[IMG]https://***- /bas/0091.gif[/IMG]
تفسير ما تيسر من سورة يوسف
[IMG]https://***- /fa/0010.gif[/IMG]
تفسير الآيات (73- 76):
{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
.شرح الكلمات:
{تالله}: أي والله.
{لنفسد في الأرض}: أي بارتكاب المعاصي وغشيان الذنوب.
{وما كنا سارقين}: أي لم نسرق الصواع كما أنا لم نسرق من قبل متاع أحد.
{من وجد في رحله فهو جزاؤه}: أي يأخذ بالسرقة رقيقاً.
{كذلك نجزى الظالمين}: أي في شريعتنا.
{فى وعاء أخيه}: أي في وعاء أخيه الموجود في رحله.
{ كذلك كدنا ليوسف } وهذا من الكيد المحبوب المراد الذي يحبه الله ويرضاه ، لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة .
{في دين الملك}: أي في شرعه إذ كان يضرب السارق ويغرم بمثل ما سرق.
{نرفع درجات من نشاء}: أي كما رفع يوسف عليه السلام.
{ وفوق كل ذي علم عليم } قال الحسن البصري : ليس عالم إلا فوقه عالم ، حتى ينتهي إلى الله عز وجل.
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث عن يوسف وإخوته، إنه لما أعلن عن سرقة صواع الملك وأوقفت القافلة للتفتيش، وأعلن عن الجائزة لمن يأتي بالصواع وأنها مضمونة هنا قال إخوة يوسف ما أخبر تعالى به عنهم:
• {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض} أي بالسرقة وغشيان الذنوب وإنما جئنا للميرة {وما كنا سارقين} أي في يوم من الأيام، وهنا قال رجال الملك رداً على مقالتهم بما أخبر تعالى به:
• {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين} فأجاب الإِخوة بما أخبر تعالى عنهم بقوله: {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} يريدون أن السارق يُسترق أي يملك بالسرقة.
• وقوله: {كذلك نجزي الظالمين} أي في شريعتنا.وهكذا كانت شريعة إبراهيم : أن السارق يدفع إلى المسروق منه . وهذا هو الذي أراد يوسف ، عليه السلام
وهنا أخذ يوسف بنفسه يفتش أوعية إخوته بحثاً عن الصواع، وبدأ بأوعيتهم واحداً بعد واحد وآخر وعاء وعاء أخيه بنيامين دفعاً للتهمة والتواطؤ في القضية، حتى استخرجها من وعاء أخيه الذي كان في رحله،
•هذا ما دل عليه قوله تعالى:
{فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه} وقوله تعالى: {كذلك كدنا ليوسف} أي هكذا يسرنا له هذا الكيد الذي توصل به إلى أمر محمود غير مذموم.
• وقوله تعالى: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} أي لم يكن في شرع مصر أن يأخذ أخاه عبداً بالسرقة بل السارق يضرب ويغرم فقط،
• {إلا أن يشاء الله} أمراً فإِنه يكون.
• وقوله تعالى: {نرفع درجات من نشاء} أي في العلم كما رفعنا يوسف {وفوق كل ذي علم} من الناس {عليم} إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى فهو العليم الذي لا أعلم منه بل العلم كله له ومنه ولولاه لما علم أحد شيئاً.
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
فى ظلال الآيات:
{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73) قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (74) قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)}.
• ولكن القوم مستيقنون من براءتهم , فهم لم يسرقوا , وما جاءوا ليسرقوا وليجترحوا هذا الفساد الذي يخلخل الثقة والعلاقات في المجتمعات , فهم يقسمون واثقين:
{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ}
• فقد علمتم من حالنا ومظهرنا ونسبنا أننا لا نجترح هذا . .
(وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ). . أصلا فما يقع منا مثل هذا الفعل الشنيع .
• قال الغلمان أو الحراس فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ). .
• وهنا ينكشف طرف التدبير الذي ألهمه الله يوسف . فقد كان المتبع في دين يعقوب:أن يؤخذ السارق رهينة أو أسيرا أو رقيقا في مقابل ما يسرق . ولما كان أخوة يوسف موقنين بالبراءة , فقد ارتضوا تحكيم شريعتهم فيمن يظهر أنه سارق . ذلك ليتم تدبير الله ليوسف وأخيه:
• (قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ). .
وهذه هي شريعتنا نحكمها في السارق . والسارق من الظالمين .
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
• كل هذا الحوار كان على منظر ومسمع من يوسف . فأمر بالتفتيش . وأرشدته حصافته إلى أن يبدأ برحالهم قبل رحل أخيه . كي لا يثير شبهة في نتيجة التفتيش:
(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ )!
= ويدعنا السياق نتصور الدهشة بالمفاجأة العنيفة لأبناء يعقوب الموقنين ببراءتهم , الحالفين , المتحدين . . فلا يذكر شيئا عن هذا , بل يتركه يتملاه الخيال على الصورة التي تكمل رسم المشهد بانفعالاته . . بينما يأخذ في التعقيب ببعض مرامي القصة , ريثما يفيق النظارة وأبناء يعقوب مما هم فيه:
(كِدْنَا لِيُوسُفَ ) .أي كذلك دبرنا له هذا التدبير الدقيق .
(مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ). .
فلو حكم شريعة الملك ما تمكن من أخذ أخيه , إنما كان يعاقب السارق على سرقته , دون أن يستولي على أخيه كما استولى عليه بتحكيم إخوته لدينهم هم . وهذا هو تدبير الله الدي ألهم يوسف أسبابه . وهو كيد الله له . والكيد يطلق على التدبير في الخفاء للخير أو للشر سواء . وإن كان الشر قد غلب عليه . وظاهر الأمر هنا أنه شر يحل بأخيه وهو شر يحل بإخوته لإحراجهم أمام أبيه . وهو سوء - ولو مؤقتا - لأبيه . فلهذا اختار تسميته كيدا على إجمال اللفظ وبالإلماع إلى ظاهره . وهو من دقائق التعبير .
• (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ). .فيدبر مثل هذا التدبير الذي رأيناه .
• ويتضمن التعقيب الإشارة إلى ما ناله يوسف من رفعة:
(نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ). .وإلى ما ناله من علم , مع التنبيه إلى أن علم الله هو الأعلى:
( وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ). .وهو احتراس لطيف دقيق .
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
.من هداية الآيات:
1- جواز الحلف بالله تعالى للحاجة.
2- مشروعية دفع التهمة عن النفس البريئة.
3- معرفة حكم السرقة في شرعة يعقوب عليه السلام.
4- بيان حسن تدبير الله تعالى لأوليائه.
5- بيان حكم السرقة في القانون المصري على عهد يوسف عليه السلام.
6- علوّ مقام يوسف عليه السلام في العلم.
7- تقرير قاعدة {وفوق كل ذي علم عليم}: إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى.
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
فائدة_ { السرقة}
السرقة محرّمة بالكتاب والسنة والإجماع ، وقد ذم الله هذا الفعل الشنيع وجعل له عقوبة تناسبه فجعل حد السارق أن تقطع يده ، قال تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) المائدة/38 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً) رواه البخاري (الحدود/6291)
_ولعن النبي صلى الله عليه وسلم السارق لأنه عنصر فاسد في المجتمع إذا تُرك سرى فساده وتعدّى إلى غيره في جسم الأمة فقال عليه الصلاة والسلام :
( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده ) البخاري (الحدود/6285).
_ ومما يدل على أن هذا الحكم مؤكّد أن امرأة مخزومية شريفة سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فأراد أسامة بن زيد أن يشفع فيها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال : أتشفع في حد من حدود الله ، إنما أهلك الذين من قبلكم كانوا إذا سرق فيهم الغني تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) البخاري (أحاديث الأنبياء/3216).
_وهذا هو حكم الله عز وجل في السرقة أن تقطع يد السارق من الرُّسْغِ .
• قال النووي في شرحه لصحيح مسلم : قال الشافِعِيُّ وأبو حنيفة ومالك والجماهير : " تُقْطَعُ اليد من الرسغ ، وهو المِفْصَلُ بين الكَفِّ والذِّرَاع ،
_قال القرطبي : قال الكَافَّة : " تقطع اليد من الرُسْغِ ، لا كما يفعله بعض المبتدعة من قطع أصابع اليد وترك الإِبْهَام .
_ ولأن قطع اليد أمر عظيم ، فإن قطع يد السارق لا يكون عند أي سرقة بل لا بد من اجتماع شروط حتى تقطع يد السارق.
وهذه الشروط هي :
1- أن يكون أخذ الشيء على وجه الخِفْيَةِ ، فإن لم يكن على وجه الخفية فلا تُقْطَع ، كما لو انْتَهَب المال على وجه الغَلَبَةِ والقَهْرِ على مَرْآى من الناس ، أو اغْتَصَبَه ، لأن صاحب المال يمكنه النَّجدة والأَخْذ على يده .
2- أن يكون المسروق مالا محترماً , لأن ما ليس بمال لا حرمة له ، كآلات اللهو والخمر والخنزير .
3- أن يكون المسروق نصاباً ، وهو ثلاثة دراهم إسلامية أو ربع دينار إسلامي ، أو ما يقابل أحدهما من النقود الأخرى .
4- أن يأخُذَ المسروق من حرزه ، وحرز المال : ما تَعَوَّدَ الناس على حفظ أموالهم فيه كالخِزَانَة مثلاً .
5- لا بد من ثُبُوتِ السرقة ، وتكون إما بشهادة عَدْلَيْنِ ، أو بإقرار السارق على نفسه مرتين .
6- لابد أن يطالب المسروق منه بماله فإذا لم يطالِب لم يجب القطع .
فإذا تحققت هذه الشروط وجب قطع اليد ، ولو طبق هذا الحكم في المجتمعات التي ارتضت القوانين الوضعية ، التي نَحَّت شريعة الله واستبدلت بها قوانين البشر لكان أنفع علاج لهذه الظاهرة ولكن الأمر كما قال عز وجل :
( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )المائدة/50
المراجع : الجامع لأحكام القرآن (6/159) الملخص الفقهي (2/442) .
[IMG]https://***- /fa/0045.gif[/IMG]
المراجع:
تفسير ابن كثير
ايسر التفاسير للجزائرى
التفسير الوسيط لسيد طنطاوى
الظلال سيد قطب
الجامع لأحكام القرآن (6/159)
الملخص الفقهي (2/442) .
الإسلام سؤال وجواب.
[IMG]https://scontent-cdg2-1.***- /hphotos-xtf1/v/t1.0-9/12046862_625213210953180_8106113279927418668_n.jpg?oh=dd2a7b652e4746ed243f9b36e91a802e&oe=569B2F48[/IMG]