﴿فإن الله يأتي بالشمس من المشرق﴾:
آيات الله ساطعة بيِّنة، لكن انطماس البصيرة واعتياد رؤية المعجزات ألهى الناس عنها.
﴿ وإذْ قال إبراهيم ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى قال أوَلَمْ تؤمن.. قال بلى ولكن لِيطمئنّ قلبي ﴾
ليس الخبر كـالـمُـعاينة !
(قالَ فَخُذ أربَعَةً منَ الطَّيرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيك }
فَصُرْهُنَّ إليك : ليس معناها ضعها في صُرَّة، وإنما معناها (فقطعهن)
﴿ والله يضاعف لمن يشاء ﴾:
كُلٌّ بحسب ما حوى قلبه من إخلاص ويقين وحسن ظن بالله، مضاعفات الأعمال تكون بحسب محتوى القلوب وتباين الأحوال.
﴿ الذين ينفقون أموالهم .. فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ﴾؛
لا خوف عليهم مما يستقبلهم من أهوال، ولا يحزنون على ما أصابهم من مصائب
الأخلاق قبل الأموال! ..
﴿ (قولٌ معروف) ومغفرة خير من (صدقة) يتبعها أذى ﴾
(لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى):
ولذا قيل: من أعطى فمنَّ، كان كَمَن بَخِل وضنَّ.
في آيات الإنفاق قال الله
(وتثبيتا من أنفسهم):
منا من يُخرِج الصدقة بعد تردد، ومنا من يبذلها ثابت القلب غير متردد، لا يستوون عند الله!
(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم):
لا تسرق وتتصدق، ولا تأكل الرشوة وتحج، فليتها ما زنت ولا تصدَّقت!
وعْد الشيطان في الإنفاق:
{الشيطان يعدكم الفقر}، ووعْد الله في الإنفاق: {والله يعدكم مغفرة منه وفضلا}،
فلينظر صاحب المال بأي الوعدين يثق !!
وما يَضرك وعد الشَّيْطَان مع ضمان الرحمن؟
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ﴾[آل عمران:5]: قال القشيري:
«لا يتنفس عبد نفسا إلا والله مُحصيه، ولا يحصل فى السماوات والأرض أمر إلا وهو سبحانه محدثه ومبديه، هذا على العموم، فأما على الخصوص مع أوليائه: فلا رفَع أحد إليه حاجة إلا وهو قاضيها، ولا رجع أحد إليه فى نازلة إلا وهو كافيها».
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ﴾[آل عمران:5]:
لا يخفى عليه منك سرُّ ولا علانية، فاحذر أن ينظر إليك نظرة بغض وغضب، وأنت لا تشعر بذلك فرحا بعصيان أو قرة عين باتباع شيطان .
قال بعض السلف لابنه: إذا دعتك نفسك إلى كبيرة، فارم ببصرك إلى السماء، واستح ممن فيها، فإن لم تفعل فارم ببصرك إلى الأرض واستح ممن فيها، فإن كنت لا ممن في السماء تخاف، ولا ممن في الأرض تستحي، فاعدد نفسك في عداد البهائم!
قيل لبعضهم: كيف تشكو إلى من لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء؟ فقال:
قالوا: أتشكو إليه ... ما ليس يخفى عليه؟!
فقلتُ: ربي يرضى ... ذُلُّ العبيد لديه
﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمِة﴾[آل عمران: 7]:
التَّخلية قبل التَّحلية!
قدَّم التخلية فقال: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾، ثمَّ التحلية في قوله: ﴿وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾، فقدَّم اللهُ سؤال تطهير القلبِ عمَّا لا يَنبغي له، على طلبِ تَزويده بما ينبغي له؛ لأنَّ إزالة الحشائش الضارة قبل غرس البذور النافعة هو عين الحكمة.
﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾[آل عمران: 8]
لا يراد به الافتخار بالهداية، بل التَّوسُّل بها كنعمة من النِّعَم السَّابقة لاستجلاب النعم اللاحقة.
﴿ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ﴾[آل عمران:8]:
قال ابن عاشور: «دعاء علمه النبي ﷺ تعليما للأمة: لأن الموقع المحكي موقع عبرة ومثار لهواجس الخوف من سوء المصير إلى حال الذين في قلوبهم زيغ، فما هم إلا من عقلاء البشر، لا تفاوت بينهم وبين الراسخين في الإنسانية، ولا في سلامة العقول والمشاعر، فما كان ضلالهم إلا عن حرمانهم التوفيق، واللطف، ووسائل الاهتداء».
﴿رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ﴾[آل عمران:9]:
يصف الله دائما يوم القيامة بأنه لا ريب فيه، لأن البعض يستبعدون هذا اليوم عقلا لعدم إيمانهم، وكثيرون يستبعدونه غفلة وتكاسلا لضعف إبمانهم وقلة يقينهم.