أو

الدخول بواسطة حسابك بمواقع التواصل

#1

افتراضي الجمع بين رزق الله لجميع الدواب وموت بعضها جوعًا

الجمع بين رزق الله لجميع الدواب وموت بعضها جوعًا


الجانب الأول :

قد علمنا وآمنا وتيقنا أن الله تعالى قد خلق خلقه وأحصاهم عدداً وتكفل بكل أرزاقهم فلم ينس منهم أحداً لقوله تعالى { وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين } ... وجاء فى تفسير ابن كثير ما نصه : ((أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ مُتَكَفِّل بِأَرْزَاقِ الْمَخْلُوقَات مِنْ سَائِر دَوَابّ الْأَرْض صَغِيرهَا وَكَبِيرهَا بَحْرِيّهَا وَبَرِّيّهَا وَأَنَّهُ يَعْلَم مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعهَا أَيْ يَعْلَم أَيْنَ مُنْتَهَى سَيْرهَا فِي الْأَرْض وَأَيْنَ تَأْوِي إِلَيْهِ مِنْ وَكْرهَا وَهُوَ مُسْتَوْدَعهَا . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة وَغَيْره عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَيَعْلَم مُسْتَقَرّهَا " أَيْ حَيْثُ تَأْوِي " وَمُسْتَوْدَعهَا" حيث تموت))


الجانب الثاني :

واللهُ تعالى الذى أوجب على نفسه التكفل برزق عباده - كما فى الآية السابقة - هو نفسه الذى أخبرنا أنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لحكمة منه سبحانه , ولم يُلْزِم نفسه سبحانه أن تكون كل أرزاقه واسعة حتى يشترط هؤلاء الجهال عليه ذلك ... فقد قال تعالى { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا فى الآخرة إلا متاع } ... وقال تعالى {قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون} .... وقال أيضاً { وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} ...


الجانب الثالث :

وهو سبحانه الذي أوجب على نفسه التكفل برزق عباده والذي يبسط الرزق أو يضيقه لحكمة منه - كما في الآيات السابقة - فهو نفسه الذي أخبرنا عن حكمته من تضييق الرزق على بعض عباده قائلاً { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير} ... فهو سبحانه وتعالى عليم بعباده وخبير بما يصلحهم ويفسدهم ولأجل ذلك ينزل الرزق وفقاً لما يقتضيه علمه وحكمته لا وفقاً لأمزجة الملاحدة وأهوائهم ...


فنفهم من كل الآيات الكريمة السابقة أن الرزق قد يكون إذاً ضيقاً وقد يكون واسعاً ... فبالإضافة إلى ثبوت هذه الحقيقة نقلاً ، فهذا هو المقبول عقلاً والمُشاهَد على أرض الواقع ، فالناس يتفاوتون فى أرزاقهم ... أما الملاحدة فتوهموا أن الله تعالى مُلْزم - وحاشاه - بتوفير الرزق لعباده شريطة أن يكون ذلك الرزق واسعاً ، وإلا لو كان رزقهم ضيقاً فمعنى ذلك أن الله لم يتكفل برزقهم .... ولا أعلم من أين أتى هؤلاء بهذا الشرط العجيب إن كان المتكفل بأرزاقهم سبحانه لم يوجب على نفسه سعة الرزق لجميع عباده بل أخبرنا بخلاف ذلك ؟؟!!! .... أرأيتَ أخي الكريم تدليس الملاحدة ومغالطاتهم ؟؟!! .... شبهتهم في أصلها مبنية على هذه المغالطة ..



الجانب الرابع :

قرر الله تعالى في القرآن الكريم أن سُنَّته فى عباده هى جَعْلُهم درجات فوق بعضهم البعض فيتفاوتون في أرزاقهم وليسوا سواءاً ... فقد قال تعالى {وهو الذى جعلكم خلائف فى الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم} .... وقال تعالى {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون} .... أما الملاحدة المدلسون فيغضون الطرف عمداً عن هذه الحقيقة لأجل أن تقوم لشبهتهم قائمة ... وهيهات ..


الجانب الخامس :

قرر الله تعالى في القرآن الكريم أن الابتلاء هو أيضاً سنته في عباده في هذه الدنيا .... فقد قال تعالى {ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} .... وقال تعالى { كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} .... لكن الملاحدة لا بأس لديهم في مخالفة المشاهَد والمعايَن في هذه الحياة الدنيا وكأن الدنيا جنة غناء مثلاً .... وبالتالي عندما تحصل بها المجاعات فسيكون ذلك راجعاً لا إلى طبيعة هذه الدنيا القائمة على الابتلاء والمحن ، وإنما إلى أن الله تعالى لم يرزق هؤلاء الجوعى ... عجباً !!!


كما أن هؤلاء الملاحدة قد قَصَروا مفهوم الرزق على مجرد الإطعام والمال فقط ، وجهلوا أن مفهوم الرزق أوسع وأشمل من مجرد المال والأكل بكثير .... فكل ما امتن الله به على عباده من العطايا هو رزق ، فالمال والطعام والصحة والزواج والإنجاب والسمعة الطيبة ومحبة الناس وحُسن الخلق والذكاء والفطنة والنجاح ........ إلخ كلها أرزاق من الله عز وجل ..
فلو علمنا أن الرزق اسم جامع لكل خير تفضل الله به على عباده (فرضية صحيحة) .. ولو أن الأمر من المفترض أن يكون على الشاكلة التي يظنها الملاحدة من أن الله إن لم يوسع رزق عباده كلهم فلا يضيق عليهم شيئاً (فرضية خاطئة) ..لترتب على هاتين الفرضيتين ما يلي:

1- لوَجَبَ على الله تعالى أن يُطعم كل عباده فلا يبقى أحداً جائعاً أو يموت جوعاً
2- لوجب على الله تعالى أن يرزق كل عباده بالمال فلا يكون منهم فقير
3- لوجب على الله تعالى أن يرزق كل خلقه بالزواج رجالاً ونساءاً فلا يبقى أحد على وجه الأرض دون زواج
4- لوجب على الله تعالى أن يرزق كل عباده بالذرية والأولاد , فلا يكون بين عباده عقيم
5- لوجب على الله تعالى يرزق كل عباده بالصحة والعافية فلا يُمْرِض منهم أحد

وإلا لو منع الله رزقه أو ضَيَّقه على بعض عباده فى هذه الأمور , فمعنى ذلك أنه لم يتكفل بأرزاقهم
فهل هذا يستقيم عقلاً ؟؟!! ... بالطبع لا ... فهو مخالف للعقل وللواقع وللنقل جميعهم
ولو أعطى الله كل عباده كل شئ ولم يمنعهم أو يضيق عليهم في شئ لامتنعت سنة ابتلاء الخلق ... ولـَناقضنا الجانب الرابع والخامس من جوانب قضية الرزق في القرآن الكريم ... بل ولـَمَا كانت هذه دنيا أصلاً ، فالرزق الواسع الذى لا ينقطع ولا يمتنع فى الجنة فقط لا غير ..



الجانب السادس :

الله سبحانه وتعالى الذي تكفل برزق العباد هو نفسه الي أمرهم بطلب أسبابه والسعي لتحصيله ، فقد قال سبحانه [فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ] ، وقد عُلِم بالشرع والعقل والنظر أن مَنْ قعد عن طلب الرزق لن يناله ولو كان مؤمنًا ، ولا يتعارض ذلك مع حقيقة تكفل الله تعالى بأرزاق عباده ، بل تكفل الله بالرزق يلزمه سعيٌ من العبد للحصول على الرزق المقدَّر والمكفول له ، ولذا من سعى إلى الرزق واتخذ أسبابه وجدَّ في طلبه فسيناله ولو كان كافرًا .

وبالرجوع للحديث عن ضحايا المجاعات فأقول أن الله تعالى إن أنزل المجاعة ببعض الأقوام فلنعلم أنه سبحانه قد سبَّب الأسباب للخلاص منها ، وأمر سبحانه عباده من أصحاب العافية والقوة والمال باتخاذ تلك الأسباب لرفع الضر عن أولي الضرر بإطعامهم وإغاثتهم ومد يد العون لهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا ، وجعل الله سبحانه في سَوْق الرزق للمحتاجين ثوابًا عظيمًا ، وبذا ليس المُلام هو الله تعالى الذي أمر عباده بإطعام الجائعين وإغاثة الملهوفين والسعي في تفريج كربات المكروبين حتى جعل سقاية كلب يلهث الثرى من العطش سببًا في الغفران لبغي من البغايا ، بل المُلام هو من خالف أمره ولم يتمثل تعاليمه ، فلم يطعم جائعًا ولا أغاث ملهوفًا ، بل وقف متفرجًا مكتفيًا بلوم القدر !! بالضبط كالفقراء الذين جعل الله لهم رزقهم حقًا واجبًا في زكاة الأغنياء ، فإن تعسر حال الفقير فالملام هو الغني الذي أكل حقه ظلمًا ، وليس الله جل جلاله الذي تكفل برزقه واستودعه الغني وأمره بأداء الحقوق إلى أهلها من الفقراء والمساكين .

فإن كان الملحد يعلم علم اليقين بوجوب اتخاذ الأسباب لتحصيل الرزق المكفول ، فلماذا يتغاضى عما أمر الله تعالى به عباده تجاه أولي الضرر والمجاعات والذي هو من جملة الرزق الذي كفله الله تعالى للمكروبين وجعل بعض عباده سببًا لإيصال ذلك الرزق المكفول إليهم ، ثم يزعم الملحد كذبًا أن الله تعالى لم يتكفل برزق هؤلاء ؟ قاتَل الله اتباع الهوى واستحباب العمى .



الجانب السابع :

تكفل الله تعالى بحفظ ذلك الرزق وإيصاله لكل عباده بحيث لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها (قليلاً كان أو كثيراً) وأجلها (طويلاً كان أو قصيراً) .... فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ لا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ "..... المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب

و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللَّهَ وأجملوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأَ عنْها فاتَّقوا اللَّهَ وأجملوا في الطَّلبِ خذوا ما حلَّ ودعوا ما حَرُمَ )الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
ولذا نسأل الملاحدة سؤالاً أخيراً إن كان لديهم بقية باقية من عقل :
هل هؤلاء الذين توفاهم الله تعالى فى مجاعة أو ما شابه قد استكملوا أرزاقهم وآجالهم ؟؟
أم ماتوا دون أن يستكملوا أرزأقهم وآجالهم ؟!

إن أجاب الملاحــدة : " نعم قد استوفى هؤلاء أرزاقهم وآجالهم " ،
فقد نقضوا شبهتهم بأنفسهم ، ووافقوا القرآن والسنة فيما جاءا به
وإن أجاب الملاحدة : " لا لم يستوفوا أرزاقهم ولا آجالهم , فقد ماتوا لأن الله لم يرزقهم أو لأنه قد ضيق عليهم "


فأسألهم والسؤال لهم ولكل عاقل منصف :
وهل كان الرزق الواسع سبباً فى منع الموت عن أصحابه ؟؟!
هل يموت الشبعَى الذين يأكلون مِلْء بطونهم ؟؟ أم لا ؟؟!




هل يموت الأغنياء أصحاب الأموال الطائلـــة ؟؟ أم لا ؟؟!
هل يموت الأصحاء وهم في كامل عافيتهــــم ؟؟ أم لا ؟؟!

وأترك الإجابة لأصحاب العقول ... فيبدو أن المجاعات والموت هما مبلغ الملاحدة من العلم .... وقد صدق فيهم قول المولى عز وجل {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}






المصدر
حراس العقيدة





قد تكوني مهتمة بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى
كتاب الفقه على المذاهب الأربعة امانى يسرى فتاوي وفقه المرأة المسلمة
الجمع بين الصلاتين تأخيراً أو تقديماً جائز وهو رخصة من الرخص الشرعية أم أمة الله فتاوي وفقه المرأة المسلمة
](( وصفات للعناية بكـــــــــامل الجسم )) 2025 فخامة ملكة الارشيف والمواضيع المكررة


الساعة الآن 06:21 PM


جميع المشاركات تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع


التسجيل بواسطة حسابك بمواقع التواصل