تحدث فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيِّب شيخ الأزهر عن مقومات الإسلام ودور العقل في الإيمان بالله تعالى في حلقة برنامج "حديث شيخ الأزهر"، التي أُذِيعت يوم الجمعة 6 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق 20 أبريل على قناة "الفضائية المصرية".
[IMG]https://www.***- /islam/Library/img/3ater/divider19/WebPageContent/2499008nvmaugyobr.gif[/IMG]
وأكَّد شيخ الأزهر أنَّ إدراك الذات الإلهيَّة أمر وراء العقول، لا يمكن إدراكه بأيِّ حالٍ من الأحوال، واصفًا محاولة الإنسان الوصول بعقله إلى معرفة حقيقة الله - سبحانه وتعالى - بمحاولة "صب ال
محيط في كأس للماء".
وقال الطيب: إنَّ الذات الإلهية ذات مطلقة، وأنَّ العقل محدود؛ لذا لا يمكن لمحدود أنْ يدرك المطلق؛ لكونه أمرًا مستحيلاً.
وتابع قائلاً: إنَّ العقل آلة تساعد الإنسان في الوصول إلى الإيمان بالله تعالى، وأمَّا الذات الإلهية كونها تدرك أو لا تدرك كلها أمور ليس للعقل دور فيها.
ولفت الدكتور أحمد الطيِّب إلى أنَّ العقل يعجز حتى الآن عن إدراك المعنى الحقيقي للروح أو النفس، وحتى الذَّرَّة التي يلمس الإنسان آثارها فهي مجرَّد دلائل، أمَّا حقيقتها فهي مجهولة بالنسبة له.
وتابع فضيلته قائلاً: إنَّ العقل دوره في إيصال الإنسان إلى مرحلة الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - ليتأكَّد من أنَّ هذا الكون وراءه خالق، مشيرًا إلى تعويل القُرآن الكريم كثيرًا في مخاطبته للمشركين والملحدين ومحاورتهم على العقل، فهو يُطالبهم بالنظر في أرجاء الكون والتفكير ليؤمنوا بالله تعالى؛ لذا فأوَّل خطوات الإيمان بالله تعالى هي خطوة عقلية بحتة.
وأشار شيخ الأزهر إلى عجز العقل عن إدراك الغيبيَّات؛ فهي منطقة لا يستطيع إثباتها إلا بالاعتماد على الآيات القرآنية والحديث وليس العقل؛ مثل مسألة اليوم الآخر، فهذه مناطق متعالية تمامًا على العقل لا يستطيع أنْ يتخيَّلها.
[IMG]https://www.***- /islam/Library/img/3ater/divider19/WebPageContent/2499008nvmaugyobr.gif[/IMG]
وأكَّد فضيلته أنَّه لا يوجد كتاب سماوي يُعوِّل على العقل إلا القرآن الكريم؛ لذلك فهو يعيبُ التقليد وأهل الاتِّباع والتسليم من غير بحث؛ مستشهدًا بقوله - تعالى -: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170]، مفسِّرًا ذلك بأنَّ إيمانهم كان مبنيًّا على التقليد وليس العقل وقتها، داعيًا الذين يتشبَّثون ببعض الشيوخ إلى استخدام الدليل العقلي؛ ليكونوا قادرين على إقامة الدليل على كلام هذا الشيخ، مؤكداً نهي القرآن الكريم عن التقليد.
وعن واجبات المكلَّف في الإسلام قال د. الطيِّب: إنَّ المكلَّف عليه النظر في معرفة الله - سبحانه وتعالى - أي: التفكير؛ ليصل إلى معرفة الله، مشيرًا إلى أنَّ الذي يموت وهو في مرحلة النظر العقلي التي تسبق الإيمان يُعتبر ناجيًا وفي الجنة؛ لأنَّه كان مشغولاً في معرفة الله، الأمر الذي يعدُّ إعلاءً لقيمة العقل.
وتابع قائلاً: إنَّ أصل الإيمان بالله مبني على الدليل العقلي؛ لأنَّ العقل هو الذي يحمل الإنسان على ظهره لكي يدخل به إلى الإسلام؛ لذا إذا اعتمد العقل على قانون "السببية"، ونظر في الكون، فلن يكون أمامه سوى الإيمان بالله - سبحانه وتعالى - موجودًا وخالقًا.
[IMG]https://www.***- /islam/Library/img/3ater/divider19/WebPageContent/2499008nvmaugyobr.gif[/IMG]
وفي تعليقه على نظرية "الصدفة" في خلق الكون رأى فضيلته أنَّ هذه النظرية نشَأتْ لخدمة الإلحاد، وأنَّ الملحدين لجؤوا إليها لترويج فكرة أنَّ هذا الكون نشأ صدفةً وليس له خالق، وهذا يعدُّ ضربًا من الجنون؛ لأنهم يُقصون الله - سبحانه وتعالى - ويحلُّون محلَّه الصدفة "العمياء".