بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوفاة والجنازة
أدبني الإسلام ألا أقول إلا خيرًا إذا حضرت مريضًا أو ميتًا، وإذا أصبت بمصيبة قلت: «إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، فإني إذا قلت ذلك آجرني الله وأخلف لي خيرًا منها»، كما في حديثٍ عند مسلم.
وإذا استرجعت وحمدت ربي وصبرت، بني لي بيت في الجنة باسم «بيت الحمد»، كما دل عليه حديث حسن للترمذي.
ويجوز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة، وإذا كانت الوصية بالبكاء من الميت عذب بسبب ذلك.
وإذا رأيت مكروهًا في ميت، من تغير لونٍ أو تشوه صورة، كتمته.
وأصلي على أخي الميت، وأتبع جنازته، وأحضر دفنه، فإن في ذلك أجرًا كبيرًا لي، ورحمة للميت.
وكلما كثر المصلون على الميت كان أفضل، ويقول رسول الله r كما في صحيح مسلم: «ما من رجلٍ مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلًا، لا يشركون بالله شيئًا، إلا شفعهم الله فيه».
والخير في الإسراع بالجنازة، «فإنك تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإنك تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» كما في الحديث المتفق عليه.
ويقضي دينه، فإن نفس المؤمن معلقة به، أي محبوسة عن مقامها الكريم، ويبادر إلى تجهيزه.
ويستغفر له بعد دفنه، فقد «كان النبي r إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل» كما رواه أبو داود من حديث عثمان t ، وهو صحيح.
ويدعى للميت، فإنه ينفعه إن شاء الله، وكذا التصدق عنه، فإن الإنسان إذا مات «انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له» كما رواه مسلم.
ويعتبر ويبكي عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم، ويظهر الافتقار إلى الله تعالى، ويحذر من الغفلة عن ذلك.
أدب السفر
من أدب السفر في الإسلام أن يكون يوم الخميس، ففي روايةٍ في الصحيحين: «لقلَّ ما كان رسول الله r يخرج إلا في يوم الخميس».
والأولى أن يكون في أول النهار، حيث دعا النبي r أن يبارك الله لأمته في بكورها.
ويستحب للمسافر أن يطلب الرفقة، وأن يؤمروا على أنفسهم واحدًا يطيعونه.
ورد في حديثٍ رواه البخاري: «لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليلٍ وحده». والوحدة: الانفراد في السفر.
وفي حديثٍ آخر رواه أبو داود بإسنادٍ حسن: «إذا خرج ثلاثة في سفرٍ فليؤمروا أحدهم». وهو أمر ندب.
والسير في الليل أفضل.
ويتعاون المسافر مع رفقته ويساعدهم، ويعطي ما زاد عليه على من لا شيء عنده أو لا يكفيه.
ويدعو بأدعية السفر، منها قوله إذا ركب: }سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ{.
ويذكر الله، فإذا صعد كبر، وإذا هبط سبح...
ويدعو لنفسه ولمن شاء، فإن دعوة المسافر مستجابة إن شاء الله.
ويقول إذا نزل منزلًا: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» فإنه لا «يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك» كما رواه مسلم.
ويعجل الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته.
ويستحب القدوم على الأهل نهارًا، وكراهته في الليل لغير حاجة.
وإذا رجع ورأى بلدته قال: «آيبون تائبون عابدون، لربنا حامدون» كما في صحيح مسلم.
ولا تسافر المرأة وحدها.
مع القرآن الكريم
علمني الإسلام أن أتلو كتاب ربي، وأن أتدبر آياته، وأن أتعلمه وأعلمه، فإنه يشفع لي يوم القيامة، ويكون حجة لي إذا اتخذته دستورًا لحياتي ومنهجًا أتبعه، ولقارئه أجر كبير، لأن قراءة حرفٍ منه بحسنه، والحسنة تضاعف إلى عشر.
والذي لا يقرأ القرآن أو لا يحفظه كالبيت الخرب الذي ليس فيه ما يعين على المعيشة.
وأتعاهد ما أحفظه من القرآن لئلا أنساه.
وأحسن به صوتي إذا قرأته.
وأكرر سورًا وآياتٍ مخصوصة لفضلٍ وأجرٍ، أو لعلاجٍ وشفاء، مثل سورة الإخلاص، وسورة الفلق، وسورة الناس، وآية الكرسي، وأواخر سورة البقرة، وسورة الكهف...
ويستحب الاجتماع على قراءة القرآن، في المساجد خاصة.
يقول الرسول الأكرم r كما رواه البخاري: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه».
كما روى مسلم قوله r: «وما اجتمع قوم في بيتٍ من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده».
الفقه
علمني الإسلام أن أتفقه في ديني، حتى أعرف كيف أعبد ربي، وأعرف صديقي من عدوي، ومن أوالي ومن أعادي، وما ينفعني مما يضرني، وما يحل لي وما يحرم علي، وإلا كنت مسلمًا جاهلًا، لا سهم لي بين الأخيار المكرمين، وتقبلت كما تتقلب الورقة من الريح، وكنت في صف عدوي وأنا لا أدري، وأكلت الحرام وأنا لا أدري...
فلا بد أن أتعلم الفرائض والواجبات خاصة، وأن أسأل الفقهاء، وأرافق طلبة العلم، وأستمع إلى العلماء، وأقرأ.. وأبحث.. فليس هناك أولى من دين الله، ولا أهم من نفسي التي بين جنبي، التي أريد لها كل هذا؛ للفوز بالجنة، والفكاك من النار.
واعلم أنك إذا اتجهت إلى التفقه والعلم فإنه أريد بك الخير، وصرت في صف الأخيار، ما كنت مخلصًا في ذلك.
يقول رسول الله r في حديث صحيحٍ رواه أحمد والترمذي وغيره: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
الصلاة
علمني الإسلام أن أصلي لربي وأعبده كما أمرني، فإنه سبحانه لم يخلقني عبثًا، ولم يخلقني لآكل وأشرب وأنام فقط، فهذه حياة الحيوانات، ولا يريد مني أن أطعمه وأسقيه، لقد خلقني لأمرٍ جلل، وهو طاعته وعبادته، ولم يتركني عبثًا أتيه في الحياة بين الأفكار والنظريات، بل بعث رسلًا، وأنزل وحيًا، وبين لي كيف أعيش، وكيف أعبد، وكيف أتعامل، وسخر لي ما في السماوات وما في الأرض.
وأول وأهم أمرٍ في العبادة هو الصلاة، ويسبقها الوضوء، فأتطهر بالماء وأغسل الأعضاء المطلوبة به كما بينه المصطفى r، استعدادًا لهذا الأمر الكريم.
وفي الوضوء حط للخطايا والذنوب، ففي صحيح مسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه حتى تخرج من تحت أظفاره». وإذا سمعت الأذان للصلاة قلت كما يقول المؤذن، فإذا قال: «حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح» قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. وسألت الله في آخره أن يؤتي نبينا الوسيلة والفضيلة، كما في الدعاء المعروف، ودعوت الله بين الأذان والإقامة، فإن الدعاء لا يرد بينهما.
والصلاة مع أنها عبادة لله سبحانه وتعالى، إلا أن فائدتها الروحية والاجتماعية تعود بالنفع على المسلم ومجتمعه، فهي تنهي عن الفحشاء والمنكر كما ورد في القرآن الكريم، فالمؤمن المطيع لربه، الحريص على عبادته، المخلص له فيها، لا يفعل الأمور القبيحة، ويبتعد عن المعاصي والمنكرات، وعن الظلم والفساد.
إضافةً إلى أن صلاة الجماعة فيها اجتماع بين الجيران وأهل الحي، وتنظيم لوقت المسلم، وتكفير لخطاياه.
ففي صحيح مسلم أيضًا: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن، ما لم تغش الكبائر» أي ما لم تؤت.
وحتى الخطوات التي يخطوها المسلم أثناء ذهابه إلى المسجد له فيها أجر، فإنه r يقول: «من تطهر في بيته، ثم مضى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته، إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة». رواه مسلم.
ويشهد لمرتادي المساجد بانتظامٍ بالإيمان.
وصلاة الجماعة أفضل من صلاة الواحد بسبعٍ وعشرين درجة، كما في الحديث المتفق عليه.
وهي أصعب ما تكون على المنافقين، الذين يتظاهرون بالإسلام، وخاصة صلاة الفجر والعشاء.
وفي حديث جليلٍ فيه تشجيع للمسلم وتذكير له بفضل صلاة الجماعة، يقول r : «من صلى العشاء في جماعةٍ فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعةٍ فكأنما صلى الليل كله». رواه مسلم.
يعني أن مجموع صلاتي العشاء والصبح جماعة كقيام الليل كله!
وقد أمرنا بالمحافظة على الصلوات المكتوبات، ونهينا نهيًا أكيدًا ووعدنا وعدًا شديدًا في تركهن.
ففي حديث صحيح رواه مسلم: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة».
وفي حديث صحيح رواه الترمذي وغيره: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر....».
وفي الصف الأول من الجماعة فضل كبير، مع إتمام الصفوف الأول، وتسويتها والتراص فيها.
وللصلاة سنن رواتب، يؤدي بعضها قبل الصلاة، وبعضها بعدها، الأفضل أن تصلي في البيت، حيث ورد في الحديث المتفق عليه: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا».
وحث رسول الله r على صلاة الوتر، فهي سنة مؤكدة.وكذلك صلاة الضحى.
من كتاب علمني الإسلام
لمحمد خير يوسف