لا
نبيل: شكرا لكما ولكن إذا رآها أحدكم عليه إبلاغي فورا ثم أعطاهم رقم الهاتف وانصرف
شعر نبيل أن هذه السيدة لها علاقة بخطف ندى ولم يكتفي بانتظار اتصال الجار به ولكن أخذ يراقب العمارة فتره لحين عودة هذه السيدة ومراقبتها
يتبع