ما الجديد في خطاب اوباما اليوم الخميس؟
بحسب ما تسرب، وبحسب ما هو متوقع فان الرئيس اوباما يستبق زيارة نتنياهو لواشنطن بخطاب يضع فيه نقاطا ربما يريد الإعتقاد من ورائها أنها منطقية ومعقولة لثني الفلسطينيين عن التوجه للأمم المتحدة، والعودة للمفاوضات، وللإيحاء بأن الولايات المتحدة ليست خارج سرب المتغييرات العربية..
قالت مصادر إسرائيلية بعد عودة مستشار الأمن القومي لحكومة نتنياهو ان الرئيس اوباما سيدعو في خطابه إسرائيل للانسحاب الى حدود 67 ووقف الاستيطان وانه سيؤكد في خطابه الرفض الأمريكي لفكرة إعلان دولة فلسطينية بشكل – كما يدعون- أحادي الجانب .. وتضيف المصادر ان اوباما ستحدث عن القدس وعلى ضرورة إقرار الحكومة الفلسطينية القادمة بشروط الرباعية.
يحاول الرئيس اوباما إظهار سياسته كأنها الحل المعقول الوحيد الذي يجب على الفلسطينيين أولا التجاوب والتعامل معه. والفلسطينيون أصلا يريدون ويعملون بنهج واضح ومدعوم من أغلبية دول العالم لإنهاء الاحتلال وانسحاب قواته الى حدود الرابع من حزيران وتنظيف الأراضي الفلسطينية من المستوطنات والجدار، كي يقيموا ويعلنوا دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية مع حل عادل ومتفق عليه لمسالة اللاجئين.
وسوف يرحب الفلسطينيون بالدعوة الى الانسحاب لحدود 1967 – إذا ما دعا الى ذلك فعلاً في خطابة- ووقف الاستيطان، ولكن ان كانت هذه مجرد دعوات بلا آليات فعلية وجدول زمني نقدس ومحدود، فان هذا كلام لن يتوقف الفلسطينيون عنده كثيرا، فلقد سمعوه مرارا، وكانت آخر مرة عشية توجه الفلسطينيين لمجلس الأمن لإدانة الاستيطان، وكانت تلك الدعوات كإغراءات من الرئيس اوباما للرئيس عباس لتحويل طريق الأخير عن مجلس الأمن. والسؤال لماذا لم يلق اوباما خطابه بعيد اتخاذ إداراته الفيتو ضد القرار، ليدعو الأطراف الى التفاوض وفق نفس الأسس التي حملتها إغراءاته؟ لربما لان الادراة نأت بنفسها عن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي فترة التغيرات العربية، والتي كان هدف ما سمي "وثائق فلسطين في قناة الجزيرة" والتسريب هو ان تكون رام الله من بين الساحات المنتفضة؟ ولكن ذلك فشل، وبقيت السلطة برئاستها الحكيمة الوطنية. أي سقط الرهان، وبقيت الحقيقة الفلسطينية ماثلة، ومتطورة نحو الدولةِ، فاستدعى ذلك التجند الأمريكي بعد الإسرائيلي!
الفلسطينيون موجودون بقوة وبوضوح وهم مرنون تجاه مفاوضات جدية وملزمة ومحددة السقف الزمني باعتراف والتزام بمرجعية عملية السلام ووقف الاستيطان، ولديهم الوقت والرغبة الصادقة لمنح أي مفاوضات جدية الجهد الجاد للنجاح، حتى سيبتمر القادم، وهو وقت كاف تماما إذا صدقت النوايا الإسرائيلية وإذا ما لبوا مطالب السلام.
وعليه فان مطالب الرئيس اوباما يجب ان توجه بالدرجة الأولى والأساسية لإسرائيل.
وقد يمكن الاستنتاج ان هذا الخطاب جاء ليفتح نتنياهوعينيه قبل وصول واشنطن لتكن الأمور واضحة، وقد يسميها البعض قطع طريق على نتنياهو، وقد يسميها بعض رأفة بإسرائيل .. ومغازلة للعرب الجدد – هذا إذا فعلاً دعا لإنسحاب لحدود 67.
يردد الساسة الأمريكيون، وهو متوقع تريده في خطاب الرئيس اوباما، مقولة " إعلان أحادي الجانب للدولة الفلسطينية". الإعلان الأحادي الجانب، هو العمل المنفرد الذي لا يستشار فيه احد، مثل الاستيطان ومثل خطوة الانسحاب من غزة من جانب واحد، وغيرها إسرائيليا كثير، أما ان يتم التشاور مع أكثر من 130 دولة حول خطوة أو عمل ما، فالجميع يعرف أنها عمل مشترك ومعلن وواضح، وما خاب من إستشار، بل ضل من أعجب برأيه، وعليه فان وصف التوجه الفلسطيني والعربي والعالمي بأنه أحادي الجانب غير منطقي إطلاقا وهو حديث استهلاكي ووصف في غير محله.
ان التوجه لمجلس الأمن لإعلان الدولة الفلسطينية لا يتعارض مع كلام اوباما نفسه حين قال العام الماضي ان يجب ان يرى دولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة العام المقبل، وكذلك تماشيا مع بيان لرباعية التي دعت لبدء المفاوضات ووصولها للنتائج من سبتمبر الماضي ولغاية سبتمبر القادم، فكيف يوصف التوجه الفلسطيني بأنه أحادي الجانب؟
وتقول المصادر الإسرائيلية ان خطاب اوباما سيتحدث عن إقرار الجانب الفلسطيني بشروط الرباعية .. وهنا اذكر بما كرره مراراً الرئيس أبو مازن للأمريكيين وللعرب وللعجم ان الحكومة القادمة هي حكومة الرئيس وتنفذ برنامجه، وهي غير سياسية، وان السلطة السياسية هي للرئيس كما صلاحية التفاوض، وأمريكا وإسرائيل والعالم تعاملوا ويتعاملوا مع الرئيس الفلسطيني على هذا الأساس ويعلمون ان أي حكومة فلسطينية ملتزمة ببرنامج الرئيس، وبالتالي فان دعوة كهذه في خطاب الرئيس اوباما ليست واقعية، اللهم ان كانت مغازلة لإسرائيل والكونغرس والايباك.
الفلسطينيون يعرفون ما يريدون، على الإسرائيليين ان يقرروا ماذا يريدون، وعلى الأمريكيين ان يقرروا ويلزموا الطرف المستمر في التهرب من السلام والمستمر في الاستيطان، بمفاوضات جدية ومجدية قبل سبتمبر القادم، فالفلسطينيين لديهم الآنPlan B ، في حال لم يحمل خطاب أوباما أي جديد فهم لديهم، ولم يتغير الثابت العدمي الإسرائيلي.
الكاتب: محمد عبد الرحمن
وكالة معا الاخبارية