وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾[البقرة: 241]:
متعة المطلَّقة ثقيلة على النفس، لذا قيَّدها الله بقيدين: التقوى في هذه الآية، والإحسان في الآية السابقة.
﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾[البقرة: 241]:
طلَّق رجل امرأته عند شريح القاضي، فقال له شريح: مَتِّعْها! فقالت المرأة: إنه ليس لي عليه متعة، إنما قال الله تعالى:
﴿وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾، ﴿وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المحسنين﴾،
وليس من أولئك!!
﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾[البقرة: 242]:
ما معنى العقل هنا؟
! قال الأستاذ الإمام محمد رشيد رضا: «معناه أن يتدبر الشيء ويتأمله حتى تُذعِن نفسه لما أودعت فيه إذعانا يكون له أثر في العمل، فمن لم يعقل الكلام بهذا المعنى فهو ميت، وإن كان يزعم أنه حي، ميت من عالم العقلاء، حي بالحياة الحيوانية، وقد فهمنا هذه الأحكام ولكن ما عقلناها، ولو عقلناها لما أهملناها».
﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا﴾[البقرة: 243]:
الهروب من القدَر حماقة، لسان حال أحدهم: فرَّ من الموت، وفي الموت وقع!
﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً﴾[البقرة: 245]:
أكمل الصدقات!
قال الآلوسي: «وذكر بعضهم أن القرض الحسن ما يجمع عشر صفات:
- أن يكون من الحلال، فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
- وأن يكون من أكرم ما يملكه المرء.
- وأن يكون والمرء صحيح شحيح يأمل العيش ويخشى الفقر.
- وأن يضعه في الأحوج الأَوْلى.
- وأن يكتم ذلك.
- وأن لا يتبعه بالمنِّ والأذى.
- وأن يقصد به وجه الله تعالى.
- وأن يستحقر ما يعطي وإن كثُر.
- وأن يكون من أحب أمواله إليه.
- وأن يتوخى في إيصاله للفقير ما هو أسَرُّ لديه من الوجوه كحمله إلى بيته».
﴿إذ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾
﴿فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا﴾[البقرة: 246]:
ميدان القول غير ميدان العمل!
﴿وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾[البقرة: 246]:
جعل الله التهجير من الوطن والأهل سببا لوجوب الجهاد في سبيل الله.
﴿قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ﴾[البقرة: 247]:
التقييم الجاهلي تقييمٌ سطحي، يقيس الشخص بما نال من أموال لا بما حاز من كريم خصال.
﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾[البقرة: 248]:
اليهود قوم ماديون، لذا ساق الله لهم آية حسية يشاهدونها وهي الإتيان بالتابوت الذي فقدوه زمنا طويلا، ولأن التابوت حمله الملائكة، فلم يرهم القوم لأنهم مخلوقات غير مرئية، فرأوا التابوت آتيا دون أن يروا من يحمله، ولذلك أسند الله أمر الإتيان إلى التابوت: ﴿يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ﴾.
﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ﴾[البقرة: 249]:
كانوا أصحاب طالوت ثمانين ألفا فصاروا ثلاثمائة!
قال البراء بن عازب : «كنا نتحدث: أن أصحاب بدر ثلاث مائة وبضعة عشر، بعدة أصحاب طالوت، الذين جاوزوا معه النهر، وما جاوز معه إلا مؤمن».
﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا﴾[البقرة: 249]:
أول أعمال المجاهدين: الدعاء، فشارِكهم من مكانك في هذا العمل إن لم تنل شرف الجهاد.
﴿وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ ﴾[البقرة: 251]:
قال ابن عباس: «يدْفع الله بِمن يُصَلِّي عمَّن لا يُصلِّي، وبمن يحجُّ عمَّن لا يحجُّ، وبمن يُزكي عمَّن لا يُزكّي»
﴿ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ ﴾[البقرة: 251]:
وفسادها بأن يغمرها الكفر، لكنه سبحانه لا يُخْلي زمنا من الأزمنة مِنْ قائمٍ بحقٍّ وداعٍ إلى الله.