في الصباح الباكر كعادة أهل البلدة استيقظ الجميع ليجتمعوا على مائدة الإفطار تجمعت الأسرة بكاملها وانضمت اليهم صوفيا وفارس على المائدة وتبادلوا الحديث أثناء الطعام
كانت نساء العائلة أكثر توددا لصوفيا وترحيبا بها وهذا ما أثلج صدر صوفيا بعض الشيء
زوجة الحاج رضا لصوفي : كم أنت جميلة لو لم تكوني زوجة الأستاذ فارس لما تركتك أبدا لا بد وأن زوجتك احد أبنائي لكن خطفك هذا الفارس على حصانه هههههههههههه
وتبادل الجميع الضحكات والفكاهات أثناء الطعام أما الأعمام فكانوا لا زالوا مكدرين لظهور صوفي وزواجها من فارس
بعد الإفطار أخذتهم زوجة الحاج رضا إلى الحديقة المملوكة لهم فهي مزرعة كبيرة مزروعة بالفاكهة والموالح والزهور العطرية كم انبهرت صوفي بجمال هذه المزرعة والطبيعة وألوانها ووجدت إسطبلا للخيل فأخذتها الرغبة في ركوب احدها
زوجة عمها : ولكن النساء هنا لا يركبون الخيول ...... ثم استكملت قائلة مممممم بعد صلاة العصر ينصرف الفلاحون وتصبح المزرعة خالية انطلقي فيها بالخيل كما تشائين ومعك الأستاذ فارس
ابتسمت صوفيا ابتسامة طفولية سعيدة فابتسم فارس لفرحتها
فارس : منذ متى لم تركبين خيلا
صوفي : ليس من زمن بعيد فوالدي كان يأخذني إلى نادي الخيل كل فترة أتدرب ولكن لم أركب خيلا في مكان رائعا كهذا
بعد العصر خرجت صوفيا بصحبة فارس لركوب الخيل وتركا حياة تلعب مع الصغار داخل الدار .اختارت صوفيا خيلا واختارت لفارس آخر وركبا
صوفي : هل تتمكن من الخيل
فارس :م بعض الشيء فلم أركبها منذ زمن بعيد
صوفي : إذن سأغلبك
فارس : أنحن في مسابقة :؟
صوفيا : نعم وبدأت من الآن هيا انطلق وانطلقت صوفيا بسرعة بخيلها مما أدخل القلق على قلب فارس أن يصيبها مكروه فانطلق خلفها ولكنها كانت أسرع وأمهر منه انطلقت بالخيل بعيدا حتى أنها من شدة سرعتها طار حجابها من فوق رأسها ودفعه الهواء إلى الخلف في اتجاه وانسدل شعرها الذهبي يتطاير خلفها...... فارس فمد يده يلتقط حجابها من الهواء فاختل توازنه وسقط من فوق الحصان
سمعت صوفي صوت وقوعه خلفها فالتفتت فوجدته وقع أرضا فاستدارت بحصانها واتجهت نحوه .نزلت من فوق حصانها وجثت بجانبه تطمئن عليه وتتحسس قدمه حتى وصلت الى موضع الألم فقامت بإسعافه اسعافاتا أولية بسيطة وحاولت إسناده حتى ترفعه فوق الحصان فانسدل شعرها على وجهه ولم تكن منتبهة لذلك فنظر لوجهها كأنه يراها لأول مرة فمنذ كانت طفلة لم يرى شعرها ذو اللون الذهبي المتناغم مع عينيها الزرقاوين وبشرتها الوردية والتي زادتها الشمس توردا فألاح لها بحجابها فانتبهت والتقطته منه وضعته فوق رأسها ثم عاونته على الصعود فوق الحصان وركبت هي أمامه وتحركت برفق حتى لا يزداد إحساسه بالألم وهو من خلفها يحاول ألا يتشبث بها ولكنه يترنح فوق الحصان
صوفي : تمسك بي حتى لا تسقط مرة أخرى
استند فارس بيديه على خصرها باستحياء وكأنه صعقته الكهرباء حين أمسك بخصرها حتى وصل إلى الدار
حين وصولهم التف حوله الخدم يحملونه من فوق الحصان ووضعوه داخل الغرفة وأحضروا له طبيبا فأخبرهم انه شرخ في عظمة الساق وقام بعمل جبيرة وأوصى له ببعض الأدوية
فارس لصوفيا : سامحيني أفسدت عليك متعتك بركوب الخيل
صوفيا : لا عليك .المهم أن تكون بخير
فارس : سأسترح قليلا وبعدها سأغادر الغرفة
صوفيا : لا تغادرها فالغرفة بها جزء ملحق يمكنني النوم به أنا وحياة
مرت بضعة أيام داومت فيها صوفيا على مراعاة فارس والاعتناء بعلاجه حتى تعافى
فارس يحدثه عقله ( لقد صرتي أما صغيرة وتحملتي المسئولية مبكرا يا صوفي فأنت تراعين حياة وكأنك أمها وها أنت الآن تراعينني وكأنك أما لي )
الحاج عبيد لفارس وصوفي : انتهت إجراءات الميراث وسوف تتسلم صوفيا ميراثها فور بلوغها السن القانونية ومن هنا وحتى تتم سنها القانونية فانا تحت أمرك في أي طلب ومصاريف دراستك واحتياجاتك كافة وهذه دارك وهؤلاء أهلك .......
قاطعة فارس : مهلا يا حاج عبيد وأين أنا من كل هذا إن تكفلت أنت بكل شيء
الحاج عبيد : أنا يا بني لا أتصدق عليها أنه مالها وأنت سباق بالخير يا بني...كنت أود أن تبقيان هنا ولكن سأترككما كل منكما يقضي مصالحه أنت في عملك وصوفيا في دراستها وسأنتظر قدومكما قريبا
فارس : قريبا يا حاج عبيد بإذن الله وعاد فارس وبصحبته صوفيا وحياة الى القاهرة حيث عادت إلى شقتها وعاد فارس إلى منزله
مرت عليهم أياما وشهورا كان فارس يهتم فارس بزيارة صوفيا وحياة يوميا ويمر على صوفيا ليعود بها من الجامعة وأحيانا يأخذهما للنزهة والرحلات فيمرحون ويلعبون جميعا
لاحظ فارس تعلق حياة الشديد بصوفيا حتى أنها تناديها ماما صوفي فتذكر عندما كانت تنادي صوفي زوجته بماما حياة
صوفي بدأت تعود إليها حيويتها ونشاطها وتألقها من جديد بعد أن ذابت إحزانها واطمأنت لوجود عائلة وأسرة معها
في يوم عيد ميلاد صوفيا قرر فارس أن يقيم احتفالا ليدخل البهجة على الجميع ويقدم لها شكرا على وجودها في حياتهما بهذا الشكل الرائع فطلب منها أن تعزم صديقاتها وتستعد لحفل عيد الميلاد .سعدت صوفيا كثيرا لأنها لم تذق هذه السعادة منذ فترة طويلة فخرجت لتشتري ثوبا مناسبا للمناسبة وإكسسوارات جديدة
كان فستانا نحاسيا مرصع بالكريستالات المتألقة ووضعت بعض المساحيق التي زادتها جمالا وأبرزت ملامحها ووقفت أما المرآة كأنها ترى نفسها لأول مرة وأخذت ترفع شعرها لأعلى مرة ثم تسدله على ظهرها مرة ثم تجمعه على جانب وتخرج منه بعض الخصلات على الجانب الآخر مرة وإذا بصوت من خلفها
(رائعة في كل الأحوال )
خجلت صوفيا قائلة : أستاذ فارس ؟!!
فارس : نعم أنا هنا منذ أكثر من عشر دقائق وأخشى أن يأتي الضيوف وأنت بهذه الروعة فيحسدونك....
صوفي : جميعهم فتيات ولا أحد غريب
فارس : إذن فلتخافي مني أنا (وابتسم ابتسامة عذباء ثم ناولها علبة قطيفة واستكمل حديثه ) اعتقد أن هذا سيكون مناسبا مع هذا الجمال السحري ( وفتح العلبة فإذا بها عقدا ذهبيا رائعا وكأنه صمم من أجل هذا الفستان) ثم وضع العقد حول رقبتها وابتسم لها ابتسامة حانية ثم استدار ليستكمل إعداد الموائد واستقبال الضيوف
وترك صوفيا وهي في قمة سعادتها وبهائها
وبعد فترة وجيزة بدأت صديقات صوفيا في الحضور
حضر الضيوف ومر اليوم بالنسبةلصوفيا كليالي ألف ليلة وليلة كانت جميلة رائعة سعيدة تشعر ان الكون في هذااليوم لها وحدها وهي سيدته لا يوجد من هو اسعد منها
بعد انتهاء الحفل
فارس لصوفي : والآن نستكمل الحفل
صوفي : وهل هناك تكملة ؟؟
فارس : نعم سوف نخرج جميعا للعشاء بالخارج .... احضري حياة وهيا بنا
صوفي بدون تردد أو تفكير : إن الوقت متأخر ولن تقوى حياة على السهر فها هي قد نامت ....هيا نتركها بصحبة المربية ونخرج نحن
فارس متفاجئا برد صوفيا : إذن هيا بنا
انطلقت حياة إلى غرفتها ووضعت حجابا على رأسها بلون نحاسي متناغم مع لون فستانها ولون بشرتها الوردية ثم أقبلت على فارس الذي يتبعها بنظرات إعجاب وحيرة من اندفاعها هذا اليوم فهو لم يراها هكذا من قبل ..وفاجأته أيضا حيث تأبطت زراعه دون حرج وسارت معه كالفراشة التي تعلقت بغصن زهرة
كانت ملفتة بجمالها المتألق هذا اليوم وابتسامتها التي أشرقت وجهها حتى أن فارس لاحظ نظرات الإعجاب المختلسة نحوها من بعض المارة خاصة الشباب والرجال
تناولا العشاء وتبادلا الأحاديث لأول مرة ببساطة دون تحفظ أو ارتباك من صوفيا التي كانت تتجنب مجرد الحديث مع فارس من قبل
انتهى يومها وعادت الة منزلها حيث ودعها فارس واطمأن على حياة وانصرف الى منزله
باتت صوفيا ليلتها تستعيد أحداث يومها الرائع وسعادتها الغامرة وتتذكر همسات صديقاتها عن فارس وما له من وسامة وجاذبية وحديث احداهن معها : صوفي هل فارس صديق والدك متزوج أو مرتبط ؟
فلم تستطع صوفي أن ترد على سؤالها إلا بأنه غير متزوج ولكنه مرتبط ولم تفصح عن أكثر من ذلك ولكن انتابها شعور غريب من سؤال صديقتها لا تدري ان كان بدافع الغيرة أم انه لأن الأمر يخصها
المربية أقبلت على صوفيا وهي منهمكة في أفكارها قائلة : ما شاء الله يا سيدتي لم أراك بهذه الروعة من قبل أسعد الله أيامك ...... والأستاذ فارس رجل رائع حقا انك تستحقينه أسعدكم الله
فكرت صوفيا في كل تلك الكلمات وحدثتها نفسها ( أنا وفارس زوجان والمقربين يعلمون ذلك ولكن لا يعلمون انه زواج صوري مؤقت ، أما صديقاتي لا يعلمون شيئا عن زواجنا وان علموا هل سيصدقون انه زواجا صوريا؟؟ لا أدري ولكني اليوم سعيدة ...فقط سعيدة ولا أحب أن أعكر صفو يومي بأي أفكار مزعجة )
وظلت صوفي حتى نامت بملابسها حتى أذان الفجر حيث قامت وبدلت ملابسه وتوضأت وصلت الفرض وبدأت يوما جديدا
مرت الأيام وانتهت صوفيا من مشروع تخرجها ودعت فارس لحضور حفل التقييم النهائي والتخرج حيث حضر وبصحبته حياة حيث هناك وجد شابا على ما يبدو أنه معيدا بالكلية دائم الوقوف مع صوفيا ومهتما بها بصورة مبالغ فيها عن بقية الطالبات فاتجه نحوهما حتى يبرز وجوده لهذا الشاب فصافحه الشاب وعرفتهما صوفيا
صوفيا : الأستاذ علاء معيد بالكلية ومشرف على مشروعي .... ، الأستاذ فارس صديق والدي رحمه الله و...... ثم صمتت وحولت مسار الحديث ....ثم هذه الصغيرة ابنتي هههههههه
ابتسم كل من فارس وعلاء وأوما علاء برأسه وانصرف قائلا لصوفيا : سوف أطمئن عليكي
فارس : يبدو مهتما بكي
صوفيا : انه مشرف على مشروع تخرجي
فارس : لا.... أشعر أن الأمر أكبر من ذلك
صوفيا : قد يكون بالنسبة له فقط وليس لي
صوفيا :هيا بنا لننصرف هل لي أن أدعوك على الغداء بعد يوما شاقا كهذا؟؟
فارس : مممممممم ولم لا ...... أين
صوفيا : عندي .فانا أعددت أطعمة خيالية سوف تأكل إصبعك وراءها
ذهب ثلاثتهم إلى منزل صوفيا حيث ذهبت صوفيا لتبدل ملابسها وتعد السفرة بينما حياة تلعب وتمرح وتعبث ببعض أوراق صوفيا ، شاهدها فارس فجمع منه الأوراق وأخذ يلملمها فإذا هي رسومات كثيرة لها فأخذه الفضول لمشاهدتها واذا بينها دفترا له عنوان
(فارس أحلامي ) فتحه فوجد به رسوما جميعها له في أوضاع مختلفة ، غاضبا ، مبتسما ، نائما .....وآخرها صورة له داخل قلب ذهبي وموقع عليها ب ( سر داخل أعماقي لن أفصح عنه حتى لذاتي) ..أذهله ما رآه وشعر أن الدنيا دارت من حوله وأخذته الى عالم آخر ....وظل شاردا لفترة طويلة حتى قطع شروده صوت صوفيا : لقد أعددت الغداء هل من مجيب ؟؟
ترك فارس الأوراق وتقدم نحو السفرة وتناول الغداء وصوفيا تراقب شروده ثم هب فجأة من مكانه هاما بالانصراف
صوفيا : لم تنتهي من طعامك ألم يعجبك؟؟!!
فارس : بلى ..انه كثيرا ...كثيرا جدا وانصرف
صوفيا عجبت لحال فارس ولا تعلم ما الذي بدل حاله فجأة
فذهبت إلى غرفتها فإذا بها تجد أوراقها ورسومها على منضدة الصالون فعلمت أنه اتطلع عليها فجلست مكانها ووضعت وجهها بين كفيها خجلة ومتورطة فيم حدث لا تدري كيف تتصرف
يتبع